الجمعة، 30 يوليو 2010

أعتقد أننا فاسدون إلى حد ما

أبو كنعان

لم تكن صرخات واستغاثات ومناشدات العائلات الفلسطينية اللاجئة في البرازيل كافية للرئيس عباس ليخطو خطوة إيجابية واحدة في حياته تجاه تخفيف معاناتهم، وتحمله المسئولية تجاههم، والعمل على إخراجهم من البرازيل إلى دولة تضمن حقوقهم لحين عودتهم إلى وطنهم الأم فلسطين، شيطان اللامبالة المستعر داخله تدخل كعادته ونصب حاجزاً بينه وبين شعبه، فليس غريباً أن تقمع العائلات الفلسطينية بالهراوات بتحريض من السفارة الفلسطينية هناك.

كان الأجدر على الرئيس عباس الذي يدّعي رئاسته الشعب الفلسطيني وحارس أحلامهم، والذي يقضي ساعات طويلة في جولات مكوكية وراء البحار، دعم تلك العائلات المظلومة، وأن يكون بينها ويتقدم اعتصامها كباقي رؤساء العالم، ويعمل على حل مشكلتها العالقة، وأن يضمن لها مكاناً آمناً يلتجئون إليه.

أليس غريباً أن تترك هذه العائلات تعاني وطأة أشعة الشمس الحارقة دون اكتراث واهتمام من سيادته، في الوقت الذي يلتقي فيه بمركز دانيال أبرامز للسلام في الشرق الأوسط قادة مجرمون من قادة اللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة، والأخطر من ذلك اطلاقه العنان للسانه المتلعثم دائماً ومخاطبتهم قائلاً " أنه لم ينف حق الشعب اليهودي على أرض " إسرائيل" !!!، في الوقت الذي تجاهل حق عائلاتنا الفلسطينية التي تفترش الشوارع والحدائق العامة في البرازيل من اللجوء لمكان آمن ولو مؤقت يقيهم حر الصيف وقسوة برد الشتاء؟؟!!.

إذاً، ما فائدة تصريحات عظمته بأن مدينة صفد مسقط رأسه أجمل مدينة في الدنيا كلها، حين يعترف بحق الشعب اليهودي في أرض فلسطين وبالتالي بمدينة صفد !!! ويمكننا اثر ذلك تفسير التصريح الصهيوني بأن معالي سموه أخطر من ياسر عرفات؟؟، بأن مقياس مستوى الخطورة في هذا الموضوع يتحدد بنسبة التفريط والتنازل، حيث تفوق عباس في ذلك، بشكل أفقد الاحتلال السيطرة على خطط معدة لتليين الموقف الفلسطيني، ووفر عليهم أساليب الضغط.

وكما هو متوقع ها هو سيدنا المبجل يقبل العودة للمفاوضات المباشرة راكعاً صاغراً، ويسلم رقاب شعبه للحاكم العربي ليبيعها في صفقات النفط والاستسلام والخضوع، ولا يستطيع مواجهة شعبه بشجاعة، وبدلاً من منحهم حياة جديدة كريمة، يصر دائماً على الهروب بعيداً وبعيداً جداً.. يحفر لهم حفرة ويذهب بها عميقاً .. عميقا لتصبح يوماً قبراً جماعياً لشعبنا بلا أرقام.. وبلا أسماء.. وبلا وطن ........

الحقيقة المُرة والتي لا يمكن تجاهلها أن أوسلو بمنتجاتها، ورديفتها " السلطة" سببت لنا المرض والجوع والفقر والانقسام، حتى أصبح كل شئ في هذا العالم ضدنا، حتى أصبحنا ضد أنفسنا، ومثار استغلال وفئران تجارب من العالم بأكمله، غرقنا في الوحول حتى آذاننا، أنتجت هذه السلطة كروش كاملة الدسم، تعيش حياة ترف وفجور، وتخمة مستمرة، فقدت احساسها بفلسطينيتها وتسابقت على إرضاء ذاتها، وسيدها في البيت الأبيض والجنرال الصهيوني.

لماذا لا يستطيع عباس حتى الآن تبني قضية وطنه بأمانة وجرأة وحسم، كما تبنتها " الأم" في رواية ماكسيم غوركي الشهيرة؟؟؟، ولماذا لا يوجد هناك صوت قوي كصوت أندريه الذي عاتب صديقه بافل فلاسوف على قسوته على هذه الأم قائلاً له بصرامة " ثق أيها البهيم.. أن بطولتك هذه لا تساوي فلساً" أمام عظمة الأم.

لماذا أصبحت السلطة الفلسطينية أشبه بالمستنقع القريب من المصنع الذي كان يعمل فيه بافل فلاسوف، الذي لا تأتي منه إلا المصائب والأوساخ والبعوض ؟؟!!، ولماذا يصر قادة السلطة على توجيه رسالة دائمة لشعبنا مفادها " لا تخافوا شيئاً مطلقاً إذ لا يوجد شئ أشقى وأتعس من حياتكم التي تعيشونها طوال العمر" وكل ذلك قرباناً للسلطة الفلسطينية ومنجزاتها الأمنية وخطها المستقيم على خارطة الطريق !!!.

لماذا تمنع هذه السلطة " جوازات السفر" عن أبناء شعبنا، في الوقت الذي تمنح فيه جوازات عبور لقادة الاحتلال وجيشه ليدوسوا على كبريائنا وكرامتنا، ولماذا تمنح للاحتلال فرصة اختطاف مناضلينا وقادتنا، في الوقت الذي تعيد جنودهم الملطخة أيديهم بدماء أطفال غزة ونابلس عندما يضلون الطريق !!!.

لماذا لا يتحرك شعبنا لامتلاك زمام المبادرة، كما تحرك بافال ورفاقه لتحرير أنفسهم من عبودية النظام ( السلطة)، والنضال ضد الملكية الخاصة ( الفساد السلطوي)، وضد المجتمع الفردي الذي امتلك مقدرات الشعب كوسيلة للإثراء، وضد المجتمع القائم على الأسس غير الإنسانية ؟!!.

متى سنقطع الأيدي التي سلمت رقاب شعبها لجنرالات أمريكية تتلاعب بها كما تشاء !!، لماذا لا تتمردون على هذا الظلم !!!.

صدقاً، إن الحرية وحدها هي التي تطعمكم الخبز، وتهبكم الحياة.. وليست المعونات والمساعدات الغربية، ولا حتى ابتزازات وكالة الغوث الأنروا، ومؤسسات الـ NGO's .

بإمكاننا كسر قاعدة ونبوءة ماكسيم غوركي في روايته الشهيرة " كم هي أليمة حياة الطيبيين، وكم سهل موتهم، نحن اليوم نفكر أكثر مما نشعر، لذلك أعتقد أننا فاسدون إلى حد ما" إلى البحث دائماً عن الحقيقة والدفاع عنها حتى لو كلفنا ذلك حياتنا.

( انتهى)

الاثنين، 26 يوليو 2010

وظيفة شاغرة: مطلوب ممثل شرعي

خالد بركات

ما كان يجري من حراك سياسي حول منح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعض حقوقهم المدنية والإنسانية، قد يتراجع مع تصاعد حمى الصراع الداخلي بشان المحكمة الدولية وما يدبر للمقاومة اللبنانية. لكن هذا المقال يبحث في دور القوى الوطنية والإسلامية والقيادة الرسمية الفلسطينية، وحالة التردي الفلسطيني في الخجل من المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني والحرص على التوازنات.

