الجمعة، 13 فبراير 2015

إطلالة على حالة اللاوعي السياسية والثقافية والأخلاقية في حركة فتح


أيمن أنور

لم أود أن أصل لمستوى الردود الهابطة والسخيفة التي رأيناها خلال الأيام السابقة لكوادر رسمية أو غير رسمية في حركة فتح (حزب السلطة)، وخصوصاً الناطقين الرسميين باسمها، وبعض أشباه الصحافيين. ما عزز داخلي من قناعة بأهمية الرد على هذه الترهات هو مقالة "ساهر الأقرع"، والتي جاءت بعنوان( من أمام مقر الصليب الأحمر بدأت رياح السموم تهب) أضحكتني المقالة جداً وبقدر أنها تصلح للانطلاق من خلالها لتوصيف دقيق لحالة أعضاء حركة فتح هذه الأيام، بقدر أنها فرصة لإعطاء دروس في الالتزام بالأخلاق، والتوعية السياسية، والأمانة الفكرية للعناصر المشبعة بهواء أوسلو المسموم، والتي ورثت عن السلطة عقلية فراغية وعدمية لا تقبل بالآخر.

مما لاشك فيه أن سرقة إنتاج فكري هي جريمة كبرى، وها هو السيد الأقرع الذي يصف نفسه بأنه من أبرز الإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة!!، ويعمل في وسائل إعلام مختلفة فلسطينية، وعربية، وعالمية ( ما شاء الله!!!)، والذي يصف نفسه خبيراً في الشأن الفلسطيني وشئون المنظمات الفلسطينية والتحليلات الخاصة بالشأن السياسي الفلسطيني ( اللهم لا حسد)، قد ارتكب من جديد جناية جديدة وهي سرقة مقالة بعنوان ( حياتنا - هبت رياح الاعتراف)، للكاتب حافظ البرغوثي نُشرت بتاريخ 4/12 بالعدد رقم 6847 في صحيفة الحياة الجديدة لمن يريد الإطلاع عليها.
لم يتعب نفسه الأقرع حتى بمحاولة تغيير العبارات أو سرقة الفكرة والاستفادة منها، ومارس هوايته في نقل المقالة بالكامل، وهذا يشير إلى مستوى عالٍ من الحرفية اللصوصية تحسب له، وترشحه لرئاسة نادي "اللطش الفكري" لسنوات طويلة.
رغم أهمية كشف حقيقة الأقرع وسرقاته الفكرية واستخدامه لها للتهجم على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلا أن الهدف الأساسي من المقالة هو توجيه رسالة لكل فتحاوي فاته القطار الوطني، أو ضل الطريق، وخاصة الناطقين باسم فتح عساف والقواسمي وذاك الصحافي " توماس فريدمان فتح" صاحب فوبيا استقاء الموقف من  مصادر كثيرة بوزن رداحات.
لا أريد أن أعزل ما حدث في الصليب وقيام كوادر من الشعبية وحملة التضامن مع القائد أحمد سعدات بانتقاد صريح لمحمود عباس، عن الانتقاد الصريح الذي شنه عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية د.رباح مهنا لعزام الأحمد واتهامه بتعطيل قدوم الوفد الفلسطيني إلى القطاع، بناءً على معلومات أكيدة، لأن الموقف واحد وهو بالمناسبة يعبر عن قناعات غالبية الشعب الفلسطيني، إلا فئة قليلة ارتضت على نفسها أن تبقى أسيرة ومغيبة وفاقدة الوعي، والحس الوطني، ولا تستطيع إدراك اللحظة وحقيقتها، والتغيرات الحاصلة فيها، والمواقف السياسية المطلوب صياغتها. كما أنصح الأقرع بالالتحاق في معهد لتعلم دروس اللغة العربية،  واللجوء لطبيب نفسي لحل إشكالية فوبيا سرقة المقالات لديه، أدعو عناصر حركة فتح إلى التركيز مباشرة على القضايا السياسية الراهنة والوضع الراهن أكثر من الدفاع المستميت عن موقف السلطة وقيادة أوسلو.  والانطلاق من أن حركتكم "المظفرة" ليست قدر على الشعب الفلسطيني، أو معصومة من الأخطاء.. وليست أكبر من النقد.. يجب إدراك أن حركتكم ليست بقرة مقدسة لا يجب التعرض لها.. عودوا أدراجكم وتعلموا فن المناورة السياسية لا المجادلة العقيمة، فلا يعقل أن ترجموا الآخرين، وبيتكم هش من زجاج، ومواقفكم الهزلية المرتبطة بسقف أوسلو العقيم من ورق.

