الجمعة، 30 أكتوبر 2015

تيدكس " الشجاعية" بنكهة المال الكمبرادوري


أيمن أنور

أطُلقت أمس في قطاع غزة النسخة الفلسطينية "تيدكس"  (TEDx)  من البرنامج الشهير " TED" الهادف لنشر الأفكار الجديدة والمتميزة للعالم، والتي ترعاها مؤسسة ( سابلينج) الأمريكية، وهي كما تعرف عن نفسها مؤسسة مستقلة غير ربحية تطرح شعار " أفكار تستحق الانتشار". ومن خلال هذا البرنامج تفرعت برامج في مختلف بلدان ومدن العالم.
يمكن اعتبار هذا البرنامج المثير للجدل أنه احدى فضاءات الإعلام الجديد الذي يستخدم وسائل التكنولوجيا الحديثة، الذي تم توجيهه للعالم أوائل التسعينيات وما زال مستمراً حتى اللحظة من أجل كسر الصورة النمطية للمفاهيم الإنسانية والأفكار المختلفة، وتداولها عبر إتاحة الفرصة لمجموعة من الشباب وأصحاب المواهب والأفكار الإبداعية ليعرضوا أفكارهم الجديدة والمثيرة للاهتمام خلال توقيت معين، بشكل لا يتم فيه تجاوز قوانين ومبادئ وضعها القائمون على البرنامج.

أطلق المنظمون الشباب في قطاع غزة اسم " الشجاعية" على البرنامج لسبب رمزيتها، وصمودها أمام الاحتلال في العدوان الأخير. كما أشاروا إلى المؤسسة الراعية والممولة لهذا المشروع وهي مؤسسة " منيب رشيد المصري" للتنمية، ومؤسسات محلية أخرى، ما يجيب عن التساؤلات عن أسباب التكلفة الباهظة لهذا الحدث، واستخدام التقنيات العالية، ومكان إقامة الحدث، والطواقم التي شًكلت لانجازه.

عّرف المشاركون عن أنفسهم أنهم مجموعة من الشابات والشباب من مناطق مختلفة بالقطاع ذو تخصصات وميول وأفكار مختلفة، وقرروا خوض هذا الحدث من أجل إيصال صوت فلسطين للعالم الخارجي عبر  قنوات " تيد" العالمية، وقد تكّون فريق العمل من 8 شابات وشاب، وحوالي 30 متطوعاً.
لماذا لم يعلن منظمو هذا الحدث على العلن شروط الترخيص الذي بموجبه وافق برنامج " تيد" على منحهم حق العمل بالاسم في القطاع، علماً أن هناك معايير وقوانين وشروط معينة لهذا البرنامج، قد لا تتفق مع الحد الأدنى من مواقفنا ومبادئنا كفلسطينيين، وهناك بعض الشروط التي لا يمكن قبولها أصلاً. كما وأن البرنامج الشهير لديه قائمة طويلة من المصطلحات يشترط استخدامها، وجرى رسملتها ولا يمكن لأي أحد أن يتجاوزها باعتبارها مبادئ أساسية لعمل البرنامج. وللصراع الفلسطيني – الصهيوني مصطلحات خاصة لهذا البرنامج يجب استخدامها، لا يمكن تفسيرها إلا أنها ترويج لمبادئ السلام، وتذويب مصطلحات الهوية الوطنية الفلسطينية عبر مصطلحات جرى تحويرها لتكون جزءاً من مفاهيم واقعية تعطي الاحتلال ذات الشرعية التي تعطيها لشعبنا الفلسطيني.
صحيح أن البرنامج يقبل مساهمات تحمل عناوين وقصص المعاناة التي سببها الاحتلال والحصار والعدوان فضلاً عن قصص النجاحات وموضوعات أخرى بعيدة عن السياسة، إلا أن لديه معايير معينة يجب ألا يتخطاها المساهم، ومن أجل ذلك للبرنامج الحرية المطلقة في حذف وتعديل وإضافة ما يراه مناسباً.
ومن أجل الشفافية وتوضيح فكرة تنفيذ البرنامج في القطاع، كان يجب على المنظمين الكشف عن تفاصيل وشروط تمويل مؤسسة " منيب المصري" للتنمية، ومؤسسات أخرى لهذا المشروع؛ فالمؤسسة الراعية والممولة لهذا المشروع بطبيعتها تتعامل مع هذه المشاريع والبرامج كاستثمار يعود لها بالأرباح والفوائد، ناهيك عن الأهداف الخبيثة التي يسعى من خلالها كمبرادور المال " منيب المصري" من السيطرة على الأجيال الشابة، وتدجينهم وتجنيدهم للعمل وفق منظومته الاقتصادية والسياسية، من خلال إغراءات بالمال والوظائف والسفريات والمشاركة في المؤتمرات الدولية المستهدفة والتي بغالبيتها تحمل طابعاً مناقضاً وعدائياً لبرنامجنا الوطني الفلسطيني.
لا يعي منظمو هذا الحدث أن طموحهم العالي ورغبتهم في الشهرة والنفوذ والقبول بالمال المشروط قد حوّل مشروعهم والأفكار والقصص والمساهمات المعروضة فيه إلى مجرد ماركة تجارية مسجلة باسم " منيب المصري" ومؤسسته المشبوهة، والتي تعمل منذ سنوات طويلة على اختراق المجتمع الفلسطيني، وخاصة الجيل الشاب عبر برامج ومغريات خبيثة، مستغلين طموحهم العالي، وإيقاعهم في براثن هذه المشاريع الهادفة بمجملها إلى كي الوعي، وتحويّل إمكانيات وعقول وإبداع شبابنا إلى مجرد بضاعة يتاجر بها منيب المصري  وحاشيته.
لسنا ضد أي برنامج يحاول نقل رسالتنا وإبداعاتنا وأفكارنا التي تستحق الانتشار للعالم أجمع، لكن لا يمكن أن يتم تحويل الواقع الفلسطيني الحالي بتجلياته ومعانياته في القطاع إلى مجرد مشروع ممول يسعى له مجموعة من الشابات والشباب النخُب، وهذا الفرق بين السعي فعلاً لنقل صورة ما يجري في القطاع من وجهة النظر الفلسطينية والذي نحافظ خلاله على الرواية الفلسطينية الكاملة، وبين مجرد مشروع قدُم من خلال "بربوزل" على جهات ممولة مشكوك في وطنيتها ستقبل بالتأكيد تمويل هذا المشروع، ولكن وفق رؤيتها وأهدافها.

