الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

ألست منهم يا طيراوي ؟

أبو كنعان

لفت نظري اليوم وأنا أطالع بعض الصحف والوكالات الالكترونية مقالة بعنوان " ألست منهم يا عيسى؟ " رد بها جنرال البطولات اللواء " توفيق الطيراوي" على عيسى قراقع والذي كتب في السابق مقالة انتقد بها رجال أمن السلطة في الضفة وشبههم بالأرانب..

ولمن لا يعرف الطيراوي ....شخصه... .طبعه.. وعندما يرى ما تحتويه تلك المقالة من كلمات العفة وبراءة الذمة...إلخ والسلاسة في ذكر كلمات حكيمة كالقيم مثلاً . فإنه يظن أن هذه المقالة قد كتبها غارسيا ماركيز في رواياته الكثيرة التي تتحدث عن القيم مثلاً أو احسان عبد القدوس فسبحان مغير الأحوال.. !!!.

لم أحبذ أن أخص هذا الرجل اليوم بانتقاد ولكن شاءت الظروف أن أكتب شيئاً عن ذكرى السابع عشر من أكتوبر يوم سقوط العنجهية والمخططات الإسرائيلية القائمة على الإبعاد والتهجير .. يوم أن طويت صفحة ارهابية من سجل الحياة اليومية على أيدي أبطال الجبهة الشعبية.. وللأسف أنت أحد صفحاتها السوداء يا طيراوي مع آخرين ولذلك أردت أن أمزج التناقضات في مقالتك مع جريمتك التي قمت بها باختطاف الأمين العام الرفيق أحمد سعدات واعتقاله.

عن أي وطن يا طيراوي تتحدث وطن الكنتونات والمربعات والتوغلات الليلية والجدار العازل؟ رغم إدراكنا في نفس الوقت أن هنالك رجال أمن في السلطة الفلسطينية قد دفعواً حياتهم ثمناً من أجل أن يحيا أبناء شعبنا وأدوا واجبهم على أكمل وجه..


أستغرب أن تخرج منك في مقالتك جملة " القيم يجب أن تقودنا إلى ما يصنع التوازن وهو الوحدة .. ثم الوحدة .. وهي القوة " وكأنك فعلاً داعي وحدة رسخت قيمك التي تتحدث عنها لخلق توازن من أجل وحدة.. فهل هذا منطق؟؟؟

وهل تدرك يا توفيق ما يدور حولك؟ رغم أنك حصلت مؤخراً على شهادة في الماجستير من جامعة فلسطينية محلية مرموقة. لا أعرف تحديداً أين ومتى عكفت على تحصيل دروس الماجستير؟ أو حتى البكالوريوس؟ ولا أعرف تحديداً ماهية رسالتك التي حصلت بموجبها على رسالة الماجستير . أعتقد أنها تأتي بعنوان " فن المراوغة والكذب".

حقيقة لا أتهمك بالكذب وليس من طبعي .. ولكني أقتبس جملة أنت قلتها بنفسك للنائب خالدة جرار في موضوع المعتقل لديكم بني عودة حيث قلت لها بعبارة واضحة " كذبت عليكي وبني عودة وضعه جيد" فهل تنكر ما تفوهت به ؟

أعجبتني كلماتك الإنسانية داخل مقالتك فتخيلت أنك تخوض حرباً مع ضميرك فانتصر ضميرك.. ولكني أتوقف لحظة لأتذكر شيئاً ربما يوقف انتصار ضميرك هذا.. أتتذكر يا طيراوي ما طالعتنا وسائل الإعلام به أخيراً عندما تعرضت لحادث صغير.. ألم تصرح لوسائل الإعلام بأن استشهاد ثلاثة فتية في قطاع غزة على أيدي قوات الاحتلال هو الذي شغل تفكيرك وجعلك تتأثر إلى الحد الذي جعلك غير قادر على السيطرة على سيارتك؟؟ الغريب أن من في وضعك من أشخاص VIP لا يقود السيارة بنفسه وإنما يقوده مرافقاً له.. فيبدو أننا في حالتك هذه اكتشفنا اكتشافاً علمياً جديداً وهو أن التأثر مادة كيميائية تنتشر بالهواء فتخرج من الرجل المتأثر بها لتنتقل إلى إنسان آخر فيتأثر مثله !!!!!.. فهل سجلت براءة هذا الاختراع عند دايتون لتحصل على مكافأة؟