إن شعبنا اللاجئ في المخيمات الفلسطينية في لبنان له حقوق مدنية وإنسانية يجب أن ينتزعها من براثن النظام الطائفي العقيم. وإن هذا العار يطال الجميع، ويهدد بانقسام فلسطيني من نوع آخر وأخطر، ورسالة تقول: كل فلسطيني يقلع شوكه بيده، ويخوض معركته بمفرده!

تذكرت الانتفاضة الفلسطينية المجيدة في العام 1987، وكيف استطاعت وحدة الشعب أن تكسر الحصار الظالم على شعبنا في لبنان، وما عرف بـ"حصار المخيمات" على يد "الإخوة اللبنانيين"، وهو حصار جاء بعد مجازر دموية وبشعة ارتكبت بحق الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا وغيرها. لم يترك عرفات فرصة، على بدائيته في فهم العلاقات السياسية، إلا وحاول الاستفادة منها لصالح شعبه.

اليوم، تعيش غزة حصارها قطرة، قطرة، وتقاوم وحدها تقريبا، فيما لا تكترث السلطة الفلسطينية لكرامة الشعب الفلسطيني في أي مكان. ولا تهتم بما يجري في القطاع، إلا إذا كان يحرج حركة حماس! وكلما ذكر قطاع غزة، يحدثونك عن " استهلاك القطاع 55 % من الميزانية الفلسطينية"! هكذا "يتمنن" تاجر فلسطيني على شعب محاصر يقاتل من أجل حريته وخلاصه وحفنة من الذاكرة والكرامة لأمة نائمة!

في لبنان تقف عصابة من القتلة والعنصريين ضد منح الفلسطينيين حقوقهم، وهؤلاء يتبجحوا وفق تبرير عنصري يقال على شاشات التلفزة اللبنانية، ولو قيلت في أي بلد أوروبي قد تعتبر جريمة بعينها، لكن كل هذا المنطق الفاشي وكل هذا الشحن الطائفي "الفينيقي"، يعمل اليوم في تفعيل طاقته القصوى، ضد اللاجئ الفلسطيني.

يقول له الفلسطيني: حتى أحقق حلمي بالعودة يجب أن اكون حراً.

يقول له الطائفي: كن حراً في مكان آخر

لذلك، لا شيء يمنح الفلسطيني حريته أو حقوقه سوى الثورة.

تذكرت دور الحركة الوطنية اللبنانية ورموزها وشهداءها، هؤلاء الذين دفعوا الغالي والرخيص من أجل فلسطين ولحماية لبنان من مشاريع اللحاق بالركب الأمريكي ومعسكر كامب ديفيد. لكني بصراحة احترت في المواقف الملتبسة الضعيفة للمقاومة اللبنانية وقيادة حزب الله بشأن الحقوق الفلسطينية. ونؤكد على جوهر ما قاله الدكتور عزمي بشارة لقناة المنار الفضائية، عن أهمية توضيح المقاومة اللبنانية لموقفها حيال حقوق الفلسطينيين في لبنان دون غمغمة وليس فقط نظرياً، بل موقفاً واضحاً صريحاً لا يقبل سوء الفهم والتأويلات!

إن هذه القيادة الفلسطينية صارت عبئاً على كاهل الشعب الفلسطيني وبات وجوباً عليها أن ترحل. أولا لأنها غير شرعية وغير منتخبة، وثانيا لأنها قيادة لا تكترث لكرامة الفلسطيني وحقوق اللاجئين، وتتآمر على المقاومة وتشوه صورة النضال الوطني. قيادة فلسطينية تفعل كل ذلك، وتريد أن تمثلنا في السر والعلن، في مفاوضات العبث، في كل المحافل العربية والدولية، وأمام الشركات وأموال الاستثمار والدول المانحة؟!

القيادة الفلسطينية مأخوذة بعرش سلطتها الصغيرة والبحث عن "الحل"، وتتنكر لهموم الشعب، تؤجل كل حقوقه وتعتبره عبئا عليها، بينما العكس هو الصحيح. ولولا كبرياؤه وصبره، لنشر الشعب الفلسطيني إعلانا مدفوع الأجر يقول: وظيفة شاغرة، مطلوب ممثل شرعي

الأحد، 25 يوليو 2010

كنفانيون دائما ؟ أم لمرة واحدة في السنة؟!

خالد بركات*

الصورة الاولى:

عشرات المقالات والتعليقات والنصوص التي كتبت في ذكرى إستشهاد الاديب الفلسطيني المناضل غسان كنفاني . كيف لا ، وهو الانسان – الفنان – المبدع - والذي دفع ثمن مواقفه والتزامه ، عن وعي وقناعة راسخة ، ومن اجل هدفا واضحا لا يعرف غيره: حرية شعبه وتحرير فلسطين.

لكن ما يحز في النفس ، هو ان يكتب احدهم عن " عبقرية غسان كنفاني " ، فيما الرجل موظفا في السلطة ويبرر 364 يوما ً سياسة فلسطينية عقيمة ورثة! واخر يكتب عن " أسطورة الثورة الفلسطينية " و " أديب الثورة والمقاومة الفلسطينية " الخ ، الخ . كان الشهيد غسان كنفاني كل ذلك واكثر، لكن ، علينا ان لا نكون كنفانيون يوماً واحداً في السنة!

كنفاني كان حزمة يومية من المواقف والمبادئ والسلوكيات وروح الفقراء واللاجئين، ويبدو لي ، بان استعادة غسان كنفاني، هي جزء لا يتجزأ من استعادة القضية الوطنيه الفلسطينية وتحريرها من يد " ابو الخيزران " و " الدكتور المثقف " ومن براثن العميل " زكريا " الذي اغتصب " مريم " ثم قال لشقيقها " حامد " : مهر أختك مؤجل ، نعم ، كله مؤجل يا حامد!

**

تماما كالحقوق الوطنيه في ميزان حرف العين : العدو ، وعصابة العجز والعار والعبث.

**

الصورة الثانية:

في ندوة مركز " بدائل برام الله ، يقول رئيس الوزراء الفلسطيني المعين ، سلام فياض ، انه لا يحترم من يصف مشروعه السياسي ب " دولة الفتات " ولا اعرف لماذا يركز السيد فياض على هذا التعبير والذي يجده ، لسبب ما ، فظيعٌ ولا يمكن احتماله! وبان من يصف دولته الفلسطينية الموعودة ب " دولة الفتات " ، يقول فياض ، هو شخص لا يعرف الواقع " هنا" ، ويقول ايضا ، كلما كان الفلسطيني أبعد عن " الوطن " ، كلما كان اشد نقداً لنا وللحكومة ، لماذا؟ يسال فياض!

هكذا يستغرب ويستنكر الرجل في ان واحد . اعرفتم لماذا لا يمكنه ان يكون قائدا ومسؤولا؟!

يحتار رئيس الوزراء الفلسطيني في فهم العلاقة والرابط بين " العجائب الفلسطينية" او الثوابت الوطنيه، ومواقع لتضاد بين معسكريين، فهو لا يرى سبباً لاي دور يمكن ان تلعبه الجغرافية مثلا، فما علاقة المنفى بالموقف السياسي ؟ اوعلاقة الواقع الطبقي بالقضية ؟ لا شك لدي ان موقف اللاجئين الفلسطينيين يحير الرجل ، فلا تقولوا دولة الفتات ، الفتات ، الفتات ، ألف مرة ، وأفقأ عينيك ايها الفلسطيني حتى ترى ما يراه رئيس الوزراء!