القائمون على المشروع من بيئة نخبوية بامتياز، ومن طبقة معينة ( المثقفون، والصحافيون، والأكاديميون، والباحثون أصحاب الشهادات العالية، والمترجمون، أبناء قيادات فلسطينية بارزة)، أنا لا أقلل منهم ومن تجاربهم وخبراتهم وثقافتهم وتحصيلهم العلمي، ولكن هذه التركيبة عامل إضعاف للرواية الفلسطينية، فمن الطبيعي أن يثري مثل هذا البرنامج ويقدم الأفكار الإبداعية، ويساهم في نقل صورة المعاناة والصورة النمطية الموجودة في القطاع بشكل دقيق أمام الكاميرات هو المواطن البسيط، ابن المخيم، الأم الفلسطينية، العامل، وحتى المقاتل الفلسطيني. هل تستطيعون مثلاً نقل صورة الأخير وتجربته النضالية في احدى المعارك مع الاحتلال من خلال تيدكس الشجاعية؟ .

هل تعلمون من هو منيب المصري، الذي هبط علينا بالباراشوت المالي المريب ليكون أحد أهم الشخصيات الكمبرادورية القذرة التي طغت ونهبت وسيطرت على الرأسمال الفلسطيني عقب التوقيع على اتفاقية أوسلو المشئومة، من خلال شركاته المتعددة خاصة " باديكو" القابضة التي تعتبر أكبر تجمع لعصابة كمبرادورية في فلسطين، والتي من خلالها طبخت الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية مع الاحتلال، والاتفاقيات التجارية مع تجار المستوطنات ومن بينهم شريكه الصهيوني " رامي ليفي"، وتحت إشراف مستشار إبليس ربيبته " سمير حليلة" مدير عام شركة " باديكو" القابضة، والذي مهمته الأساسية إيقاع الشخصيات الكبرى والشباب والطلاب في براثن امبراطورية " منيب المصري"، ومن خلفهم صبي منيب المصري وصباب القهوة " رامي الحمدالله" الأكاديمي المعروف ورئيس وزراء حكومة أوسلو الحالي.
" سمير حليلة" هو الذي اشترى آلاف الدونمات بثمن بخس من أبناء القرى المساكين في الضفة، وباعها للرأسمالي القطري بأضعاف أثمانها وربح منها  ملايين الدولارات. وهو الذي تقلد منصب أمين عام مجلس الوزراء فترة " أحمد قريع" وهو عدا عن كونه رأس الهرم في الفساد، فإنه مطبّع من الدرجة الأولى، وقد تورط في بيع أراضي فلسطينية للصهاينة الذين بنوا عليها " مستوطنة معالي أدوميم".
منيب المصري وعائلته والأشخاص المقربين منه، هم وباء قاتل معدي يلوث كل من يقترب منهم أو يتبنى برامجهم أو يقبل تمويلهم، هم مافيات في عالم المال، ومتعاونون مع الاحتلال الصهيوني في السياسة والاقتصاد، وشركاء للمستوطنين في بضاعتهم وتجارتهم، وللأسف يتم التعامل معهم من قبل القوى والأحزاب الفلسطينية بأنهم شخصيات وطنية، وحتى في غزة تستقبلهم حكومة الأمر الواقع بالأحضان!
صبيح المصري ابن عم منيب المصري هو الممول الوحيد للقوات الأمريكية من غذاء ولوجستيات خاصة أثناء حربها في العراق، والتي تربحّ منها ملايين الدولارات على أنقاض مدننا العربية، وجثث أطفالنا.