عظيم هذا التأثر يا ضابط المخابرات المحنك.. صفة لا أنكرها.. ولكني أنكر تأثرك على هؤلاء الأطفال.. وأشكك بإنسانيتك تجاههم. وهناك الكثير الكثير ما يدعوني أن أدعم أقوالي هذا.. هل تأثرت يا طيراوي عندما قام رجالك باختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية الرفيق أحمد سعدات من فندق " ستي إن" برام الله، أولم تتأثر من أن هذا العمل سيؤدي إلى حرمان الرفيق سعدات من رؤية أطفاله وأولاده؟ فهل هناك فرق بين ثلاثة أطفال استشهدوا بدم صهيوني بارد وبين أطفال فرقت أنت ومخابراتك بينهم وبين آبائهم كالرفيق سعدات، والرفيق عاهد ومجدي الريماوي؟

لا تدعي أن صفحتك بيضاء في موضوع اختطاف الأمين العام، لا تنكر ذلك وتعيد اسطوانتك المشروخة من أن الرئيس عرفات قد أمرك باعتقاله؟ إذن فأين وطنيتك آنذاك؟ وأين قيمك التي تتحدث عنه؟

وعلى فرض أنك لم يكن لك يد في هذا الموضوع إذن لماذا قمت بتسليم الرفيق سعدات للحاج اسماعيل جبر قائد قوات الأمن الوطني آنذاك؟

أليس فعلتك هذه قد قال عنها نائب الأمين العام الرفيق عبد الرحيم ملوح حينها بأنها " تمثل خديعة سياسية وأمنية تمس بمصداقية العلاقات مع السلطة وأن ما حصل هو سابقة خطيرة غير مقبولة فلسطينياً، واعتبرها سابقة خطيرة تضر بالوحدة الوطنية والعمل الوحدوي الفلسطيني والانتفاضة وتمس كل القوى الفلسطينية".

إذن أين تلك القيم التي تتحدث عنها؟ وأنت قمت بفعل شنيع مع بطل 17 أكتوبر؟

فعلى رأي الجبهة الشعبية في بيان لها رداً على هذه الجريمة "ماذا سيتبقى هناك من قواسم وجوامع سياسية مع هذه السلطة ومع رجال الأمن فيها؟" وقد اعتبر البيان هذا العمل الإجرامي بحق قائد فلسطيني بحجم الرفيق سعدات بأنه مقدمة لضرب فصائل العمل الوطني والإسلامي.

في الختام، كل ما أستطيع الحديث عنه بأن هناك فرق شاسع بينك وبين الرفيق سعدات، فالرفيق سعدات هو قائد وحدوي قضى معظم حياته بالسجون، لم يأبه لمحاولات الاحتلال والسلطة لاعتقاله وواصل نضاله وقيمه حتى في أحلك الظروف، وكان وفيا لسلفه الرفيق أبوعلي مصطفى فأنجز وأبطال عملية الرد ملحمة السابع عشر من أكتوبر، أما بالنسبة لشخصيتك الكريمة فحدث ولا حرج فمن رغبة وتطلعات جمة بالسيطرة والنفوذ وإرضاء أمريكا ودولة الاحتلال.. إلى دورك في التنسيق الأمني وتعذيب المقاومين والمناضلين.. إلى تعزيز ثقافة أبطال الكلاسين..ولذلك أتمنى من الطيراوي أن يجيبني على سؤال واحد ربما يدرك متأخراً طبيعة ما ارتكب بحق الجبهة وقائدها سعدات...

سؤالي هو عندما قام الطرف الانقسامي الآخر بغزة باعتقال ابنتك في غزة، لم تترك وسيلة إعلام واحدة إلا وهددت وتوعدت حركة حماس ووصفت ذلك الاعتقال بالاختطاف، فهل تتقبل أن تتوعد وتهدد الجبهة وتصف فعلتك أنت بالاختطاف ؟ أعتقد أن هذا الفرق بين الجبهة وأمينها العام وبين شخصك..

كل التحية لأبطال عملية اغتيال المجرم زئيفي، وإلى أن نلتقي في يوم عز آخر من أيام بطولات شعبنا.