الصورة الثالثة:

ليس العيب في ان يكون المرء عضواً في الحزب الفلاني او الفصيل العلاني. فالنضال خارج الاحزاب والجمعيات المنظمة او المؤسسة التنظيم الشعبي ، هو مجرد عبث وخراب يشبه السير في الوعر والرقص في العتمة . لكن البعض يتشاطر ، فيشبه في سلوكه " منطق الزعران " ورِجل ( بكسر الراء الفلسطينية ) شرطي الامن.

لكن يمكن لحزب ما ان يكون أعمى وأطرش وأخرس في ان واحد. هذا هو العيب . او ان تتخلى قيادة الحزب او الفصيل عن رؤية الحزب الجماعية وتتحول الى مجموعة من " البصيّمة " في بلاط السلطان الفلسطيني او العربي او التركي والايراني والامريكي وحتى السنغالي!؟

العيب ايضا ، هو في اعتقاد ساد في " عقل فلسطيني مؤجر" ، يقول ، ان فصيله السياسي وفصيلة دمه ، هي هي ، نفس الشئ ، ويصدق " الاخ " او " الرفيق " ، بعد فترة وجيزة من الطحش والدحش، انه فعلا من كوكب أخر ، وتختلف فصيلة دمه عن فصائل الاخرين ن بل وكل بني البشر. وهؤلاء يستحقوا منا الشفقة ومشاعر الاسى ، لانهم لن يعرفوا لذة المعرفة والاختلاف ولن يتاملوا اختلاف الازهار والالوان..

والبشر

الصورة الرابعة والاخيرة:

قال الجريح : لا تصدق ان المجلس الوطني الفلسطيني " وطني فعلا "، وان المجلس المركزي ، " مركزي اكيد " ولا تصدق اسماء المجالس والمنظمات ، فالاسماء " ببلاش" . لا تصدق ، الا ما تراه عينك ، وما يحز قلبك وراسك ، كنخز الابر أو الرصاص ، أو الحب مثلا!

المثقف الفلسطيني في زمن " العمى" !

خالد بركات


يقال لك هذه الايام أن " مشاورات جادة " و " مداولات يومية " تجري في رام الله وداخل أوساط ومراكز السلطة حول التعديلات الوزارية المرتقبة في حكومة السيد سلام فياض، الخ الخ " حتى تظن أنك اصبحت فعلا أمام " مشاورات ومداولات وحكومة ودولة حقيقية تقوم بتعديلات وزراية ، وتصدق بدورك هذا الفيلم الفلسطيني الممل، وتتعود على هذه " اللغة العربية" التي تبدأ دائما " بالصرف " والتعديل والجر ، وقد لا تنتهي. وهذا ما يأمله المثقف الفلسطيني التقليدي ، صاحب الفكر الرعوي والشعاراتي، الناطق باسم سلطة أوسلو، ومهندس ماكينة التبرير والتضليل التي توظفها مراكز السلطة على هواها!

ما يسمى " بالتعديلات الوزراية " يمكن قرائتها من زاوية ثانية ، إن أردتم ، غير " تنشيط الادارة والوزارات والدم الجديد " ، هذه قصص حفظناها عن غيب ، بل من زاوية هذا التنافس المكتوم حيناً والمتوتر أحيانا، بين " جبهة " رجال الاعمال لبناء الدولة الفلسطينية ، المساهمة المحدودة ، ، وبين ورثة منظمة التحرير الفلسطينية، والذين أجروا ، وأجلوا ، وعطلوا ، وزفتوا السياسة والاخلاق ، وفق مقولة كاذبة عن حماية القرار الوطني الفلسطيني المستقل ، هذا القرار الذي أسلموه فيما بعد غلى ضابط صهيوني صغير يجلس الان في " مكتب الارتباط" برام الله!

هو هو ، اذن ، ذاك الفلسطيني اللاشرعي العجيب ، لا يسمع لاحد، لا لنداء الجوع في المخيمات والحصار الذي يضرب اطنابه في القطاع المحاصر ، ولا لصوت اللاجئين الفلسطينيين ولا يكترث لنداء الوحدة الوطنيه ووقف برنامج التنسيق الامني مع جيش العدو. وهي هي ، تلك العلاقة الهجينة التي تستطيبها البرجوازية الفلسطينية حين تجد من تستاجره ، و " تعلم عليه " في سلم التبعية ، هو مثقف " حكومنجي " و" حكونجي" ، يعرف كيف يرقص على كل الدفوف و( دائماً مع الواقف) كما يقال في المثل الشعبي!

لا يمكن لمثقف تقليدي ، ريفي الوعي ولا يعرف من الحداثة غير " البدلة والساعة والمسدس " ، ان ينتج صحافة فلسطينية مستنيرة غير تقليدية . طالعوا الصحافة الفلسطينية ممثلة بالجرائد التابعة للسلطة الفلسطينية، وكيف تلعب دوراً معيباً وهي تحتضن بعض المثقفين الفلسطينيين الذين لا هم لهم غير تزييف الواقع ، من خلال تجميله او تقبيحه ، الامر سيان ، المهم ان تستمر ماكينة التبرير ، تبرير سقوطهم ورحلة العبث الى دولتهم ، والدولة صنم المرحلة وشعارها الاول، وهذه الدولة صارت الغنيمة المشتركة بين الطرفين الحليفين: الراسمال الفلسطيني في الضفة والقيادة المتهالكة في رام الله ، وكلاهما سستند الى شرعية تاتي من واشنطن وتل ابيب ولندن وباريس..

يدلفع المثقف الفلسطيني عن الدولة ويعتبرها " المشروع الوطني الفلسطيني " قاصدا عن عمد ركن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فوق ترابه الوطني. لان الدولة الفلسطينية هي في الواقع مشروعه الخاص الصغير ، لكنه يعتاش وينمو على جسد قضية وطنيه كبرى ، وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية هي الترجمة الفعلية واليومية لهذا المشروع التجاري التابع للعدو واقتصاده المهيمن. ( الا المستوطنات طبعا التي تنافسه على سوق الغلابا ، لذلك يطالب بمقاطعة منتوجاتها ، ونحن مؤيد المقاطعة ، لكن من زاوية وطنيه وليس لمصلحة تجارية)

يريدنا المثقف السلطوي ان ندخل معه الى جوقة الرقص على ايقاع كارثته، ونبرر في الغد عودة الرئيس الفلسطيني الى طاولة المفاوضات وبيت الطاعة الاسرائيلي ، ونبرر تعطيل الوحدة ونسمي كل ما يجري أنه " تطبيقاً لتوجيهات وقرارات الحكومة وقرار السيد رئيس الوزراء " و" حرص سيادته على انفاذ القانون " ! ويذهب بعض الكتبة الفلسطينيين الى ابعد من هذا العمى ، فهو لم يعد يرى نصوصا مقدسة الا في تراتيل " الورقة المصرية "

بعض هؤلاء وظيفته هي ان لا يخجل ، وان يواصل علك الكلام ، هو الليبرالي الانسوي الان ، الباحث عن " الحقيقة " و"للحقيقة " وجه واحد وحيد ، ما يقوله السيد الرئيس!