إذن، هذا هو سقف برنامج " تيديكس الشجاعية" والذي بموجبه وافق المنظمون على قبول تمويل مشروط من مؤسسة منيب المصري رغم كل الجرائم التي ترتكبها هذه المؤسسة.
كيف نصدق تحويّل صحافي بيزنس هذا البرنامج إلى فيلم تراجيدي محزن يذرف من خلاله دموع التماسيح وهو يستعرض تجربته الصحافية أثناء الحرب على غزة، وهو الشخص ذاته الذي غطى العدوان على ليبيا بالرواية الأمريكية والصهيوخليجية طمعاً في المال.
التجارة بالقضية الفلسطينية من خلال تسويقها باللكنة الإنجليزية وبالمال السياسي الكمبرادوري، لا يصنع إلا شخصيات انتهازية، يتم تدجينها للقبول بأي شيء هابط. ولنا الكثير من الأمثلة والتجارب والشخصيات المتحّولة في هذا الموضوع. وهنا نفرق بين الكثير من المجموعات الفلسطينية التي تنقل الحقيقة للعالم اجمع عبر ترجمتها بلغات مختلفة.
تستطيع صفحة "يوتيوب" صغيرة تنقل بشكل ميداني صورة الأوضاع في غزة نقلاً عن أبطالها الحقيقيين أن تخترق العالم كله، وتعطي صورة حقيقية واضحة عن الرواية الفلسطينية، دون تكلفة، أو تمويل من أي مؤسسة.
نجدد مرة أخرى تساؤلنا، هل القائمون على " تيدكس الشجاعية" على استعداد لنشر وثائق الترخيص مع شركة تيد الأم، وشروط اتفاقية التمويل مع مؤسسة الكمبرادور منيب المصري؟.


الخميس، 9 أبريل 2015

سفراء سلطة الفساد، سلمان الهرفي نموذجاً (1)


أيمن أنور

اختيار وتعيين سفراء الدول من المفترض ان يخضع لشروط خاصة ومواصفات معينة تتوفر فيها درجة عالية من الأمانة، والشفافية، والثقافة، والمصداقية، والكفاءة، أن يكون خادماً لشعبه ومطالبه باعتباره رسولاً مكلفاً باسمهم، فكيف اذا كان الحديث هنا يجري عن شعب فلسطين الذي لم يحقق دولته بعد ولا يزال يعيش مرحلة تحرر وطني كما هو حال شعبنا، فكيف هو حال سفراء "حكومتنا"؟.


وبات من المعروف أن سفارات السلطة الفلسطينية أقرب إلى الشركات منها إلى مؤسسات وطنية محترمة، إنها بيت طاعة يجري فيها تعيين السفير بامتحان الولاء وقبول شروط تنسجم ونهج القيادة المتنفذة في منظمة التحرير وترويج برنامج التسوية. سفارات / شركات يتحّول فيها السفير/ة إلى مجرد بوق للسلطة الفلسطينية .


ومن الطبيعي أن تفرز هذه التوزيعة سفراء من ذوي السوابق، مثل السفير سلمان الهرفي ، أبرز من لديهم ملفات فساد مالي وأخلاقي قبل التحاقهم بالسفارة، بمعنى أنك لو أردت أن تكون سفيراً لدى السلطة في أي دولة في العالم يجب أن تكون إنسان "بصيم"، و جارسون للوزير رياض المالكي وولي نعمته حتى تكسب ثقة السيد الأمريكي. مطلوب أن تحفظ ترنيمات السلام الصهيوني وتعويذات الحياة مفاوضات، وعلى دراية واسعة بطرق التهريب، والنصب، والاحتيال والدجل وتجارة السلاح والمخدرات والحشيش.
  
ملف سفير محمود عباس في تونس " سليمان الهرفي" والذي يقود السفارة هناك بمنطق العصابة وحولّها إلى عزبة ودكانة خاصة به، يتعامل مع نفسه بأنه ممثل لشخص محمود عباس وناطقاً رسمياً باسمه وليس سفيراً باسم الشعب الفلسطيني، فنان في المراوغة، والكذب، والاحتيال.. أستاذ في اتقان لغة اليورو والدولار. يتورط في توزيع مقاعد المنح الدراسية حسب أهوائه ومحسوبياته.. ويتخلى عن اللاجئين الفلسطينيين المشردين من ليبيا الذين هربوا الى تونس، بل وضرب العديد منهم في داخل السفارة.
من حق شعبنا أن يعرف أن السفير سلمان الهرفي هو سارق ونهب مئات آلاف الدولارات من مال مؤسسة "صامد" ومشاريعها. نتحدى السفير "الهرفي" أن يكشف للناس حسابه البنكي، كم يملك من المال في حسابات خاصة له في أوروبا وأمريكا ؟ ومن أين حصل عليه وهو يعمل موظفاً في منظمة التحرير الفلسطينية طيلة الـ 50 سنة الماضية تقريباً؟ كيف صنع ثروته؟ الهرفي مسئول عام ومن حق الناس جميعاً أن تسأله، وعليه أن يجيب.

