الجمعة، 2 نوفمبر 2012

وحماس تعاني من سكرة الموت يا أشقر



أيمن أنور

 

ليس غريباً أن يخرج قيادي حمساوي ليهاجم الجبهة الشعبية على مواقفها وانتقاداتها اللاذعة للحركة الإسلامية، فماكينة الإعلام الحمساوية ما فتئت تهاجم الشعبية وتكيل لها ولليسار الفلسطيني الاتهامات جزافاً، لكن الأغرب أن تتخطى الانتقادات هذه المرة حدود اللياقة التي يجب أن تتوفر في قيادي حمساوي ونائب في المجلس التشريعي بوزن اسماعيل الأشقر.

استخدم النائب الأشقر كلمات غير مسئولة ونابية بحق الجبهة وقادتها، "ووصفهما بأنهما يعيشان حالة سكر سياسي، وعندما يُقطع المال السياسي عنهم يفبركون أخباراً كاذبة، ويشنون هجوماً على حركة حماس" !!!، والسبب في ذلك هو اتهام القيادي في الجبهة الشعبية عضو مكتبها السياسي د.رباح مهنا للحركة الإسلامية بأنها تحاول إجراء اتصالات مع دولة الاحتلال لتحقيق هدنة تستمر عشرين عاماً، فضلاً عن استضافة دولة أوروبية لقاء جمع وفد من حركة حماس بوفد صهيوني، واشتراط الاحتلال وجود القيادي الأخواني خيرت الشاطر.

ما المفاجئة إذن في هذه التصريحات التي أغضبت النائب الأشقر، سيما وأن حركة حماس تبرم بين الآونة والأخرى تهدئة مع الاحتلال، وتريد هذه المرة عبر وساطات مختلفة إطالة أمد هذه التهدئة عشرين عاماً متواصلة، وما الجديد أيضاً في محاولات دول أوروبية أن تكون وسيط بين الحركة ودولة الاحتلال لعقد مفاوضات سرية بينهما، دولة سويسرا مثال؟!، وفي سياق ذلك ما المستغرب من تصريحات الجبهة اللاذعة لحركة حماس طالما أن موقف الجبهة منذ نشأتها واضح برفض أي تهدئة مبرمة مع الاحتلال، وبإدانة أي محاولات لعلاقات مع الاحتلال؟!.

ومن أجل ذلك من حق الجميع وليس الجبهة الشعبية فقط أن يعرف إن كانت حركة حماس قد عقدت لقاءً سرياً مع وفد إسرائيلي بوساطة أوروبية أم لا وهو ما طالب به الدكتور مهنا، طالما أن الأخوان المسلمون قد افتتحوا مشروعهم النهضوي بعلاقات مباشرة وغير مباشرة مع الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية، فما الذي يمنع حركة حماس أن تعقد لقاءً سرياً مع الاحتلال بوساطة أوروبية، طالما أن ذراعها السلطوي أصبح مفتوحاً للغرب ويتمنى علاقات طبيعية معهم، ولذلك لا مشكلة أن ينصح كل من هنية ومشعل حزب النهضة التونسي بعدم مقاطعة دولة الاحتلال في الدستور حسب قول مندوب النهضة ومسؤولها؟ّ!.

كنت أتمنى من السيد الأشقر أن يذهب إلى الهيئة القيادية لحركة حماس ويسألها إن تم فعلاً عقد لقاءات مباشرة أو غير مباشرة في إحدى الدول الأوروبية بين حركة حماس وبين الاحتلال. وكنت آمل من السيد الأشقر أن يذكر الحركة الإسلامية بالمادة الثالثة عشرة من ميثاقها والتي تؤكد على أن المبادرات واللقاءات وما يسمى الحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية تتعارض مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية، فالتفريط في أي جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين، ووطنية الحركة هي جزء من دينها، على ذلك تربى أفرادها. أليس كذلك يا أشقر؟!!.

الجميع يعرف أن المواقف الأوروبية من القضية الفلسطينية وشرط علاقاتها بالقوى والفصائل الفلسطينية، تخضع لاعترافها بدولة الاحتلال، وبإلقائها السلاح، وبرغبتها في محاورة الاحتلال بالطرق السلمية، معنى ذلك أن حركة حماس والتي عقدت سلسلة طويلة من اللقاءات في سويسرا مع شخصيات أوروبية، كان آخرها زيارة القيادي الحمساوي مشير المصري إلى سويسرا، قد استجابت للشروط الأوروبية، أو بالحد الأدنى خفضت من سقف ثوابتها وتشددها ناحية دولة الاحتلال.

هذا الموضوع يحيلنا بالطبع إلى موضوعين أساسين مرتبطين ببعضهما البعض، الأول هو حدوث حالة تغير في خارطة النظام السياسي الفلسطيني وانبثاق قطب آخر ( يمين إسلامي - حماس) يتنافس ويتصارع مع القطب الآخر ( يمين ليبرالي – فتح) في تقديم التنازلات، والإغراءات للغرب بأنه البديل القوي القادر على تغيير المعادلة وإحداث حالة من الاستقرار في الأراضي الفلسطينية، طالما فتح الغرب علاقات جديدة مع هذا القطب وحذف اسمه من قائمة المنظمات الإرهابية. أما الموضوع الثاني فهي حدوث حالة تحول بين حركة حماس المقاومة إلى الحركة المنضوية تحت عباءة الرجعية العربية وملوك وأمراء الخليج العربي، خاصة أمير قطر.

فوبيا السلطة التي تعاني منها حركة حماس أصابتها بالعمى تماماً، وجعلها فجأة ودون سابق انذار تخضع تماماً لابتزازات المال القطري، وهنا نتخيل مشهدين يعتبران بالمعنى المعنوي جزء مهم من تفاصيل الأزمة المستعصية التي تعاني منها حركة حماس، المشهد الأول هي قيام الحركة بنزع صورة ضخمة تضم "اسماعيل هنية" والرئيس المصري الأخواني "محمد مرسي" من قلب مدينة غزة وعلى مقربة من مفترق المجلس التشريعي الفلسطيني، واستبدالها بصورة ضخمة أيضاً لخليفة المسلمين الجديد، والمرشد العام للأخوان المسلمين في الخليج العربي " أمير قطر" وتحت هذه الصورة عبارة " شكراً قطراً لقد أوفيتِ وعدك"!!، أما المشهد الثاني في حياة حماس السلطة هي تحوّل الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية – والذي نقدره ونفتخر به -  بكامل عتاده كحرس شرف لحراسة موكب أمير قطر الذي زار قطاع غزة!!!.

كانت حسابات حركة حماس خاطئة بخصوص استثمار فوز حركة الأخوان في مصر بالرئاسة، فسياسة الأخوان التي تعاملت بها قامت على مبدأ الاستفادة من تجربة حماس في الحكم بغزة واستخلاص العبر منها وتجنب سلبياتها، لأنها لا تريد أن تخسر حليف قوي يرسل معونة سنوية تقدر بالمليارات وهو الإدارة الأمريكية، فضلاً عن أنها تريد الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد والعلاقات بين الإسرائيليين والمصريين،  ورسالة الرئيس مرسي لبيرس هي القشة التي قصمت ظهر البعير، ذلك أنها أسست لمرحلة جريئة لعلاقات مباشرة بين دولة الإرهاب الصهيوني، والأخوان المسلمين ربما تكون مباشرة هذه المرة، أظهرت الأخوان أمام الجميع دون رتوش أو مكياج بأنهم في تعاملهم مع اتفاقية كامب ديفيد والعلاقات مع قادة الاحتلال أجرأ من الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، وبذلك تناقضت الأهداف والرؤية والمخططات بين الأخوان وحركة حماس، أدركتها الحركة الإسلامية الفلسطينية متأخرة، فأرادت الانتقام من الأخوان عن طريق الغول القزم القطري الذي رغم علاقته المتميزة بأخوان مصر لديه عقدة  تاريخية من مصر، ويريد دائماً أن يراها ضعيفة.

استقبلت حركة حماس إذن الأمير القطري وعين على جيوبه الممتلئة بمليارات الدولارات والتي من خلالها تريد أن تكسب جولة جديدة ضد أبو مازن، وتعوض خسارتها تحالفها مع إيران وسوريا وحزب الله، وعين أخرى غاضبة على اخوان مصر توجه من خلالها رسالة أنها مستعدة لإنهاء الارتباط التاريخي بين الحركة الفلسطينية والاخوان إن استمر التجاهل للحركة ومشاريعها ومخططاتها.

في هذا المضمون نستطيع الرد بكل هدوء وثقة على اتهامات حركة حماس لفصائل منظمة التحرير خاصة الجبهة الشعبية، بأن مخصصاتها التي تتلقاها من المنظمة تؤثر على مواقفها، بالتساؤل: أليس حركة حماس تتلقى الآن مخصصات مشبوهة من قطر وهو ما حولّ سياستها تماماً من حركة ربانية مقاتلة، إلى حركة سلطوية منزوعة السلاح والقوام؟؟!!! التجربة والتاريخ والمتابعين للأحداث أدركوا أن قطع المخصصات عن الجبهة لا تؤثر على الإطلاق في مواقفها من السلطة، ودائماً ما تكون اجتماعات اللجنة التنفيذية مسرح ندية وإشكالية دائمة للجبهة مع القيادة الفلسطينية المتنفذة.

تعشق قطر المتخمة بجنون العظمة والعمالة للغرب وتتفنن في نزع ملابس حلفائها الذين يستجيبون ويخضعون لسياستها ومواقفها قطعة وراء قطعة حتى تصل بهم إلى التعري الكامل، ومن هنا أخشى على حركة حماس أن يصل بها الأمر إلى هذا المصير، خاصة وأن قطر تطرح الحركة الإسلامية كبديل عن أبو مازن في طريق المفاوضات والتطبيع مع الاحتلال، وحتى الآن لم نرَّ إشارات إيجابية وحاسمة من حماس ترفض ربط العلاقة القطرية بأي ابتزازات من هذا النوع. يجب ألا يكون الأمر ملتبساً لدى حركة حماس، وماشاء الله لديها عقول كبيرة ومقاومة تفكر جيداً ولديها القدرة على توصيف شخصية أمير قطر بشكل دقيق وجيد، إلا أنها للأسف لا تريد أن تصل لهذه الدرجة من التفكير لأنها ببساطة ستخسر نفوذها ومخصصات مالية ضخمة لها، وهي ستخسر نفسها كثيراً، وسنترحم بعدها على حركة حماس، ببساطة شديدة لو كان الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي حياً بيننا الآن ويقود الحركة الإسلامية لكانت وجهة نظره بقطر واضحة لا ريب فيها وهي أنها جزء من المشروع الغربي في المنطقة، وأن من يتعامل معها وضع نفسه في نفس الخندق".