يتحدث احدهم عن حماية النظام السياسي الفلسطيني واحترام التعددية ، ويبرر اعتقال المقاومة ؟ يتحدث عن سيادة القانون ، ويسلم احمد سعدات للعدو؟ يتحدث عن الوحدة ، ويتامر على القوى الوطنيه والاصوات الفلسطينية التي لا تقبل بالهوان ؟ هو يركل النظام والقانون والتعددية دفعة واحدة ، ويستمرئ لعبة اجترار هزيمته ، بينما يتأمل الشعب الفلسطيني ويرثي لحالة مثقف ماجور ، وينظر اليه بعين الشفقة والاسى والازدراء.

يراد للفلسطينيين ، ان يتعودوا على هذه " اللغة العربية " ، وهي لغة النظام العربي الرسمي، تبدأ بصرف المديح والدولار ، كما قلنا ، ولا تنتهي بالضم والرفع. توامان يتلازمان في علاقة تشبه الصفقة التجارية. هكذا ، يرتفع المسؤول الفلسطيني الى مقام الالهة ، على يد من يحترف الكذب واللغو. انهما شريحتان ، قوامهما مهزوم يتكأ على مهزوم ، وكلاهما أصابه العمى ، فاشترى نظارة أمريكية واكتشف الحقيقة والحل!

يقال لك هذه الايام أن " مشاورات جادة " و " مداولات يومية " تجري في رام الله وداخل أوساط ومراكز السلطة حول التعديلات الوزارية المرتقبة في حكومة السيد سلام فياض، الخ الخ " حتى تظن أنك اصبحت فعلا أمام " مشاورات ومداولات وحكومة ودولة حقيقية تقوم بتعديلات وزراية ، وتصدق بدورك هذا الفيلم الفلسطيني الممل، وتتعود على هذه " اللغة العربية" التي تبدأ دائما " بالصرف " والتعديل والجر ، وقد لا تنتهي. وهذا ما يأمله المثقف الفلسطيني التقليدي ، صاحب الفكر الرعوي والشعاراتي، الناطق باسم سلطة أوسلو، ومهندس ماكينة التبرير والتضليل التي توظفها مراكز السلطة على هواها!

ما يسمى " بالتعديلات الوزراية " يمكن قرائتها من زاوية ثانية ، إن أردتم ، غير " تنشيط الادارة والوزارات والدم الجديد " ، هذه قصص حفظناها عن غيب ، بل من زاوية هذا التنافس المكتوم حيناً والمتوتر أحيانا، بين " جبهة " رجال الاعمال لبناء الدولة الفلسطينية ، المساهمة المحدودة ، ، وبين ورثة منظمة التحرير الفلسطينية، والذين أجروا ، وأجلوا ، وعطلوا ، وزفتوا السياسة والاخلاق ، وفق مقولة كاذبة عن حماية القرار الوطني الفلسطيني المستقل ، هذا القرار الذي أسلموه فيما بعد غلى ضابط صهيوني صغير يجلس الان في " مكتب الارتباط" برام الله!

هو هو ، اذن ، ذاك الفلسطيني اللاشرعي العجيب ، لا يسمع لاحد، لا لنداء الجوع في المخيمات والحصار الذي يضرب اطنابه في القطاع المحاصر ، ولا لصوت اللاجئين الفلسطينيين ولا يكترث لنداء الوحدة الوطنيه ووقف برنامج التنسيق الامني مع جيش العدو. وهي هي ، تلك العلاقة الهجينة التي تستطيبها البرجوازية الفلسطينية حين تجد من تستاجره ، و " تعلم عليه " في سلم التبعية ، هو مثقف " حكومنجي " و" حكونجي" ، يعرف كيف يرقص على كل الدفوف و( دائماً مع الواقف) كما يقال في المثل الشعبي!

لا يمكن لمثقف تقليدي ، ريفي الوعي ولا يعرف من الحداثة غير " البدلة والساعة والمسدس " ، ان ينتج صحافة فلسطينية مستنيرة غير تقليدية . طالعوا الصحافة الفلسطينية ممثلة بالجرائد التابعة للسلطة الفلسطينية، وكيف تلعب دوراً معيباً وهي تحتضن بعض المثقفين الفلسطينيين الذين لا هم لهم غير تزييف الواقع ، من خلال تجميله او تقبيحه ، الامر سيان ، المهم ان تستمر ماكينة التبرير ، تبرير سقوطهم ورحلة العبث الى دولتهم ، والدولة صنم المرحلة وشعارها الاول، وهذه الدولة صارت الغنيمة المشتركة بين الطرفين الحليفين: الراسمال الفلسطيني في الضفة والقيادة المتهالكة في رام الله ، وكلاهما سستند الى شرعية تاتي من واشنطن وتل ابيب ولندن وباريس..

يدلفع المثقف الفلسطيني عن الدولة ويعتبرها " المشروع الوطني الفلسطيني " قاصدا عن عمد ركن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فوق ترابه الوطني. لان الدولة الفلسطينية هي في الواقع مشروعه الخاص الصغير ، لكنه يعتاش وينمو على جسد قضية وطنيه كبرى ، وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية هي الترجمة الفعلية واليومية لهذا المشروع التجاري التابع للعدو واقتصاده المهيمن. ( الا المستوطنات طبعا التي تنافسه على سوق الغلابا ، لذلك يطالب بمقاطعة منتوجاتها ، ونحن مؤيد المقاطعة ، لكن من زاوية وطنيه وليس لمصلحة تجارية)

يريدنا المثقف السلطوي ان ندخل معه الى جوقة الرقص على ايقاع كارثته، ونبرر في الغد عودة الرئيس الفلسطيني الى طاولة المفاوضات وبيت الطاعة الاسرائيلي ، ونبرر تعطيل الوحدة ونسمي كل ما يجري أنه " تطبيقاً لتوجيهات وقرارات الحكومة وقرار السيد رئيس الوزراء " و" حرص سيادته على انفاذ القانون " ! ويذهب بعض الكتبة الفلسطينيين الى ابعد من هذا العمى ، فهو لم يعد يرى نصوصا مقدسة الا في تراتيل " الورقة المصرية "

بعض هؤلاء وظيفته هي ان لا يخجل ، وان يواصل علك الكلام ، هو الليبرالي الانسوي الان ، الباحث عن " الحقيقة " و"للحقيقة " وجه واحد وحيد ، ما يقوله السيد الرئيس!

يتحدث احدهم عن حماية النظام السياسي الفلسطيني واحترام التعددية ، ويبرر اعتقال المقاومة ؟ يتحدث عن سيادة القانون ، ويسلم احمد سعدات للعدو؟ يتحدث عن الوحدة ، ويتامر على القوى الوطنيه والاصوات الفلسطينية التي لا تقبل بالهوان ؟ هو يركل النظام والقانون والتعددية دفعة واحدة ، ويستمرئ لعبة اجترار هزيمته ، بينما يتأمل الشعب الفلسطيني ويرثي لحالة مثقف ماجور ، وينظر اليه بعين الشفقة والاسى والازدراء.

يراد للفلسطينيين ، ان يتعودوا على هذه " اللغة العربية " ، وهي لغة النظام العربي الرسمي، تبدأ بصرف المديح والدولار ، كما قلنا ، ولا تنتهي بالضم والرفع. توامان يتلازمان في علاقة تشبه الصفقة التجارية. هكذا ، يرتفع المسؤول الفلسطيني الى مقام الالهة ، على يد من يحترف الكذب واللغو. انهما شريحتان ، قوامهما مهزوم يتكأ على مهزوم ، وكلاهما أصابه العمى ، فاشترى نظارة أمريكية واكتشف الحقيقة والحل!

