الجمعة، 19 نوفمبر 2010

يسقط فاشست السلطة ...

أيمن أنور

تزايدت وتيرة ممارسات أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بالضفة المحتلة ضد حرية الرأي والتعبير،حتى وصلت حداً غير معقولاً وتطاولاً على كرامات المواطنين، يعبر عن دكتاتورية فاشستية لا تختلف شكلاً ومضموناً ومنهجاً عن الاحتلال الإسرائيلي.

الفاشستية بأروع صورها هي المصطلح المناسب لأولئك - أشباه الرجال- الذين ينفذون جهاراً نهاراً تعليمات أسيادهم في البيت الأبيض في قهر وترويع المواطنين وتخويفهم، واعتقال رجال المقاومة بمختلف توجهاتهم السياسية وتعذيبهم، وتشويه شكل الحرية وممارسة الديكتاتورية باسم الديمقراطية الزائفة التي يتغنون بها.. ديمقراطية امتدادها أنظمة استبدادية فاشية على امتداد خريطة العالم العربي.

للأسف، باتت قضيتنا الوطنية الفلسطينية، أسيرة هؤلاء المارقين، الوكلاء عن الاحتلال الإسرائيلي في مص دماء الشعب الفلسطيني قطرة قطرة.

أقدمت هذه الأجهزة الفاشستية وتحديداً جهاز المخابرات الفلسطيني على ارتكاب جريمة جديدة تضاف إلى سجل اعتداءاتها على حرية الرأي والتعبير، حيث اعتقلت الإعلامي جورج قنواتي مدير إذاعة بيت لحم 2000، لأسباب زعمت فيها أنه بث خبراً عارٍ عن الصحة ولا يستند لأي أساس حول الرئيس الفلسطيني عباس !!.


الغريب في الموضوع أن جهاز المخابرات الذي لا يملك حق التدخل في الشأن الداخلي هو من اعتقل الإعلامي قنواتي ودون أي مصوغات قانونية، ودون أمر اعتقال رسمي.

إذن جهاز المخابرات الفلسطيني اللامع – صاحب الإنجازات الكبيرة ( القاذورات والرذالة والابتزاز والتعاون الأمني مع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية) يتخطى دوره المطلوب المناط به، وهو حفظ أمن الوطن الخارجي والتهديدات التي تحيط به وكشف المخططات الصهيونية التي تحاك ضد شعبنا، ويقوم باعتقال إعلامي تخطى حدوده في نشر خبر صحفي لا يستند إلى أساس على حد زعمهم.

هذا الجهاز المارق ترك حماية الأمن الخارجي للسلطة، ولم يهتم بتنظيف داخله من الفاسدين والمرتشين وقطاعي الطرق والمجرمين وحتى العملاء، وتفرغ لاعتقال صحفي نقل الخبر كما هو من مصدر موثوق وهو بالمناسبة قيادي كبير من حركة فتح لديه مشاغبة جديدة مع رئيس السلطة عباس.

ما يلاحظ أن اعتقال الإعلامي قنواتي، والاعتداءات المستمرة التي تطال اعلاميين وصحفيين أصبحت في الآونة الأخيرة وقوداً لصراعات داخلية بين قيادات بارزة في السلطة الفلسطينية، يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني العادي خاصة الصحافيين والإعلاميين.

الأجدر بقيادات السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية أن تنأى بخلافاتها الداخلية، وصراع الزعامات فيها جانباً عن الشعب الفلسطيني، وألا تتصرف كعصابة أو جماعة خارجة عن القانون، وأن تخضع نفسها للرقابة والمحاسبة الدائمة، سواء على ممارساتها داخل السلطة، أو اعتداءاتها على الحريات الديمقراطية.

ما يزيد الأمر استغراباً، هو صمت ما تسمى نقابة الصحافيين - ربيبة جهاز المخابرات نفسه- (التي تشكلت في الانتخابات الأخيرة بأمر من الطيراوي)، فضلاً عن مؤسسات اعلامية حول جريمة اعتقال الإعلامي قنواتي، في حين أحجمت وكالات أنباء تصف نفسها بالحيادية والاستقلالية عن نشر الخبر والتعاطي معه واستنكاره والتنديد به، بشكل يثبت تآمرها الدائم وانحيازها الواضح لسلطة أوسلو.

هنا يبرز دور الحالة الجماهيرية الشعبية في رفض ومجابهة هذه الممارسات لأجهزة أمن السلطة، والتضامن مع ضحايا الاعتقال السياسي والتعذيب والممارسات السلطوية المستمرة، فالصمت الدائم يزيد همجية هذه الأجهزة على ارتكاب المزيد من هذه الجرائم. كما أن للفصائل الفلسطينية وللمثقفين والإعلاميين والصحافيين الشرفاء دور هام في تعزيز تلك الحالة الشعبية الرافضة لتلك السياسات، وفي فضح ومجابهة ممارسات أجهزة أمن السلطة، والعمل على وقف انحرافاتها المستمرة عن البوصلة الوطنية.

أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، أدعوهم لانتظار سقوطهم وانهيارهم المتوقع، فعندما تنهار القيم والأخلاق والوطنية، تفقد هذه السلطة دورها.. هي مسألة وقت لا أكثر...

السبت، 13 نوفمبر 2010

الجبهة الشعبية وهي تنهض من تحت الرّماد..

بقلم خليل المقدسي

هذه هي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما هي، دون رتوش أو إدعاء أو تجميل أو تقبيح ، ها هي اليوم، كما ولدت في أول مرة، تحت الشمس وفي القيظ ، قبل 43 عاماً، وهي تشد الحيل لمسيرة طويلة، و 43 عاماً من المقاومة والنضال والرحيل والشهداء والسجون والثورة والتجربة والصمود والأمل والذكريات والصح والخطأ والذاكرة الوطنية التي لا تموت.

43 عاماً، ولما تزل تقول: لا للاحتلال، لا للاستعمار، لا للمرحلة، ولا لتخريب، لا لتبديد انجازات الشعب والمشروع الوطني الفلسطيني، تشد أنظارنا وخيالنا وبنادقنا إلى ما هوحقيقي وجوهري وممكن التحقق بالنضال والعمل، وتدعو شعبها وقواه الشعبية المقاومة أن تظل كل البنادق مشرعة ضد عدو الأمة العربية: الاحتلال الصهيوني وحلفاؤه.

في ذاكرة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لن تجد يوماً دون حصار وتحدي ودموع . منذ ولدت من عتمة النكسة إلى فضاء الثورة ، وجاءت رداً على هزيمة النظام العربي الرسمي، لذلك هي لم تنتهي في عمان، وستولد مرة أخرى في بيروت، في قلب الحصار، وهي الآن ، الآن ، تقف على أرضية فكرية وسياسية عقائدية صلبة، ولا تهرب من مسؤوليتها، ولا تخاف من أحد، ولا تدعي الحقيقة المطلقة، ولا تنكر وجعها وعثراتها ، ولكنها تنهض الآن ، برغم الجرح، تنهض، من وجع الحقيقة ومن الخارطة ومن البوصلة والزنزانة ومن وظيفة السلاح الشريف.

هي تنهض من ذاتها ، من خلاياها ، من سواعد وارادة رفاقها ، وتظل تشرب من نبعها الصافي وتثق به، وإن شح الماء والسلاح في هذا الحصار الطويل يا رفاق . لكنه ماء الجبهة الشعبية، بدل هذه المستقنعات التي تملاها الضفادع وتغزوها السموم واحلام الظهور على شاشة التلفاز . ان وفرة الماء لا يعني وفرة في الصدق والموقف المبدئي الحقيقي.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تنهض من جمرة الإمساك على الثوابت الوطنية الفلسطينية، وتنهض من تحت الرماد. تنهض من وعيها لدورها ووظيفتها وضرورتها الوطنية والتاريخية الوحيدة: تحرير فلسطين وتحرير الإنسان وتحرير العقل وتحرير المرأة . ومن وعيها لدورها الاجتماعي والانساني التقدمي في خدمة الطبقات الشعبية المقهورة في مخيمات البؤس وتحت الاحتلال. ومن تمسكها بعمقها العربي القومي ، وانتماؤها الطبيعي إلى حركة التغيير الثوري الديموقراطي في العالم.

من صمود وإرادة قائدها في زنازين العزل ، تنهض الجبهة الشعبية ومن سواعد كوادرها وصمود الأسرى والأسيرات في السجون ، من مقولات الحكيم ومن إرادة ابو علي مصطفى وروح جيفارا غزة وأدب غسان كنفاني وإصرار احمد سعدات وزهد أبو ماهر اليماني وإرادة كتائبها المسلحة ، هؤلاء ليسوا " مجرد تاريخ " ومضى ، بل روح يومية ، تتجدد وتعلو وتبث حياة جديدة في قلب الجبهة الشعبية ، ذلك لأنها جبهة وجدت لكي تنتصر وهي لن تهدأ قبل ان ترى شعبها يشد الرحال في طريق العودة والتحرير والنصر...

( انتهى)

الجمعة، 12 نوفمبر 2010

فتح كمحاربي الرونين بلا سيد


أيمن أنور

يشبه حال أعضاء حركة فتح هذه الأيام، كمحاربي الرونين القدماء الذين أصبحوا بلا سيد بعد أن غُدر به، وبدون هدف يقاتلوا من أجله.. ولحق بهم العار بسبب عجزهم عن الانتقام لسيدهم، وموت الرغبة لديهم في النضال، وغياب الفكرة والمعتقد الثوري عندهم..

