الثلاثاء، 13 مارس 2012

حبيبي " بيبي" وأم الرسائل



انفرد شيطاني الحدسي، في تفاصيل الرسالة المزمع أن يبعثها الرئيس الفلسطيني محمود رضا عباس إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية " بنيامين نتنياهو"، يلوح فيها بأنه سيتخذ إجراءات يحدد فيها مستقبل السلطة الفلسطينية وتحمل " إسرائيل" مسئوليتها عن المناطق الفلسطينية، في أعقاب فشل مسيرة المفاوضات والتسوية.
صحيح أن هذا الشيطان لن يعطيني معرفة فائقة وكاملة بتفاصيل الرسالة التي سيرسلها الرئيس الفلسطيني لرئيس وزراء الاحتلال، إلا أنها بدون مواربة لن تبتعد كثيراً عن تفاصيل الرسالة، أو أهدافها، لأننا خبرنا جيداً طبيعة تفكير الرئيس وإدارته للأزمات.
واعذروني إن كانت الرسالة تحتوي على لكنة ساخرة أو تهكمية، توقعني فريسة بين مطرقة المؤيدين لها وسندان المعارضين، أو بين إنسان يسئ النقد والفهم، وآخر يرفض الاختلاف، فهي إن كانت تستخدم الألفاظ الدالة على النقد والسخرية، فإنها لن تكون أكبر من الحالة الهزلية التي وصلنا إليها الآن، فهل أصبحت القضية الفلسطينية ومعالجتها تُختزل في رسالة يُطلق عليها أم الرسائل؟!، أو أم المهازل برأيي؟!!
وإليكم النص الكامل للرسالة:
صديقي رئيس وزراء دولة "إسرائيل" الصديقة " بنيامين نتنياهو"... شالوم
تحية العلاقات التاريخية بيننا ... أما بعد
استعرض في بداية الرسالة إطلالة للخدمات الجليلة التي قدمتها لدولة "إسرائيل" منذ مطلع السبعينيات حتى الآن، والتي كانت سبباً رئيسياً في التوقيع على اتفاقية السلام معكم.
ألا تعرف أنني صاحب فكرة الحوار والاتصال بكم منذ عام 1973 في وقت لم يجرؤ أي فلسطيني أو عربي على مجرد التفكير في ذلك، وبعد هذا الجهد الحثيث لي اقتنعت القيادة الفلسطينية في هذا التوجه، وبدأت الاتصالات معكم عام 1974 في عواصم غير عربية، ألا تتذكر هذا ؟ أنا أستغرب!!..
تحضرني روح صديقي العزيز " اسحاق رابين"، الذي لعب دوراً أساسياً في إنجاب السلطة الوطنية الفلسطينية، وإعطاءنا جزء من السيادة والسيطرة، التي أنت تحاول أن تسلبنا إياها، فلماذا!!!
على الرغم أننا أغلقنا نهائياً معاناة الشعب الفلسطيني معكم، وطوينا صفحة الحروب بيننا وبينكم، عندما وقعنا وإياكم اتفاقية المبادئ، وعدلنا بنود من الميثاق الوطني الفلسطيني من أجل سواد عيونكم التزاماً لاتفاق واي بلانتيشن ، وحتى أننا استبدلنا بندقيتنا بالشورتات، إلا أنكم ماضون في تدمير السلطة الوطنية عبر إجراءاتكم على الأرض، هل هذا هو العيش والملح الذي أكلناه سوياً على طاولات المفاوضات؟!. ألا يكفيكم أنني تنازلت عن حقي في العودة إلى مدينتي صفد!! التزاماً بحل عادل لقضية اللاجئين يرضيكم؟!.
عزيزي بيبي..
ألا تتذكر جهودي الحثيثة من أجل التوصل لاتفاقية الخليل، وواي ريفر، وفي الالتزام الفعلي ببنود خطة خارطة الطريق؟!، لقد طبقت بنودها عملياً على الأرض فجرمت المنظمات الفلسطينية، وحاربنا سوياً البنية  التحتية لإرهابها ضدكم، وفككنا شبكاتها، وأعددنا خططاً مشتركة لضمان الهدوء والأمن بيننا، حتى أننا أعددنا قانوناً خاصاً بمحاكمة كل من يحاول تعكير الأجواء بيننا وبينكم، ألا يكفيكم أنني قدّمت دماء بعض المقاتلين المخربين في قلقيلية قرباناً لكم قبل عدة سنوات؟!، ألا تسمعون صوت المعتقلين السياسيين في سجن الجنيد بنابلس، الذين اعتقلناهم من أجل أن ينام مستوطنيكم بهدوء على الأرض التي صادورها من مواطنينا؟. لماذا لم تأخذوا بعين الاهتمام استمرار تنسيقنا الأمني معكم؟ أليس هذا دليل على حسن نوايانا؟ لماذا تحاول تعكير الأجواء بيننا وبينكم!!.
أخي وحبيبي...
لقد حولّنا المناطق الفلسطينية إلى حصالة نقود تذهب لكم حسب اتفاقية باريس الاقتصادية، وطبعاً اقتسمنا وإياكم عبر شركاتنا القابضة، ورجالنا أموال المعابر، والرسوم الجمركية، والضرائب، وفي هذا السياق أعتذر لك عن محاولات رجال السلطة العمل خارج إطار هذه الاتفاقية وتهريب السلع والهواتف المحمولة والذهب في سياراتنا، إن شفافيتنا في هذا الموضوع حاسمة ولا تقبل النقاش، وتلتزم بمواصفات ومقاييس الشفافية التي تطلبونها دائماً منا، وبإمكانك أن تعاين الصور الشفافة لرجال الأمن عندنا وهم بملابسهم الداخلية أثناء خروجهم من سجن أريحا قبل عدة سنوات، إنها علامة الجودة لنا كسلطة مدربون جيداً على هذا السلوك وفق معايير اتفاقية السلام.
شريكي بيبي ،،
 إن ما يؤكد التزامي الكامل بالاتفاقيات المبرمة بيننا وبينكم، وبالعلاقات الثنائية المشتركة، هي إحباطي أكثر من مرة لتقارير دولية تدينكم، أهمها تقرير غولدستون الذي اتفقت فيه مع شريكتنا في عملية السلام الولايات المتحدة على تأجيله أكثر من مرة. لقد ذهبت إلى منظمة الأيبك والتقيت معهم رغم معارضة الكثيرين، وأبلغتهم كما أبلغناكم مراراً وتكراراً بأن المفاوضات خيارنا الأول، والثاني، والثالث، وأكدنا لهم مجدداً تمسكنا بنبذ العنف، وبجميع الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير وإسرائيل. ألست أنا القائل أن الانتفاضة الثانية تسببت في هروب رأس المال والاستثمارات من مناطق السلطة الفلسطينية، وبات الشعب الفلسطيني تحت خط الفقر بسببها، رغم أنني في هذا التصريح أكذب عليكم وعلى نفسي.