أسئلة كثيرة يجب أن يجيب عليها السفير المثير للجدل والاشمئزاز : هل تعاون السفير "الهرفي" مع عصابات صهيونية وأجنبية في أفريقيا لتهريب الماس بالحقائب الدبلوماسية وبيعه في بلجيكا؟ هل ينكر ذلك؟ ماذا عن سمسرة المنح والمقاعد الدراسية للطلبة الفلسطينيين في تونس حسب أهوائه الشخصية؟ ماذا عن العديد من حالات الاختلاس التي كُشف النقاب عنها؟ كيف كانت طبيعة العلاقة بينه وبين عميل الموساد عدنان ياسين مدير مكتب عرفات في تونس؟ ما هو سر العداء بينه وبين رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فارق القدومي؟ ما الذي يعرفه وكشفه عنه الأخير؟ وما هي طبيعة العلاقة بين الهرفي وبين أبناء أبو مازن؟!.

هذا السفير الفاسد لن يجيب على سؤال واحد من الأسئلة أعلاه . ولكن سنواصل فتح ملفات الفساد الشامل في سفارات "محمود عباس"، ونلاحق جميع السفراء الفاسدين، ولا يمكن أن نصمت على جرائمهم بحق قضيتنا الفلسطينية. إن السفير الهرفي ارتكب جرائم تستوجب محاسبته، تشكيل لجنة تحقيق على الأقل تفتح ملفاته، لكن من يفعلها؟ وزير الخارجية المزيف أم رئيس السلطة الذي يغطيه؟ والفاقد للشرعية أصلاً؟ .. لن يفلت الهرفي من المحاسبة والعقاب. وشعبنا لن ينسَ، لأن الجرائم لا تسقط بالتقادم !