يقال لك هذه الايام أن " مشاورات جادة " و " مداولات يومية " تجري في رام الله وداخل أوساط ومراكز السلطة حول التعديلات الوزارية المرتقبة في حكومة السيد سلام فياض، الخ الخ " حتى تظن أنك اصبحت فعلا أمام " مشاورات ومداولات وحكومة ودولة حقيقية تقوم بتعديلات وزراية ، وتصدق بدورك هذا الفيلم الفلسطيني الممل، وتتعود على هذه " اللغة العربية" التي تبدأ دائما " بالصرف " والتعديل والجر ، وقد لا تنتهي. وهذا ما يأمله المثقف الفلسطيني التقليدي ، صاحب الفكر الرعوي والشعاراتي، الناطق باسم سلطة أوسلو، ومهندس ماكينة التبرير والتضليل التي توظفها مراكز السلطة على هواها!

ما يسمى " بالتعديلات الوزراية " يمكن قرائتها من زاوية ثانية ، إن أردتم ، غير " تنشيط الادارة والوزارات والدم الجديد " ، هذه قصص حفظناها عن غيب ، بل من زاوية هذا التنافس المكتوم حيناً والمتوتر أحيانا، بين " جبهة " رجال الاعمال لبناء الدولة الفلسطينية ، المساهمة المحدودة ، ، وبين ورثة منظمة التحرير الفلسطينية، والذين أجروا ، وأجلوا ، وعطلوا ، وزفتوا السياسة والاخلاق ، وفق مقولة كاذبة عن حماية القرار الوطني الفلسطيني المستقل ، هذا القرار الذي أسلموه فيما بعد غلى ضابط صهيوني صغير يجلس الان في " مكتب الارتباط" برام الله!

هو هو ، اذن ، ذاك الفلسطيني اللاشرعي العجيب ، لا يسمع لاحد، لا لنداء الجوع في المخيمات والحصار الذي يضرب اطنابه في القطاع المحاصر ، ولا لصوت اللاجئين الفلسطينيين ولا يكترث لنداء الوحدة الوطنيه ووقف برنامج التنسيق الامني مع جيش العدو. وهي هي ، تلك العلاقة الهجينة التي تستطيبها البرجوازية الفلسطينية حين تجد من تستاجره ، و " تعلم عليه " في سلم التبعية ، هو مثقف " حكومنجي " و" حكونجي" ، يعرف كيف يرقص على كل الدفوف و( دائماً مع الواقف) كما يقال في المثل الشعبي!

لا يمكن لمثقف تقليدي ، ريفي الوعي ولا يعرف من الحداثة غير " البدلة والساعة والمسدس " ، ان ينتج صحافة فلسطينية مستنيرة غير تقليدية . طالعوا الصحافة الفلسطينية ممثلة بالجرائد التابعة للسلطة الفلسطينية، وكيف تلعب دوراً معيباً وهي تحتضن بعض المثقفين الفلسطينيين الذين لا هم لهم غير تزييف الواقع ، من خلال تجميله او تقبيحه ، الامر سيان ، المهم ان تستمر ماكينة التبرير ، تبرير سقوطهم ورحلة العبث الى دولتهم ، والدولة صنم المرحلة وشعارها الاول، وهذه الدولة صارت الغنيمة المشتركة بين الطرفين الحليفين: الراسمال الفلسطيني في الضفة والقيادة المتهالكة في رام الله ، وكلاهما سستند الى شرعية تاتي من واشنطن وتل ابيب ولندن وباريس..

يدلفع المثقف الفلسطيني عن الدولة ويعتبرها " المشروع الوطني الفلسطيني " قاصدا عن عمد ركن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فوق ترابه الوطني. لان الدولة الفلسطينية هي في الواقع مشروعه الخاص الصغير ، لكنه يعتاش وينمو على جسد قضية وطنيه كبرى ، وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية هي الترجمة الفعلية واليومية لهذا المشروع التجاري التابع للعدو واقتصاده المهيمن. ( الا المستوطنات طبعا التي تنافسه على سوق الغلابا ، لذلك يطالب بمقاطعة منتوجاتها ، ونحن مؤيد المقاطعة ، لكن من زاوية وطنيه وليس لمصلحة تجارية)

يريدنا المثقف السلطوي ان ندخل معه الى جوقة الرقص على ايقاع كارثته، ونبرر في الغد عودة الرئيس الفلسطيني الى طاولة المفاوضات وبيت الطاعة الاسرائيلي ، ونبرر تعطيل الوحدة ونسمي كل ما يجري أنه " تطبيقاً لتوجيهات وقرارات الحكومة وقرار السيد رئيس الوزراء " و" حرص سيادته على انفاذ القانون " ! ويذهب بعض الكتبة الفلسطينيين الى ابعد من هذا العمى ، فهو لم يعد يرى نصوصا مقدسة الا في تراتيل " الورقة المصرية "

بعض هؤلاء وظيفته هي ان لا يخجل ، وان يواصل علك الكلام ، هو الليبرالي الانسوي الان ، الباحث عن " الحقيقة " و"للحقيقة " وجه واحد وحيد ، ما يقوله السيد الرئيس!

يتحدث احدهم عن حماية النظام السياسي الفلسطيني واحترام التعددية ، ويبرر اعتقال المقاومة ؟ يتحدث عن سيادة القانون ، ويسلم احمد سعدات للعدو؟ يتحدث عن الوحدة ، ويتامر على القوى الوطنيه والاصوات الفلسطينية التي لا تقبل بالهوان ؟ هو يركل النظام والقانون والتعددية دفعة واحدة ، ويستمرئ لعبة اجترار هزيمته ، بينما يتأمل الشعب الفلسطيني ويرثي لحالة مثقف ماجور ، وينظر اليه بعين الشفقة والاسى والازدراء.

يراد للفلسطينيين ، ان يتعودوا على هذه " اللغة العربية " ، وهي لغة النظام العربي الرسمي، تبدأ بصرف المديح والدولار ، كما قلنا ، ولا تنتهي بالضم والرفع. توامان يتلازمان في علاقة تشبه الصفقة التجارية. هكذا ، يرتفع المسؤول الفلسطيني الى مقام الالهة ، على يد من يحترف الكذب واللغو. انهما شريحتان ، قوامهما مهزوم يتكأ على مهزوم ، وكلاهما أصابه العمى ، فاشترى نظارة أمريكية واكتشف الحقيقة والحل!


السبت، 24 يوليو 2010

الذئب وهو يفترس الشاه على طاولة المفاوضات


أبو كنعان

أيام قليلة وتعود ريما لعادتها القديمة وسيسجل واقعنا المرير تعاسة جديدة بموافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الذهاب دون شروط لمفاوضات مباشرة مع الاحتلال الصهيوني، متسلحاً بدعم فتحاوي وضوء أخضر عربي، وابتزاز وضغط أمريكي وأوروبي.

