السبت، 6 أغسطس 2011

الحراك الشبابي الفلسطيني سمك لبن تمر هندي


دون سابق إنذار وبرعاية غريبة من منظمة التحرير الفلسطينية انسدل الستار عن مسرحية "المؤتمر الشبابي الفلسطيني الأول" الذي كان مفترضاً أن ينظمه ما يسمى " ائتلاف شباب 15 آذار" في قاعة رشاد الشوا بمدينة غزة في أواخر/ شهر مايو الماضي، والذي أُلغي بعد تدخل الأجهزة الأمنية لحكومة حركة حماس.
صحيح أننا نرفض رفضاً قاطعاً تدخل هذه الأجهزة البوليسي، ونعتبره جزءاً رئيسياً من سياسة حكومتي غزة والضفة القمعية تجاه جماهير شعبنا، إلا أن عدم تنظيمه أنقذنا من محاولات نقل تجربة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الحالية المهترئة والفاسدة إلى قطاع الشباب، ومحاولات تلبيس ائتلاف شبابي فلسطيني  يتبع - تنظيماً ورؤية وبرنامجاً - إلى هذه القيادة المتنفذة ثوباً وطنياً لا يستحقه وفي ظل إغفال الأغلبية الواسعة من قطاعات الشباب في المجتمع الفلسطيني ( والتي بعضها لا تتبع منظمة التحرير الفلسطينية).
كيف يرتكب مركز التخطيط التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية خطيئة كهذه برعايته لهذا الائتلاف ذو التوجه الحزبي الواحد والمدعوم من القيادة الفلسطينية، دون مشاورة من بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الفاعلة، والتي لها توجهات تختلف تماماً عن ائتلاف 15 آذار ولم يتم مشاورتها أو دعوتها للمشاركة باسمها ورؤيتها في المؤتمر. إنها الفئوية العمياء واللغم الذي زرع في طريق الشباب وانفجر ليصيب أهدافهم ووحدتهم وحريتهم وكيانهم.
 ما تضمنته الدعوة التي وزعها ائتلاف 15 آذار على وسائل الإعلام كلام جميل ومنمق من مصطلحات الوحدة والدولة وحق العودة وتقرير المصير والحرية والكرامة وحقوق الإنسان والأسرى ( ربما خانتهم ذاكرتهم ونسيوا المقاومة في هذه الدعوة)، ولكن هل يحق لهم أن يعتبروا أنفسهم الإطار الشبابي الذي يقر السياسات العامة للشباب ومتحدثاً رسمياً باسمهم!!!! وهل للمنظمة الحق أن ترعاهم!!!.
جميعنا يريد تعزيز مكانة الشباب بالمجتمع الفلسطيني وفي مختلف المواقع، ونعرف جيداً أن الثورة الفلسطينية انطلقت بفضل جهودهم، والتي حصدت بها فصائل المقاومة الانجازات العملية على الأرض، ولكننا لا نريد نقل تجربة التسلط والاستئثار والتفرد داخل قطاعات الشباب هذه.
تواطئت إذن القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية وأعطتهم دوراً أكبر من حجمهم، كما كافأتهم على انشغالهم الدائم في صناعة نجوميتهم وشعاراتهم الرنانة لإنهاء ما يسمى الانقسام، ومحاولاتهم الحثيثة في ركوب الموج، وهم بشهادة الكثيرين لم يشكلوا أي عامل ضاغط حقيقي على طرفي الانقسام، وإن كانت هناك جهود حقيقية مشكورة لبعض الائتلافات .
بعيداً عن بعض المجموعات الشابة الناشطة فعلياً في الشارع الفلسطيني والتي تمتلك برنامجاً وطنياً حقيقياً واضحاً، فإن هناك حالة من التناقض والعشوائية والفوضى تسود الأجواء الشبابية الفلسطينية، التي تخرج علينا كل يوم بائتلاف جديد ودكانة أخرى من الدكاكين التي انتشرت في الساحة الفلسطينية، وجميعها تتباهى باستقلاليتها وبأنها على مسافة قريبة من الأحزاب جميعاً، ولكنها ليست كذلك وهي تتبع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لأحزاب أو مؤسسات مجتمع مدني.
ما أثار استغرابنا أيضاً ما تضمنته وثيقة صادرة عن لجنة تحضيرية عليا لما يسمى " شباب ثورة 15 آذار" من أجل التغيير والتحرير !!!، ومن يتابع هذه الوثيقة بالتفاصيل يتفاجئ أنها تتماهى في جزء منها بشكل كامل مع سياسة السلطة الفلسطينية، وتتجاهل دور منظمة التحرير الفلسطينية، وفي جزء آخر منها سمك لبن تمر هندي، بنود كثيرة وجمل وشعارات وقرارات ودعوات تخص الشأن الفلسطيني مركبة حاول من صاغها تنصيب نفسه وإطاره " قائداً أعلى للشعب الفلسطيني" واعتبر وثيقته النظام الأساسي الذي يتيح لهم تأسيس مجلس أعلى للشباب تحت ريادتهم!!!.