10/4/2015

الأحد، 15 فبراير 2015

الاغتصاب الفكري لأشباه المثقفين الفلسطينيين


أيمن أنور
مما لاشك فيه أن التطور التكنولوجي الحديث، وتحوّل العالم إلى قرية صغيرة أفقد وسائل الثقافة التقليدية بريقها، وقد كان لاتفاقية أوسلو ومؤسساتها المعنية بالثقافة والتعليم سبباً إضافياً في تدهور الوضع الثقافي بالأراضي الفلسطينية، وطمس الهوية الفلسطينية، وفي تنامي ظاهرة سرقة أعمال فكرية. وقد نستنتج ذلك من خلال مطالعتنا على موازنة السلطة السنوية، والتي تعطي فيها أكثر من 50% للأمن، مقابل أقل من 10% للثقافة والتربية والتعليم.
وقد لعبت وزارة التربية والتعليم العالي والجامعات دوراً كبيراً في حالة التدهور، لعدم بلورتها خطة وطنية ملائمة للوضع الراهن، وعدم اعتمادها على وسائل رقابية للأعمال الفكرية المنشورة، والاهتمام بالكم لا الكيف في اختيار الطلبة وعرض التخصصات، مما أحدث فوضى في المسيرة التعليمية، أثرت بشكل كبير على المستوى الثقافي والمعرفي، وإلى تدني مستوى المشاركة الفاعلة  المجتمعية لفئات الشباب خصوصاً في الجانب الثقافي، نتيجة جهلهم بالوسائل المشروعة للبحث عن المعرفة، والاستفادة منها بعيداً عن السرقة الفكرية والتي أصبحت فوبيا ومهنة وتخصص للكثيرين، حتى أن المكتبات الفلسطينية تحوّلت إلى سوبرماركت وبازار لعرض السلع والمنتوجات ( أبحاث جاهزة) للطلاب بأسعار مختلفة وحسب التخصصات، وهو الأمر الذي أدى إلى تدمير ممنهج للشباب وجهلهم بوسائل البحث العلمي، أو الاستفادة من التجربة العملية في الجامعات والكليات لتعزيز الثقافة واكتساب الخبرة التي يمكن أن تساعده في حياته العملية القادمة.
وعلى الرغم أن قانون المطبوعات والنشر للسلطة عام 1995 يشدد في جوهره على حرمة السرقة الفكرية، ويعتبرها مخالفة للقانون، ويعاقب بالحبس أو الغرامة كل من يرتكب هذه المخالفة، إلا أنها لم تكن رادعة في يوم من الأيام، وانتقلت الفوضى الثقافية إلى نوع من الاغتصاب الفكري على عينك يا تاجر، وظهور أشباه المثقفين الفلسطينيين يتاجرون بأفكارهم المسروقة في مجالات مختلفة، خصوصاً في الصحافة.
   إن ذلك قد حولّ المجتمع الفلسطيني من مجتمع واعٍ ومدرك ومثقف ومؤثر ومنتج، إلى مجتمع مفرغ عدمي ثرثار، لا يدافع عن فكرة مبدئية عامة، أو ثقافة الهوية الوطنية الفلسطينية، بل عن شخصه، وفئويته، ويحاول ترقيع عيوب المسئول وأخطائه.
في هذا السياق، سأعرض لكم حالة من أشباه المثقفين الفلسطينيين، الذين يمارسون اغتصاباً وسرقة فكرية،  ليس من باب فضحه أو تشويهه، ولكن لاستخلاص العبر، وعدم استخدام السرقة الفكرية في التحريض على فصائل العمل الوطني، وفي المتاجرة بموقفه وموقف السلطة .
هذا الشخص ينتمى إلى المدرسة الانتهازية السلطوية، وهو يعرض نفسه بأنه صحفي وخبير متخصص في الصحافة وشئون التنظيمات، اعتاد على التحريض وتشويه الحقائق من خلال سرقات فكرية بالجملة دون خجل، وفي أحيان كثيرة يسرق المقالة كاملة ويغير فقط العنوان، ويضيف من عنده بعض العبارات الشاذة متسلحاً بدفاعه المستميت عن السلطة، والسؤال أين الرقابة على هكذا أشخاص. وهل هناك رقابة حقيقية ومسئولة من المواقع الالكترونية والوكالات فيما يتم نشره؟ .  إن من يقدم على هذه السرقة سيكون جاهز يوماً ما لخيانة الوطن.
ونرفق لكم جانب من السرقات الأدبية التي واظب عليها هذا الشخص، وهي للعلم منتقاة من سرقة مجموعة أدبية كاملة لكتاب وصحافيين تتجاوز 35 مقالة وتقرير.
1)    المقالة المسروقة بعنوان ( ورقة سرية للغاية)، نشرت بتاريخ 27/3/2015. ونشرها مرة أخرى بعنوان (أيها المتربصون: حركة فتح لا تقبل أن تتوضاً بماء نجس) بتاريخ 23/12/2014. المقالة الأصلية بعنوان ( وصية المشنوق أعلاه) للمعارض المصري أيمن نور نشرت بتاريخ 17-10-2011.
2)     المقالة المسروقة بعنوان ( كيف سيواجه العرب الإرهاب وهم جزء أساسي من صناعته؟) نشرت بتاريخ 15/2/2015. المقالة الأصلية بعنوان ( صناعة الإرهاب – لا صناعة الاستقراء) نشرت بتاريخ 13-2-2015 للكاتب السعودي يوسف الكوليت.
3)    المقالة المسروقة بعنوان ( الأردن ستنتقم) نُشرت بتاريخ 4/2/2015، التقرير الأصلي بعنوان ( من الممكن أن يواجهوا عقوبة الإعدام.إحالة أربعة جنود أمريكيين إلى القضاء بتهمة الاعتداء على عراقية)، تقرير نشُر بصحيفة المدى بتاريخ 4/5/2007.
4)    المقالة المسروقة بعنوان ( لا تحرموا أنفسكم من الحب) نُشرت بتاريخ 11/2/2015، المقالة الأصلية بعنوان ( تبحث عن الحب – أم يبحث عنك؟) للكاتب ماضي الخميسي نُشرت بتاريخ 25/12/2008 في جريدة الرياض.

الملفت أن هذا المغتصب الفكري  يستفيد من الجمل المسروقة في مقالات جديدة  على سبيل المثال لا الحصر (مقالة وصيتي الأخيرة) نشرت بتاريخ 26/6/2013، ونشرت قبل ذلك بتاريخ 14/2/2014 بعنوان (عملاق فاطس).

الجمعة، 13 فبراير 2015

إطلالة على حالة اللاوعي السياسية والثقافية والأخلاقية في حركة فتح


أيمن أنور

لم أود أن أصل لمستوى الردود الهابطة والسخيفة التي رأيناها خلال الأيام السابقة لكوادر رسمية أو غير رسمية في حركة فتح (حزب السلطة)، وخصوصاً الناطقين الرسميين باسمها، وبعض أشباه الصحافيين. ما عزز داخلي من قناعة بأهمية الرد على هذه الترهات هو مقالة "ساهر الأقرع"، والتي جاءت بعنوان( من أمام مقر الصليب الأحمر بدأت رياح السموم تهب) أضحكتني المقالة جداً وبقدر أنها تصلح للانطلاق من خلالها لتوصيف دقيق لحالة أعضاء حركة فتح هذه الأيام، بقدر أنها فرصة لإعطاء دروس في الالتزام بالأخلاق، والتوعية السياسية، والأمانة الفكرية للعناصر المشبعة بهواء أوسلو المسموم، والتي ورثت عن السلطة عقلية فراغية وعدمية لا تقبل بالآخر.