تؤكد كل الشواهد والأحداث أن السيد عباس سيرضخ خلال الأيام القادمة للضغط الأمريكي والإسرائيلي وسيقبل باستئناف المفاوضات المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي دون شروط وفي ظل عدم تحقق شرطه بأن الانتقال للمفاوضات المباشرة مرهون بإحراز تقدم في موضوعي الأمن والحدود، وفي استمرار اجراءات الاحتلال على الأرض خاصة في القدس المحتلة، وأخيراً تجاهل الإدارة الأمريكية لمطلبه بضمانات نجاح المفاوضات المباشرة.

عباس هو عباس لا يتغير أبداً.. سيذهب صاغراً إلى المفاوضات المباشرة العبثية والضارة برصيد خالٍ من النقاط، تاركاً ورائه وضع فلسطيني كارثي ممزق، واجراءات اسرائيلية متواصلة لطمس الهوية الفلسطينية، ومعززاً بموقف فتحاوي أقره المجلس الثوري في ختام دورته الرابعة ظاهره دعم كامل له بمواقفه الثابتة والحازمة فيما يتعلق بشروط العودة للمفاوضات المباشرة، وباطنه موافقة مبدئية على استئناف هذه المفاوضات.

كالعادة انهمرت الامتيازات والابتزازات والضغوط الغربية على السلطة الفلسطينية للتحول إلى المفاوضات المباشرة، ولعل حصول السلطة الفلسطينية على 50 مدرعة روسية وما أوصى به جهاز الأمن الإسرائيلي بالموافقة على إدخال هذه المدرعات يصب في هذا الاتجاه، ويعزز استئناف المفاوضات، ويخدم دور أجهزة الأمن الفلسطينية في التنسيق الأمني، وفي ملاحقة المقاومة.

الأمر الآخر والذي يؤكد قرب استئناف المفاوضات المباشرة هو ما حملته الساعات الماضية من أخبار حول موافقة الإدارة الأمريكية على رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني، ورفع العلم الفلسطيني على مدخل مكتب ممثلية منظمة التحرير وسط العاصمة الأمريكية واشنطن، ومنح المكتب مزيداً من الرموز السيادية وصفة واسم البعثة العامة، وكانت الحكومة الفرنسية قد قررت أيضاً بشكل رسمي رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني في فرنسا من مفوضية عامة إلى بعثة فلسطين بحيث تسمى سفارة.

من المؤكد أن هذه الهبات والمكرمات من الإدارة الأمريكية والغرب تستهدف تسمين الشاه الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة، ليتسنى للذئب افتراسها على طاولات المفاوضات المباشرة، فما فائدة تسمين الشاه ما دام الذئب سيأكلها ويفترسها؟ ولماذا خرجت هذه الشاه من القطيع؟؟ وماذا فعل القطيع لمحاكمة هذه الشاه التي خالفت كل التقاليد وغردت خارج السرب؟ سؤال برسم الإجابة..

لنستخلص العبر ونستحضر دائماً كلمات الأديب الراحل غسان كنفاني ففيها الترياق الشافي، فلقد علمنا أن "الإنسان قضية، وكم من الأحداث البسيطة تغير مجرى حياة الإنسان وتحدد مستقبله، فعقدة السبحة رغم أنها اصغر من أي حبة من حباتها، لكن إذا ما فلتت تكر السبحة بكاملها، أحياناً يخرج ماعز من أجل قشرة فاكهة فيجر القطيع خلفه".

فلماذا لا يحاسب القطيع هذا الماعز المارق ؟؟!!

( انتهى)

"بن غوريون" الفلسطيني.. خذ العبرة من ناجي العلي

أبو كنـعان


(1)


كان رسام الكاركتير والمناضل القومي العربي الفلسطيني الكبير ناجي العلي ثائراً وليس مطبعاً مع " إسرائيل" ، عبّر في رسوماته الكثيرة عن غضبه الشديد من هؤلاء المطبعين الذين كانوا سبباً رئيسياً في تنامي مأساة فلسطين، فشن حرباً من خلال رسوماته على الأجواء السامة التي شهدتها المنطقة من تطبيع وتطويع وتسوية، وشبههم بالرجال بالمتكرشين بأقفية مكشوفة وهم يركعون تحت أقدام " الخواجات" الأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين وسلام فياض واحداً من هؤلاء.

لقد عرى العلي أولئك الذين لا يكفون يوماً بعد يوم عن الضجيج والمديح للسلام والتسوية وغصن الزيتون والتطبيع، وأصبح التسول وحده لغتهم لاسترجاع الحق !!، ولقد كان العلي قاسياً على حمامة السلام ورآها غراباً يحوم فوق رؤوسنا، ولم يقتنع ببراءة هذه الحمامة، لأن هذا العالم كان ضميره ميتاً وتجاهل حقنا في فلسطين، معتبراً السلام الذي يطالبون به على حساب شعبنا وحقوقه وعودته.

هكذا كان دائماً ناجي العلي ضمير فلسطين الحي، معبراً عن الثوابت الوطنية الفلسطينية، وضد السياسات الهابطة التي مارستها – وما زالت تمارسها – مجموعة متنفذة من قيادة الشعب الفلسطيني، ولعلنا نستذكر رسوماته الكثيرة التي تضمنت جملة " كامل التراب الوطني" حتى ندرك ثباته في مواجهة تمييع النضال الفلسطيني، وقد تنبأ المناضل العلي فعلاً بمآل هذه التسوية على شعبنا الفلسطيني، وويلاتها عليه.

سلام فياض أو " بن غوريون الفلسطيني" كما وصفه أخيراً رئيس الدولة المسخ " شمعون بيريس" ارتكب خطيئة جديدة ضد شعبنا وثوابته وقضيته، عندما شارك في مؤتمر " هرتسليا للأمن القومي الإسرائيلي" وهو مؤتمر صهيوني سنوي تنظمه دولة الاحتلال لوضع الاستراتيجيات والخطط الأمنية مستقبلاً، ويشارك فيه سياسيين وعسكريين ومفكرين صهاينة يتبادلون الآراء والنقاشات وتكون خلاصة نقاشاتهم رؤية تطبقها دولة الاحتلال على الأرض.

إذن شارك هذا " الفياض" في هذا المؤتمر الصهيوني، الذي ناقش المشروع النووي الإيراني، والسياسة الأمنية الصهيونية، والعملية السياسية، والأزمة الاقتصادية العالمية..إلخ، وصدرت منه أصوات تهدد بشن الحرب على الجميع، بل وتدمير السلطة الفلسطينية وطرد عباس، وإلحاق الضفة بالأردن، وغزة بمصر.

جاء فياض لاهثاً متسللاً تاركاً وراءه دماء فلسطينية في نابلس وغزة لم تجف بعد، وبيوت مدمرة في غزة والقدس ملأ غبار أطلالها الأجواء، وأصابت أعين فياض بالعمى، فكان رده حاسماً جازماً على هذه الدماء... على دماء شهداء الأقصى الأبطال في نابلس... " أن السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية استطاعت إنجاز الكثير من القضايا المهمة في الضفة، وأهمها في مجالات الأمن !!!" أي عار هذا.. لقد وصل مستوى انحطاط هذا الرجل إلى مستوى خطير لا يمكن السكوت عليه.

(2)

لقد رسم ناجي العلي "لأصل فلسطين" أي فلسطين الوطن الواحدة الكاملة " من البحر للنهر" وليس الأرض المجتزأة ، أو الأرض الموبوءة بالحكم الذاتي أو التي يطلق عليها " أ" أو " ب" أو " ج" ، ولقد شكلت شخصية حنضلة عنده أيقونة روحية من السقوط كلما شعر بشئ من التكاسل، مشيراً أنه كالبوصلة بالنسبة له وهذه البوصلة تشير دائماً إلى فلسطين .

