الأحد، 15 فبراير 2015

الاغتصاب الفكري لأشباه المثقفين الفلسطينيين


أيمن أنور
مما لاشك فيه أن التطور التكنولوجي الحديث، وتحوّل العالم إلى قرية صغيرة أفقد وسائل الثقافة التقليدية بريقها، وقد كان لاتفاقية أوسلو ومؤسساتها المعنية بالثقافة والتعليم سبباً إضافياً في تدهور الوضع الثقافي بالأراضي الفلسطينية، وطمس الهوية الفلسطينية، وفي تنامي ظاهرة سرقة أعمال فكرية. وقد نستنتج ذلك من خلال مطالعتنا على موازنة السلطة السنوية، والتي تعطي فيها أكثر من 50% للأمن، مقابل أقل من 10% للثقافة والتربية والتعليم.
وقد لعبت وزارة التربية والتعليم العالي والجامعات دوراً كبيراً في حالة التدهور، لعدم بلورتها خطة وطنية ملائمة للوضع الراهن، وعدم اعتمادها على وسائل رقابية للأعمال الفكرية المنشورة، والاهتمام بالكم لا الكيف في اختيار الطلبة وعرض التخصصات، مما أحدث فوضى في المسيرة التعليمية، أثرت بشكل كبير على المستوى الثقافي والمعرفي، وإلى تدني مستوى المشاركة الفاعلة  المجتمعية لفئات الشباب خصوصاً في الجانب الثقافي، نتيجة جهلهم بالوسائل المشروعة للبحث عن المعرفة، والاستفادة منها بعيداً عن السرقة الفكرية والتي أصبحت فوبيا ومهنة وتخصص للكثيرين، حتى أن المكتبات الفلسطينية تحوّلت إلى سوبرماركت وبازار لعرض السلع والمنتوجات ( أبحاث جاهزة) للطلاب بأسعار مختلفة وحسب التخصصات، وهو الأمر الذي أدى إلى تدمير ممنهج للشباب وجهلهم بوسائل البحث العلمي، أو الاستفادة من التجربة العملية في الجامعات والكليات لتعزيز الثقافة واكتساب الخبرة التي يمكن أن تساعده في حياته العملية القادمة.
وعلى الرغم أن قانون المطبوعات والنشر للسلطة عام 1995 يشدد في جوهره على حرمة السرقة الفكرية، ويعتبرها مخالفة للقانون، ويعاقب بالحبس أو الغرامة كل من يرتكب هذه المخالفة، إلا أنها لم تكن رادعة في يوم من الأيام، وانتقلت الفوضى الثقافية إلى نوع من الاغتصاب الفكري على عينك يا تاجر، وظهور أشباه المثقفين الفلسطينيين يتاجرون بأفكارهم المسروقة في مجالات مختلفة، خصوصاً في الصحافة.
   إن ذلك قد حولّ المجتمع الفلسطيني من مجتمع واعٍ ومدرك ومثقف ومؤثر ومنتج، إلى مجتمع مفرغ عدمي ثرثار، لا يدافع عن فكرة مبدئية عامة، أو ثقافة الهوية الوطنية الفلسطينية، بل عن شخصه، وفئويته، ويحاول ترقيع عيوب المسئول وأخطائه.
في هذا السياق، سأعرض لكم حالة من أشباه المثقفين الفلسطينيين، الذين يمارسون اغتصاباً وسرقة فكرية،  ليس من باب فضحه أو تشويهه، ولكن لاستخلاص العبر، وعدم استخدام السرقة الفكرية في التحريض على فصائل العمل الوطني، وفي المتاجرة بموقفه وموقف السلطة .
هذا الشخص ينتمى إلى المدرسة الانتهازية السلطوية، وهو يعرض نفسه بأنه صحفي وخبير متخصص في الصحافة وشئون التنظيمات، اعتاد على التحريض وتشويه الحقائق من خلال سرقات فكرية بالجملة دون خجل، وفي أحيان كثيرة يسرق المقالة كاملة ويغير فقط العنوان، ويضيف من عنده بعض العبارات الشاذة متسلحاً بدفاعه المستميت عن السلطة، والسؤال أين الرقابة على هكذا أشخاص. وهل هناك رقابة حقيقية ومسئولة من المواقع الالكترونية والوكالات فيما يتم نشره؟ .  إن من يقدم على هذه السرقة سيكون جاهز يوماً ما لخيانة الوطن.
ونرفق لكم جانب من السرقات الأدبية التي واظب عليها هذا الشخص، وهي للعلم منتقاة من سرقة مجموعة أدبية كاملة لكتاب وصحافيين تتجاوز 35 مقالة وتقرير.
1)    المقالة المسروقة بعنوان ( ورقة سرية للغاية)، نشرت بتاريخ 27/3/2015. ونشرها مرة أخرى بعنوان (أيها المتربصون: حركة فتح لا تقبل أن تتوضاً بماء نجس) بتاريخ 23/12/2014. المقالة الأصلية بعنوان ( وصية المشنوق أعلاه) للمعارض المصري أيمن نور نشرت بتاريخ 17-10-2011.
2)     المقالة المسروقة بعنوان ( كيف سيواجه العرب الإرهاب وهم جزء أساسي من صناعته؟) نشرت بتاريخ 15/2/2015. المقالة الأصلية بعنوان ( صناعة الإرهاب – لا صناعة الاستقراء) نشرت بتاريخ 13-2-2015 للكاتب السعودي يوسف الكوليت.
3)    المقالة المسروقة بعنوان ( الأردن ستنتقم) نُشرت بتاريخ 4/2/2015، التقرير الأصلي بعنوان ( من الممكن أن يواجهوا عقوبة الإعدام.إحالة أربعة جنود أمريكيين إلى القضاء بتهمة الاعتداء على عراقية)، تقرير نشُر بصحيفة المدى بتاريخ 4/5/2007.
4)    المقالة المسروقة بعنوان ( لا تحرموا أنفسكم من الحب) نُشرت بتاريخ 11/2/2015، المقالة الأصلية بعنوان ( تبحث عن الحب – أم يبحث عنك؟) للكاتب ماضي الخميسي نُشرت بتاريخ 25/12/2008 في جريدة الرياض.