مما لاشك فيه أن سرقة إنتاج فكري هي جريمة كبرى، وها هو السيد الأقرع الذي يصف نفسه بأنه من أبرز الإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة!!، ويعمل في وسائل إعلام مختلفة فلسطينية، وعربية، وعالمية ( ما شاء الله!!!)، والذي يصف نفسه خبيراً في الشأن الفلسطيني وشئون المنظمات الفلسطينية والتحليلات الخاصة بالشأن السياسي الفلسطيني ( اللهم لا حسد)، قد ارتكب من جديد جناية جديدة وهي سرقة مقالة بعنوان ( حياتنا - هبت رياح الاعتراف)، للكاتب حافظ البرغوثي نُشرت بتاريخ 4/12 بالعدد رقم 6847 في صحيفة الحياة الجديدة لمن يريد الإطلاع عليها.
لم يتعب نفسه الأقرع حتى بمحاولة تغيير العبارات أو سرقة الفكرة والاستفادة منها، ومارس هوايته في نقل المقالة بالكامل، وهذا يشير إلى مستوى عالٍ من الحرفية اللصوصية تحسب له، وترشحه لرئاسة نادي "اللطش الفكري" لسنوات طويلة.
رغم أهمية كشف حقيقة الأقرع وسرقاته الفكرية واستخدامه لها للتهجم على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلا أن الهدف الأساسي من المقالة هو توجيه رسالة لكل فتحاوي فاته القطار الوطني، أو ضل الطريق، وخاصة الناطقين باسم فتح عساف والقواسمي وذاك الصحافي " توماس فريدمان فتح" صاحب فوبيا استقاء الموقف من  مصادر كثيرة بوزن رداحات.
لا أريد أن أعزل ما حدث في الصليب وقيام كوادر من الشعبية وحملة التضامن مع القائد أحمد سعدات بانتقاد صريح لمحمود عباس، عن الانتقاد الصريح الذي شنه عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية د.رباح مهنا لعزام الأحمد واتهامه بتعطيل قدوم الوفد الفلسطيني إلى القطاع، بناءً على معلومات أكيدة، لأن الموقف واحد وهو بالمناسبة يعبر عن قناعات غالبية الشعب الفلسطيني، إلا فئة قليلة ارتضت على نفسها أن تبقى أسيرة ومغيبة وفاقدة الوعي، والحس الوطني، ولا تستطيع إدراك اللحظة وحقيقتها، والتغيرات الحاصلة فيها، والمواقف السياسية المطلوب صياغتها. كما أنصح الأقرع بالالتحاق في معهد لتعلم دروس اللغة العربية،  واللجوء لطبيب نفسي لحل إشكالية فوبيا سرقة المقالات لديه، أدعو عناصر حركة فتح إلى التركيز مباشرة على القضايا السياسية الراهنة والوضع الراهن أكثر من الدفاع المستميت عن موقف السلطة وقيادة أوسلو.  والانطلاق من أن حركتكم "المظفرة" ليست قدر على الشعب الفلسطيني، أو معصومة من الأخطاء.. وليست أكبر من النقد.. يجب إدراك أن حركتكم ليست بقرة مقدسة لا يجب التعرض لها.. عودوا أدراجكم وتعلموا فن المناورة السياسية لا المجادلة العقيمة، فلا يعقل أن ترجموا الآخرين، وبيتكم هش من زجاج، ومواقفكم الهزلية المرتبطة بسقف أوسلو العقيم من ورق.

وبالعودة إلى الأقرع سارق المقالات وإلى عبارته التي أدخلها في المقالة المسروقة " الجبهة الشعبية هي الأخرى شاركت إسرائيل في الهجوم على القيادة الفلسطينية وحركة فتح..إلخ"، لو صدقنا حقيقة أن انتقاد الجبهة وكوادرها لمحمود عباس خيانة واصطفاف مع الاحتلال، فما هي إذن توصيف جريمة الغدر بالقائد أحمد سعدات ورفاقه واحتجازهم في سجن أريحا، وقيام الاحتلال بعدها باختطافهم واللواء فؤاد الشوبكي؟ أو توصيف التنسيق الأمني الذي يجري ليلاً ونهاراً.. أو اعتقال المطاردين.. وملفات الفساد للمسئولين في السلطة .. برأيي أنها عقوبة تتجاوز الخيانة كثيراً كثيراً. وما الفرق أيضاً بين انتقادات الجبهة الشعبية والشعب الفلسطيني لسياسات عباس وزمرته وبين الانتقادات اللاذعة من عباس ودحلان للراحل ياسر عرفات قبل وفاته وتحميله مسئولية الأوضاع ومشاركتهم في مظاهرات مناوئة للراحل في خان يونس وغزة؟!!.

 إن تفسير ذلك نابع من أن ذلك هو إفراز طبيعي لتربية ونهج أوسلو الذي زُرع في عقولكم.. نهج الاستسلام الذي قادنا إلى مجزرة التنازلات والتسليم بحقوقنا الوطنية، نهج أوسلو البائس.. والذي ولدّ مرضى نفسيين يرون بتجربة السلطة الكارثية خطوات نضالية وانجازات، ولأنهم يسيطرون على مقدرات الشعب الفلسطيني لا يستطيعون تعلم حدود الأدب.. ولا حدود الوطن.. ولا تداعيات ونتائج حكمهم على شعبنا الفلسطيني.. ولا  تضاريس الخارطة السياسية الفلسطينية.. مسحوا كل ذلك وثبتوا صورة محمود عباس ودافعوا عنه بكل استماتة.