صديقي العزيز...
من أجلكم، عقدنا مؤتمر حركة فتح من أجل تغيير القيادة وتطبيعها مع الخط حتى لا يبقى من معارض لمسيرة أو مسيرات التسوية والتنازلات التي قدمت، وهذا انعكس بالفائدة عليكم. ألم تدركوا حتى الآن سبب ضغطي من أجل عدم إطلاق سراح مروان البرغوثي من سجونكم؟، لأن وجوده خارج المعتقل سيعمل على إفشال كل ترتيبات القواسم المشتركة التي تبنيناها معاً.
ومن أجلكم أيضاً أخفينا التقارير الحقيقية التي تثبت قتلكم الرئيس أبو عمار بالسم، وسنبذل كل جهودنا من أجل عدم نشر هذا التقرير.
أخي رئيس الوزراء...
انطلاقاً من كل ذلك، وفي ظل فشلكم في خلق بيئة إيجابية بيننا وبينكم، فإنني السيد محمود رضا عباس، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، رئيس اللجنة التنفيذية فيها، القائد الأعلى للقوات المسلحة الفلسطينية، رئيس السلطة الفلسطينية، رئيس وزراء حكومة التوافق الوطني القادمة، ووزير ماليتها إن أمكن ذلك، أحملكم شخصياً فشل عملية السلام، وأعلن حل السلطة الفلسطينية ووقف التنسيق الأمني بينكم، وأسحب الاعتراف بجميع الاتفاقيات الأمنية بينكم. وقررت بعد ذلك تحويل نفسي وجميع موظفي السلطة إلى التقاعد المبكر، وسأنهي جميع ارتباطاتي بالشأن الفلسطيني وسأعود من جديد إلى وطني الثاني قطر، حيث وعدتني موزة بمنصب جديد.
فلا تسقطوا غصن الحشيش من يدي... لا تسقطوا غصن الحشيش من يدي
ولا صوت يعلو فوق صوت البطيخ.. والباذنجان
شكراً لكم على كرم ضيافتكم أكثر من 18 عام
وأتمنى لكم دوام الصحة والعافية
صديقك حاخام المفاوضات والتسوية
محمود رضا عباس