أيمن أنور
لو سألنا حنضلة بصفته الشاهد على العصر الذي لا يموت، إن كان سيوافق على نقل جثمان رمزنا الفلسطيني الخالد ناجي العلي لتوارى الثرى في قريته الشجرة أو في مدينة رام الله، في ظل الظروف الحالية وعدم تحقق حلم شعبنا بالحرية والاستقلال وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها.
سيرفض حتماً حنضلة ابن العاشرة رفضاً قاطعاً المبادرة التي أطلقتها ما تسمى " نقابة الصحافيين" في رام الله – أحد افرازات الانقسام الفلسطيني، مع احترامنا للجهات الأخرى المشاركة في هذه المبادرة لعودة جثمان ناجي العلي لتوارى الثرى في بلدته الشجرة، أو في مدينة رام الله، لأن هذه المبادرة من نقابة الصحافيين هدفها تلميع السياسة التي قتلت ناجي، وتريد أن تقتله مرة ثانية.
لا نريد تكرار الخطيئة الكبرى التي أقدمت عليها سلطة أوسلو بدفن جثمان الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في مدينة رام الله، فتلك المدينة الكئيبة التي تقمع المناضلين والكتاب والصحافيين وبوضعها الراهن لا تصلح مكاناً لدفن العظماء والمناضلين، قبل أن تتخلص من أوساخ التسوية التي لحقت بها، والمقاطعة التي تفوح منها روائح التنازلات والخضوع والاستسلام والفساد، والتنسيق الأمني الكريهة.
هل ستوافق الأم فاطمة الملازمة دائماً للوحات الشهيد ناجي، والتي لا تهادن أبداً، وذات الرؤية شديدة الوضوح فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبطريقة حلها أن تمر جثمان الشهيد العلي عبر حواجز الاحتلال وأقسام التفتيش في المطارات والمعابر قبل مواراتها الثرى؟، وهي تعرف تماماً أنه مات ثائراً رافضاً لحلول التسوية والتطبيع، مؤمناً بكامل التراب الوطني وضرورة عودة جميع اللاجئين إلى ديارهم إلى هذا الوطن الكامل، فناجي كان دوماً مع تحرير فلسطين، وفلسطين عنده ليست الضفة المحتلة أو غزة، ففلسطين بنظره تمتد من المحيط إلى الخليج.
كيف سيوافق زوج فاطمة المناضل الفقير والكادح التي تبدو على ملامحه الشقاء بحياة اللجوء أن تبادر نقابة الصحافيين ( نقابة رشيدة مهران سابقاً) التي يسيطر عليها أصحاب الكروش والمؤخرات العارية، بنقل جثمان رمزنا ناجي العلي، والجميع يعرف أن هذه النقابة فاقدة الشرعية تشكلت عبر قرار داخلي في الحركة إياها، ويسيطر عليها المسخ إياه الذي اختطف الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق أحمد سعدات !!!، والذي وضع طرطوراً مسيراً لأعمال النقابة باسمه!!!.
ناجي العلي كما الحكيم الراحل د.جورج حبش يعرفان جيداً طريقهما إلى فلسطين، وهي عبر الثورة والمقاومة، وليست عبر التسويات والمفاوضات والتطبيع.
كيف سيقبل ناجي العلي مبادرة هؤلاء وهم هددوه بالسابق بحرق أصابعه بالأسيد؟، هل وزارة الثقافة إياها كرمته في يوم من الأيام؟ أو وزارة التمتمة والتعتيم خصصت مادة عنه في المنهاج الفلسطيني؟؟؟، ومن يدري ربما يطلب العدو من السلطة ألا يكتب اسمه على القبر فترضخ السلطة وقد تكتبه بالعبري.
ارث ناجي العلي في رقبتنا، لا ينبغي تلويثه بمبادرات كهذه من جهات اعتادت على الضجيج واختارت التسول والتسوية والتطبيع لغة لها لاسترجاع الحق، فالمبادرة الصحيحة هو أن تعود جثمان ناجي العلي إلى مخيم عين الحلوة في لبنان لتدفن هناك، إلى أن تعود يوماً برفقة اللاجئين إلى دولة فلسطين الديمقراطية، بعد التحرر والتخلص بالكامل من التسوية والتطبيع والاحتلال.
أما نقابة الصحافيين، فإنني أدعوها لتنظيف بيتها الداخلي وإعادة الشرعية له ليصبح حصناً منيعاً بعيداً عن الانتهازيين، والمفرطين قبل أن تبادر بهكذا مبادرات مرفوضة لمناضلين رفضوا في حياتهم العودة في ظل وجود الاحتلال.
صدقت يا ناجي... نقابة الصحافيين ما زالت كما هي ورشيدة مهران ما زالت مسيطرة على الأمور هناك : أحد الأشخاص يسأل الثاني : بتعرف نقابة الصحافيين؟؟ .. الثاني يجيب : لا .. الأول يسأل : سمعت فيها ؟؟ ... الثاني يجيب : لا .. الأول يقول للثاني : ما بتعرف نقابة الصحافيين ولا سامع فيها !! وكيف صرت عضو بالأمانة العامة للكتاب والصحفيين الفلسطينيين ؟ .. لكان مين اللي داعمك بهالمنظمة يا أخو الشليتة؟؟
كفاكم عبثاً واستهتاراً بمناضلينا ورموزنا أصحاب الثوابت والضمائر التي لا تستطيع أن تهزها العواصف ولا مواقف الاستسلام ... ولا تقتلوا ناجي العلي مرتين... لا تقتلوه مرتين... وان كان لا بد من عودته يوماً ما إلى قريته ، هناك ، في الشجرة، بإرادة وبندقية الثوريين الحقيقيين والمناضلين الأفذاذ الذين لا يخضعون لتسوية أو تطبيع أو تفريط بالأرض..
( انتهى)