في المجتمعات الحرة والديمقراطية والتي يعمل فيها المسئول ليل نهار في خدمة أبناء شعبه يُنتقد ويشن هجوماً حاداً عليه في حال ارتكاب خطأ صغير، فيلقى عليه البيض والطماطم، وهو يقابل ذلك بالاعتذار لشعبه، وفي أحيان كثيرة يقدم استقالته. لكننا في حالة السلطة نرى المسئول يسرقنا ويتنازل عن حقوقنا بعيون وقحة وفجة، ويأتي بعد ذلك ليسوق علينا وطنية ولا رغبة لديه للاعتذار أو تسجيل موقف شرف لنفسه، لأنه بذلك سيخسر امتيازاته وشركاته ومستقبل أبنائه التي بُنى على معاناة ومقدرات شعبنا.

اقرأوا جيداً حركة التاريخ، لتصلوا إلى الوصف السياسي الحقيقي لحالة ووضع قيادتكم الراهنة... قيادة بلا انجازات، أو كرامة.. ماذا تنتظرون منها؟ فهل من الحكمة أن تدافعوا بكل قوة عن هذه القيادة وتقييم أدائها الصفري الكبير!!.
قد تكون السياسة مدعاة للبعض للكذب لتبرير موقف معين في إطار التكتيك لمعالجة خطأ ما، من مبدأ الاستفادة من الأخطاء وفتح صفحة جديدة وشق طريق مغاير للطريق السلبي القديم، لكن في الحالة الفتحاوية يستخدمون الكذب كفن وخارطة طريق لتبرير حالة الكذب والمناورة والالتفاف على الحقيقة من أجل الدفاع عن الرأس القيادي.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كبيرة وتستمد مواقفها من رحم الشارع الفلسطيني، وعندما تقول لبعض الثلة المجرمين والعابثين بأن سياستكم خاطئة ووبال على شعبنا الفلسطيني فهي تعي ذلك، ولا تخاف من أحد، ولا تتردد في ذلك، ومستعدة أن تمضي بلا نهاية إلى آخر النفق.. ولن تنظر خلفها. وهي لن تساوم على حقوق شعبنا وشهدائه وأبطاله الأسرى .. ولا يحق لمن باع الوطن في المزادات الدولية وعلى الطاولات المستديرة وفي غرف التنسيق الأمني أن يتحدث عن الوطنية استيقظوا وتعلموا درس التاريخ ، فالزمن لم يتوقف عندكم.. والمكان الحقيقي للجثة الهامدة هو دفنها لا ثلاجات الموتى.


(انتهى)

الخميس، 22 يناير 2015

سفارة "فلسطين" بجنوب أفريقيا نظرة من الداخل



أيمن أنور

كي لا أُتهم بشخصنة الموضوع وحتى لا يُفسر موقفي من سفارة "دولة فلسطين" بجنوب أفريقيا وسفيرها عبد الحفيظ نوفل بأنه ردة فعل، أو تجريح شخصي؛ كما لا يتعلق بموقف السفارة السئ بشأن زيارة المناضلة ليلى خالد لجنوب أفريقيا. بل من منطلق أن من حق أبناء الشعب الفلسطيني الاعتراض على سياسات وبرامج وممارسات سفارات وسفراء نعتقد أنهم يمثلون وينتحلون اسم دولة فلسطين. من هذا الجانب كله سأبدأ مقالتي في التذكير بمؤتمر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي عُقد في مدينة "ديربان" والذي استضافته جنوب أفريقيا عام 2001، والذي شكّل بداية انطلاقة هامة لحركة مقاطعة الاحتلال بفضل جهود المؤسسات والحركات التضامنية مع الشعب الفلسطيني أولاً ودولة جنوب أفريقيا ثانياً، وكانت الغائبة طبعاً السلطة الفلسطينية ممثلة بسفارتها عن هذا الإنجاز لانشغالها بتسويق فكرة السلام، وشعارات أوسلو وبإدانة "العمليات الانتحارية" التي تستهدف المدنيين في الكيان الصهيوني بعد اندلاع الانتفاضة الثانية.

منذ ذلك الوقت تأسست في جنوب أفريقيا حركة مناهضة للصهيونية وللعنصرية، مطالبة بعزل "إسرائيل" والقطيعة معها باعتبارها نظام يمارس الفصل العنصري، وهو ما سُمي آنذاك "إستراتيجية ديربان" في كيفية التعامل مع الاحتلال وجرائمه وممارساته بحق الفلسطينيين. ونعود للتأكيد بأن هذا الفضل يعود لجنوب أفريقيا وللحركات المناهضة للصهيونية. وقد تمكنت هذه الجهات من تحقيق الكثير من الإنجازات على هذا الصعيد خاصة في الدعوة للمقاطعة الأكاديمية للاحتلال والمستمرة حتى الآن، وعلى سبيل المثال وليس الحصر قطع جامعة جوهانسبرج علاقاتها مع جامعة "بن غوريون" الصهيونية، في الوقت الذي ما زال التنسيق الأمني للسلطة مع الاحتلال فعالاً ومستمراً على أكمل وجه.