الملفت أن هذا المغتصب الفكري  يستفيد من الجمل المسروقة في مقالات جديدة  على سبيل المثال لا الحصر (مقالة وصيتي الأخيرة) نشرت بتاريخ 26/6/2013، ونشرت قبل ذلك بتاريخ 14/2/2014 بعنوان (عملاق فاطس).

الجمعة، 13 فبراير 2015

إطلالة على حالة اللاوعي السياسية والثقافية والأخلاقية في حركة فتح


أيمن أنور

لم أود أن أصل لمستوى الردود الهابطة والسخيفة التي رأيناها خلال الأيام السابقة لكوادر رسمية أو غير رسمية في حركة فتح (حزب السلطة)، وخصوصاً الناطقين الرسميين باسمها، وبعض أشباه الصحافيين. ما عزز داخلي من قناعة بأهمية الرد على هذه الترهات هو مقالة "ساهر الأقرع"، والتي جاءت بعنوان( من أمام مقر الصليب الأحمر بدأت رياح السموم تهب) أضحكتني المقالة جداً وبقدر أنها تصلح للانطلاق من خلالها لتوصيف دقيق لحالة أعضاء حركة فتح هذه الأيام، بقدر أنها فرصة لإعطاء دروس في الالتزام بالأخلاق، والتوعية السياسية، والأمانة الفكرية للعناصر المشبعة بهواء أوسلو المسموم، والتي ورثت عن السلطة عقلية فراغية وعدمية لا تقبل بالآخر.