ما برحت صحيفة الرسالة المقربة من حركة حماس في تسخير كل إمكانياتها وطواقمها في إعداد تقارير هزلية ضعيفة وغير مقنعة تهاجم من خلالها الجبهة الشعبية واليسار، وهي في الوقت ذاته لا تمتلك الجرأة على إعداد تقارير تتناول الدور القطري المشبوه، ولا علاقة الأخوان بالاحتلال الصهيوني وانحيازهم لمشروعهم السلطوي في مصر على تحالفهم مع حماس، ولا سلبيات الحكم البوليسي القمعي الذي تسيطر فيه حركة حماس وأجهزتها الأمنية على الناس، هي بذلك ترى الأمور وردية وواحة من الديمقراطية، يبقى لها أن توصف رجال الحركة بأنهم ملائكة نزلوا على شعبنا من السماء وأن فترة حكمهم تشبه فترة حكم عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، وهارون الرشيد!!!.

 

نعترف أن مستوى رد الفصائل الفلسطينية ضعيف أمام الاعتقالات السياسية الممنهجة التي تشنها أجهزة أمن أوسلو في الضفة، ولكن حركة حماس تتحمل إلى جانب الفصائل جزءاً كبيراً من هذا الموضوع، فهي لا تتصدى بالمعنى الحازم لهذه الاعتقالات، وكل مبرراتها في هذا الموضوع خاطئة، كمستوى عملها المقاوم الذي انحسر بشكل كبير في الآونة الأخيرة، سببه ارتباطات حماس بمواقفها السياسية على الأرض وعلاقتها بالحكم وبالتغيرات الجديدة في المشهد العربي. ويبرز هنا موقف الجبهة الواضح -ونستطيع أن نجمع كتيباً كاملاً لهذه المواقف - من التنسيق الأمني والاعتقالات السياسية ونرسلها لحركة حماس حتى تقتنع فعلاً أن انتقاداتها للجبهة يجب أن توجه لها نفسها.

 ومن هنا أشير إلى أن الجبهة الشعبية عممت على جميع كوادرها ومقاتليها في الضفة بعدم الاستجابة لأي أوامر اعتقال من أجهزة أمن أوسلو، التي اضطرت لاختطاف قيادات من الأجهزة العسكرية لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى في نابلس وبيت لحم ورام الله من الشوارع بسبب عجزها عن اعتقال أي كادر من الشعبية، وهذا الأمر نتج عنه أن مكعبات سكنية كاملة في مخيم الدهيشة، ومخيم العين في نابلس، وقرية بيت فوريك وبيرزيت إلخ ضمت ولا زالت عشرات المطلوبين للسلطة من كوادر الشعبية المتهمون بنشاطهم ضد الاحتلال، وقد أثمر الضغط السلطوي والاحتلالي أخيراً في تفكيك 4 خلايا عسكرية للجبهة كانت بصدد تنفيذ عمليات خطف لجنود صهاينة.

صحيفة "يديعوت أحرنوت الصهيونية" أفردت على صدر صفحاتها قبل عدة شهور، خبر اعتقال قيادي مقدسي بارز في الجبهة الشعبية " ناصر أبو خضير" يتزعم خلية خطيرة نفذت سلسلة عمليات ضد الاحتلال، وكانت تخطط لعملية كبيرة ينتج عنها خطف ضابط احتلالي كبير.

أبدى مراسل الصحيفة العسكري في هذا الموضوع مخاوف الكيان الصهيوني  وقادة الجيش من نشاط الجبهة الشعبية العسكري في الضفة، مشيراً أنه بالرغم من اعتقال مئات الكوادر العسكريين المهمين في الجبهة الشعبية في مختلف مناطق الضفة، إلا أن قدرتها على تشكيل خلايا عسكرية وضرب الاحتلال في أي وقت رغم ظروفها الصعبة هي أفضل من قدرة أي فصيل آخر، ولذلك دعا قادة الجيش إلى ضرب كل البنى التحتية للجبهة بما فيها مؤسساتها لكي يستطيعوا مواجهة خطر عملية جريئة ستقدم عليها الجبهة في المستقبل القريب.

إذن، الجبهة الشعبية في الضفة حاضرة وبقوة وهي تعاني كما تعاني حركة حماس، وعلاقتها بالسلطة هي علاقة الند بالند، وأؤكد هنا بأن علاقة قيادات حركة حماس بالسلطة هي علاقة أكثر إيجابية من علاقة الجبهة بهذه السلطة وقيادتها المتنفذة. ومن أجل ذلك سخرت جميع انتقاداتها اللاذع ضد السلطة وتنسيقها الأمني والاعتقالات السياسية التي تشن، رغم إدراكنا أن الفصائل جميعها مقصرة في مواجهة هذه الاعتقالات، لأن الجبهة كان موقفها بتشكيل لجان شعبية تتصدى لهذه الاعتقالات.

وعودة على بدء إلى قطاع غزة المحكوم إدارياً بتهدئة مبرمة مع الاحتلال وحماس، نرى أن حركة حماس في أسابيع التصعيد الماضية استخدمت ضرباتها العسكرية المحدودة ضد الاحتلال بطريقة تكتيكية بحتة وليست كجزء من استراتيجية الحركة التي تميزت بها، استهدفت من خلال هذه الطريقة حفظ ماء الوجه، بعد الانتقادات التي وجهت لها في السابق من إبرامها التهدئة، والمحافظة عليها من خلال تحول الجناح العسكري لحركة حماس إلى قوات لمنع أي عمليات إطلاق صواريخ ضد الاحتلال، وهنا أشير للتذكير فقط أن أعضاء من كتائب عز الدين القسام والأجهزة الأمنية للحركة قد اعتقلوا العديد من كوادر المقاومة الفلسطينية وانهالوا عليهم بالضرب والشتائم ووصلت الأمور في بعض الأحيان إلى وضعهم في دورات المياه!!!

 

جميعنا نكون سعداء عندما تتحد الفصائل الفلسطينية في الميدان، وترد على العدوان بقوة، ونحن نفتخر جداً بقوة كتائب القسام العسكرية، ولكننا بصراحة لم نستطع هضم أو ابتلاع مسارعة الجناح العسكري لحماس لتشكيل غرفة عمليات مشتركة مع سرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين في فترة تصعيد معينة، في حين أنه يرفض أصلاً فكرة تشكيل جبهة مقاومة موحدة بشكل دائم ينتج عنها توحيد كافة الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة في غرفة عمليات مشتركة، وبذلك تتراءى أمامنا أن هدف خطوة القسام ما هي إلا خطوة تكتيكة هدفها كسر تفوق سرايا القدس في الميدان، ورفع الروح المعنوية لدى مقاتليه والتي انخفضت في الآونة الأخيرة نتيجة التحول الاستراتيجي في مواقف وتحالفات حركة حماس، فضرب مناطق محدودة بصواريخ قصيرة المدى أصبح للأسف سياسة حركة حماس ومقدمة لتثبيت تهدئة جديدة بوساطة مصرية، وهذا أمر لا يخفي على الجميع.



 

للأسف حركة حماس أصبحت غابة موحشة مليئة بالتناقضات وبالحفر العديدة، وهي تهاجم يساراً ويميناً لا تريد أن تصدق نفسها أنها تنساق تماماً إلى نفس الظروف التي جعلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية المتنفذة في أوائل التسعينيات إلى الإقدام على خطوة التسوية، وهي نفس الظروف التي تعيشها الحركة الآن إلى الحد الذي جعل المكتب السياسي لحركة حماس يضع صفة البراغماتية بأنها المحدد الأساسي لاختيار مسئول المكتب السياسي الجديد الذي سيخلف خالد مشعل، فالتحولات الكثيرة التي شهدتها الحركة وانفتاحها نحو الغرب تقتضي ذلك.

حماس وهي تتناول فصائل اليسار خاصة الجبهة، وتحاول تشويه مواقفها إذ تنتقد نفسها وهي لا تعرف أن هذه الاتهامات التي تكيلها لها أصبحت برنامج لدى الحركة، فطالما أن موقف الجبهة الشعبية من جميع الموضوعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ثابتاً منذ تأسيسها وحتى اليوم ولم يتأثر بابتزاز قطع المخصصات عليها من المنظمة، إلا أن حركة حماس تأثرت بقطع علاقاتها مع سوريا وإيران وحولّها بشكل طبيعي إلى جزء من منظومة سلطة أبو مازن والرجعية العربية وأحزاب النهضة الإسلامية وأصبحت بدون أدنى شك تحمل نفس مواقفهم، وتتبنى نفس رؤيتهم، وأتحدى حركة حماس أن تأتينا بعكس ذلك.

وأختم هنا بالمادة السادسة والثلاثين لميثاق حركة حماس حتى تتوضح الصورة للحركة نفسها قبل غيرها قبل فوات الأوان، فالمادة تؤكد على أن الحركة وهي تشق طريقها لتؤكد تلو المرة لكل أبناء شعبنا، والشعوب العربية والإسلامية أنها لا تبغي شهرة ذاتية، أو مكسباً مادياً، أو مكانة اجتماعية، وأنها ليست موجهة ضد أحد من أبناء شعبنا لتكون له منافساً أو تسعى لأخذ مكانته، ولا شئ من ذلك على الإطلاق!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

 

( انتهى)

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

جمهورية موزة الإسلامية


أيمن أنور

" نعرف أنه حاكم عربي عميل وأداة في أيدي الصهاينة والأمريكان، ولكن ما يهمنا هو أمواله التي سيغدقها على قطاع غزة وبعدها فليذهب للجحيم" هذه الجملة رددها على مسامعي أكثر من مرة أعضاء في حركة المقاومة الإسلامية " حماس" في تعقيبهم على زيارة أمير قطر وزوجته موزة إلى قطاع غزة.

هذه الجملة تلخص الموقف تماماً من هذه الزيارة السريالية وهو تطور خطير في خطاب وميول ونزعة حركة حماس، فهي إذ تفتح المجال لتأسيس جمهورية موزة الإسلامية في غزة واتساع النفوذ القطري في المنطقة، فإنها تدشن مرحلة جديدة في تاريخ الحركة الإسلامية التي ملأت المشهد الفلسطيني عندما حصدت الأغلبية في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من سلطة ضعيفة منقسمة على ذاتها في الضفة وغزة".

حركة حماس باستقبالها أمير قطر وهو حامل لواء المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة وهذا الشئ لا يختلف عليه اثنان، إذ تعلن بجدارة أزف مشروعها السياسي المقاوم والممانع الذي تم تعطيله أصلاً في السنوات القليلة الماضية، لصالح مشروع السلطة ومشاريع الرجعية العربية الذي يعتبر أمير قطر أحد نواته الرئيسيين في المنطقة، ولذلك لا يمكن على الإطلاق تبرير هذه الزيارة بأنها ستعلن كسر الحصار المفروض على القطاع، فضلاً عن وصفها بأنها لحظات تاريخية ستنقش في تاريخ الشعب الفلسطيني !!!، فالحصار المفروض على القطاع تتحمل مسئوليته عملياً القيادة الرجعية العربية، التي تآمرت ولا زالت على الشعب الفلسطيني وهي كانت الجدار الخلفي للاحتلال في المنطقة، ومن هنا أتساءل عن مغزى وتوقيت الزيارة والتي تعتبر انفراجة للحركة الإسلامية التي خسرت أهم حلفائها ( حزب الله وإيران وسوريا) ، كما هي انفراجة أخرى لأمير قطر التي كشفت الأحداث العربية الراهنة عروبته الزائفة التي تباهى بها للأسف الشيخ اسماعيل هنية في كلمته أثناء استقبال الأمير القطري.