لن أعلق على جميع البنود التي تضمنتها الوثيقة الهزلية لهؤلاء الشباب، ولكني سأقتبس منها بعض القضايا التي تثبت عدم امتلاكهم الوعي الكامل، وأن أفكارهم شكلية مع أغلب قطاعات شبابنا الشريفة، فقد تناولوا في إحدى بنود وثيقتهم ( يبدو على مضض) المقاومة إلا أنهم دعوا لتركيزها في مناطق الـ 67 إلى جانب العمل السياسي والتفاوض والدبلوماسية والمقاومة الشعبية ضد الاحتلال!!!، بل وقفزوا على منظمة التحرير الفلسطينية واعتبروا السلطة الفلسطينية نواة الدولة القادمة حسب القانون الأساسي للسلطة وليس المنظمة!!!.
كما وقفزوا ووضعوا أنفسهم بديلاً عن المجلس الأعلى للشباب والرياضة، عندما دعوا صراحة لتشكيل مجلس أسموه " مجلس الشباب الأعلى" يشكلوا هم نواته الرئيسية، وبطريقة تنم عن عنجهية فئوية واستعباط واستهبال في التفكير أعطوا دوراً لمجلسهم ليتحكم في قضايا مصيرية ورئيسية تخرج عن سياق دور الشباب، يذكروننا بدور المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتحكم بالحياة السياسية في مصر.
غاب عنهم أن المجلس الأعلى للشباب يتبع منظمة التحرير الفلسطينية، وهو صاحب الحق في تشكيله كإطار شبابي جامع لكل الطيف السياسي الفلسطيني لكل القوى المنضوية في المنظمة، رغم اعتراضنا على صيغة تشكيل المجلس الأعلى للشباب والرياضة  الحالي الذي شكله محمود عباس أخيراً، ومطالبتنا بإعادة تشكيله بمشاركة الشباب وأطرهم ومؤسساتهم وإعطائهم فرصة لتعزيز دورهم ومشاركتهم في الحياة السياسية الفلسطينية بشكل لا يتعارض والثوابت الفلسطينية.
نتمنى أن نخرج من هذا المسلسل الهزلي ونساهم جميعنا في إصلاح حقيقي لواقع الشباب نواته رؤية وطنية هادفة، وليس استخدام الشباب لتنفيذ أجندات، أو محاولة تمييع دورهم المطلوب منهم إزاء التحديات التي تواجه قضيتنا الفلسطينية.
إصلاح واقع الشباب جزء أساسي من عملية إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، التي يقع على عاتقها مسئولية تمثيل قطاعات الشباب في انتخابات المجلس الوطني، وإعادة تشكيل الاتحاد العام لطلبة فلسطين.
إصلاح حقيقي يجعل منظمة التحرير الفلسطينية ومجلسيها الوطني والمركزي يقران سياسة ضابطة لعمل مؤسسات السلطة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي التي لعبت للأسف دوراً كبيراً في تمييع مواقف ورؤى واتجاهات الشباب، وخلقت جيلاً من المتطوعين الشباب المنتمين لمؤسساتهم الشبابية وأهدافها وبرامجها الخبيثة المستهدفة، أكثر من انتمائهم لبرامجنا الوطنية وأهدافنا في المقاومة والنضال والحرية والاستقلال.
الحراك الشعبي الشبابي الفلسطيني المستقل هو الحراك الذي أعاد اكتشاف نفسه من جديد وبطريقة عفوية مارس حقه ودوره الطبيعي في مقاومة التيارات الخبيثة التي تفتك بالمجتمع الفلسطيني من تيارات دعاة السلام والتطبيع والمهادنة والمقاومة السلمية ... فالحراك الشعبي الشبابي المستقل هو الحراك الذي دعا لوقف مهزلة الهيمنة والتفرد داخل مؤسسات منظمة التحرير وإجراء انتخابات مجلس وطني جديد... وهو الذي تقدم الصفوف في مارون الراس والجولان ورام الله والناصرة والقدس وغزة..
أبطال الحراك الشعبي الشبابي المستقل الذين يستحقون أن يُنظم مؤتمراً شبابياً لهم هم جميع الشباب الفلسطيني في الداخل والشتات.. هم شهداء هبة النكبة.. فأيهما تفضل أن يقود المؤتمر الشبابي الفلسطيني المستقل .. الشاب حسن حجازي الذي عاد إلى قريته يافا مسجلاً وقفة عز.. أم بعض شباب مجموعات 15 آذار الذين دعوا صراحة بعض المتضامنين الأجانب لمساعدتهم في الهجرة لأوروبا؟!!!!!