مما لاشك فيه أن سرقة إنتاج فكري هي جريمة كبرى، وها هو السيد الأقرع الذي يصف نفسه بأنه من أبرز الإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة!!، ويعمل في وسائل إعلام مختلفة فلسطينية، وعربية، وعالمية ( ما شاء الله!!!)، والذي يصف نفسه خبيراً في الشأن الفلسطيني وشئون المنظمات الفلسطينية والتحليلات الخاصة بالشأن السياسي الفلسطيني ( اللهم لا حسد)، قد ارتكب من جديد جناية جديدة وهي سرقة مقالة بعنوان ( حياتنا - هبت رياح الاعتراف)، للكاتب حافظ البرغوثي نُشرت بتاريخ 4/12 بالعدد رقم 6847 في صحيفة الحياة الجديدة لمن يريد الإطلاع عليها.
لم يتعب نفسه الأقرع حتى بمحاولة تغيير العبارات أو سرقة الفكرة والاستفادة منها، ومارس هوايته في نقل المقالة بالكامل، وهذا يشير إلى مستوى عالٍ من الحرفية اللصوصية تحسب له، وترشحه لرئاسة نادي "اللطش الفكري" لسنوات طويلة.
رغم أهمية كشف حقيقة الأقرع وسرقاته الفكرية واستخدامه لها للتهجم على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلا أن الهدف الأساسي من المقالة هو توجيه رسالة لكل فتحاوي فاته القطار الوطني، أو ضل الطريق، وخاصة الناطقين باسم فتح عساف والقواسمي وذاك الصحافي " توماس فريدمان فتح" صاحب فوبيا استقاء الموقف من  مصادر كثيرة بوزن رداحات.
لا أريد أن أعزل ما حدث في الصليب وقيام كوادر من الشعبية وحملة التضامن مع القائد أحمد سعدات بانتقاد صريح لمحمود عباس، عن الانتقاد الصريح الذي شنه عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية د.رباح مهنا لعزام الأحمد واتهامه بتعطيل قدوم الوفد الفلسطيني إلى القطاع، بناءً على معلومات أكيدة، لأن الموقف واحد وهو بالمناسبة يعبر عن قناعات غالبية الشعب الفلسطيني، إلا فئة قليلة ارتضت على نفسها أن تبقى أسيرة ومغيبة وفاقدة الوعي، والحس الوطني، ولا تستطيع إدراك اللحظة وحقيقتها، والتغيرات الحاصلة فيها، والمواقف السياسية المطلوب صياغتها. كما أنصح الأقرع بالالتحاق في معهد لتعلم دروس اللغة العربية،  واللجوء لطبيب نفسي لحل إشكالية فوبيا سرقة المقالات لديه، أدعو عناصر حركة فتح إلى التركيز مباشرة على القضايا السياسية الراهنة والوضع الراهن أكثر من الدفاع المستميت عن موقف السلطة وقيادة أوسلو.  والانطلاق من أن حركتكم "المظفرة" ليست قدر على الشعب الفلسطيني، أو معصومة من الأخطاء.. وليست أكبر من النقد.. يجب إدراك أن حركتكم ليست بقرة مقدسة لا يجب التعرض لها.. عودوا أدراجكم وتعلموا فن المناورة السياسية لا المجادلة العقيمة، فلا يعقل أن ترجموا الآخرين، وبيتكم هش من زجاج، ومواقفكم الهزلية المرتبطة بسقف أوسلو العقيم من ورق.

وبالعودة إلى الأقرع سارق المقالات وإلى عبارته التي أدخلها في المقالة المسروقة " الجبهة الشعبية هي الأخرى شاركت إسرائيل في الهجوم على القيادة الفلسطينية وحركة فتح..إلخ"، لو صدقنا حقيقة أن انتقاد الجبهة وكوادرها لمحمود عباس خيانة واصطفاف مع الاحتلال، فما هي إذن توصيف جريمة الغدر بالقائد أحمد سعدات ورفاقه واحتجازهم في سجن أريحا، وقيام الاحتلال بعدها باختطافهم واللواء فؤاد الشوبكي؟ أو توصيف التنسيق الأمني الذي يجري ليلاً ونهاراً.. أو اعتقال المطاردين.. وملفات الفساد للمسئولين في السلطة .. برأيي أنها عقوبة تتجاوز الخيانة كثيراً كثيراً. وما الفرق أيضاً بين انتقادات الجبهة الشعبية والشعب الفلسطيني لسياسات عباس وزمرته وبين الانتقادات اللاذعة من عباس ودحلان للراحل ياسر عرفات قبل وفاته وتحميله مسئولية الأوضاع ومشاركتهم في مظاهرات مناوئة للراحل في خان يونس وغزة؟!!.