جدلية العلاقة التي تحكم الأخوان المسلمين عامة وحركة حماس خاصة، تحيلنا بالتأكيد إلى تاريخ علاقتهم العضوية بالملوك والسلاطين والأمراء العرب حاملين مفاتيح الاستعمار البريطاني في وجه القومية والوحدة العربية التي كان يسعى إليها الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، وطالما كان يتكرر ذات المشهد خلال السنوات الطويلة التي عاش فيها الأخوان في ظل الأنظمة العربية الفاسدة، وفي دفيئات المشاريع المناهضة للأمة العربية في المنطقة.
لو استعرضنا مآلات هذه الزيارة في ميزان الربح والخسارة، سنجد أن الحركة الإسلامية قد سجلت نقطة تقدم على ضرتها السلطة الفلسطينية وهي لن تدوم أكثر من عدة أشهر، بعدها ستصبح هذه الزيارة وبال عليها، وهنا أنصح حركة حماس بمراجعة نيجاتيف الزيارة، والتصوير بشكل بطئ حتى تدرك حجم المأزق الذي ستقع فيه لاحقاً، وهو نفس الفخ الذي وقعت فيه بعض البلدان العربية التي طبّلت لعراب ما يُسمى بالربيع العربي أمير قطر في مختلف الميادين، وأضحت صورته وعلم وكازيات قطر ضمن النشيد السياسي لهم، وفي الآخر أضحت هذه البلدان جرداء فقيرة وسلمت الأوراق تماماً للأمريكان.

ما يضفي غرابة على هذه الزيارة هو حجم البذخ والمصاريف العالية التي سخرتها حركة حماس وحكومتها لتزيين الشوارع، ورفع صور الأمير القطري وزوجته موزة، ولوحات وجلديات الشكر والمديح له وكأنه فاتح مدينة القدس!!، أليس هذه الاموال من حق فقراء وعمال وكادحي شعبنا الفلسطيني في غزة، والتي تستمر معاناتهم وتتدهور يوماً بعد يوم، خاصة وأننا مقبلون على أعياد؟!!.

العجيب والغريب هو في توصيفات الزيارة التي أطلقها بعض المطبلين والمهللين أمثال الحاقد إبراهيم حمامي المعشش أبداً في رحم بريطانيا العظمى والذي يسوق الاتهامات هنا وهناك ويحاكم كل من يرفض هذه الزيارة بأنه خارج عن الصف الوطني. أنصح هذا الحمامي أن يذهب للمرآة حتى يرى فظاظة أمير قطر ووجهه الكريه في شخصه نفسه، فمن يبيع كرامته ونفسه ومواقفه ويبرر سياسات خاطئة لحماس، ويتهم الآخر بأنه جزء من السلطة لأنه فقط معارض لحماس، لا يمكن أن يكون رجل عاقل، وهنا أسأل الحمامي ومن على شاكلته ما هو موقفكم من القواعد الأمريكية في قطر، والدور القطري القذر لتقسيم الأمة العربية؟، والعلاقات القطرية مع الاحتلال الصهيوني؟!!، وفتاوي القرضاوي في خدمتهم، ناهيك عن آلاف الدولارات التي تتقاضونها من فضائيات العار نظير نعيقكم المتواصل أليس كذلك؟.

وأخيراً، تذكرني هذه الزيارة بزيارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون إلى قطاع غزة في أواخر عام 1998، وهي الزيارة التي جاءت تزامناً مع انعقاد المجلس الوطني والتي تم فيها إلغاء بعض البنود من الميثاق الوطني الفلسطيني الداعية لتدمير دولة الارهاب الصهيوني، نفس الظروف والاستنفار الأمني والاستقبال والتهليل والتطبيل وحتى التنازل تتكرر في هذا الزيارة. وهنا تنتابني غصة وأنا أرى الجناح العسكري لحركة حماس الذي نتباهى به جميعاً، وقد تحول لحرس شرف في استقبال أمير قطر وموزته، كما وتزداد الغصة ألماً وحرقة عندما يقدر الشيخ اسماعيل هنية ثمن غزة وأهلها بـ400 مليون دولار فقط في البشرى التي وعد بها!!!! . باختصار شعبنا علم الجميع أنه لا يتم ابتزازه مهما كان حجم المال السياسي.
في الختام أؤكد أن حركة حماس ليست بخير وستكسر هذه الزيارة حاجز الصوت بين تيارين يتصارعان داخل الحركة تيار المقاومة والممانعة، وتيار رمى بندقيته في حضن وخدمة الرجعية العربية في المنطقة،  وهنا أنصحها بأن تلحق نفسها قبل ان يجرفها تيار أفعالها القاتل.

( انتهى)

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

وأمريكا إذ تشهد فصلاً هوليودياً حزيناً



أيمن أنور
لا أخفي إعجابي بالسينما الأمريكية أو هو نوع محدد من الأفلام التاريخية، والعصابات، والخيالية لا الرومانسية التي تتميز السينما الفرنسية عنها، وأعترف أن إقبالي على مشاهدة الأفلام الأمريكية عادة سلبية وإدمان مؤسف لم أستطع معالجة نفسي من تبعاته باستخدام جميع مضادات العدوى، أو مهدءات الحقد على الغطرسة الأمريكية والامبريالية العالمية. ذالك أن السبب الأهم في هذا الشغف بهوليود أننا دائماً نشهد في مقطع الفيلم الأخير فصلاً مأساوياً ومؤلماً لأمريكا، تارة على هيئة تدمير أمريكا، أو احتلالها وتعرضها للغزو الفضائي، أو إعلان إفلاسها، أو مقتل رئيسها، أو  انتشار العدوى والأمراض والوحوش فيها، أو غرقها ...إلخ.
فلم تترك هوليود أمريكا ظاهرة أو أسطورة أو خيال إلا واستغلته، وأبرزها مشهد معمل الأبحاث الهادئ الموجود في بقعة بعيدة عن الكثافة السكانية، وينشغل داخله عالم أمريكي يمتلك نصف عقل ونظارة سميكة، تراوده فكرة صناعة سلاح بيولوجي فتاك، مستخدماً حيوانات صغيرة في صنع هذا السلاح، وإذ فجأة ينتشر الدخان، وينقلب السحر على الساحر، ونتيجة خطأ ما في معادلة كيمائية، يتم إنتاج وحش حقيقي قاتل، مخيف وبشع الوجه. ولا يمكننا بالطبع تخيل مجرى الأحداث المرعب في هذا الفيلم، وتفاصيله وفذلكته التي يندمج المشاهد فيها حتى يتصور أنه يتعرض لعضةٍ ما أو مطاردة الوحش له في شوارع وطرقات نيويورك أو غابات كاليفورنيا... ولو تابعنا تاريخ الأفلام الأمريكية سنجد عشرات الأفلام التي تتشابه تفاصيلها بذلك الوحش الذي يقترب رويداً رويداً ليزكم أنف أمريكا بالتراب ويدمر أجزاء من الأبراج العالية، ويجعلها ترسل أفضل مقاتليها ومخابراتها وجميلاتها لقتل هذا الوحش، وأشهر هذه الأفلام هو فيلم " Man's Best Friend" والذي أنُتج عام 1993، بطولة " ally sheedy"، والذي يدور حول شركة أبحاث طبية يديرها عالم مجنون يقوم بتحويل كلب رودفايلر إلى كائن فائق القدرات، يستطيع التخفي مثل الحرباء، يركض بسرعة الشيتا، له قوة الأسد، يتسلق الشجر كالقرود، مخالبه ذات جراب كالقطط..

وها هي أمريكا تحصد ثمار أفلامها التي تخوضها على الطبيعة، وتضحك بها على العالم، خاصة على شعوبنا العربية، وتتذوق في نهايتها ميتة مؤلمة ومأساوية للبطل الأمريكي، الذي يحارب كل العالم من أجل الدفاع عن مبررات استعمار وسيطرة أمريكا على العالم!!!، فها هو البطل رامبو وفان دام وسوبرمان يموت موتة حقيرة من سلاح أو لعبة أمريكية.

 

رأينا ذلك في فيلم الحادي عشر من أيلول، وتدمير البرجين في مشهد هوليودي هز العالم والذي سقط ضحيته الآلاف من المواطنين الأمريكيين، ودشن هذا الحادث معاودة أفلام الحرية الأمريكية باستهداف الشرق الأوسط وقتلت مئات الآلاف من أجل نشر الديمقراطية الأمريكية!!.

أمريكا إذن تصنع عرائسها، وأبطالها، كتميمة تجارية خاصة بها، كوالت ديزني، وميكي ماوس، وبن لادن من أجل تثبيت عقدة سامة وذنب بداخلها، وهي الحفاظ على التعاليم الأمريكية القاتلة والمجرمة وبسطها على العالم.

فلا غرابة أن تصنع أمريكا دمى القاعدة وطالبان، وتحركهم كما تشاء في مسرح أفغانستان، من أجل القتال ضد ألد أعداءها الروس، ولا مشكلة لها إن نقلت خيوط هذه الدمى إلى مسرح آخر، ولكن داخل نيويورك وواشنطن نفسها لقتل آلاف الأمريكان، حتى تبدأ الحرب البروستانتية – التلمودية الأمريكية المقدسة، ضد العراق المسكين.

ومن أجل خلق انقسام عربي وسايكس بيكو جديد تنقل العرائس للمنطقة العربية، من أجل أن تخوض حروباً باسم الدين الإسلامي، مستخدمة اذرع الأخوان، والسلفيين، والقاعدة، لنشر مبادئ الظلام والفكر الوهابي، والتخلف، حتى تبسط أمريكا يدها على كنوز الشرق.

وإذ أمريكا كعادتها لا تتعلم من التاريخ، ومن دروس أفلامها الهوليودية، فتقع دائماً فريسة لفأر تجاربها وحيوانها الذي أطلقته لتنفيذ أهدافها، فها هي تصحو مصدومة على قيام مجموعة من الدمى التي صنعتها، بقتل سفيرها في بني غازي، التي كانوا يوعدون شعبها بحياة ألف ليلة وليلة، والتي اصبحت بقدرة أمريكا وألعابها حياة ألف نيلة ونيلة... وهم نفس الدمى الذين يقتلون الشعب السوري.

أمريكا لا تريد أن تستخلص الدروس والعبر، ومصرة دائماً أن تذوق مشهداً مأساوياً مؤلماً ومميتاً في خططها الاستعمارية، جربته في فيتنام، والصومال، وأفغانستان، والعراق ولبنان من المقاومة الشريفة هناك، وبلعته رغماً عنها من العصابات والدمى التي اخترعتها، وهذا الصراع بالتأكيد يعتبر بشكل طبيعي الحد الفاصل بين سوريا الحضارة والتاريخ، وسوريا الظلام والتخلف التي تسعى ويسعى أمراء القتل والرجعية لإيقاعها بها.