أمس الخميس قدّمت فرقة العاشقين في قصر رام الله الثقافي حفلاً فنياً هو الأول من نوعه على أرض فلسطينية، إحياءً للذكرى السادسة لرحيل الرئيس المغدور ياسر عرفات، بحضور رئيس حركة فتح محمود عباس، وعدد كبير من قياديي وأعضاء وأنصار الحركة وقيادات مدنية وعسكرية.

من حق الحركة أن تحيي ذكرى رئيسها الراحل على طريقتها الخاصة، وأن تستقدم فرقة العاشقين وتقطع لهم تأشيرات دخول لعاصمة السلطة " رام الله"، حتى تصدح بأشهر أغانيها وتسرد خلالها مسيرة الثورة والقضية الفلسطينية في حقبة غلب عليها طابع الكفاح المسلح التي تبنته فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسها حركة فتح، إلا أننا لا نستطيع أن نتجاهل المشهد الفلسطيني الحالي والمختلف شكلاً ومنهجاً ومضموناً، فرام الله الآن الأسيرة باتفاقيات التسوية، والحبيسة بالتزامات خارطة الطريق ليست بيروت ولا عدن ولا بغداد لكي تقدم فرقة العاشقين أشهر أغانيها التي تحتفي بشهداء الاحتلال البريطاني محمد جمجوم، وعطا الزير، وفؤاد حجازي.. أو بالمقاتل الثوري الفلسطيني الذي حارب ببيروت وفجر دبابات العدو بقاذفات الأربي جي في شوارعها، جاءت فرقة العاشقين من بيئة مليئة بغبار المعارك والخنادق وصوت بنادق الكلاشينكوف.. إلى بيئة مليئة بضباب سلطة حكم ذاتي حرّمت المقاومة واعتقلت ناشطيها وحتى قتلتهم التزاماً بالاتفاقيات المقرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

الغريب في احتفال الأمس أن الفرقة بدت كأشباح حقيقية تغني في زمن مغاير، ولجمهور آخر.. وأشخاص مختلفين طووا صفحة الكفاح المسلح بل والثورة الفلسطينية كلها وتسللوا تباعاً إلى دهاليز مفاوضات استحقت أن تكون خيبة كبيرة وفشل ذريع تطبّعت على وجوه من كانوا في الصف الأول بالقاعة.. لأولئك الذين وصفوا المقاومة بالإرهاب والعمل الحقير.. إلى من اعتبروا الحياة مفاوضات.. ومروراً بمن باع وطنه وقومه في اتفاقية جنيف..إلخ.

تغير الزمن فعلاً، ورجال عيلبون وقعوا في الفخ، وأصبحوا فعلاً كمحاربي الرونين الذين فقدوا فجأة رئيسهم، وأصبحوا بدونه مطية بأيدي الاحتلال، وعجزوا حتى أن يكشفوا مؤامرة اغتياله والمتورطين فيه، وتغيرت مصطلحاتهم من دولة إلى دويلة كنتونات ومصالح مشتركة، من مقاومة شاملة، إلى مقاومة شعبية.. وبعد انقشاع دخان البنادق.. على أمتار قليلة من مرقد الرجل المغدور بجوار المقاطعة. علمنا أن عهد مقاتلي العاصفة انتهى.. وشجاعتهم قد ولت.

من هنا ومن باب النقد الجدي المملوء بمئات الأسئلة والأسئلة عن أسباب سقوط العقيدة القتالية والثورية لمقاتلين كان يعتبروا أنفسهم باكورة العمل النضالي الفلسطيني وأول رصاصة... حتى أيام عرفات مزجوا العمل النضالي بمفاوضات التسوية، وشاركوا بجدية في فعاليات الانتفاضة وشنوا هجمات مسلحة على الاحتلال، إلا أن واقعهم الحالي دفن كل العقيدة التي ورثوها .. وفقدوا تماماً تعاليم الواجب، والولاء، وحتى الإخلاص لقائدهم المؤسس الذي أصبح في طيات النسيان.

تحوّل المقاتل إلى قاطع طريق للمقاومة وأصبح حارس أمن للاحتلال، ولديه الجرأة لإلقاء محاضرات أمام ضباط وجنود إسرائيليين ملطخة أيديهم بدماء أطفال غزة ورفح... حتى تطور ليصل إلى درجة اعتقال صبية جبهاويين في مخيم الدهيشة ويحقق معهم عن عدد النشطاء في الجبهة وأمور تنظيمية لا أحد يتوقع أن يطالب بها إلا الاحتلال الإسرائيلي.

حركة فتح وأعضاءها على مفترق طرق، فإما أن يحرروا أنفسهم من حالة الموت السريري التي دخلوا فيها بإرادتهم جراء سقوطهم في وحل التسوية والتنسيق الأمني، أو أنصحهم بممارسة الـ (سيبوكو) وهو الانتحار الطقوسي الجماعي الذي أقدم عليه محاربي الرونين أخيراً..

(انتهى)