 إن تفسير ذلك نابع من أن ذلك هو إفراز طبيعي لتربية ونهج أوسلو الذي زُرع في عقولكم.. نهج الاستسلام الذي قادنا إلى مجزرة التنازلات والتسليم بحقوقنا الوطنية، نهج أوسلو البائس.. والذي ولدّ مرضى نفسيين يرون بتجربة السلطة الكارثية خطوات نضالية وانجازات، ولأنهم يسيطرون على مقدرات الشعب الفلسطيني لا يستطيعون تعلم حدود الأدب.. ولا حدود الوطن.. ولا تداعيات ونتائج حكمهم على شعبنا الفلسطيني.. ولا  تضاريس الخارطة السياسية الفلسطينية.. مسحوا كل ذلك وثبتوا صورة محمود عباس ودافعوا عنه بكل استماتة.

في المجتمعات الحرة والديمقراطية والتي يعمل فيها المسئول ليل نهار في خدمة أبناء شعبه يُنتقد ويشن هجوماً حاداً عليه في حال ارتكاب خطأ صغير، فيلقى عليه البيض والطماطم، وهو يقابل ذلك بالاعتذار لشعبه، وفي أحيان كثيرة يقدم استقالته. لكننا في حالة السلطة نرى المسئول يسرقنا ويتنازل عن حقوقنا بعيون وقحة وفجة، ويأتي بعد ذلك ليسوق علينا وطنية ولا رغبة لديه للاعتذار أو تسجيل موقف شرف لنفسه، لأنه بذلك سيخسر امتيازاته وشركاته ومستقبل أبنائه التي بُنى على معاناة ومقدرات شعبنا.

اقرأوا جيداً حركة التاريخ، لتصلوا إلى الوصف السياسي الحقيقي لحالة ووضع قيادتكم الراهنة... قيادة بلا انجازات، أو كرامة.. ماذا تنتظرون منها؟ فهل من الحكمة أن تدافعوا بكل قوة عن هذه القيادة وتقييم أدائها الصفري الكبير!!.
قد تكون السياسة مدعاة للبعض للكذب لتبرير موقف معين في إطار التكتيك لمعالجة خطأ ما، من مبدأ الاستفادة من الأخطاء وفتح صفحة جديدة وشق طريق مغاير للطريق السلبي القديم، لكن في الحالة الفتحاوية يستخدمون الكذب كفن وخارطة طريق لتبرير حالة الكذب والمناورة والالتفاف على الحقيقة من أجل الدفاع عن الرأس القيادي.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كبيرة وتستمد مواقفها من رحم الشارع الفلسطيني، وعندما تقول لبعض الثلة المجرمين والعابثين بأن سياستكم خاطئة ووبال على شعبنا الفلسطيني فهي تعي ذلك، ولا تخاف من أحد، ولا تتردد في ذلك، ومستعدة أن تمضي بلا نهاية إلى آخر النفق.. ولن تنظر خلفها. وهي لن تساوم على حقوق شعبنا وشهدائه وأبطاله الأسرى .. ولا يحق لمن باع الوطن في المزادات الدولية وعلى الطاولات المستديرة وفي غرف التنسيق الأمني أن يتحدث عن الوطنية استيقظوا وتعلموا درس التاريخ ، فالزمن لم يتوقف عندكم.. والمكان الحقيقي للجثة الهامدة هو دفنها لا ثلاجات الموتى.


(انتهى)