على النقيض من ذلك تقمص " سلام فياض" – رجل أمريكا والغرب العصري " أمام مؤتمر هرتسليا" صورة رجل السلام، والحلول والمرحلة، مؤكداً أن عهد الدولة الفلسطينية (على مقاسه طبعاً) قادم، ولكن الجواب على تصريحاته هذه لم تتأخر كثيراً من داخل المؤتمر نفسه عندما رفضها نتنياهو بشدة، أي أن آراء فياض والتي أصفها بأنها "أقل من الهابطة" مرفوضة من جانب الاحتلال، فما الذي انتفع به فياض من هذا المؤتمر ؟؟ سوى أوسمة ونياشين تنسيقه الأمني مع الاحتلال برعاية دايتون.

استغربت كثيراً من بعض التصريحات النشاذ الصادرة عن حفنة من الفاسدين والمتنفذين والمستفيدين الفلسطينيين أمثال سئ الصيت والسمعة " توفيق الطيراوي" وبعض المنتفعين في غزة ورؤساء التحرير المتفذلكين كحافظ البرغوثي، والتي أشادت بخطاب " فياض" أمام مؤتمر " هرتسليا" ، وتوقعت أيضاً مسارعة وكالات أنباء فلسطينية تدّعي المهنية والحياد وعلى رأسها – وكالة معاً – في تصدير ظهور فياض وخطابه في هذا المؤتمر للرأي العام الفلسطيني، على أنه خطاب كخطابات " جمال عبد الناصر" لحظة تأميم قناة السويس، أو كخطاب صلاح الدين الأيوب لحظة دخوله القدس، وانهالت رسائل المديح والإعجاب بهذه التصريحات من خلال خدمة الـ SMS التي قامت بإرسالها هذه الوكالة للرأي العام الفلسطيني لتضرب مصداقيتها، ولتفضح علاقتها المباشرة بهذا الفياض، وللأسف هذه الوكالة بالذات ترسل لنا سموم فياض على هيئة عسل !!!!

أدعو شعبنا لتبيان الموقف الحقيقي الواضح من موضوع فياض في مؤتمر " هرتسليا" ، ويجب عدم الانخداع بخطابه أو بتلك التصريحات التي تشيد به والبعيدة كل البعد عن القيم الوطنية، فالموضوع ليس خطاب فياض أمام المؤتمر أو المقياس عند البعض إن انحرف عن البرنامج الأوسلوي أم لا، فالمشكلة هي بمشاركة فياض نفسه بهذا المؤتمر، إن حضور فياض في هذا المؤتمر بمثابة خيانة لتضحيات ودماء شعبنا، ولضحايا الإجرام الصهيوني الذي يقف فياض بينهم في هذا المؤتمر، فهذا هو الموقف الصحيح، لذلك على أبناء شعبنا أن يتوخوا الحذر في تعامل وسائل الاعلام المرتبطة بفياض مع هذا الموضوع.

(3)

ناجي العلي لاجئ فلسطيني وصف مخيمه عين الحلوة بأنه مثل أي مخيم آخر ، وأنه مثل أبناء المخيمات الذين هم أبناء ارض فلسطين لم يكونوا تجارا وملاكاً , كانوا مزارعين فقدوا الأرض وفقدوا حياتهم فذهبوا إلى المخيمات، هو ابن المخيم الذي تعرض للموت ولكل المهانة ولكل القهر، وهناك عائلات كاملة استشهدت في مخيماتنا.

هذا هو الفرق بين ناجي اللاجئ ابن المخيم، وبين فياض المغترب ابن الغرب، طبعاً "خيمة عن خيمة تفرق" ، فخيمة اللجوء والتشرد المليئة بالثقوب التي لا تقي برد الشتاء وحر الصيف، مختلفة عن الخيمة التي تحولت لبناية أو ناطحة سحاب أو مركز " للتنسيق الأمني" يرفرف عليها علم دولة "الموز" الفلسطينية التي سيأتينا بها فياض بعد عامين، تحت شعار" تحيا دولة الموز حرة دايتونية مستقلة".

كل شئ في فلسطين أصبح ملوثاً بوثيقة فياض " إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة" التي تحتوي على الكثير من التنازلات والاسقاط السياسي والوطني، لدرجة أن الكثير من المؤسسات الرسمية الفلسطينية تقوم بحملة إعلامية لهذه الوثيقة، فضلاً عن جمعيات فلسطينية ممولة من فياض، بالإضافة إلى مخطط لبعض الزمر الفلسطينيين لتغييب دور الشتات واللاجئين في الغرب عن طريق تحويله لمغترب وإسقاط حق العودة، وهذا للأسف مبعث الخطورة، حيث أنه تم إحلال وثيقة فياض وشعاراتها بديلاً عن الشعارات الوطنية ومواجهة الاحتلال، المقاومة الشعبية، بديلاً عن المقاومة بكافة أشكالها، وزاد من استهجاني أن تنشر هذه الوثيقة في مقدمة موقع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وهذا الأخطر طبعاً، ففياض لم يكترث فقط في محاولته إذهاب عقول أبناءنا وطلابنا في شعارات " السلام والتطبيع والتمييع والذل والاستسلام والمقاومة الشعبية وأسلوة وأنجزة المجتمع" ، بل يهدف لتلويث القيم والثوابت والمنهج الفلسطيني القائم على المقاومة والتحرير، ولذلك فإني أحذر من عواقب نشر هذه الوثيقة على مواقع يستخدمها طلابنا وأبناءنا، ولن أستغرب أن يقوم فياض بالمستقبل بحذف جزء من المنهاج الفلسطيني الحالي ( والذي عليه ملاحظات طبعاً) ليحل محله وثيقة إنهاء الاحتلال وإعلان الدولة خاصته.

لقد قدّم ناجي العلي " حنضلة" للرأي العام كطفل له أفق وطني وقومي وكوني وإنساني، لا تنطبق عليه قوانين الدنيا لأنه استثناء، كما فقدان الوطن استثناء، رسم ناجي حنضلة الطفل ملتقياً وجهاً لوجه مع الناس وكان يحمل الكلاشينكوف وكان أيضا دائم الحركة وفاعلاً وله دور حقيقي . يناقش باللغة العربية والإنكليزية بل أكثر من ذلك، فقد كان يلعب الكاراتيه.....يغني الزجل ويصرخ ويؤذن ويهمس ويبشر بالثورة، فهو في العاشرة وسيظل في العاشرة حتى يعود الوطن ، عندها فقط يكبر حنظلة و يبدأ في النمو " و كان يقول عنه أيضاً " هذا المخلوق الصغير الذي ابتدعته لن ينتهي من بعدي بالتأكيد و ربما لا أبالغ إن قلت أنني سأستمر به بعد موتي".


ولذلك يجب علينا أن ننفض فياض وممارساته المشينة وفكره الاستسلامي، وعلينا أن نتحرك جميعاً في التصدي لمخططاته في كسر الإرادة الفلسطينية وجرها لميدان الاستسلام، وكما قال ناجي العلي " هكذا أفهم الصراع: أن نصلب قاماتنا كالرماح ولا نتعب"، إذن علينا أن نتوحد حتى نقاوم ونقاوم ونقاوم.

( انتهى)

الجمعة، 16 يوليو 2010

سقوط الباستيل.. دروس وعبر

أبو كنعان

يحتفل الشعب الفرنسي كل عام في الرابع عشر من يوليو بعيدهم الوطني " Fête Nationale"، الذي أصبح عيداً قومياً للحرية والتخلص من الظلم والجلاد، ففي ذلك اليوم من عام 1789 اقتحمت جماهير باريس الغاضبة سجن لاباستي الذي كان رمزاً للطغيان، وأطاحت بالحكم الملكي المطلق وبالامتيازات الاقطاعية للطبقة الارستقراطية والنفوذ الديني الكاثوليكي الظالم، وكانت بداية لإعلان النظام الجمهوري، وإقرار فصل السلطات والدين عن الدولة والمساواة وحرية التعبير.

صحيح أننا لا يمكن على الإطلاق أن ننسى ونغفر الحقبة الاستعمارية الفرنسية، وجرائمها المروعة بحق الشعوب التي احتلت أراضيها، ومواقفها المنحازة دائماً للاحتلال الإسرائيلي، لكن يحق للشعب الفرنسي أن يفتخر بزمن ناصع من تاريخه، زمن الثورة على الظلم والعدوان والحكام الذين بطشوا بشعبهم ونهبوا مقدراته وعاثوا فساداً وخراباً وإرهاباً، وفي الوقت ذاته لا يمكننا تجاهل حق الشعب الجزائري بالافتخار بمقاومته ونضاله المشروع الذي قاده للاستقلال والتحرر من الاحتلال الفرنسي البغيض.

لو أردنا تسليط الضوء على المشهد الفلسطيني وتعقيداته وظروفه، من خلال استخلاصنا عبر ودروس الثورة الفرنسية وسقوط حصن الباستيل، لأيقنا أن الوضع الفلسطيني الحالي أشد قسوة وظلماً وانتهاكاً للإنسانية من زمن الحكم الملكي في فرنسا قبل سقوط الباستيل، ولكن الاختلاف البسيط أن الشعب الفلسطيني محاصر من احتلال عنصري استئصالي ارهابي، ومقيد بأغلال تسوية مذلة طرحت ثمرة سامة تسمى "سلطة" مارست الظلم والعدوان والقمع بحق الشعب الفلسطيني.

رغم بقعة الضوء التي تتلألأ فجأة وسط هذا الظلام الدامس، من حالة الصمود والتصدي والصبر على الآلام والجراح التي كانت دوماً خبزاً يومياً للشعب الفلسطيني، ورغم رصيدنا النضالي الهائل وتضحياتنا البالغة، وتراثنا المقاوم ومبادئنا من أجل نيل حقوقنا التي لا تسقط بالتقادم، إلا أننا حتى الآن فشلنا تماماً كأحزاب وقوى ومؤسسات وشعب في استثمار هذا الزخم النضالي في التقدم خطوة للأمام تعزز نضالنا الدؤوب ضد الاحتلال، وانشغلنا للأسف في الصراع على كرسي مسخ لسلطة نكرة، لم تستطع أن تطفو بشعبنا لبر الأمان، وإنما أغرقته في بركة ضاحلة فاقدة اللون والطعم والرؤية والوطنية، الأمر الذي يحتم علينا النضال الجدي من أجل خلق بيئة استعداداً للثورة العارمة ضد الاحتلال، والسلطة في آنٍ واحد، بيئة تشبه البيئة التي اقتحم فيها الشعب الفرنسي سجن الباستيل العتيد واستطاع فيها قهر الظلم والعدوان.

التاريخ يتكرر والظروف الحالية مشابهة لطغيان لويس السادس عشر الملكي وحاشيته قبل الثورة الفرنسية، هناك سلطة تطايرت شظاياها لتجزئ الوطن إلى محميات طبيعية لبعض الأشخاص، وإلى قلاع أمنية للتنسيق الأمني وملاحقة المقاومة، وإلى إمارات ظلامية تفرض رؤيتها وقمعها على الناس، زمن لويس السادس عشر تجلى في أبشع صوره في وطن منقسم يبصق دماً وينزف ألماً وحسرة.

صدع " صائب" رؤوسنا وهو يعزف اسطوانته المتكررة المشروخة، " بأن الاجراءات الإسرائيلية الأخيرة في القدس أو الضفة لا تساعد في تقدم العملية السلمية ؟؟ّّّ"، وبشرنا دحلان أخيراً بأن لدى شعبنا بنك خيارات للتعامل مع الفشل الرسمي الفلسطيني وفي مواجهة الضغوط الأمريكية ؟؟ّ أمر يبعث للضحك حقاً، أول مرة في حياتي أعرف أن هناك لشعبنا أرصدة خيارات في ظل سرقة المقدرات العامة وسحب جميع أرصدة الشعب الفلسطيني من قبل الزمرة الفاسدة في السلطة؟؟.. ربما قصد دحلان في خياراته اجراءات البنك العربي وفصله الموظفين وإغلاق مقراته في غزة قرباناً لأمريكا وحتى يبرئ نفسه من دعمه " للإرهاب الفلسطيني".؟؟!!، طبعاً نال مراده وشهد كبار قادة الأمن في دولة الاحتلال لصالح البنك، وهذه شهادة جديرة بالاحترام حقاً ؟؟ّّ.

حتى الخلافة تزعج ملوك غزة، تضطرها للاعتداء والضرب ومطاردة أبناء الفكر والاتجاه الواحد، غريب أمر هؤلاء، هل يخشون إقامة خلافة في غزة تهدد ملكوتهم؟؟.

الأمر الآخر والذي يدخل البهجة والسرور إلى قلب كل فلسطيني هو الجهود الدءوبة التي يقوم بها قادة أجهزة الأمن الفلسطيني الذين تحولوا لناطقين إعلاميين، وأصبح جل عملهم إصدار معلومات دقيقة مدعمة بإلاحصائيات والأرقام والتوقيت لحملات اعتقال قوات الاحتلال للمناضلين هناك، ربما يحظون بدورات مكثفة بهذا الخصوص من سيدهم الأمريكي الجديد " الجنرال مولر" نتمنى ذلك !!

إزاء هذا الوضع الفلسطيني الخطير، وحالة الشلل التي أصابت أركانه الرئيسية، ولهاث القيادة الرسمية حول مفاوضات عقيمة أثبت فشلها، وعدم وجود بنية سليمة لمقاومة حقيقية تكلف الاحتلال ثمناً باهظاً، يجب أن تتجه الأنظار نحو الجماهير الفلسطينية باعتبارها الأمل الحقيقي في حدوث حالة اختراق إيجابية واستنهاض جديدة للمشهد الفلسطيني، ولكن السؤال الجدي المطروح متى تتجرأ هذه الجماهير التي تحدت وما زالت الجبروت الإسرائيلي وجداره العازل، أن تكرر مشهد اقتحام الشعب الفرنسي سجن الباستيل والإطاحة بالملك ؟؟؟!!!، وأن تقوم بالثورة على ظلم السلطة الفلسطينية ضدها !!!، لا أعتقد أن سجن الباستيل أشد طغياناً من المقاطعة والسرايا، وأتمنى من كل قلبي أن تكون المقصلة التي أعدمت الملك لويس السادس عشر وزوجته الملكة ماري انطوانيت، هي العقاب المناسب للمفرطين والذين باعوا القضية الفلسطينية ورهنوها في السوق السوداء الدولية.