وهي في النهاية، ستعيش قريباً فيلماً يشهد اندثارها كقوة قطب رئيسية في العالم، وسيتهاوى حلفائها وأتباعها وسنييها في المنطقة واحدا تلو الواحد، والمفاجأة هنا أن هوليود هذه المرة ستقف متفرجة، ولن تقوم بإخراج هذا الفيلم، لأن الفيلم سيكون حقيقياً، ومأساوياً لأمريكا، وحادثة مقتل السفير الأمريكي في بني غازي ستتكرر كثيراً، ولكن لن تكون بأيدي الدمى والعرائس وانقلاب السحر على الساحر، بل بأيدي الشعوب العربية التي ستدرك المؤامرة وستصل للحقيقة.

 


الخميس، 6 سبتمبر 2012

صحيفة "الرسالة" وخطابها الإعلامي المتهالك



أيمن أنور

لم تفاجئنا صحيفة الرسالة النصف أسبوعية التابعة لحزب الخلاص الوطني الإسلامي في عددها الصادر الخميس، والتي كعادتها عرضت مسرحية هزلية مملة حملته بين ثنايا صفحاتها من تهجم رخيص ومبتذل، استهدفت من خلاله التطاول على اليسار الفلسطيني ودرة تاجه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في اسطوانة متكررة رغبة منها في الاصطياد بالمياه العكرة، من أجل رغبة دفينة في تشويه المعارضين لسياسة حركة حماس أمام المواطنين، واستباق أي محاولة للجبهة قيادة الشارع للاحتجاج على سياسات حماس في الشارع.

وبطريقة صحفية ركيكة تصدّر خبر " اليسار وأزمة المشروع الوطني، صدر الصفحة الأولى للصحيفة، وفي الصفحة الثانية تقرير آخر بعنوان " حفاظاً على المصالح.. اليسار الفلسطيني.. قدم في السلطة وأخرى في المعارضة"، وتقرير ثالث في الصفحة ذاتها بعنوان " اليسار الفلسطيني.. جسد بلا روح"، وفي الصفحة الثالثة تقرير ثالث بعنوان " اليسار تلعب على حبال الانقسام" ، وتكتمل فصول المسرحية بتقرير بعنوان " قوى اليسار بعد الربيع العربي... إلى أين!".

لو طلبنا من صحافي قدير تحليل مضمون التقارير الأربعة التي رصتها الصحيفة رصاً وراء بعضها، لأعطى الصحافيين ومدراء التحرير الذين قاموا بإعداد هذه التقارير، صفر كبير. لأن  عالم الصحافة الحديث والقدرة على التأثير في الناس يشترط الابتعاد عن العناوين الرنانة والصفراء والمستفزة في التقارير العادية، فضلاً عن الرفض المطلق للتحريف في الأقوال.

ورغم أن عرض هذه التقارير بهذه الطريقة بالذات لا تستحق الرد في ظل سياسة التحريف وعدم المصداقية وتحويل بعض العبارات لبعض المحللين السياسيين والقيادات السياسية في هذه التقارير في غير مكانها، والتي امتزجت ببعض العيوب المعروفة لليسار الفلسطيني، ولذلك فإن إثارة هذا الموضوع جاءت رغبة للتساؤل عن مغزى توقيت نشر هذه المسرحية، وتوجيه رسائل عدة من أهمها إن كانت صحيفة الرسالة - التي أسستها قيادات حمائم من حركة حماس تطبيعاً مع ياسر عرفات وأوسلو سلطة رقابية مشروعة، تحاكم الناس، أم أنها آلة للدعاية الرخيصة الكاذبة؟!!.
تثير الصحيفة سلبيات اليسار وتفصلها عن إيجابياتها وتحاول شيطنتها، ولكن الخطأ الكبير الذي وقعت به هو جمعها قوى اليسار في سلة واحدة. ولو تابعنا آخر الأعداد التي تثير موضوع اليسار، سنجد أن الصحيفة تستهدف في توقيت معين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالذات تحت مسمى " أزمة اليسار"، فهي تريد استباق الأمور، وتشويه مواقف الجبهة التي تصاعدت ضد سياسات حركة حماس في غزة، وفتح في الضفة.
الشئ المضحك في الموضوع والمفجع في آن واحد هو أن الصحيفة استثمرت كل مراسليها وصحافييها من أجل إعداد تلك التقارير، واستفادت من تجربة بعض هؤلاء الصحافيين أثناء وجودهم كأعضاء في الجبهة للهجوم على اليسار، وهذه إيجابية تُحسب للجبهة، فهي الولاّدة دائماً، وهي الوحيدة القادرة على تقبل  النقد، وجلد الذات، والاستفادة من أخطائها التي لا تنكرها، وتثيرها في العلن.

لن أبتعد كثيراً عن جو النصوص الهزلية التي نشرتها الصحيفة، وسأتحدى جميع المحررين داخل الصحيفة، وعلى رأسهم المحرر المسئول " وسام عفيفة" في مضمون الموضوع بالسياسة البحتة، بعيداً عن الفذلكة والجهل بطبيعة اليسار والتي جاءت في الصحيفة، والتي توضحّت فيها الأمور بأن الصحيفة تشن هجوم على الجبهة الشعبية بالذات لتحركاتها الأخيرة في الساحة الفلسطينية.

لو أننا نواكب الحداثة وسرعة التغيرات المتلاحقة في المشهد العالمي، لكنا ابتعدنا عن إثارة موضوع " ضعف اليسار نتيجة انهيار المنظومة الاشتراكية والشيوعية"، رغم أن هذا سبباً رئيسياً في تراجع دور اليسار، خصوصاً في الساحة الفلسطينية، وهو سبب لا تنفيه قوى اليسار وعلى رأسها الجبهة الشعبية، ومن قرأ أدبياتها في المؤتمر السادس، وفي منشوراتها الثقافية والسياسة لأدرك أن الجبهة هي أكثر فصيل فهم حقيقة الواقع جيداً، وهي تعمل على علاجه من باب أن تجربة قوى اليسار واندماجها في الثورة الفلسطينية وفي حركة المقاومة العالمية، وفي نداءها من أجل توحد القوى على الصعيد العربي، هي عامل انطلاق اليسار من جديد وهي تحاول، معتمدة على أهمية استعادة البناء العضوي الذاتي للعضو الجبهاوي، واستثمارها في عودة الروح الجبهاوية واليسارية من جديد، والتي حاولت أوسلو التأثير عليها، ونعترف أنها حاولت محاصرة العضو الجبهاوي داخل بوتقة السلطة ومشروع أوسلو، ومحاصرته مادياً ومعنوياً، وهو بالتأكيد كان عامل تأثير سلبي تقاطعت مع حملة صهيونية مسعورة في بداية التسعينيات وحتى الآن لاستهداف العناصر المؤثرة في الجبهة الشعبية،  ولكن هذا التأثير ليس كبير على استمرار الجبهة بمواقفها المبدئية خاصة موقفها الرافض لأوسلو والمندد بسياسة السلطة السياسية والاقتصادية في العشرين سنة الماضية، ولكن اللافت وهو المهم أنه رغم انحسار دور اليسار الفلسطيني، إلا أنه ظل محافظاً على مواقفه بالحد الأدنى لم تستطع التغيرات في المنطقة أن تحرف مواقفه، وتبدّل جلده كما بدلها الإسلام السياسي.
لو كانت صحيفة الرسالة الناطقة من وراء الزاوية باسم حركة حماس حرفية ومهنية، لأثارت الموضوع المهم والأبرز والذي يهتم به الجميع وهو " هل جاءت مرحلة أزف مشروع الإسلام السياسي في المنطقة!!"، على اعتبار أن فرحة ما يسمى بالربيع العربي وصعود تيار الإسلام السياسي في أكثر من بلد عربية ما هو إلا جزء من المشروع الأمريكي في المنطقة، ولذلك يجب ألا ينكر المنظرين الإسلاميين حقيقة أن الإسلام السياسي وعلى رأسه الأخوان المسلمين، هو أداة بيد الولايات المتحدة والرجعية العربية و"إسرائيل" من أجل خلق سايكس بيكو جديدة، وقتل أي محاولات للوحدة العربية. ومن هنا آمل من محرري صحيفة الرسالة من أكبر موظف لأصغر موظف أن يقرأ جيداً تجربة القاعدة وما يسمى المجاهدين في أفغانستان، ففي الوقت الذي كان شعبنا الفلسطيني يأمل بأن يجتاح المجاهدين العرب الأراضي الفلسطينية ويحرروها من دنس الصهاينة، كانوا ينفذون للأسف أجندة أمريكية في أفغانستان لمقارعة السوفيت هناك. ومن طلائع المجاهدين خُلقت القاعدة، والسلفية الجهادية، وأفكار الوهابية المجرمة، وهذا لا تثيره صحيفة الرسالة للأسف.

أليست هذه التجربة تستحق الاهتمام من حضرة سيادتكم؟!!، وهل هناك رجل عاقل عندكم لا يربط ما يجري في المنطقة بالمشروع الصهيوني الأمريكي الخليجي ؟. ولكن على العموم ما يُسمى مشروع النهضة الإسلامي قد بدأ يظهر رويداً رويداً، وقد اكتشفه منذ شهور الشعب التونسي، وهو ما زال يعاني من تبعاته إرهاباً وتخويفاً ونشر الفكر القاعدي.

ماذا نفهم عندما يتضمن هجومكم على اليسار تصريحات لمحلل سياسي خريج من جامعات بريطانيا يستخدم عبارات " عهر سياسي" في وصفه لمنافسيه، أليس هذا الفشل بعينه؟!! ودليل على ضعف الإنتاج الفكري لهذا المحلل، والذي يتبع أهوائه العاطفية على عقليته السياسية!!.

ضُج المشهد الحمساوي بخلافات شديدة ظهرت على السطح، وهي كانت سبباً رئيسياً في تغيير وزاري مفاجئ لحكومة هنية، وعلى حسب تصريحات لقيادات من حركة حماس تبين أن الموضوع له علاقة بملفات فساد لبعض الوزراء، وهنا لم نجد في صحيفة الرسالة العظيمة أي تحليل صادق وجرئ عن هذه الملفات. فالبيت الحمساوي محصن من النقد، ويمكن بساعة وضحاها أن تخرجوا فتوى بتحريم النقد داخل البيت الحمساوي، أما شن الأكاذيب على المنافسين لكم فهو حلال شرعاً!!!.

تعودنا على صحف حركة حماس، ومواقع الجزيرة وفضائيتها، أن تستخدم الدكتور المتحّول عبد الستار قاسم كأريكة دائمة، في موضوعات تنتقد فصائل اليسار، وهي عادة أصبحت مكشوفة ومملة من الدكتور قاسم الذي يتغنى في هذه  الآونة بمشروع موزة النهضوي، وأنا هنا أريد أن أوضح للدكتور قاسم في هذا الموضوع بالذات، من باب الجبهة الشعبية التي انتمي لها. هل تعرف يا دكتور قاسم أن الجبهة وشبابها وقيادتها تقود الهبة الشعبية ضد سلطة أوسلو في الضفة؟، وهي سبق أن قادت فعاليات التضامن مع إضراب الأسرى الأخير والذي مهد له رفاقنا الأسرى داخل سجون الاحتلال من خلال إضراب لم يشارك به أي فصيل وتُركت الجبهة تخوضه لوحدها؟!.

أنا متأكد يا دكتور عبد الستار أن تسريبات اجتماعات اللجنة التنفيذية تصلك باستمرار، وتعرف جيداً ما هو موقف الجبهة الشعبية من المشهد السياسي الراهن، وهي بدون مواربة تعبر عنه بقوة داخل هذه الاجتماعات، وهي تشكل الفصيل المناهض تماماً لسياسات عباس سواء المفاوضات، أو التنسيق الأمني، أو ممارسات أجهزته الأمنية. هل تابعت ما سربته وسائل الإعلام أخيراً بأن الرئيس أبو مازن غاضب جداً من تصريحات الجبهة الأخيرة والمنتقدة لسياسته، وتهديده للجبهة بأنه سيقوم بتنفيذ حملة اعتقالات بنفسه في صفوف أعضائها إن استمرت في محاولاتها في قيادة الهبة الشعبية على حواجز الاحتلال، والمستعمرات الصهيونية!! هناك أنباء قوية تشير إلى قطع الرئيس أبو مازن مخصصات الجبهة التي تحصل عليها من منظمة التحرير كاستحقاق نضالي شرعي لها. هل تشعر يا دكتور أن مواقف الجبهة يشوبها السلبية، أم مواقفك أنت؟!!. هل تتابع وسائل الإعلام الصهيونية، والتي أعربت عن خشيتها من تنامي نشاط الجبهة الشعبية العسكري، والذي عبرت عنه باعتقالها أكثر من أربع خلايا كانت تحاول اختطاف جنود ومستوطنين ومبادلتهم بأسرى، هل لديك معرفة عن حجم وطبيعة حملة الاعتقالات الممنهجة التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق كادرات وكوادر الجبهة!!. هل شاركت في مواجهات مباشرة مع الاحتلال في بيت لحم، ورأيت رفاق الجبهة الشعبية الأشبال في الدهيشة!!.

شئتم أم أبيتم فالجبهة الشعبية هي تاج اليسار، وهي تحاول استخلاص العبر من تجربتها، وهي الفصيل الوحيد الذي ينشر أخطاءه على الملأ، وإن كنتم تعتبرون أنفسكم ضحية من ضحايا أوسلو ، فإن الجبهة هي التي تعرضت لمؤامرات من سلطة أوسلو، واختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات دليل على ذلك، ولكن الاختلاف بيننا وبينكم أن سلاحنا سيظل موجهاً نحو الاحتلال فقط، هي ثابت أساسي من عقيدتنا التي لا تتزحزح أبداً، ولذلك عندما نجري لحظة تقييم للمواقف السياسية في هذه اللحظة، نجد حزب الجبهة الشعبية الفصيل الواضح الذي يعرف العدو قبل  الصديق طبيعة تحالفاته السياسية، وهو الذي حذر مراراً وتكراراً من الوقوع في شرك الرجعية العربية، والانغماس في حضنها. ولذلك عندما ننتصر لعقلنا ونحترمه ونجري لحظة تقييم لموقف حركة حماس في الآونة الأخيرة، سنجد أن الحركة تحولت بقدرة كرسي السلطة إلى جزء من الرجعية العربية، وداست على مشروعها المقاوم والاجتماعي، وأصبحنا لا نفرق الآن بين موقفها من الأحداث العربية، وبين موقف قطر مثلاً والتي تستلهم مواقفها من القواعد الأمريكية في منطقة الخليج.

فجأة عادت حماس إلى عباءة الأخوان، وتخلت عن جزء مهم من مرجعيتها السياسية " وهي الدور الأمريكي في خدمة المشروع الصهيوني، وأنه لهزيمة المشروع الصهيوني في المنطقة، ينبغي مواجهة الدور الأمريكي"، فجأة تحاول حماس إظهار نفسها بثوب معتدل وتقترب من أمريكا، وتنغمس في وحل مشروع التقسيم الجاري على قدم وساق في المنطقة، معتمدة على تقارب الأخوان المسلمين مع أمريكا لحظة تولي محمد مرسي الحكم.

لماذا لا تريد الرسالة أن تتطور وتنشر هكذا أمور وأحداث واقعة، على الأقل بدلاً من أن تشن هجوم على اليسار والجبهة الشعبية، كانت يجب أن تثير المخاوف للقاعدة الحمساوية، من أن لحظة أزف المشروع الإسلامي المقاوم في الأراضي الفلسطيني يقترب باستمرار التصاق سلطة حماس بالكرسي. يجب أن تتساءل المجلة عن أسباب تراجع التأييد الغربي من المتضامنين مع حركة حماس، أليس برنامجها السياسي الذي أخشى أن يقترب بسرعة من برنامج ياسر عبدربه!! قائم على ( هدنة طويلة الأمد.. علاقات مع أمريكا والغرب... وتقاسم دور السلطة)؟!.

من الآن ومن باب القارئ جيداً للمشهد الفلسطيني الحالي، على حركة حماس أن تسعى لإستعادة مشروعها المقاوم والاجتماعي والاقتصادي المعبر عن تطلعات الشارع، وليست حالات الاغتناء والسمسرة ولعب دور الواعظ. فإن كان نقدكم لأحزاب اليسار على دورها في السلطة، فماذا عن اصراركم على خوض غمار قيادتكم جزء من هذه السلطة المتهاوية طالما أنكم تتهمون اليسار بالانغماس بالسلطة!!.
في الختام، وبصفة الناصح الأمين الذي يتقبل النقد برحابة صدر، أدعو جميع الصحافيين في صحيفة الرسالة من أصغر صحفي لمدير التحرير، إلى الالتحاق في مدرسة الشهيد غسان كنفاني، حتى تتعلم فن التهذيب الصحفي، وطبيعة مخاطبة الآخرين، وصياغة التقارير الهادفة. ليس غرور منا ولكن لأن المعلومة الصحيحة ملك للشارع، يجب أن نسعى لها لا أن نحرفها من أجل طابع حزبي ضيق.








الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

الهبة الشعبية ضد الغلاء... إسقاط الرأس ومن ثم الذيل





مما لا شك فيه أن الهبة الشعبية التي انطلقت في الضفة الفلسطينية المحتلة، ضد الغلاء وسياسة الإمعان في فرض الضرائب والرسوم لها مدلولات إيجابية قد تتطور لاحقاً إلى انتفاضة شعبية عارمة ضد الواقع الاجتماعي والاقتصادي، الذي أدى إلى إفقار المواطنين ووقوعهم فريسة للاستغلال وللفساد المالي والاقتصادي الناجم عن اتفاقية باريس المذلة التي وقعتها السلطة بتاريخ عام 1994 و سياساتها الاقتصادية التي اتبعتها ارتباطاً بهذه الاتفاقية.


وحتى تكون شعاراتنا وأهدافنا واضحة من هذه الهبة الشعبية وتحقق الحد الأدنى من  مطالب الأغلبية المسحوقة من أبناء شعبنا، يجب ألا نقع في شرك رغبة حركة فتح الملحة في رحيل سلام فياض نتيجة خلافات خاصة بين فتح والحكومة الفلسطينية، نتيجة محاولات فياض المتكررة لتقليص نفوذ الحركة داخل الحكومة، ولذلك فإن توجيه الهبة الجماهيرية نحو " إسقاط الرأس " هو الحل الأمثل لهكذا هبة جماهيرية، لأن سلام فياض مجرد موظف صغير في البنك الدولي، وصغير في تراتبية السلطة المسئولة عن هكذا وضع اقتصادي.

منذ دخول سلطة الحكم الذاتي الهزيلة الأراضي الفلسطينية تحت مسمى " اتفاقية أوسلو المشئومة" وتوقيعها اتفاقية باريس المذلة عام 1994، والاقتصاد الفلسطيني يعاني من تبعات سيطرة وتحكم الاحتلال بالوضع الاقتصادي، ولذلك فإن شعار " رحيل سلام فياض" فقط كحل لأزمة الغلاء الراهنة حل ليس عملي، ويلبي مطالب حركة فتح أصلاً رغم أنها سبب المشكلة الأساسي للأزمة الاقتصادية والاجتماعية. ولذلك فإن شعار إسقاط سلام فياض من حكومة رام الله ليس حلاً سحرياً طالما أن رحيله في حال استجابت السلطة لذلك، لن يغير شيئاً طالما استمرت السياسات الاقتصادية القائمة على اتفاقية باريس المذلة، وتحكم الاحتلال في الاقتصاد الفلسطيني، فضلاً  تحكم قطاعات فاسدة من السلطة، ورجال أعمال وكمبرادورات رأس المال في الوضع الاقتصادي الفلسطيني بمساعدة وتعاون الاحتلال.


إسقاط الرأس هو الشعار الرسمي الذي يجب أن يميز الحراك الشعبي ضد السياسات الاقتصادية الراهنة، وهو شعار يجب أن يحاسب السلطة الحالية وعلى رأسها رئيسها محمود عباس، وقبلها الحكومات والوزراء السابقين، على ما اقترفته من سياسات اقتصادية مشبوهة، وعلى رأسها تفاهمات بين قيادات في الأجهزة الأمنية مثل محمد دحلان مع الاحتلال على تسيير العلاقة الاقتصادية بين الفلسطينيين والاحتلال على مبدأ ضمان تدخل الاحتلال في العديد من القرارات الاقتصادية، وتحديد كمية ونوعية ومواصفات السلع المسموح استيرادها وحتى أماكن استيرادها!!.

دولة الاحتلال ومعها قيادات الأجهزة الأمنية الفلسطينية ورجال الأعمال المرتبطين بالسلطة سلبت من المستهلك المحلي الفلسطينية حقوقه وسرقت أموال التاجر الوطني ونافسته في أرباحه وفي رزقه، فزادت معدلات الجمارك بنسب ضخمة عن قيمتها الشرائية، مما تسبب في حدوث حالة ارتفاع دائمة في الاسعار، خاصة بعد التزام الجانب الفلسطيني في اتفاقية باريس بفرض ضريبة القيمة المضافة على السلع المستوردة بنسبة لا تقل عن النسبة المعمول بها عند الجانب الصهيوني، وهو الأمر الذي حرم الاقتصاد والمستهلك الفلسطيني من تخفيض أسعار السلع الضرورية، وبالتالي أثر على الصناعة الفلسطينية وإمكانية دعمها وتشجيعها.

حجم الاستثمارات الهائلة لقيادات السلطة مع الاحتلال التي تجريها في السر والعلن أدت إلى تفشي حالة الثراء لدى هذه القيادات، وظهور طبقة غنية مرتبطة عضوياً بالاحتلال وسياساته، وخلقت تعاوناً مباشراً وغير مباشر مع الاحتلال في التحكم بمصير وحياة الشعب الفلسطيني، فشركة باديكو القابضة واحدة من الشركات التي سرقت أموال الشعب الفلسطيني في وضح النهار وبعلم السلطة التي لديها استثمارات كبيرة في هذه الشركة، وهناك شركات أخرى مثل جوال والاتصالات لعبت دوراً هاماً في تفشي الفساد في الساحة الفلسطينية.

وبالعودة لأزمة المحروقات القديمة الجديدة والتي ترتبط دائماً بالازمة الداخلية للاحتلال، فإن السلطة الفلسطينية ملتزمة حتى الآن بما تضمنته اتفاقية باريس من إجبار الفلسطينيين على استيراد المحروقات للمستهلكين بأقل 15% عن السعر الرسمي داخل دولة الاحتلال وذلك نتيجة توجس الاحتلال من شراء المستهلكين الصهاينة شراء المحروقات من أراضي الحكم الذاتي. ولذلك نجد أن السلطة الفلسطينية تدعم اقتصاد دولة الاحتلال، وتقرر زيادة أسعار لتر المحروقات لمستوى قياسي للتغلب على ارتفاع الأسعار داخل دولة الاحتلال، وهذا بحد ذاته جريمة لا تغتفر.
إن إسقاط السلطة الفلسطينية، ورحيل رئيسها " محمود رضا عباس" وحكومتها، هو المطلب الشرعي والشعار الرئيسي  الذي يجب أن يميز الهبة الشعبية الحاصلة في الضفة الفلسطينية، ومن ثم يصبح مطلب رحيل الموظف الصغير سلام فياض واقعياً. فلا يجب التعاطي مع أي محاولات للرئيس عباس للتخفيف من وطأة الغضب الشعبي، يجب عليهم ألا يقبلوا أن يكون سلام فياض وحده كبش فداء لهذا الموضوع، بل رأس السلطة وقياداتها وسياساتها.

الجمعة، 24 أغسطس 2012

إلى أين تأخذنا أمواج السلطة الرابعة الفاسدة!!!




أيمن أنور

إذا كانت الصحافة ( السلطة الرابعة) تلعب دوراً مؤثراً ومحورياً في توجيه الرأي العام، وكشف الحقيقة، وإثارة القضايا المجتمعية التي يعاني منها الناس، وإضفاء رقابة دائمة على السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، فإن معظمها في فلسطين يلعب دوراً هداماً رئيسياً في التطبيع مع الاحتلال والاندماج في مشروعه الاحتلالي الكولونيالي، وخلق حالة من التطويع، وإشاعة مناخ السلم الودي بينه وبين الشعب الفلسطيني، ونزع وجهه الشيطاني البغيض، وتجميله ليلبس قناع الملائكة.
حالة من الذهول والغضب انتشرت بين جموع أبناء شعبنا الفلسطيني والأصدقاء المتضامنين معه، جراء ما عرضته وسائل إعلام محلية فلسطينية، وعربية، ودولية واستغلته وسائل إعلام العدو، حول " اجتياح الفلسطينيين لشواطئ تل أبيب، ويافا""، وهو الذي أثار موجة حادة من النقاشات والاختلافات في الرأي حول هذا الموضوع، ولكنهم اتفقوا على حقيقة هامة وهي أن جزء من الإعلام المحلي الفلسطيني خاصة الالكتروني والذي تقوده وكالة معاً ووكالات السلطة الفلسطينية الرسمية، تشكل ربحاً صافياً للاحتلال، ووسيلة لتمرير سياساته الخبيثة على أبناء شعبنا، وإظهاره بثوب العفاف والأخلاق النبيلة أمام العالم أجمع.

دعونا نحلل بالتفصيل نتائج هذا الخبر، الذي نشرته وكالة معاً كخبر حصري لها ومن ثم انتشر بقدرة قادر مفتعلة على جميع وسائل الاعلام، مدعوم بصور خاصة من مراسل معاً وغيرها كان على أرض الواقع هناك على شواطئ فلسطين المحتلة عام 1948، فضلاً عن تصريحات لوكالات أنباء دولية كالفرنسية طعمّت فيها هذا الخبر، وسممت أجواء المشهد الفلسطيني، حيث قامت وكالات أنباء محلية صفراء ورسمية فلسطينية بالتباهي بهذا الخبر، وإعطاءه قدراً رئيسياً من الأهمية، بل وتحويل ما يسمى " الاجتياح الفلسطيني بأنه تحرير من الاحتلال الصهيوني"!!.

عبّرت متضامنة أجنبية عن صدمتها من نشر هذا الخبر، وبهذه الصورة المبتذلة، وازدادت صدمتها من حجم التغطية الهائلة لوسائل الإعلام العالمية لهذا الخبر، والذي تصدر الصفحات الالكترونية الدولية، متقدماً على أخبار سوريا، والشرق الأوسط، وأجواء الحرب الباردة الخفية بين الأقطاب الرئيسية في العالم، مشيرة أن نشر هذا الخبر في هذا التوقيت بالذات، أضر بشكل كبير بالقضية الفلسطينية، وبنظرة العالم إلى شعبنا الفلسطيني جراء ما يتعرض له من عدوان سافر وهمجي مستمر من قبل الاحتلال الصهيوني، وبشكل طبيعي يعطي ملائكية للاحتلال من هذه الخطوة التي أقدم عليها، ويشكل ضربة لكل حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني في داخل وخارج فلسطين، والتي تنشط في توثيق ممارسات الاحتلال، وحشد العالم كله خلف الشعب الفلسطيني.

دعونا نتحدث بصراحة، عن الثالوث الإعلامي المتورط في هذه الفضيحة ( إعلام العدو، إعلام السلطة، إعلام وكالات محلية أبرزها وكالة معاً)، والذي مهد الطريق لهذا الخبر بنشر رسائل التهاني المتبادلة بين قيادات السلطة وقادة العدو ( عباس – موفاز) ( عريقات – بيرس)، وطلب الاحتلال صراحة من السلطة العودة للمفاوضات، وهو لم ترد عليه السلطة بشكل مباشر، مما يدل على أن هناك إجابة خلف الستارة، بالموافقة على عودة المفاوضات بعد العيد، بعد أن تتحقق بعض الأجواء الإيجابية بهذا الخصوص، وما طلب الإدارة الأمريكية من الكونجرس الإفراج عن مائتين مليون دولار أمريكي للسلطة يصب في هذا الاتجاه.

اختفت التغطيات الرئيسية والمركزة حول الممارسات الصهيونية لأبناء شعبنا في الضفة المحتلة على الحواجز وفي القرى والمدن لحظة العيد، واستبدلتها وكالة معاً بخبر رئيسي بعنوان "  الفلسطينيون "يجتاحون" شواطئ تل أبيب ويافا لأول مرة منذ 12 عاما"، وبعد ساعة أو ساعتين انتشر هذا الخبر بصورة مفاجئة على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ( العربية، فرانس 24، CNN، قناة الاحتلال الأولى، والعاشرة)، فضلاً عن وكالات دولية ( رويترز، الفرنسية)، والأخطر من ذلك أن معظم هذه الفضائيات ووسائل الإعلام ومن بينها وكالة معاً وصحافيين فلسطينيين أجروا عملية مقارنة بين الكرم الصهيوني المفاجئ بالسماح لفلسطينيين بالاصطياف على البحر، وبين إغلاق السلطات المصرية معبر رفح، وسماحها لسياح صهاينة بالدخول لسيناء!!!، مما يدل على أن هذا الموضوع سبب آخر لنشر الخبر وهو دق أسفين بيننا وبين أشقائنا المصريين، رغم موقفنا بأن إغلاق المصريين للمعبر هو قرار خاطئ.

لو أردنا على سبيل المثال أن نترجم الخبر الذي نشرته وكالة معاً للغات متنوعة ( الانجليزية، الفرنسية، الأسبانية)، ونعرضه على الشعوب الغربية كما هو، ستظهر نتيجة مؤلمة، وهي أن طبيعة الصراع الصهيوني الفلسطيني، ليس صراع استعماري واحتلالي أقدمت عليه الصهيونية بمؤامرة من الدول الغربية الكبرى، بل صراع بين طرفين فلسطيني و"إسرائيلي"، وأن إجراءات الاحتلال على الأرض ما هي إلا رد طبيعي على ما يسمى العنف الفلسطيني!!!.

أن يتم تشبيه الوجود الفلسطيني المفاجئ على شواطئ مدنه المحتلة "بالاجتياح"، وفي ظل استخدام مصطلحات " شاطئ عاصمة اسرائيل تل أبيب" و" المدن الإسرائيلية" بطريقة مقززة من قبل الوكالات العربية وخاصة معاً، فمن الطبيعي أن يتصور الغرب أن هذه الشواطئ هي جزء من دولة الاحتلال، وأن وجود الفلسطيني بهذا العدد الكبير فيه غير شرعي، ويشكل اجتياح لأراضٍ دولة شرعية وهي " إسرائيل"، كما وأن هذا الأمر ظهر واضحاً وجلياً في تفاصيل الخبر، التي تؤكد على عدم أحقية شعبنا الفلسطيني بأرضه وشواطئه مثل عبارة (منحتهم إسرائيل تصاريح زيارة)، وعبارات تعطي إيجابية وإشادة بالإجراءات الصهيونية مثل ( وعجت من كل الأعمار ونزلت النسوة إلى البحر) وعبارة ( التقاط الصور أمام معالم مدينة حيفا وفنادق تل أبيب الشاهقة) !!!، والإشادة بإنسانية المنقذين الصهاينة عندما يتضمن تقرير وكالة معاً (طلبهم من المصطفين الفلسطينيين الحذر، وعدم الاقتراب من مناطق معينة في الشاطئ)!!، وعبارات توحي بملائكية الأمن الصهيوني مثل  عبارة ( لم تظهر دوريات أو أفراد من الشرطة في المكان) !!، وتصريحات غريبة على لسان بعض المصطفين مثل (  سمحوا لنا بإحضار كل شئ الأكل والقهوة والمعجنات) !!!، وتصريحات مهادنة ومذلة خطيرة تشيد بالخطوة الصهيونية وتقول( ليتهم يسمحون لنا في المستقبل بأن نشم رائحة البحر) !!!.

وهكذا بعد أن تكتمل فصول المسرحية، يظهر الوحش القاتل في صورة المنقذ الأمير، الذي يريد أن ينفسّ عن الفلسطيني في الضفة، من الضغط النفسي والاقتصادي الذي يعاني منه!!، والجميع يعرف تماماً أن هذا الموضوع لم يكن ليحدث لولا تنسيق كامل بين أباطرة المال وتجار الموت في الضفة الفلسطينية، والذين ينتمون بمعظمهم إلى سلطة أوسلو، فهل تصدقوا كذبة أن السلطة تفاجئت بحجم العدد الكبير من موافقات الاحتلال على دخول الناس لشواطئ فلسطين المحتلة عام 48!!!، هل يمكن التنسيق لدخول 25 ألف فلسطيني في ليلة وضحاها!! أم ان هذا الموضوع استغرق شهور طويلة وبتنسيق كامل بين الارتباط الفلسطيني وسلطات الاحتلال؟!.

الأمر الآخر، لماذا تقاطع هذا الوجود المفاجئ على شواطئ مدننا المحتلة وجود مكثف لوسائل الإعلام العربية، والدولية والغربية!!.

إن القوى الوطنية والإسلامية باعتبارها المؤسسات الوطنية الشرعية في الضفة وغزة مطالبة بسرعة التحرك من أجل التحقيق في هذه المهزلة، وكشف خيوط الجريمة والمتورطين فيها من سلطة ورجال أعمال وشركات سياحة ووكالات أعلام سوقت له، ومن حقنا أن نعرف أيضاً نوعية الأشخاص الذين سمحت لهم قوات الاحتلال بالدخول للشواطئ!!.

القيادة يا ناصر اللحام ليست حائرة في منح دولة الاحتلال سكان الضفة التصاريح لدخول مدننا الفلسطينية المحتلة، بل حائرة من أن هذه الهوبرة الإعلامية، والتي تمت بالتنسيق مع الاحتلال و أيادٍ فلسطينية سلطوية خفية، أكلتها واستفادت دولة الاحتلال منها وحدها، مما عرى موقع السلطة وشرعيتها أمام الجميع، وهي خدعة دائمة من الاحتلال توقع بها قيادات سلطة الحكم الذاتي.
المخادعة الرهيبة من ناصر اللحام أنه يحاول تشبيه " الاجتياح السكاني لأهالي الضفة" لمدننا المحتلة عام 48، باجتياح أبناء قطاع غزة للحدود المصرية عام 2008. إن ما حدث على شواطئنا هو تطبيع يا ناصر لم يصنعه الفلسطينيون بأيديهم، وإنما تم استخدامهم كطرف من أجل تلميع الاحتلال، أما اجتياح أبناء القطاع للحدود المصرية، فقد اجتاحوه بغضب هادر لسنوات طويلة من الحصار والقتل، هدموا الجدران بأذرعهم وقبضاتهم وأظافرهم.
صحيح أن ما ذكرته يا ناصر حول اتساع الهوة بين الجيل الشاب، والسلطة، وأن هذا الجيل الذي صنع الإضراب، والكفاح المسلح، والانتفاضة، لديه وسائل إبداعية جديدة لمقاومة الاحتلال، ولكن لا يمكن أن نسمح منك ومن غيرك أن يحاول تمرير سياسة التطبيع والمهادنة عبر تبرير ما حدث على شواطئ مدننا بأنها محاولة إبداعية جديدة من شبابنا الفلسطيني مثل الانتفاضة والكفاح المسلح، اتركنا من حديثك المستملح، ومن فطنتك المكذوبة، ومن فهلويتك الشعاراتية. ما حدث على شواطئ مدننا المحتلة هو تطبيع أعمى تم توريط جزء من أبناء شعبنا الفلسطيني فيه، ويجب ألا يمر مرور الكرام، وينبغي على أبناء شعبنا جميعاً أن يقفوا هذه المرة أمام الإعلام المهادن والمسيس والذي يستهدف ثوابتنا وحقوقنا.

(انتهى)

الثلاثاء، 31 يوليو 2012

مؤامرة جديدة للدوق "منيب المصري"


أيمن أنور

يطل علينا من جديد الدوق "منيب المصري" ليعلن عن مبادرة سلام جديدة، لا أدري في أي مستوطنة أو موقع عسكري أو مبنى مخابرات صهيوني أو غربي طبخت، وتنتظر أن يهرول ورائها تجار الوطن من رجالات السلطة، وعصابات الأجهزة الأمنية، وملوك ورؤساء الرجعية العربية، وحتى المستوزرين الجدد من الإسلام السياسي لاعتمادها كمبادرة مطورة عما تسمى المبادرة العربية للسلام التي ابتدعها ملك آل سعود.
ليس غريباً أن يخرج علينا هذا الفاسد المصري بإحدى صفقاته المشبوهة، ولكن الغريب في مدى تجاوب الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني مع هذا الرجل الخطير جداً والذي يعتبر أحد أعمدة الصهيونية والامبريالية والماسونية العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأحد تجار الدم المرتبط عضوياً بالمستوطنين وكبار ضباط الاحتلال، والذي يستثمر أمواله في بناء المستوطنات، والبنية التحتية لدولة الاحتلال.

الجريمة السياسية التي ارتكبتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وفصائلها المنضوية تحتها، بالإضافة لحركة حماس والجهاد الإسلامي بتعيين هذا الكمبرادور الفاسد والمشبوه عضواً في اللجنة القيادية العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، اكتملت فصولها الآن بمؤامرة متعددة الأطراف يقودها المصري، ويتحرك في سياقها قيادات فلسطينية معروفة بسقوطها الوطني والأخلاقي، وتحت غطاء عربي ودولي.

إن الاستقبال الدافئ من حركة حماس وحكومتها لمنيب المصري في غزة أكثر من مرة، دليل على أن الحركة الدينية دخلت اللعبة من أوسع أبوابها، ولا يهمها من يكون المصري وماذا يحيك من مؤامرات على شعبنا الفلسطيني، ولكن ما يهمها هي الاستفادة من استثماراته الضخمة في قطاع غزة، ومن نفوذه لتتقرب إلى الغرب وتنزع رداء الحركة الدينية الراديكالية المقاومة، وتلبس رداء الحركة السياسية البراغماتية تحت مبرر "الغاية تبرر الوسيلة".

لا ننسى أيضاً أن جزء من الإعلام الفلسطيني المرتزق وعلى رأسه ما تسمى وكالة " معاً" تسوق لأفكار ولمبادرات هذا الرجل الخطيرة جداً، ولذلك ليس غريباً أن تتصدر أخبار منيب المصري صدر صفحاتها الصفراء، بل وتجري معه مقابلة حصرية تسوق لمبادرة السلام الخطيرة التي يريد أن يبيعها ويربح من ورائها.

إن شطب منيب المصري ورجالاته وعلى رأسهم مدير مكتبه الخطير المشبوه " سمير حليلة" من المشهد الفلسطيني، هي مهمة الوطنيين والشرفاء في هذا الوطن، وسينقذ شعبنا من مؤامرة تجري على قدمٍ وساق يقودها منيب المصري وأزلام السلطة.


وفي السياق ذاته، نعيد نشر مقالة كتبها الصديق الدكتور حسين محارب التميمي بعنوان " منيب المصري واحتراف التهريج السياسي"، والتي تكشف إلى حد كبير طبيعة هذا الرجل وخطورته وخطورة رجاله، وأدوارهم المشبوهة.



كتب : الدكتور حسين محارب التميمي ///

لا يخفى اسم منيب رشيد منذر المصري، رجل الأعمال الثري المعروف، و المولود عام 1934 عن أي فلسطيني و بالأخص فلسطينيي الضفة الغربية ومدينة نابلس بالتحديد، يجثم هذا الرجل بكل وقاحة واستعلاء فوق مدينة نابلس بقصره المستنسخ من تصاميم القرن السادس عشر للقصور الإيطالية والمستوحاة من عصر النهضة الأوروبية. فاقت كلفة بناء القصر المزيف والذي يقبع مقابل نقطة إسرائيلية عسكرية كانت سببا في مقتل العشرات من أبناء المدينة عشرات الملايين من الدولارات في الوقت الذي كان فيه أهالي مدينة نابلس يقبعون تحت الحصار والتجويع ويعانون الفقر الشديد.


أشرف على بناء القصر الذي يحتل ثلاثمائة دونما من أراضي نابلس، والذي يُشرف على تنظيم حدائقه الغناء خبراء ايطاليون وفرنسيون،بالأضافة إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلية.

أطلق منيب المصري على قصره الشامخ اسم 'بيت فلسطين' ولكن الغريب والمضحك في ذات الوقت هو حظر أي مواطن فلسطيني من دخوله أو الاقتراب من بواباته العالية وأسواره المتينة، إلا من يُعتبروا من أصحاب 'الشأن' والثروة، حيث يجتمعون على موائد الغذاء أو العشاء أو لقضاء سهرات مع ضباط الإدارة العسكرية الإسرائيلية على رأسهم غابي اشكنازي' قائد الجيش الإسرائيلي' وغيره من الساسة اليهود، وهنالك الكثير من الفضائح*على الموقع الإلكتروني اليوتيوب والتي تُظهر الحقيقة السوداء لهذا الثري، أقصد الملياردير.

هبط رجل الأعمال الثري في أوائل التسعينات بباراشوت ثروته والعلاقة المقربة برئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات, كالسيد والعبيد يرزخ هذا القصر المزيف.

تزوج المهندس الجيولوجي منيب المصري من أمريكية تنحدر من عائلة كيندي المعروفة، وقد وُلد منيب المصري لأب عامل فقير لم يُخلف شيئا بعد مماته، و لكن ابنه بدأ بجمع ثروته من خلال شركه 'أيدغو' Edgo لاستخراج النفط في ليبيا والجزائر و إيران، وهي شركة مجهول أساس تمويله. ازداد ثرائه شيئا فشيئا خاصة خلال فترة الحصار الأمريكي لليبيا ليصبح في ما بعد من بين المليارديرين العرب حيث تجاوزت ثروته الملياريْن، وبتعبير آخر أصبح ثري حرب و على الرغم من الجنسية الأمريكية التي يحملها و قوة علاقاته في مجال الأعمال بين الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن أحداً لم يُسائله بل غُض النظر عن معاملاته في ليبيا، والتي وصلت حالياً إلى إيران!

يتخفى الملياردير الفلسطيني وراء الأعمال الخيرية التي يُقدمها للشعب الفلسطيني البسيط، وبالمقابل يسعى دائما لتملك مناطق حساسة خاصة في مدينة نابلس، ليُنشأ عليها مجمعات تجارية وكان آخرها افتتاح مدرسة ذات مساحة صغيرة مقابل أرض تُعتبر ذات موقع استراتيجي تحمل اسمه.

يترأس منيب المصري مجلس إدارة شركة باديكو Padico القابضة والتي ارتفعت أسهمها بشكل رهيب خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، الأمر الذي دعا الكثيرين والفقراء منهم لشراء الأسهم ليكتشفوا فيما بعد بأنهم قد تعرضوا للسرقة عن طريق مؤامرة قانونية شديدة الإحكام، تماماً كتلك التي تحاك وبشكل قانوني أيضاً في الغرب وبالذات في أمريكا الشمالية.

ساهم الملياردير بنسبة 5% من ثرواته الطائلة في شركة باديكو، لتكون ستاراً يحميه ليصول ويجول في فلسطين والمشرق، بصفته رجل أعمال وطني، شهم، يسعى للدفاع عن مصالح الفلسطينيين. في ذات الوقت يقوم أولاده وبناته وأقاربه بإدارة شركاته الممتدة من أبو ظبي وطهران، مروراً بعمان ولندن ونيويورك ونهاية في طرابلس والجزائر.

لا يتورع الثري عن فعل ما يُظهره رجل الوطن والمهمات الصعبة حيث يوفر وقتاَ وافراَ للتجوال مابين مدينتيْ غزة ورام الله تحت شعار المصالحة، ولكن الحقيقة هي تخطيط مدروس يهدف إلى السيطرة الكاملة على استثمارات باديكو Padico في مدينة غزة، كالمناطق الصناعية, وفنادق الخمسة نجوم وغيرها والتي جُمِّدَت بعد الحصار الإسرائيلي للمدينة، وقد صرح بشكل علني لمقربيه له أنه لن يتوانى لبعث الحياة في هذه المناطق من جديد, وطبعا باسم الوطنية والقدسية الثورية.. من الطبيعي أن يملك هذا الثري علاقات واسعة وعلى مستويات عالية، ولكن من غير الطبيعي أن يمتد مدى العلاقات الواسعة هذه لبناء علاقات صداقة مع جنرالات الجيش الإسرائيلي الحاليين منهم والمتقاعدين. وفي وقت يصعب أو حتى يستحيل على الغالبية الفلسطينية الدخول من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، يتميز منيب المصري بمميزات الرئيس الفلسطيني أبو مازن حيث يخرج بسيارته الخاصة من الأراضي الفلسطينية متى يشاء ويخرج منها متى يشاء من دون حساب أو مسائلة من الحواجز الإسرائيلية، وتمتد تلك الميزات والتسهيلات إلى تمكينه من الوصول إلى قصره الشامخ من شارع منفرد لا يستخدمه غيره والمستوطنين الإسرائيليين. أما مديري إداراته وبشكل أخص مدراء الأقسام في شركة باديكو، وبالتحديد المدير التنفيذي العام للشركة والذي يُدعى 'سمير عثمان حليلة' على درجة متدنية من الانتماء الوطني والغيرة على الوطن

كان 'سمير حليلة' في أيام مقاعد الدراسة من الماركسيين ، ولكنه ومع الزمن انقلب رأسا على عقب ليصبح واحدا من رجالات يمين أوسلو، عمل سمير حليله في مجال القطاع الخاص القريب من التطبيع الكامل مع الإحتلال، كانت بداياته متواضعة في دهاليز أوسلو، وأدار بعضاً من المؤسسات الربحية الخاصة كمصنع نصّار للرخام والحجارة، و عمل كسكرتير وزارة الإقتصاد، بالإضافة إلى إدارته مؤسسة بالتريد Paltrade الفلسطينية و التي تُعنى برسم مقاييس الاستيراد والتصدير في مناطق السلطة الفلسطينية.

يُعرف منيب المصري بعلاقته السياسية والشخصية مع الكثير من اليساريين السابقين وفى الإسلام السياسي كحركة حماس وما بينهما من تيارات ليؤكد بذلك على نظرية 'أبويته' السياسية والتي هي من أساسات حراكه السياسي المفتوح على الجميع (بما فيهم قيادة جيش الاحتلال في مستوطنة بيت ايل و تل أبيب) كما و يعمل على إقناع الجميع بأنه عرفات متجدد لكنه أكثر دبلوماسية وعقلانية وعفوية مصطنعة (تصل لدرجة المسخرة منه وعليه) يستغلها للضحك على عقول الناس وإقناعهم بإمكانيته جمع المال السياسي المعد سلفاً للتطبيع والفساد من خلال العمل السياسي الوحدوي (مابين حماس وفتح)



من صفات هذا الثري المعروفة السفر للنقاهة والاستجمام إلى أوروبا والتي تمثل مكاناً للتفكير والاستجمام والتجديد الروحي، ليس تناقضاً في شخصيته بل احدى الطرق التي تعكس البهلوانيه التي يتقنها والنصب السياسي الهادف إلى تأسيس مرجعية 'أبوية' سياسية تجذب الجميع وتضمن سير عملية المحافظة على ماله وجمع المزيد منه من خلال علاقاته المشبوهة والمعروفة مع الاقتصاديين والسياسسيين والعسكريين الصهاينة من كافة المستويات، وخير مثال على ذلك تعيينه شخصية من الدرجة الثانية لها علاقتها المعقدة والمشبوهة والمخفية عن الصعيد المحلي كشخصية سمير حليلة صاحب Portland trust ومجلسها الصهيوني بقيادة السير رونالد كوهين والبريغادير جنرال (متقاعد من الجيش الإسرائيلي) إيفال غيلادي*الذراع الاقتصادي-المالي في سرقة المال العام و تسويف المشاريع التطبيعية واستنزاف المال الممنوح للشعب الفلسطيني لخدمة شركات باديكو كبريكو Prico وغيرها من الشركات شبه الوهمية التي تزيد من أموال باديكو وسمسرة سمير حليلة والتطبيع الاقتصادي المذل للعقل الفلسطيني.

يتوجس القاصي قبل الداني في الحراك السياسي الداخلي بالاقتراب من شخصية منيب المصري البهلوانية الكاذبة و التي تتعمد تبسيط الصورة السياسية بعفوية 'أبوية' مقززة مقرفة، كما أن الجميع على دراية بأن رجل الأعمال الثري مرتبط بشكل أو بآخر مع دوائر المال السياسي- التنموي ذات البعد التطويعي والتطبيعي مع الكيان الصهيوني.

و ينطبق هنا المثل القائل 'إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فتلك مصيبة أعظم' إذا ما كانت كل من من ليبيا والجزائر وإيران يعرفون أو لا يعرفون حقيقة منيب المصري وعلاقاته المشبوهه مع الأحتلال والصهيونية العالمية سواء مباشرة أو غير مباشرة (عن طريق أمثال السيد حليلة) في العلاقة مع مؤسسة البورتلاند ترست Portland Trust المطبعة والصهيونية



بالإمكان زيارة الرابط http://www.portlandtrust.org/senior_management.html

كان الأولى بايران*وليبيا والجزائر طرد هذا الرجل واستثماراته من أراضيهم فوراً,سواء بشكل مباشر أو غير مباشر, لما هو فيه من عمل مشبوه مزدوج سياسي-اقتصادي، سياسيا لمصلحة الغرب والصهيونية، واقتصاديا لمصلحته الخاصة له أما بالنسبة لسورية وحماس و اليسار بشكل عام فيتعين عليهم فوراً منع هذا الرجل المشبوه من أن تطأ قدماه أرض غزة أو سورية ليتسنى له الفرصة ليتكلم من على المنابر أو منحه الشرعية الوطنية والسياسية، كما على أن على القوى الفعالة والسياسية من جماعات أو أفراد كالكاتب اليساري المستقل هاني المصري الابتعاد عنه لما يشكله من شبهة وتخريب وتدمير للعمل السياسي الوطني الفلسطيني والعربي المقاوم.

أما بالنسبة لسمير حليلة الذراع الأيمن للثري منيب المصري فيعمل على نسج علاقات مشبوهة مع مؤسسات تدعي اهتمامها بالشأن الفلسطيني، ولكن وفي الحقيقة أنها تعمل على تطويع وتطبيع العقل الفلسطيني لصالح الاحتلال.

وكمثال بسيط على ذلك إدارته للفرع الفلسطيني لمؤسسة بورتلاند ترست Portland trust* واعتباره عضوا أساس في مجلس ادارتها المكون من أعضاء مهمين في الحركة الصهيونية البريطانية كالسير رونالد كوهين، السير هاري سولومون، ونيكولا كوبولد، والبرغادير الجنرال المتقاعد من الجيش الإسرائيلي أيفال غيلادي و الذي كان مديراً للعمليات الإستراتجية في الجيش الإسرائيلي والسكرتير الخاص لأريئل شارون لعملية السلام والمهندس الأكبر في عملية الانسحاب من غزة. تقوم بورتلاند ترست Portalnd trust بالتطويع الاقتصادي والثقافي عن طريق تسهيل وتطويع الكثير من الأموال الممنوحة للشعب الفلسطيني كبناء الضواحي لذوي الدخل المحدود والمتوسط وغيرها من المشاريع التنموية المهمة وتحويلها لصالح شركات 'باديكو كبريكو الإنشائية' ومن دون عطاءات أو عطاءآت وهمية، إضافة إلى أنشطة اقتصادية متعددة لاستفادة وصالح سمير حليلة وبشكل خاص بصفته وسيطاً ومديراً تنفيذياً للشركة الأم.

يعيش سمير حليلة في مدينة 'رام الله' الفلسطينية و يتلقى دخلاً شهرياً يتجاوز 15,000$ أمريكي، بالإضافة إلى العلاوات والأرباح والمكافئات والتي تتجاوز مئات الآلاف من الدولارات سنوياً مما يجعله يعيش حياة بذخ وإسراف غير محدود ورفاهية تقوده لفضائح ليلية سواء في مدينة رام الله أو في عواصم العالم، وبموافقة وتشجيع الرأس الكبير منيب المصري، رجل الأعمال وصاحب المهمات الوطنية الصعبة والمصالحة والتي يُخيل للناس بأنه يتنفسها من خلال مقابلاته مع الصحافة العربية والغربية'

و كما يقول المثل 'ذاك الشبل من ذلك الأسد'، فإن سمير حليلة تربى على يد الأسد وتشبع منه الكثير، كاستغلال القضية الفلسطينية كوسيلة للثراء والكسب والمال والجاه المحلي والعالمي، حتى لو أدى به الأمر للعب 'الغولف مع' غابي اشكنازي في مدينة العفولة، وأن تربطه علاقات صداقة متينة مع نظيره الاسرائيلي في البورتلاند ترست Portland برتبة بريغادير جنرال يعيش على أنقاض قرية كابري الفلسطينية في الجليل الغربي. إن المدير التنفيذي لباديكو 'سمير حليلة' والذي عُين بهذا المنصب في حزيران 2008 معروف ببغضه لرجال العمل السياسي، وبالمقابل فهو مكروه من الصعيد العام.

تشكل باديكو واجهة تجارية- صناعية لتبيض الأموال الخارجية وبالذات المال الغربي من خلال مشاريع تقوم بها هذه الشركة أو شركاتها المملوكة أو الحليفة لها في القطاع الخاص.

نهاية فمنيب المصري كان ولا يزال دخيلاً على العمل السياسي الفلسطيني، و رجل لم تسمع به الجماهير ولم يكرس شيئا من عمره لثورة شعب فلسطين غير الكذب والخداع والنصب البهلواني الأسود، و لم ننسَ أنه كان وزيراً عند جلالته أيام ايلول الأسود عام 1970 فإذا هو نزل على جماهير الشعب النابلسي ببراشوت أمواله ليقيم عليهم أميراً من طلة قصره الأيطالي والذي بني بأموال عملها في ليبيا والجزائر والآن في ايران، لكن مدينة نابلس الصمود كانت دائماً بالمرصاد لأمثلة هذا الرجل المشبوه, فنابلس بسام الشكعة و غسان الشكعة و إبراهيم طوقان وفدوى طوقان و شادية أبوغزالة والآلاف من أبنائها الأبطال الشهداء قادرة بحتمية على لجم أمثال هذا الدخيل حتى لو كان يحمل اسم عائلة محترمة وبيت نابلسي مرموق.


* فضيحة من فضائح منيب المصري http://www.youtube.com/watch?v=6qc6zlehRIc&feature=related


* سيرة البريغادير جنرال أيفال جلعادي http://en.wikipedia.org/wiki/Eival_Gilady

* موقف بورتلاد ترست من إيران

http://www.portlandtrust.org/publications/pubpages/Addressing_Iran_Nuclear_Challenge.html


الدكتور حسين محارب التميمي

باحث في شوؤن ملفات الفساد الفلسطينية