كما بدأت جنوب أفريقيا بالإعلام المضاد لمنتجات المستوطنات، ومارست بالفعل سياسة القطيعة لهذه المنتجات في لقاءات رسمية، تزامناً مع استخدام وكلاء وزراء في اقتصاد السلطة وسفراء حاليين نفوذهم لتحويل أطنان من الأسمنت المصري كانت هدفها ترميم البيوت المهدمة في رفح وقطاع غزة لبناء الجدار العازل وفق صفقة سرية وهذا مثبت ولا يمكن إنكاره.

لم تستغل سفارة "دولة فلسطين" خصوصية جنوب أفريقيا والإنجاز الذي تحقق منذ عام 2001 ، ولم تبدأ فعلياً بالاندماج مع حركات المقاطعة إلا قبل سنوات معدودة وبسبب الإحراج من تنامي واتساع المقاطعة والحركات الناشطة فيها، أو بسبب محاولتها ركب الموجة لا أكثر، رغم احتضان السفارة قبل سنوات لقاءات تطبيعية في سفاراتها في بوتوريا، شكّلت طعنة في خاصرة حركة المقاطعة للاحتلال وأثارت موجة غضب هائلة آنذاك، واعترفت السفارة بذلك، وببرود شديد وصفت لقاء طلبة إسرائيليين بأنه ليس لقاءً تطبيعياً وإنما لقاء من أجل تعزيز فرص السلام ونبذ الحرب، والدليل على ذلك أن الطلبة لم يكونوا جنوداً في جيش الاحتلال حسب توضيح السفارة وسفيرها الراحل!!.

حتى أسبوع الابارتهايد الإسرائيلي يُنظم بشكل سنوي من قبل دولة جنوب أفريقيا ومؤسسات دولية وانضمت إليها مؤسسات فلسطينية ناشطة في حركة المقاطعة، وتكتفي السفارة الفلسطينية بالإعلان عن هذا الأسبوع والدعوة للمشاركة الواسعة فيه. وأتحدى أن تقوم تلك السفارة بنشر بيان صحافي مروس بشعار السفارة ووزارة الخارجية الفلسطينية يتضمن إجراءات جدية تتخطى التصريحات والزيارات وتبلور برنامج وخطة مناهضة للاحتلال في جنوب أفريقيا، على الرغم من أن السفير الحالي ووكيل وزارة الاقتصاد السابق سخر كل جهوده في الدفاع عن سياسة أبو مازن "الحكيمة" ومواقفه وبرنامجه وسقفه الهابط الذي لم يتجاوز سقف منزل حارس في مدينة روابي، وذلك من أجل مكاسب شخصية لا أكثر، والحفاظ على حالة استقرار سفارته دون أي منغصات. 

يجب ألا نظلم السفير الفلسطيني في جنوب أفريقيا بهذا المنصب والتعيين في دولة مهمة وحساسة بجنوب أفريقيا، لأن تقاليد تعيين أغلب السفراء لدى السلطة لا تتم من خلال الشفافية والكفاءة والتقييم الإيجابي بقدر قرب السفير من أجندة أبو مازن. ومن أجل ذلك يعي السفير أن استقراره في السفارة مرهون بأن يتكيف مع سياسة الرئيس، وينبري في الدفاع عن مواقفه والتطبيل لها، بالضبط مثلما يفعل الهباش في خطبه التحشيشية والمثيرة للجدل. رغم أن الحل في السفير يكمن في أن يطالب بتعيين نفسه ناطقاً رسمياً باسم الرئيس بدلاً من مسئوليته عن سفارة "دولة فلسطين" في جنوب أفريقيا.


نؤكد مرة أخرى بأننا عندما نتحدث عن جنوب أفريقيا، وبتجربتها النضالية الرائدة وتخلصها من نظام الفصل العنصري بفعل تضحيات شعبها الأصيل، يجب أن نقدم نحن نموذجاً يحّتذى فيه والاستفادة من هذه التجربة، ونقل تجربتها إلى الأراضي الفلسطينية بدلاً من أن ننقل تجربة أوسلو والبيزنس إلى داخل جنوب أفريقيا، لأننا بهذه الطريقة نعزل أنفسنا بجدار سميك من الفساد، واللامبالاة، والوطنية الزائفة، بدلاً من أن نسخر جهودنا لعزل دولة الكيان الصهيوني. ومن أجل ذلك يجب أن نفتح ملفات السفارات الفلسطينية على مصراعيها ليس لجهة التطبيع وحسب، مستندين لأهمية أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في سفير أو سفارة واحدة بل في نهج الفساد الشامل.