وبالعودة إلى الأقرع سارق المقالات وإلى عبارته التي أدخلها في المقالة المسروقة " الجبهة الشعبية هي الأخرى شاركت إسرائيل في الهجوم على القيادة الفلسطينية وحركة فتح..إلخ"، لو صدقنا حقيقة أن انتقاد الجبهة وكوادرها لمحمود عباس خيانة واصطفاف مع الاحتلال، فما هي إذن توصيف جريمة الغدر بالقائد أحمد سعدات ورفاقه واحتجازهم في سجن أريحا، وقيام الاحتلال بعدها باختطافهم واللواء فؤاد الشوبكي؟ أو توصيف التنسيق الأمني الذي يجري ليلاً ونهاراً.. أو اعتقال المطاردين.. وملفات الفساد للمسئولين في السلطة .. برأيي أنها عقوبة تتجاوز الخيانة كثيراً كثيراً. وما الفرق أيضاً بين انتقادات الجبهة الشعبية والشعب الفلسطيني لسياسات عباس وزمرته وبين الانتقادات اللاذعة من عباس ودحلان للراحل ياسر عرفات قبل وفاته وتحميله مسئولية الأوضاع ومشاركتهم في مظاهرات مناوئة للراحل في خان يونس وغزة؟!!.

 إن تفسير ذلك نابع من أن ذلك هو إفراز طبيعي لتربية ونهج أوسلو الذي زُرع في عقولكم.. نهج الاستسلام الذي قادنا إلى مجزرة التنازلات والتسليم بحقوقنا الوطنية، نهج أوسلو البائس.. والذي ولدّ مرضى نفسيين يرون بتجربة السلطة الكارثية خطوات نضالية وانجازات، ولأنهم يسيطرون على مقدرات الشعب الفلسطيني لا يستطيعون تعلم حدود الأدب.. ولا حدود الوطن.. ولا تداعيات ونتائج حكمهم على شعبنا الفلسطيني.. ولا  تضاريس الخارطة السياسية الفلسطينية.. مسحوا كل ذلك وثبتوا صورة محمود عباس ودافعوا عنه بكل استماتة.

في المجتمعات الحرة والديمقراطية والتي يعمل فيها المسئول ليل نهار في خدمة أبناء شعبه يُنتقد ويشن هجوماً حاداً عليه في حال ارتكاب خطأ صغير، فيلقى عليه البيض والطماطم، وهو يقابل ذلك بالاعتذار لشعبه، وفي أحيان كثيرة يقدم استقالته. لكننا في حالة السلطة نرى المسئول يسرقنا ويتنازل عن حقوقنا بعيون وقحة وفجة، ويأتي بعد ذلك ليسوق علينا وطنية ولا رغبة لديه للاعتذار أو تسجيل موقف شرف لنفسه، لأنه بذلك سيخسر امتيازاته وشركاته ومستقبل أبنائه التي بُنى على معاناة ومقدرات شعبنا.

اقرأوا جيداً حركة التاريخ، لتصلوا إلى الوصف السياسي الحقيقي لحالة ووضع قيادتكم الراهنة... قيادة بلا انجازات، أو كرامة.. ماذا تنتظرون منها؟ فهل من الحكمة أن تدافعوا بكل قوة عن هذه القيادة وتقييم أدائها الصفري الكبير!!.
قد تكون السياسة مدعاة للبعض للكذب لتبرير موقف معين في إطار التكتيك لمعالجة خطأ ما، من مبدأ الاستفادة من الأخطاء وفتح صفحة جديدة وشق طريق مغاير للطريق السلبي القديم، لكن في الحالة الفتحاوية يستخدمون الكذب كفن وخارطة طريق لتبرير حالة الكذب والمناورة والالتفاف على الحقيقة من أجل الدفاع عن الرأس القيادي.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كبيرة وتستمد مواقفها من رحم الشارع الفلسطيني، وعندما تقول لبعض الثلة المجرمين والعابثين بأن سياستكم خاطئة ووبال على شعبنا الفلسطيني فهي تعي ذلك، ولا تخاف من أحد، ولا تتردد في ذلك، ومستعدة أن تمضي بلا نهاية إلى آخر النفق.. ولن تنظر خلفها. وهي لن تساوم على حقوق شعبنا وشهدائه وأبطاله الأسرى .. ولا يحق لمن باع الوطن في المزادات الدولية وعلى الطاولات المستديرة وفي غرف التنسيق الأمني أن يتحدث عن الوطنية استيقظوا وتعلموا درس التاريخ ، فالزمن لم يتوقف عندكم.. والمكان الحقيقي للجثة الهامدة هو دفنها لا ثلاجات الموتى.


(انتهى)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق