الجمعة، 4 أكتوبر 2013

ملامح تسوية جديدة وقودها تنسيق أمني ومصالحة بين عباس ودحلان



أيمن أنور

بدأت رويداً رويداً تتكشّف خطوط وملامح المشهد الفلسطيني في المرحلة القادمة، بدءاً من قرب التوصل لاتفاق بين قيادة أوسلو والاحتلال الصهيوني فيما يُعرف بإعلان مبادئ جديدة " اتفاق أوسلو 2" ، وجهود حثيثة لإجراء مصالحة بين محمود عباس ومحمد دحلان، في ظل إجراءات غير مسبوقة لأجهزة أمن السلطة ضد المخيمات الفلسطينية، خاصة في جنين، ناهيك عن حملة تحريض إعلامية واسعة ضد قطاع غزة، تقودها قيادات من السلطة، ومواقع إعلامية قريبة منها.
الحديث يدور عن قرب التوصل إلى صفقة أمريكية صهيونية باتفاق مع قيادات السلطة على إبرام اتفاق طويل الأمد ، يتيح للسلطة إدارة شئونها الذاتية على الأجزاء الموجودة عليها أصلاً في الضفة مع ضم مساحة صغيرة من بعض البلدات والقرى التي ما زالت تحت السيادة الصهيونية، بالإضافة إلى تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي عبر تعديل بسيط باتفاقية باريس الاقتصادية يتيح للسلطة استفادة جمركية بسيطة منها، أو بمجموعة جديدة من الامتيازات والمكاسب.
طبعاً، أساس الاتفاق قائم على ضم مساحة واسعة من أراضي المستوطنات في الضفة إلى مساحة دولة الكيان الصهيوني، وتعزيز العلاقة الأمنية بين قوات الاحتلال الصهيوني، وقوات أمن السلطة، يجبر الأخيرة على الالتزام بالاتفاقيات الأمنية المبرمة بينهم، وعلى رأسها استمرار التنسيق الأمني، والقضاء على المقاومة في مختلف مناطق الضفة. وهو ما يُفسر قيام السلطة بحملة واسعة ضد بؤر المقاومة التي شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في نشاطاتها واستهدافاتها ضد قوات الاحتلال الصهيوني. فقيام عشرات الجيبات العسكرية التابعة لأجهزة أمن الرئاسة الفلسطينية، والمخابرات والوقائي، المدربة أمريكياً وأردنياً باقتحام مخيم جنين قبل عدة أيام، ومداهمة البيوت فيه، واعتقال العديد من رجال المقاومة، وحتى ضرب النساء بشهادة العديد من أهالي المخيم، يصب في خانة أن السلطة في صراع مع الوقت لمنع أي منغصات من شأنها تعرقل عملية الاتفاق القريب.


وصف رئيس وزراء الاحتلال " بنيامين نتنياهو" ما يجري من مفاوضات سرية بين الطرفين بأنها لم تفضِ إلى شئ، يؤكد بشكل قاطع أن ملامح تسوية جديدة سيتم الاتفاق عليها في الأسابيع القليلة القادمة، ذلك أن التجربة أكدت أن الاحتلال عادةً ما يواصل ضغطه على الطرف الفلسطيني الضعيف والمستسلم حتى بعد الاتفاق، من أجل الحصول على المزيد من التنازلات، والذي يؤكد كلامي هو تقاطع حملات السلطة المسعورة ضد بؤر المقاومة، واعتقالها أكثر من مرة القيادات الرافضة للتسوية والمفاوضات وحتى قمعها في المظاهرات الأخيرة مع حملة اعتقالات واسعة واقتحامات للمدن والقرى والمخيمات تشنها قوات الاحتلال الصهيوني لنفس تلك القيادات فيما يُعرف بسياسة الباب الدوار.

        الأخطر في كل ذلك هو إقدام السلطة بعد التوقيع على الاتفاق على إعلان نهاية الصراع مع الاحتلال الصهيوني، واستجابتها للخطوط العامة التي سترسمها لها دولة الاحتلال، والتي تضمن استمرار دورة حياتها خدمةً للالتزامات المبرمة بينها وعلى رأسها محاربة المقاومة.

        يُدرك المفاوضون أن استمرار قطاع غزة بعيداً عن سيطرة سلطتهم، في ظل تسارع وتيرة نفوذ الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية وتسلحها بمختلف الأسلحة والعتاد، سيكون عامل كبح دائم لبسط اتفاقها على جميع " أراضي سلطة الحكم الذاتي"، الأمر الذي سيعزز من تأثير هذه الفصائل في الضفة المحتلة، وسيؤدي أخيراً إلى حدوث حالة من الحراك الشعبي الرافض لسياسة السلطة، وهو أمر قائم أصلاً الآن. فوجدت أفضل طريقة للتعامل مع هذا الملف الشائك هو إشغال سلطة حماس بحرب باردة بينها وبين السلطات المصرية، وسط غابة من التحريض الأعمى لم تطال حركة حماس وسلطتها فقط، بل جميع أبناء قطاع غزة.

لم تتعامل حركة حماس بذكاء مع هذا التحريض، بل ساقتها أصولها الدينية وارتباطها الوثيق بالأخوان المسلمين إلى معترك هذا التحريض السلبي من خلال فضائياتها التي أصبحت ناطقاً رسمياً باسم الأخوان المسلمين، فتشوهت صورتها أمام الملايين من الشعب المصري، فاستغلت السلطة وسفيرها في القاهرة هذا الموضوع في القيام بموجة هائلة من التحريض الأعمى ضد قطاع غزة، قادتها في الآونة الأخيرة وكالة معاً الإخبارية التي أصبحت بقدرة قادر ناطقاً رسمياً باسم سلطة أوسلو، وتمرر سياسات ممنهجة نقلاً عن مصادر مصرية وهمية وبتنسيق مسبق وكامل مع السلطة .

يتحمل ناصر اللحام مستشار عباس الإعلامي، و"أمين عام طائرة الرئاسة" المسئولية بشكل مباشر عن حملة التحريض الممنهجة ضد قطاع غزة، وصلت إلى حد تورطه المباشر في نشر التقارير والأخبار التي تفيد بقرب ضربة عسكرية مصرية لقطاع غزة، وقد بدأت وسائل الإعلام بالفعل نشر هذا الخبر نقلاً عن وكالة معاً. من الواضح أن اللحام بمشاركة من السفارة الفلسطينية بالقاهرة وسلطة رام الله، وبعض المسئولين المصريين من أتباع نظام كامب ديفيد، وبمشاركة دحلانية واسعة، يريد خلق أجواء توتر بين الشعب المصري وقطاع غزة، تمهد لضربة عسكرية صهيونية مباشرة للقطاع، تعيد السلطة سيطرتها عليه من أجل تثبيت اتفاق التسوية الجديد، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية لمحاولات عقد مصالحة بين عباس ودحلان.
ارتباطاً بكل ذلك، وبأوامر أمريكية ودولية عليا تشن وكالة غوث اللاجئين حملة تقليصات وعقوبات ضد اللاجئين الفلسطينيين والمخيمات، من أجل الضغط عليهم وابتزازهم للقبول بحل تسووي جديد يفرط بحقوقهم.

إلى متى سيبقى شعبنا الفلسطيني دافناً رأسه بالرمال، محاصراً براتب السلطة، مستسلماً لعقيدتها الأمنية وبابتزازات المجتمع الدولي، والمؤسسات الأممية؟؟!!! الحاجة ماسة وضرورية لاختيار البدائل والوسائل الجذرية لخوض معركة شعبية شاملة تطيح بالسلطة وبرموزها، تتعزز خلالها أشكال المقاومة ضد الاحتلال، وتتوحد فيها القوى والفصائل الفلسطينية الشريفة وتقر خطة مواجهة شاملة، تصوغ من خلالها منظومة اجتماعية واقتصادية وسياسية بمساعدة أصدقاء الشعب الفلسطيني هدفها تعزيز صمود الناس كبديل عملي وحقيقي للسلطة ومواردها المالية.
الحاجة ملحة أيضاً لعقد مؤتمر حوار مصري فلسطيني شامل، بمشاركة ممثلي أطياف الشعب الفلسطيني والمصري والقوى والفصائل الوطنية والإسلامية، من أجل معالجة جميع الإشكاليات والخلافات القائمة، يتم خلاله عودة الأجواء التاريخية الإيجابية بين الشعبين، وفتح المعابر بين الطرفين وفق اتفاق مع الفصائل الفلسطينية. مؤتمر فلسطيني مصري مشترك يتصدى للمحاولات الخبيثة من الاحتلال و مسئولي نظام كامب ديفيد وزمر السلطة لدق اسفين بين الشعبين، ويتصدى أيضاً لمحاولات الأخوان جر قطاع غزة في أتون معركة خاسرة مع الشعب المصري.


( انتهى)

الجمعة، 30 أغسطس 2013

غوغاء السلطة تتطاول على رفاق الحكيم


أيمن أنور



استبق غوغائيو سلطة أوسلو ومختلف أبواقها الإعلامية الصفراء المسيرة الجماهيرية التي ستنظمها الجبهة الشعبية يوم السبت الموافق 7/9 أمام مقر المقاطعة في مدينة رام الله تحت شعار " إسقاط أوسلو"، بإطلاق حملة أكاذيب وافتراءات وإنشاء صفحات مشبوهة تحريضية على الجبهة، في محاولة منها لإفشال المسيرة وحرف مسارها، ولضمان عدم تحقيق أهدافها، والتخفيف من حدة اتساعها تدريجياً، والتي بدأت تؤرق زلم السلطة وأجهزتها الأمنية.

مارس هؤلاء هوايتهم المفضلة في تصدير الغوغاء والسطحية وعدم الاتزان، واستخدام الأساليب القذرة، التي ورثوها من منظومة سلطة أوسلو الفاسدة، وممارساتها المشينة على مدار عشرين عاماً في القيام بحملة مسعورة على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث عمدوا إلى تزييف الحقائق، ونشر الأكاذيب والافتراءات، وفبركة بعض الصور من أجل خدمة أهدافهم الخبيثة المكشوفة.

بادر هؤلاء الموتورون الحاقدون على استخدام وكالات أنبائهم الصفراء في بث سمومهم، ونشر بعض الأخبار العارية عن الصحة المفبركة والمختارة من فيديوهات وصور قديمة، وربطها بمسيرة للحراك الشبابي المستقل ضمت مختلف فصائل العمل الوطني، بما فيها حركة فتح.
افتقرت حملتهم المسعورة وعقليتهم الغوغائية للمصداقية والربط السليم بين الصور المعروضة في فيديوهات قديمة، وبين الفيديو الأخير، ولم يسعَ هؤلاء كعادتهم إلى استخدام عقولهم من أجل التفكير السليم والاستنتاج والتصرف الأخلاقي، غير واعيين بتبعات جريمتهم هذه وتحريضهم المشبوه والمحموم على الجبهة الشعبية، والتي ازدادت بعد سلسلة التظاهرات التي نظمتها الجبهة احتجاجاً على عودة محمود عباس ورجاله إلى المفاوضات.

استخدم هؤلاء أسلوب " القطيع" في تشويه صورة نساء فلسطينيات مناضلات شكلّن دوماً مثالاً يحتذى به في الأخلاق والتضحية والصمود، واحدة منهن أخت شهيد قائد، وأخرى زوجة أسير قائد. حيث تم فبركة صورهن وهن يحتجن في مسيرة سابقة على حاجز قلنديا، ونشرها كأنهن مشاركات في مسيرة أمس، في أسلوب جبان ونذل ورخيص يدل على مستوى الانحدار الأخلاقي الذي وصل إليه هؤلاء، والذي يجب الوقوف أمامه بصرامة وبحسم، وكشفهم وفضحهم، واعتبارهم أجندات مشبوهة تخدم مجموعات السلطة المتنفذة، التي تحاول التغطية على فضائحها، وفسادها، وانهزاميتها.
حتى في المسيرة الشبابية التي نظمها الحراك الشبابي أمس في مدينة رام الله، والتي شهدت بعض الممارسات التي توصف بأنها مرفوضة، إلا أنها حسب إفادات الكثير من المشاركات جاءت كردات فعل عصبية لاشعورية، نتيجة قيام بعض أفراد الشرطة السفلة، والمعروفين للجميع، بشتمهن، وإصدار اشارات غير أخلاقية وسافلة أدى إلى قيامهن بردة فعل مرفوضة من قبلنا، والشئ الهام والذي يجب ملاحظته وإدراك أسبابه هو تجاهل كاميرات أجهزة الوقائي والمخابرات المنتشرة في المكان، لهذا التطاول من قبل بعض أفراد الأجهزة الأمنية.

ينبع أهمية توضيح هذه المعلومات والأحداث من أن المسيرة جاءت بمبادرة من مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، بمشاركة واسعة من نساء كادرات مناضلات، جزء منهن عضوات في حركة فتح، ومن الطبيعي أن نعتبر تهجم السلطة وغوغائييها على الجبهة بأنه تطاول على الشعب الفلسطيني بأكمله. والذي يثبت صحة هذا الحديث، أن الشاب الذي أصيب خلال المسيرة بهراوات أجهزة أمن سلطة أوسلو ينتمي لحركة فتح.

لا تقذفوا المناضلات بالاتهامات الباطلة والكاذبة، وأنتم ملوثون بداخلكم، فمن يمارس الدعارة السياسية ليل نهار، ويبيع الوطن بثمن بخس على طاولة المفاوضات، ومن يتفنن بعروض الملابس الداخلية الملونة عند كل اجتياح صهيوني من الطبيعي أن تكون الدعارة نفسها عنده شيئاً بسيطاً وأمراً معتاداً، ولا عجب أن نرى هذه المومس يخرج للناس متقمصاً دور الطاهر المناضل.

     أما بخصوص وكالة " دنيا الوطن" الصفراء والمشبوهة والمعروفة لدينا كعاصمة للبغاء والبورنو السياسي والإعلامي، والتي كانت رأس حربة التحريض، وسوق الأكاذيب، فإننا نعدكم في الأيام القليلة القادمة أن نخصص مقالة كاملة، نعرض خلالها مجموعة حقائق عنها وعن رئيس تحريرها. نثبت فيها حقيقة ارتباطاته، وتغيير ولاءاته عبر سنوات طويلة من الكسب غير المشروع القائم أساساً على فبركة  الأخبار وتزييفها وتحريفها خدمة لأهداف الممولين، الذين يدعمون الوكالة لتحقيق مآرب خبيثة ومشبوهة، من أهم أهدافها تشويه صورة الشعب الفلسطيني أمام العالم. سنكشف آلية عمل الوكالة وكيفية حصولها على الإعلانات، ونشر الأخبار المثيرة والتي تحمل عناوين ودلالات جنسية، رغبة في زيادة الإقبال على الوكالة خاصة ضمن فئة الشباب، خدمة لأهداف خبيثة. سنتحدث عن الظلم المجافي الذي تتعرض له الإعلاميات اللاتي يعملن بالخفاء وسراً في قطاع غزة، كمدخلات بيانات ومحررات لأخبار الوكالة، نظير مبلغ بخس، وحولهن للأسف من إعلاميات خريجات إلى مجرد مندوبات وأداة لتحريف الأخبار ونشرها على الموقع. لدينا الكثير الكثير نتعهد أن نكشفه في الأيام القادمة. حتى هذه المقالة أتوقع أن يستخدمها هذا النصّاب المحتال بطريقة فجة يظهر فيها حقيقة وكالته القائمة على الكذب والتسويف والابتذال والنصب والاحتيال.

خبرت الجبهة كل هذه الأساليب جيداً، وهي ليست جديدة عليها، ولن تنطلي عليها، كما لن يصدقها أحد، وأتوقع من رفاق الحكيم وأبو علي مصطفى وسعدات ووديع وغسان وجيفارا أن يمضوا في طريقهم ورؤيتهم الصحيحة دون كلل أو تعب، فكل هذه الوسائل التحريضية المحمومة دليل على عجز السلطة ورجالاتها، وصوابية مواقف الجبهة ورفاقها.


( انتهى)

الأحد، 4 أغسطس 2013

محاولة استحضار أوهام الدونكيشوتية.. ناصر اللحام أنموذجاً؟



أيمن أنور

حرص الإعلامي المثير للجدل "ناصر اللحام" خلال مقالته الأخيرة التي جاءت بعنوان " في العلاقة الجدلية بين فتح والجبهة الشعبية" على تقمص دور" دون كيشوت" بطل الرواية الشهيرة للكاتب الأسباني ميغيل ديسرفانتس، والتي تتحدث عن رجل مهووس عاش في القرن السادس عشر، حارب طواحين الهواء، وخسر حياته كلها، سعياً وراء الأوهام، وقاده جنون العظمة، إلى الخروج عن الواقعية لبوتقة الأساطير والخرافة والأحلام.
يستعيد اللحام في مقالته قيم " دون كيشوت" البالية وطمعه في تحقيق أسطورته الشخصية، ويحاول أن يلبس ثوب الرجل الحكيم والواعظ والوطني، الذي يراقب صراعاً في الساحة بين أعضاء الجبهة الشعبية، وحركة فتح، ويتأخر في التعقيب على ذلك، حتى لا يقع في وطأة الانفعال العابر!!. الغريب أن وكالته "معاً" وقعت في هذا عندما وصفت مسيرة الجبهة الشعبية التي نظمتها احتجاجاً على استئناف المفاوضات، وتم الاعتداء عليها بالضرب من قبل أجهزة أمن أوسلو، وصفت المسيرة بأنها مشاجرة بين الطرفين!.

وها هو الدون كيشوتي اللحام يؤكد انحياز وكالة معاً المعتاد لأجهزة أمن أوسلو، عندما يصف في بداية مقالته الاعتداء الآثم على رفاق الجبهة الشعبية، بأنه " اصطدام" بين أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة فتح، وليس اعتداءً؟!.

يستمر اللحام في السير عكس مسار التاريخ والعلاقة الجدلية غير المستقرة التي ربطت الجبهة الشعبية مع حركة فتح ، والتي لم تصل يوماً إلى درجة " الرقي" كما تشنطح بها اللحام بمقالته، باستثناء بعض المفاصل الميدانية لمقاتلي الحركتين،  بل كانت العلاقة دوماً تقوم على أساس " وحدة صراع وحدة"، ذلك أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت عبر سنوات وجودها في منظمة التحرير الفلسطينية، تشكل هاجساً كبيراً لياسر عرفات، أجبره على دعم محاولات الانشقاق عنها، الأمر الذي قابلته الجبهة بالتصدي الوطني المسئول لحركة فتح وتفردها بالقرار الوطني الفلسطيني، في الوقت الذي كانت ترد الأخيرة على تلك المسلكية الثورية الجبهاوية باللعب من تحت الطاولة!.
 وما زالت هذه العلاقة التصادمية الخلافية مستمرة، تعاملت خلالها الجبهة مع تجاوزات قيادة حركة فتح بمسئولية وطنية، في حين استمرت فتح بنفس طريقتها الاستعلائية المتفردة التي تجسدها وما زالت، والتي للأسف يدافع عنها اللحام، ويبررها أحياناً، ويستبعدها ويخفيها ويتجاهلها في أحيانٍ أخرى.

من المضحك، أن يتناول اللحام هذه العلاقة ويصفها بالمحبة والاحترام، ويذهب بعيداً ليصفها بأنها ذات القرار الواحد؟ ، على اعتبار أن حركة فتح لا تتفرد بالقرار ولا بمنظمة التحرير الفلسطينية، وأن مواقفها المثيرة للجدل، والمخالفة لقرارات الإجماع الوطني تنسجم مع مواقف الجبهة من اتفاقية أوسلو المشينة، والتنسيق الأمني، والاعتقال السياسي...إلخ!!! فعجبي على هكذا قرار واحد ومحبة واحترام يا لحام.

إن القواسم المشتركة التي تنظم العلاقة بين حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هي التمسك بالثوابت، واستمرار المقاومة بكافة أشكالها، ورفض اتفاقيات أوسلو، والتطبيع واللقاءات الأمنية البغيضة، والاعتقال السياسي. وطالما أن حركة فتح لا تلتزم بأواصر هذه العلاقة، وتمضي في سياسة التنازلات، فإنه من العبث، أن يستحضر البعض علاقات وحدوية بين الجبهة وفتح حدثت في لحظات معينة، وبعدها اختفت خلف سعي حركة فتح للاستيلاء على القرار الفلسطيني والاستمرار بسيادة التفرد والهبوط السياسي، فلنستحضر كلمات الحكيم وهي الأقوى والأصدق عندما قال بصريح العبارة " إن القيادة التي أقدمت على توقيع اتفاقية أوسلو، لا يمكن أن تمثل الشعب الفلسطيني لا من قريب ولا من بعيد".
 هذا الموقف هو الضابط في العلاقة بيننا وحركة فتح، وهو الموقف المعلن الآن، ولا حاجة لأي فيلسوف لأن يتفذلك علينا ببعض المواقف التي ذهبت أدراج الرياح، وغطتها رمال أوسلو. فهناك معسكران مختلفان، المعسكر الأول هو معسكر المقاومة والتمسك بالثوابت والرافض لاتفاقية السلام وللمفاوضات والتنسيق الأمني والتطبيع، وهو ما كان يمثله الرفيقات والرفاق الذين تظاهروا في رام الله، والثاني هو معسكر التسوية والتنسيق الأمني، والذي يمثله محمود عباس وزمرته، ومن ورائه قوات الأمن التي قمعت بوحشية مسيرة الجبهة الشعبية في رام الله.

يستحضر رئيس تحرير وكالة معاً، ومدير مكتب فلسطين في فضائية الميادين، وأحد مستثمري فضائية ميكس دون كيشوت اللحام تجربته كعابر سبيل أثناء وجوده في زنازين الاحتلال في أقسام الجبهة الشعبية، ويحاول أن يلوح بهذه التجربة بقياس انتهازي منحاز للطرف الآخر المفرط والمعتدي الممثل بأشباه حركة فتح وعناصر أجهزة أمن أوسلو، وذلك عندما يساوي الطرفين، طرف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الثابت، وبين طرف غوغائي يمثله شبيبة فتح، وعناصر أجهزة الأمن السلطوية.

يواصل اللحام هزلياته ويدفع باتجاه مشاركة فصائل المقاومة والمعارضة لتجاوزات السلطة وحركة فتح الكبيرة في الحكم؟ طبعاً هو يقصد حكم سلطة الكنتونات، والتنسيق الأمني، والتطبيع؟ فمتى يصحو دون كيشوت من سباته وأوهامه متى؟!!

الأربعاء، 31 يوليو 2013

وكالة معاً من بوق للسلطة وأداة للفتنة إلى قناة لتمرير سياسات الاحتلال



أيمن أنور

دأبت وكالة "معاً" الإخبارية التي أشك في وطنيتها واستقلاليتها وحياديتها، إلى تحويل صفحاتها الالكترونية، إلى وكر للرذيلة الإعلامية، وبوق واضح لسلطة أوسلو، وإلى أداة للفتنة والتحريض على أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، فضلاً عن اعتبار نفسها وبقصد وطيب خاطر واجهة من واجهات تمرير سياسات الاحتلال، وتجميل صورته عبّر ما يُنشر من ترجمات عبرية  على صفحتها الالكترونية.
      بادئ ذي بدء مارست الوكالة سياسة الكذب الصريح في تغطيتها للأوضاع في مصر، ساهمت في تحريض وتأليب الرأي العام المصري على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وفي هذا السياق، أنبه الجميع إلى حقيقة هامة غابت في غمار الأحداث الأخيرة المتلاحقة، وهي تنسيق الوكالة المباشر مع السفارة الفلسطينية في القاهرة في كل كبيرة وصغيرة لنشر بعض الأخبار التي تخص الشأن المصري، أحياناً تحت مسمى " مصدر عسكري مصري بارز "، فضلاً عن بعض الأخبار التي تقع في خانة بعض الأطراف المستفيدة مما يجري في مصر. والمتابع لطبيعة هذه الأخبار التي ترد تباعاً وبشكل يومي عبر الفاكس لوكالة معاً ومصدرها السفارة الفلسطينية يجد تحالفاً من نوع خاص أو اتفاق مصالح مشتركة بين وكالة معاً ودكانة  سلطة أوسلو في القاهرة. أتحدى وكالة معاً أن تكشف بالأدلة والبراهين عن شخصية "المصدر العسكري المصري البارز" الذي نشرت على لسانه الكثير من الأخبار، التي تخص الأوضاع في مصر وتداعياته على قطاع غزة. وهنا أذكر أن الجيش المصري ينفي دائماً أي أخبار هنا وهناك صادرة عن مصادر عسكرية، ونوه للجميع بأن لديه ناطق رسمي باسمها، وهو الوحيد المكلف بنشر الأخبار الصادرة عن العسكر في مصر.
مثال آخر على أجندة الوكالة المشبوهة والمسيسة، هو دفاعها المستميت عن سياسة سلطة أوسلو، وممارسات أجهزتها الأمنية، فهي ما فتئت تعطي للناطقين الرسميين باسم السلطة، وحركة فتح مساحة واسعة لهم لتمرير مواقفها الانهزامية والتبريرية، في حين أنها تضيق المساحة أمام الرأي المعارض لهذه المواقف، أو حتى تجاهلها تماماً. ولا أريد استعراض الكثير الكثير من الأخبار التي تتفق مع رؤيتي، على الرغم من أن رئيس تحريرها المتفذلك ناصر اللحام والمتلّون ينفي ذلك تماماً. طبيعي جداً على هذا الرجل المثير للجدل أن يمارس هوايته في الكذب والخداع، كما يمارسها عبر وكالة معاً، ويناقضها تماماً في فضائية الميادين ( حيث أن وكالة معاً  كما تعرفون تتبع سياسة معينة هي عنوان مقالتي هذه، أما فضائية الميادين المخدوعة بمدير مكتبها بفلسطين  تضطلع بسياسة خاصة تناقض سياسة وكالة معاً).
فضيحة جديدة قديمة تمارسها وكالة معاً بحق الشعب الفلسطيني، واستهدافاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي تتعمد الوكالة بقصد وفي إطار سياسة معينة على تبهيت مواقفها، والتحريض عليها خدمةّ لأهداف السلطة الخبيثة التي تجد في الجبهة الشعبية عبئاً ثقيلاً عليها. حيث لم تكتفِ الوكالة فقط بوصف الاعتداء الآثم والمجرم من قبل أجهزة أمن السلطة على المسيرة الجماهيرية التي نظمتها الجبهة احتجاجاً على استئناف المفاوضات بأنه " ضرب من الجهتين"!!، بل قامت بنشر خبر هذه المظاهرة كحدث متزامن مع مسيرة نظمها صهاينة في عاصمة الدولة الاحتلال معارضة للمفاوضات. بأسلوب رخيص ومبتذل ومعروف ومشبوه ووضيع، وضعت هذه الوكالة مظاهرة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جبهة الشهداء.. جبهة الحكيم وأبو علي وسعدات، والتي قدّمت آلاف الشهداء، بالتساوي مع مظاهرة صهيونية لقتلة ومجرمين صهاينة!! أليس هذا دليل إثبات جديد على شبهة وكالة معا؟.

واستمراراً لهذا المسلسل المشبوه، عرضت الوكالة اليوم الأربعاء تقريراً بعنوان " لقاء فلسطيني إسرائيلي في الكنيست لتشجيع حل الدولتين"، تضمن في فقراته الأولى اعترافاً رسمياً وضمنياً باتجاه الوكالة، وحقيقة موقفها وأجنداتها السياسية، نقتبس جزءاً منه " شهدت إحدى قاعات الكنيست الاسرائيلية صباح اليوم الأربعاء، حدثا بارزاً حين ارتفع العلم الفلسطيني لأول مرة في تاريخ الكنيست في القاعة التي استقبل بها عدد من أعضاء الكنيست فريقاً فلسطينياً يمثل لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي". أليس هذا دليلاً قاطعاً على أن الوكالة قناة لتمرير التطبيع، وتلميع رموزه الكريهة، وتخدير الرأي العام حول هذه الجرائم التي ترتكبها رموز فلسطينية فاسدة عندما تتخطى ثوابت شعبنا ومواقفه الرافضة لهذه السياسات، وتحويل تلك الجرائم كأمور عادية.
من أسوأ أنواع الانتهازية؛ تلك التي تمتزج فطرياتها بطموح الانتهازي الكبير، المستعد تماماً أن يوظف حتى جثامين موتى شعبه ومعاناته، وتوجهاته على مذبح الحرية والاستقلال، في سياق نزاع سياسي خلافي فئوي قائم، من أجل الاستثمار لا أكثر، استثمار على شاكلة وكالة " ميكس" مثلاً.  لقد أسمعت لو ناديت حياً، ولكن لا حياة لمن تنادي يا وكالة معاً.
                                                   ( انتهى)


الجمعة، 10 مايو 2013

سقوط الخطاب الحمساوي



أيمن أنور

في دفاعها المستميت عن تحولاتها الأخيرة، وملائكية شيخ الناتو " يوسف القرضاوي" وزيارته إلى قطاع غزة، استهلكت حركة حماس كل إمكانات السلطة الواقعة تحت سيطرتها، لاسيما ماكينتها الإعلامية، وأقلامها، ومواقعها الالكترونية، وفضائياتها، وصحفها،  فاختلقت الاجتراءات والتبريرات الجاهزة، وشيطنت معارضيها، الذين انتقدوا مواقفها، واستقبالها للقرضاوي، إلى الحد الذي جعلها تقسم المجتمع الفلسطيني المعارض لسياسات القرضاوي إلى مجتمع كافر، والمؤيد له صالح.
على الرغم من أن حركة حماس أوهمت الشيخ أن كل الشعب الفلسطيني، وقطاع غزة يرحب بزيارته، من خلال الصور واليافطات والشعارات التي انتشرت على مداخل وطرقات قطاع غزة، في موقف مشابه للاستقبال السابق لأمير قطر وموزته،  إلا أنها وقعت في فخ هذا الوهم عندما عبّر غالبية الشعب الفلسطيني عن معارضته لهذه الزيارة، ولشخص القرضاوي ولمواقفه المؤيدة للتدخلات الغربية في المنطقة العربية، ولفتاويه التي دمرت ليبيا، وسوريا ودفع بسببها الأطفال حياتهم ثمناً لها.

لا يمكن على الإطلاق فصل موقف شعبنا الفلسطيني عما يجري الآن في سوريا والحرب العالمية التي تجري ضدها من أجل تدميرها بأدوات عميلة وتكفيرية ظلامية، عن الموقف الرافض لزيارة الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يُعتبر عّراب هذا التدخل الهمجي البربري في سوريا، بالإضافة إلى ارتمائه في حضن الرجعية العربية الممثل بدولة قطر التي تحاول تمزيق الدول العربية وتقسيم المقسم وخلق سايكس بيكو جديدة.

فجأة، تحّولت زيارة الشيخ القرضاوي في المنظار الحمساوي إلى زيارة تاريخية، وزيارة الفاتحين والمنتصرين، ومن يرى حجم الاستقبال الحافل له وسط أغاني "طلع البدر علينا"، وتشبيهه بالنبي عند دخوله المدينة المنورة، إلا محاولة تقديس لشخصيته المثيرة للجدل، وكأن الأمة على موعد مع رحلة إسراء ومعراج جديدة!!!، على الرغم من أن سيدنا جبريل توقف عن القيام بهذه الرحلة بوفاة الرسول محمد!!.

ليس غريباً أن تشهد حركة حماس تحولاّت في مواقفها، وتحالفاتها، فهي جزء من حركة الأخوان المسلمين، التي مرت بتحولات كثيرة منذ تأسيسها، ارتباطاً بصراعها من أجل الكرسي وبموقفها المعارض للقومية العربية، فتحالفت مع الملك، وبريطانيا، والسادات، ومبارك، فمتوقع جداً أن تحمل لوحة حركة حماس تحالفات جديدة وتحولات دراماتيكية، ولكن الغريب هو أن تذهب بعيداً وبعيداً جداً في تحالفاتها لدرجة أنها لم تستطع حتى الآن النظر ورائها إلى ما اقترفته مواقفها.
في سياق ذلك، ارتكبت أجهزة حركة حماس حماقة جديدة في خان يونس، عندما قمعت مسيرة تضامنية مع سوريا نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واعتدت بالضرب على الجماهير والصحافيين، وقامت بتمزيق صور الأمين العام لحزب الله اللبناني سيد المقاومة حسن نصرالله، في إعلان قطيعة تامة مع الحزب الذي كان دوماً مسانداً وداعماً لها.
وبعد أن سقطت الرواية الحمساوية في تبرير الجريمة التي حدثت، وحالة التنديد الشديدة في الأوساط الشعبية والإعلامية، انتقلت الحركة في طريقها للانتقام تحديداً من الجبهة الشعبية إلى اتباع أسلوب الردح، وكيل الاتهامات، والأكاذيب، والافتراءات عبّر كتّاب أعمدة رئيسيين في صحيفتي فلسطين والرسالة الناطقتين باسمها، في محاولة مستميتة منها لإخفاء الحقيقة، وتبرئة أجهزتها الأمنية مما حدث، على الرغم من أن الصورة كانت واضحة تماماً أمام الجميع، ومشاهد الضرب والاعتداء  كانت دليلاً واضحاً على كذب وافتراءات هؤلاء الكتّاب.

ما يدعو للسخرية والتهكم وقلة الحيلة ونقص الخبرة، أن الحركة وكّلت هذه المهمة إلى كاتب متلّون ومتقلب حسب التيار،  مشكوك فيما يكتب، وهو فايز أبو شمالة، المعروف للقاصي والداني من هو، بالإضافة إلى كاتب آخر وهو وسام عفيفة في جريدة الرسالة، وثالث اسمه عصام شاور من صحيفة فلسطين، وكالعادة لم تبتعد كتاباتهم عن درجة السخافة، والردح، والركاكة في التعبير، والدفاع المستميت عن أشياء مبتذلة ثانوية بعيدة عن جوهر الموضوع.

يتناول الرجل الشره للطعام فايز أبو شمالة في تدليساته والتي جاءت بعنوان " الجبهة الشعبية لحقوق الإنسان" حالة كذب واضحة لا تقبل الشك، ويحاول تأليف مسرحية من مسرحياته المعروفة، في حين الكاتب عصام شاور يكتب في صحيفة فلسطين مقالة مضحكة بعنوان " الجبهة الشعبية وعلمنة” المنابر" حاول من خلالها ربط معرفة سطحية ومحدودة بحقيقة الموقف الجبهاوي والفلسفة الثقافية بالأحداث التي  شهدتها خان يونس من أجل الانتقاد فقط، دون أن يألو جهداً في اعطاء نفسه وقتاً للمطالعة والتثقيف، حتى يبتعد فعلاً عن محاولة الكتابة ورص الكلمات وراء البعض دون الفهم الحقيقي لطبيعة الموضوع، أما الكاتب الألمعي وسام عفيفة، الذي طالعنا بمقالة مستغرب أن يستخدمها رئيس تحرير مجلة جاءت بعنوان " حتى أنت يا قملة" تثبت أن مستوى الإعلام الحمساوي هابط، بحاجة لإعادة تقييم، ورفده بالخبرات الكامنة، وبرؤساء التحرير والكتّاب الذين يعرفون معنى القلم وحقيقته، فكيف تورط صحيفة الرسالة الناس في تعيينها رئيس تحرير غير متمّكن، بالإضافة إلى أن مهارته الوحيدة فن الردح السياسي، والهجوم الأعمى. إن هذا يثبت أن تغيير نظام التعيين داخل المؤسسات الإعلامية الحمساوية بات ضرورة ملحة.

صدقوني، لم تعد كل الأكاذيب، والحجج، والسب والشتائم والردح مفيدة لكم في الدفاع عن موقف حركتكم السياسي، ودفاعكم المستميت عن الرجعية العربية، والسواد الأعظم من أبناء شعبنا الفلسطيني يعرف من هو معسكر الممانعة والمقاومة، ومن هو معسكر الرجعية والظلامية والذي للأسف تحولتم إليه. وأتحداكم أن تكشفوا عكس ذلك. ومن هنا ورغم فارق السن بيني وبينهم أقترح من السادة أبو شمالة، وعفيفة، وأبو شاور أن يقفوا أمامي في مناظرة، ليدافعوا عن موقف حركتهم، وأن يجيبوا في سياق هذه المناظرة جزء يسير من المواضيع التي سأثيرها ، وأهمها الإجابة عن الأسئلة التالية: ما هو تعريفك للنظام الممانع والمقاوم؟ هل النظام القطري نظام ممانع ومقاوم ومدافع عن الأمة العربية؟ ما هو موقفكم من تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي بأنه لو بعث النبي محمد من جديد لوضع يده في يد الناتو؟! هل كانت لحظة شيطان مثلاً اصطدمت بقدسية شيخكم العظيم!! ما هو تعليقكم لدعوات القرضاوي لأمريكا من أجل ضرب سوريا! هل هذا فرض عين على كل مسلم مثلاَ!! ما هو موقفكم من القواعد الأمريكية الموجودة في قطر!! ما هو شعور خالد مشعل وهدير الطائرات الأمريكية تحلق فوق فيلته الفاخرة الممنوحة له من قطر مكافأة على مغادرته سوريا ودول الممانعة!!، وسؤالي الأخير لهم، هل ضميرهم مرتاح وأنتم تدافعون عن هذا النظام ومفتيه!.

سقوط الخطاب الحمساوي والذي كان يسوده الخطاب الممانع والمقاوم، هو مقدمة للوقوع في شرك تنازلات أخرى طالما حذرنا منها، فلا يمكن على الإطلاق المزج بين ممارسة العمل المقاوم، والتجلي في الحضن القطري المتواطئ على المقاومة، فالمستتر خلف هذا الموقف، كأنما يريد أن تكون كتائب الشهيد عز الدين القسام جزءاً من قوات الناتو، وهو ما لا نتمناه، ولا نعتقد أن الكتائب ستقبل بذلك.

( انتهى)







الثلاثاء، 7 مايو 2013

بين زيارة القرضاوي وتمزيق صورة السيد نصر الله



أيمن أنور

لا يمكن اعتبار ما حدث اليوم من قمع أجهزة حركة حماس لوقفة تضامنية مع سوريا نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تجسيد لمفهوم الحكم الظلامي المطلق الاستئصالي فقط، بل نتيجة أيضاً للتحول التاريخي الجديد الذي جعل حركة حماس تتقوقع مجبرة داخل تحالف جديد، بدّل من جلدها وحرف بوصلتها، وحشرها بين مطرقة الدفاع المستميت غير المنطقي عن الأنظمة الجديدة المتحالفة معها، وبين سندان المغادرة النهائية لجبهة المقاومة والممانعة.

فجأة وجدت حركة حماس نفسها أسيرة لهذا الموقف، وضحية لتلك التحالفات، التي بدأت تأخذها رويداً رويداً إلى حالة من اللاوعي، وعدم الإدارك الحقيقي لتداعيات هذا التحول التاريخي في مواقفها،  تجلى اليوم في أسوأ صوره بتمزيق صور سماحة السيد حسن نصرالله في خان يونس.

وضعت الحركة نفسها في مأزق لن تستعيد عافيتها منه، وسيبقيها عرضة للانتقاد الدائم، خاصة وأن شعبنا الفلسطيني ليس شعباً ثانوياً أو عابر صحراء مدن الملح، بل هو شعب كان دوماً وما زال صانعاً للتاريخ، متشبثاً بموقفه المستميت غير القابل للأكسدة في مصانع تركيا، أو للابتزاز المالي من بنوك قطر، وبموقفه الذي يكفر بقطر، وأموالها، وعدم الترحيب وتقبل مفتيها شيخ الناتو يوسف القرضاوي.

حماس المحاصرة في قصر إمارة قطر والذي يطل على قاعدة السيلية والعيديد، لا تستطيع على الإطلاق أن تلبس مرة أخرى رداء المقاومة، و حتى محاولة الخروج من هذا القصر، أو التخلص من المأزق الذي وضعت نفسها به. لا سيما أن استمرارها في المضي في هذا الطريق، يضعها بشكل طبيعي في موازاة الجهات المعادية للمقاومة والمتربصة بها. ألم تتشابه ظروف قمع واعتقال أجهزتهم الأمنية لرفاق الجبهة الشعبية في المسيرة التضامنية مع سوريا العروبة، مع قمع واعتقال قوات الاحتلال الصهيوني لأهلنا في مناطق الـ48!!. ومن البديهي أن بداخلكم عقول تستطيع التحليل، والاستفادة من المقارنات. لكن أن تذهبوا بعيداً وتوغلوا كثيراً في المستنقع القطري، وتقوموا بتمزيق صور الرجل الذي كانا مثلاً كبيراً لكم في المقاومة والصمود والعروبة، فهذا لا يستطيع أحد أن يتقبله، أو أن يتفهمه، بل سيضعه في خانة الخائن المعادي للمقاومة ولوحدة الأمة العربية. لا تضطرونا إلى الذهاب إلى هذا الاتجاه. فحركة فتح وقعت به سابقاً ولم تستطع حتى الآن أن تخرج منه سالمة.
شيخ الناتو يوسف القرضاوي لن يدخل غزة حاملاً سيفه متوجهاً على رأس جيش إلى القدس لتحريرها، بل جاء لتأكيد الولاء، وتعزيز دوره المشبوه الإجرامي في خدمة المشاريع الصهيوأمريكية في المنطقة، وهذه المرة عن طريق تقييد حركة حماس في داخل مواقف وشبقات قطر وأطماعها.

قريباً جداً، سينقشع غبار المعارك، وستصمت الطائرات عن هديرها، وتعود دمشق إلى حضن حلب مزهوة بالنصر، وتعود الشام كما عودتنا قلعة جميلة وبهية وصامدة، ووفية لمن وقف معها وساندها وقاتل معها، ولكنها لن ترحم من خذلها، وطعنها في ظهرها، وتحالف ضدها. تذكروا هذا اليوم جيداً.

لا نتمنى طبعاً، أن تذوقوا نفس المصير الذي تعرض له سابقاً الرجال المحاربين "الساموراي"، عندما تركوا دروعهم وعدتهم الثقيلة ليرتدوا لباس الـ"كيمونو" والذي حولهم لمجرد رجال أمن مطيعين وليسوا مقاتلين، فطاعة القرضاوي مصيرها الفشل، لأنه الوجه الآخر للامبريالية والصهيونية والرجعية العربية، أما السيد حسن نصرالله فهو الوجه الآخر للشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي. هل ما زلتم تتذكرون وجه الشيخ ياسين  والرنتيسي؟! لندع الأيام القادمة تجيب عن ذلك.


الجمعة، 26 أبريل 2013

عن زيارة شيخ الناتو المرتقبة لغزة



أيمن أنور

لا يمكن وصف الزيارة المرتقبة للحبر الأعظم لما يسمُى الربيع العربي، وكبير كهنة قاعدة السيلية والعديد، وقاتل أطفال سوريا وليبيا والعراق مفتي الناتو الشيخ يوسف القرضاوي لقطاع غزة بالزيارة الدينية، بل أنها بقدر ما تحمله من نذير شؤم، ومقدمة لأحداث عصيبة ستتعرض لها الأراضي الفلسطينية ولبنان، بقدر أنها تحمل أبعاداً سياسية ورسائل لعدة أطراف أهمها للحركة الإسلامية التي تسيطر على غزة، والتي حولت قبّلتها بعيداً عن دول الممانعة تحت إشراف ورعاية هذا الشيخ صاحب الفتاوي المثيرة للجدل والتي تصب في خدمة المشاريع الغربية في المنطقة.

اعلنوا حالة الطوارئ في قطاع غزة لاستقباله، وزينوا الساحات وحارات ومخيمات قطاع غزة كما شئتم... وانشروا عناصر أمنكم في كل مكان، وأضيئوا المساجد التابعة لوزارة أوقافكم... وعلقوا آلاف الصور الجلدية على مداخل ومشارف الطرق... وعلموا أطفال الروضات والمدارس أنشودة تمدح القرضاوي... وهيبته!... وعظمته! وقداسته! وعدله! ومروءته ! وإحسانه ! وعطفه بزوجاته!، فهو سيرد على ذلك بابتسامة عريضة، وبعدها سيعيد التأكيد على لاءات قطر ومشاريعها وأوهام أميرها.

أنصحكم بعدم التعويل كثيراً على زيارته... فهو لن يعلن الجهاد على دولة الكيان الصهيوني انطلاقاً من غزة وفي مركز رشاد الشوا على الرغم أنه أفتى بالجهاد في سوريا العروبة!!، ولن يتبرع بجزء صغير من ملياراته التي جمعها من مهنة الإفتاء بالتدخل الأمريكي بالمنطقة... وبالبيعة لأمير قطر عاق والده، ولن ينتصر لأطفال غزة الذين أحرقتهم الحمم الصهيونية، والمؤامرات القطرية، والانحياز الأمريكي، الذي ما زال يطّبل له ويدعو لتقبله، في حين أنه يصف إيران بأنها محور الشر في المنطقة!!!.

القرضاوي سيأتي لغزة كنتيجة للزيارة السابقة لولي نعمته أمير قطر، من أجل استكمال طقوس تعمّيد حركة حماس بتعويذة ورشمة قطرية، من أجل استمرار الولاء، وإقفال كل الأبواب أمام "شيطان" " إيران" و" حزب الله" و"سوريا" من الدخول مرة أخرى إلى قلب حركة حماس.

زيارة القرضاوي تلويح من قلب غزة المقاومة باستمرار القتل والمجازر وسياسة قطع الرؤوس والهجمة البربرية الخليجية القطرية الغربية على سوريا العروبة.
دخول القرضاوي قطاع غزة فرصة للمتاجرة بتاريخ غزة وقيمتها ودماءها وشهداءها لإيهام الواقعين في شركه بأنه إمام المسلمين الأعظم، فإن لم تقبلوني نبياً جديداً فسأفتي بشرعية قتالكم وقتلكم بالطائرات الغربية.

تلويث القرضاوي أرض غزة عبر دخوله من مصر، هي دعاية انتخابية في الشارع المصري، لحركة الأخوان المسلمين، التي أصبحت مثار غضب وحقد غالبية المصريين.

ورغم كل ذلك، فالقرضاوي لا يعرف أن أرض قطاع غزة التي لا تتعدى مساحتها بضعة كيلومترات، هي أرض شموخ وكرامة وكبرياء ومقاومة، فإن وقعت إحدى فصائلها في براثن قطر ونفوذها وأموالها، فيوجد غالبية شعبية تكفر بقطر وتلعن أميرها، ومستعدة أن تستقبل مدير دائرة إفتاءها شيخ الفتنة القرضاوي بالأحذية.. فغزة جيفارا غزة...وأبو جهاد.. والرنتيسي... لم ولن تكون دعاية انتخابية جديدة للقرضاوي ولن تقبل أن تكون أرضها ساحة للعمالة، والتكفير، وقتل أطفالنا، فإن فقد القرضاوي عروبته وشرفه، فغزة ستبقى وفية لعروبتها، وحصن منيع ضد الوهابية والابتزازات القطرية، والمشاريع الغربية. فهي أصلب وأمتن وأكثر تجذراً وتاريخاً من تماثيل بوذا.

وأختم بجزء من أبيات شعر، من تأليف الشاعر الكبير أحمد مطر في هجاء شيخ النفاق والتكفير يوسف القرضاوي:

هُوَ قد أَفتى
وأنا أُفتي
العلَّةُ في سُوءِ البذْرةِ
العِلّةُ لَيسَتْ في النَّبْتِ
وَالقُبْحُ بِأخْيلَةِ الناحِتِ
لَيسَ القُبحُ بطينِ النَّحتِ
وَالقاتِلُ مَن يَضَعُ الفَتوى
بالقَتْلِ
وَليسَ المُستفتي
وَعَلَيهِ.. سَنَغدو أنعاماً
بَينَ سواطيرِ الأَحكامِ
وَبينَ بَساطيرِ الحُكّامْ
وَسَيكفُرُ حتّى الإسلامْ
إن لَمْ يُلجَمْ هذا المُفتي


( انتهى)

السبت، 6 أبريل 2013

حركة حماس بين الفضيلة والبراغماتية السياسية




أيمن أنور

لا يوجد فرق بين مواقف حركة حماس السياسية الأخيرة، وممارساتها في داخل قطاع غزة ضد حرية الرأي والتعبير، ومحاولات فرض سلطتها الدينية على المجتمع هناك.
حملة الفضيلة التي دشنتها قبل عدة سنوات، والتعدي على حريات الشباب، وقرار تأنيث مدارس الإناث، لا تختلف إطلاقاً عن هدننة معركة حجارة من سجيل، وتحويلها من انتصار معنوي للمقاومة، لنزيف شعبي يومي جراء التهدئة.

التغيرات الدراماتيكية في سياسة حركة حماس، وتحالفاتها، ومواقفها، وضعتها أمام معضلة مركزية لها بعد ديني وأخلاقي وسياسي، وفي مواجهة مفتوحة مع مجتمع فلسطيني صحيح بغالبيته محافظ أو متفهم للعادات والتقاليد، لكنه متعدد الثقافات، ولا يمكن أن يقبل بسطوة السلطة الدينية، أو فرض أسلمة المجتمع بالقوة، أو حتى تغليف الديمقراطية والشفافية والمجتمع المدني والمواطنة بشعارات دينية معتدلة.

هناك صراع مكتوم بين أطراف متعددة داخل حركة حماس قد ينفجر في أي لحظة، وما حالة التباين في المواقف حول موضوع تعدي الأجهزة الأمنية للحركة على الشباب في شوارع غزة، ودخول الكتلة الإسلامية الإطار الطلابي على الخط وتدشينها حملة لنشر الوعي الإسلامي، إلا ارهاصات لحملة عنيفة ستطال مختلف الحريات، وهنا سيحدث صدام حول ما كنت أتحدث عنه، وهو بين محاولات حركة حماس الانفتاح نحو العالم الخارجي، وهو له استحقاق كبير، وبين محاولاتها أسلمة وأخونة المجتمع في قطاع غزة.

أثبتت الأيام الماضية أن حركة حماس لا تستطيع على الإطلاق التعامل مع جدلية إدارتها للسلطة بطريقة مشابهة لإدارة سلطة "أوسلو" السابقة، أو إدارتها بطريقة يغلب عليها الطابع الديني البحت، فهي تضم في داخلها البراغماتي السياسي، والمتزمت الديني، وغير المتشدد، فالليبرالي الديني...إلخ، وحتى لا يمكننا تجاهل أن جزء من أعضاءها يطغى عليهم النهج السلفي شديد الحساسية لأي مواقف قد يُفهم منها بأنها محاولات تقارب بين سلطة حركة حماس، وبين الثقافات المتعددة في المجتمع. وهذا النهج هو أخطر ما في حركة حماس الآن من جانبه الاجتماعي، كخطر البراغماتي السياسي على حركة حماس، والتجديد لخالد مشعل كرئيس للمكتب السياسي وخروج محمود الزهار من المكتب السياسي خير دليل على ذلك.

ما نستطيع أن نلخصه، هو التأكيد على أن حركة حماس تعيش أزمة شديدة، وصراع مصالح داخلي، واختلاف سياسي في وجهات النظر، وفجوة عميقة، سينتج عنها بشكل طبيعي ممارسات هنا وهناك، يكون محاولة فرض السلطة الدينية على المجتمع، رغم أن هذا سيكون سبباً رئيسياً لمنع الحوار معها من الغرب. وفي كل الحالات هي الخاسرة بالتأكيد، لأنها وهي تحاول وخز دمل بدبوس قرارات الفضيلة ضد الحريات وفرض أسلمة المجتمع، فإنها ستغرق بما سيخرج من هذا الدمل.

( انتهى)

الخميس، 4 أبريل 2013

أبو زهري، نحن كافرون بقطر وأميرها




أيمن أنور


عندما قرأت اليوم تصريحات المتحدث باسم حركة حماس " سامي أبو زهري" ودعوته لاعتقال " المسيئين" لدولة قطر وأميرها على حد وصفه، تذكرت فجأة قصة عالمية شهيرة للكاتب الفرنسي " شارل بيرو" بعنوان " اللحية الزرقاء"، تتحدث عن أسطورة خرافية بطلها رجل شديد الثراء، يمتلك قصوراً مليئة بالتحف والقطع النادرة، إلا أنه ذو لحية زرقاء تثير اشمئزاز الجميع. ولكن طمع فتاة في أموال هذا الرجل ذميم الوجه أجبرها على الزواج منه، وفي يوم من الأيام قرر هذا الرجل الذهاب لرحلة لوحده، وطلب من زوجته عدم الدخول لغرفة في آخر القصر، وبعد أن غادر القصر لم تتمكن الزوجة من هزيمة فضولها طويلاً ففتحت الغرفة، فوجدت داخلها جثث سابقاتها من النساء قُتلن بطريقة بشعة وعلقن في الغرفة.
فحاولت الزوجة المصدومة والمرعوبة أن تهرب من هذه الورطة، لكنها تفاجئت بقدوم ذي اللحية الزرقاء الذي أمسكها وربطها وحاول قتلها بسكين، فأخذت هي سكيناً  مغروساً في عنق فتاة مقتولة وغرزته في عنقه، وقام هو بالمقابل برميها بالسكين  فقتلا الاثنين.

سر التشابه بين هذه الأسطورة القديمة، ومواقف حركة حماس السيريالية الأخيرة من قطر، يدعونا لمحاولة استحضار هذه القصة، لتحذير الحركة وتذكيرها من مغبة استمرار هذا التقارب ومديح قطر وأميرها الذي يمثل من وجهة نظري الرجل الغادر القاتل " ذو اللحية الزرقاء" ذميم الوجه واسع الثراء، وأن الطمع في هذه الأموال، لن يجر إلا القتل والعار لكليهما.

قد لا أستغرب من انقلاب حركة حماس الأخير على حلفائها السابقين، وتحالفها مع الرجعية العربية الممثلة بدول الخليج وعلى رأسها قطر، فمنذ تأسيس حركة الأخوان المسلمين على أيدي إمامها الأول حسن البنا عام 1928، والحركة في حالة انقلاب مستمرة على ذاتها وأفكارها وتحالفاتها، وأدى ذلك إلى حدوث خلافات وانقسامات وحتى اقتتال تخلله حوادث قتل داخلية لبعض رموزها الدينية على أيدي رموز دينية منافسة في الفصيل ذاته، إلا أنها وحتى الآن عاشت في حالة انفصام بين تطبيق التعاليم العشرين لمؤسسها البنا، وبين رؤيتها في التحالفات العلنية السرية مع الرجعية العربية الممثلة بأحفاد محمد عبد الوهاب من آل سعود، وبين التحالف السري الاستراتيجي التاريخي مع دول غربية مثل بريطانيا، ولذلك من الطبيعي ألا تخضع الحركة هذه التحالفات إلى الوصايا العشرة لتعاليم الإسلام الواجبة التنفيذ.
واستثماراً لهذا الموقف التاريخي القديم الجديد للأخوان، فأول الرقص حنجلة لحركة حماس تمثّل في تغليبها للسلطة على المقاومة، وتحويل أذرعها العسكرية إلى أجهزة أمن تابعة لهذه السلطة، ومن ثم وقعت في عثرات ومطبات وأفخاخ هذه السلطة، (نتحدث هنا بالواقع التكتيكي للحركة في إدارتها للمقاومة والذي حسمته في قبولها التهدئة الأخيرة، ولا نقصد ضرباتها العسكرية للاحتلال والتي تستغلها خدمة للواقع التكتيكي الآنفة الذكر، حفاظاً على السلطة، ورغبتها الحثيثة في فتح أبواب أمريكا وأوروبا على مصراعيها لها، ومن هنا جاءت بداية الانسحاب النهائي من التحالفات السابقة، والهرولة باتجاه قطر والآخرين).

نحن كافرون بقطر يا أبو زهري، لأن لنا عقل فلسطيني لا تغيبه الأوهام، ولا تؤثر عليه سحر الأموال، ولأن موقفنا من قطر ومعرفتنا بها وصل إلى درجة الكمال، لا نستطيع أن نقع ببساطة في أوحال شريعة الغاب، التي تحاول قطر عنوةً جركم إليها.

نحن كافرون بقطر يا أبو زهري، لأن لنا قلباً فلسطينياً عربياً ينبض بحب الوطن، والعروبة، والوحدة، لا يمكن أن يقع فريسة لأكاذيب قطر ومخططات أميرها وجرائمه لتفتيت المنطقة، فالدفاع عن قطر يحيلكم بشكل طبيعي إلى تقمص دور الراقص على ضحايا قطر، من أبناء أمتنا العربية، الذين قتلوا بفتاوى مفتي الناتو " يوسف القرضاوي" وتقديمهم قرباناً للمستعمر الأمريكي، والبريطاني، والفرنسي، والإيطالي.

كافرون بقطر يا أبو زهري، لأننا ورثنا من أجدادنا الكنعانيين غضباً هائلاً يقف في وجه اللقيطة قطر وأحلامها الخبيثة وأميرها العاق، فهل يجب علينا يا أبو زهري أن نعلن الولاء لدولة فتحت أول سفارة للكيان الصهيوني، ثم تكذب علينا بدموع تماسيح ألماً على جرائم الاحتلال بحقنا!!!.

لقد كفرنا بقطر يا أبو زهري... ونحن نكفر بقطر يا أبو زهري.. وسوف نكفر بقطر يا أبو زهري. موقفنا هذا حاسم وثابت ولن نتراجع عنه، ولن يكون على الإطلاق مساحة إعلانية مدفوعة الأجر على مداخل طرقات غزة، فهو موقف لا يقبل القسمة على الوطن، ولا يمكن أن تؤثر عليه كل ملايين ودولارات قطر وأميرها.

ختاماً، لا أريد أن أسجل موقفاً على متحدث وناطق رسمي باسم " حركة حماس"، من المفترض أنه يستطيع إدراك المواقف وتوصيفها وتحليلها وتمييزها، وليس الوقوع في شركها، كما أنني لا أريد أن أذكره بالآية الكريمة في سورة البقرة: "  وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون"، إلا إذا خرج علينا أمير قطر بأنه نبي جديد لهذا العصر ولكن بلحية زرقاء!!!.

( انتهى)

  







الثلاثاء، 2 أبريل 2013

جريدة " الأيام" الفلسطينية: ارتزاق وارتماء في الحضن الخليجي





أيمن أنور


يحلو لبعض الصحف الفلسطينية المنتشرة في مشهد أوسلو الفاسد، والتي تعاني من ضائقة مالية متواصلة، إلى استخدام صفحاتها، للاستثمار، والمتاجرة بالمواقف، من أجل فتح باب للارتزاق من وراء الأكاذيب، والتطبيل، والتهليل بأقذر خلق على هذه الأرض وهم ملوك وأمراء ورجالات آل سعود.

تحولت صفحات جريدة الأيام كصفحات لجرائد أخرى منذ برهة من الزمن إلى ناطق رسمي باسم المعارضة السورية، وإلى بوق اعلامي كاذب يبرر مواقف المعارضة، ويتهم الطرف الآخر بالمجازر والقتل وأعمال العنف والتدمير..إلخ.
لو كان لديهم أدنى مسئولية لكانوا تعاملوا بالحياد مع ما يجري في سوريا، لكن تدفق البيزنس عبر إعلانات أبناء آل صهيون من آل سعود، جعلها تسيل لعاب أكرم هنية، وغسان الضامن، لاتخاذ موقف منافق بثوا من خلاله الأكاذيب، ونشروا وساخات وقذارات المعارضة السورية، ومن يدعموهم من أحفاد محمد عبد الوهاب المجرمين.

لن أتوغل فيما نشرته جريدة الأيام للمتصهين ما يسُمى د.خالد الحروب وهو ذلك المرتزق الذي تحول لقلم مأجور لقطر، وآل سعود، والذي امتدح قرار جامعة عربان الخليج بتسليح المعارضة، واعتبرها خطوة إيجابية وجاءت بالوقت الصحيح!!، ولن أذهب بعيداً في تفصيل الأكاذيب والسموم التي تنشرها جريدة الأيام، ومن بينها نشر خبر يومي في أعلى صفحاتها يعتقد أنه ممول وهدفه سياسي بامتياز " عن مجازر هنا وهناك ترتكبها قوات الأسد!". بل سأذهب إلى الصفحة الثانية التي خصصتها بالكامل لأحد أسوأ وأقذر رجال الأعمال في العالم، وهو الأمير الوليد بن طلال، والذي يريد أن يعقد لقاءاً عبر أكثر من 14 محطة تلفزيونة وإذاعية عربية!!، وهنا أتحدى جريدة أيام أن تخصص عموداً مجانياً على صفحتها خاص بفتح صندوق اجتماعي لعلاج مرضى السرطان، والكلى، أو الأطفال الفقراء، أو لدعم صندوق الجامعات.

وهكذا أصبح فنانو جريدة الأيام حسن البطل، وسميح شبيب كومبارس، في وجود أبطال صف أول، على رأسهم الوليد بن طلال، وخالد الحروب، والكثير من الأقلام المأجورة.

لا أريد أن اسأل أكرم هنية عن المبلغ الفلكي الذي تتلقاه الجريدة من أجل نشر الأكاذيب، أو عن المبلغ الضخم الذي تلقيتموه من الأمير وليد بن طلال نظير نشر خبر لقاء سموه الهزلي والكريه على محطات فضائية، ولكن أود أن أستغل هذه المناسبة، لأتحدث عن موقفي القديم الجديد من جريدة الأيام، والتي سأعبر فيها عن بالغ اشمئزازي، واحتقاري لهذه الصحيفة، والمسئولين عنها، أنتم للأسف مجرد أقزام، وأدوات، في أيدي الظلاميين العرب من أتباع الصهيونية والامبريالية العالمية، خسئتم.




الثلاثاء، 26 فبراير 2013

عن البنادق التي فقدها الرجال



 أيمن أنور

لا توجد مجموعة قصصية فلسطينية تناولت رمزية نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه كما وجدناه في قصة "عن الرجال والبنادق" التي كتبها الأديب الشهيد غسان كنفاني، ورغم أنها جاءت بصورة مقتضبة سريعة، إلا أن أحداثها جاءت مكتملة الحبكة القصصية لدرجة أننا نكتشف ملامستها لأحداث معاناة الشعب الفلسطيني وآثار هزيمة حزيران، وعلاقة الإنسان الفلسطيني العضوية والتاريخية بالمرتينة ودور القائد في إرشاد جنوده.

تحمل "عن الرجال والبنادق" قيمة كبيرة لا يشعر بها إلا من تمرد على شظف الحياة والمعاناة، وأراد أن يواجه ويحمل البندقية بإصرار وعناد وعزيمة جبال.

لم يكتفِ غسان باستعراض تفاصيل حالة الإلهام التي أصابت الفتى الشاب بمرتينة خاله فقط، بل يدعو لإشاعة مناخ هذه العلاقة بين الشاب والبندقية على الفلسطينيين كلهم، حيث يقول غسان " لو حمل كل رجل في الجليل عشرين فشكة واتجه إلى قلعة صفد لمزقناها في لحظة"، إنها ليست وحدها إرادة البحث عن المشاكل والاقتراب من المخاطر والتي وجدناها في الشاب، بل في نبوءة نستلهم منها بث روح الوحدة من  خلال العمل الجماعي المقاوم.

يحدثنا غسان عن جدلية العلاقة بين القائد ومقاتليه، وكأنه يحاول أن يشعرنا أن كل مقاتل قائد مستقل الإرادة وله مطلق الحرية في إرشاد نفسه حول ما يتوجب عمله، ويواصل السير في طريقه دون الانتظار أو التفكير ولو للحظة عن ما هية الدور الذي يمكن أن يلعبه القائد أو الأوامر التي يمكن أن يوجهها له.

نقل لنا الشهيد كنفاني صورة البندقية إلى مرتبة الشرف، واصفاً الرجال الذين يحملونها والذين يزحفون تحت العتمة بأنهم بناة شرف نظيف غير ملطخ بالوحل الذي وقعنا به في حزيران، ويراهن على هذه البندقية والمقاتل في مواجهة محاولات كبح الهذيان الذي أصاب الجميع بعد هذه النكسة.

يصف كنفاني البندقية كشجرة صغيرة يتم قصقصة عروقها، وسلخ فروعها منها ليطعم فيها فروعاً أخرى، يرقعها ويشذبها ويملأ نواقصها حتى تعود فتبدو كتلة واحدة من جديد، وهو بذلك يفسر لنا سر العلاقة التي نشأت بين خال الفتى الشاب ومرتينته، وهي التي جعلته يسميها مدفعاً.

ما نستخلصه من هذه المجموعة القصصية الهامة، هي أنها تصلح لأن تكون نهج لحياة المقاتلين، ونداء لهم بألا يتركوا البندقية فهي طوق النجاة الحامي من أي نكسات، وأن الإصرار على عمل أي شئ والمخاطرة به يجب أن ينم عن رغبة جامحة في التضحية من أجل الهدف المنشود. وهي بمجملها فرصة لنا لانتقاد من خرجوا علينا اليوم لنفي فكرة عمل مقاوم صغير ضد الاحتلال أملاً في استمرار التهدئة مع الاحتلال، أو من يرفضوا فكرة المقاومة أصلاً ويقوموا بتحييد البندقية وتركها فريسة للصدأ.
( انتهى)






الخميس، 21 فبراير 2013

في طريقنا للانتفاضة الثالثة




أيمن أنور

من المؤكد أن ما تتعرض له الساحة الفلسطينية من صدامات يومية مع واقع الاحتلال، على رأسها قضية الأسرى التي أشغلت بالنا، وألهبت مشاعرنا وأدمت قلوبنا، فضلاً عن هزليات أزمات السلطة المتتابعة، قد وضعتنا جميعاً في حالة انتظار حقيقية لمرحلة ما بعد الانفجار.
هذا الواقع المرير فتح الباب واسعاً للتكهنات والتساؤلات والأمل والترقب وحتى الانزعاج من بعض ضعيفي النفوس بيننا، أن تؤدي هذه التطورات إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة تتصاعد وتيرتها شعبياً حتى تصل لدرجة النضج الكامل إيذاناً ببدء حرب التحرير الشعبية للأرض الفلسطينية التي تعاني مرارة الاحتلال منذ سنوات طويلة.
من باب الاستدراك لا الرفض أتساءل إن كان هناك فعلاً بوادر لاندلاع انتفاضة شعبية فلسطينية ينخرط فيها الجميع، تضطر فيها الفصائل ومؤسسات المنظمة والسلطات والأجهزة الأمنية للانصياع لهذه الهبة الشعبية!!، هل العامل الموضوعي متوفر حالياً لنجاح هذه الانتفاضة؟ أليست معاناة شعبنا الفلسطيني مركبة وتحتاج إلى اتخاذ موقف حاسم ولا يقبل القسمة على اثنين من موضوعات السلطة، والأجهزة الأمنية، والانقسام، وفساد المؤسسات الرسمية وعدم تفعيلها، لا سيما منظمة التحرير الفلسطينية؟!!.

صحيح أن اندلاع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية أصبح مسألة وقت، بعد أن تبلورت الظروف الحالية وتحالفت القيادات الفاسدة المتنفذة، مع الأنظمة العربية العميلة، والتحالف الامبريالي الصهيوني لتشكل مصدر تهديد وخطر وإرهاب وعدوان إضافي على الشعب الفلسطيني المتخم بالجراح، إلا أنه من المبكر استنتاج أن هذا الوقت قريباً جداً، فكما أسلفت سابقاً العامل الموضوعي ليس متاح الآن للانفجار الشامل، على الرغم من حالة الحراك الشعبي التي تزداد وتيرتها ضد الاحتلال الصهيوني، بالإضافة إلى الاحتجاجات الشعبية الداخلية الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة جداً الناجمة عن اتفاقيات أوسلو العبثية.

هذا الأمر يربطنا بشكل تلقائي بثورة عام 1936، والتي للأسف لم نستطع حتى الآن استخلاص تجربتها الغنية، وإيجابياتها، وسلبياتها، من أجل البناء عليها في نضالنا المستميت ضد الاحتلال الصهيوني، والأديب الراحل الشهيد غسان كنفاني هو أول من أماط اللثام عن هذه الثورة، وفسرها وحللها لنا بصورة نقدية واضحة ليست بحاجة لفك لوغاريتماتها، بل للتأسيس عليها في إعادة البوصلة لنضالنا من أجل حريتنا وتحقيق أهدافنا.
في  دراسته عن خلفيات وتفاصيل ثورة عام 1936، يحمّلنا الشهيد كنفاني - في تفسيره عن أسباب فشل هذه الثورة في وصولها إلى أهدافها – أمانة ونبوءة حقيقية ورسالة إلى الأجيال القادمة لو دققنا فيها سنجدها هي نفسها الموجودة الآن وسبب عدم تحقق شرط انطلاقة حقيقية وشاملة للانتفاضة الشعبية الكبيرة التي يُنظر إليها أنها آخر انتفاضات الشعب الفلسطيني في طريقه لنيل حريته.

لقد وصل الشهيد كنفاني إلى خلاصتين مهمتين حرفتا بوصلة ثورة عام 1936، وهي نفسها التي انعكست على الأزمة الفلسطينية حالياً، فالخلاصة الأولى تحدثت عن هيمنة قيادات متنفذة مستفيدة واقطاعية وحتى قيادات دينية على الحركة الوطنية بأكملها، أما الخلاصة الثانية هي ارتباط مصالح تلك القيادات بتنامي المشروع الصهيوني وشراسة إجراءاته وممارساته ضد الشعب الفلسطيني.

هذا التحالف الدينامكي هو سبب التحولات التي صاحبت ثورة 36 والانتفاضة الأولى، والتي تم فيها الانقضاض على الثورة الشعبية في كلتا الحالتين، من إخماد القيادات الاقطاعية لثورة 36 تبعاً لمصالحها، وإلى انقلاب قيادة منظمة التحرير المتنفذة برئاسة حركة فتح وياسر عرفات على الانتفاضة الشعبية في الانتفاضة الأولى من خلال توقيع اتفاقيات أوسلو، وهو الأمر الذي أدخلنا في دوامة وصراع تناحري داخلي ما زلنا نعاني منه الآن.

حينما يتم ترميم هذا الخلل الذي صنعته تلك القيادات فينا، وعندما تتخذ الجماهير الشعبية الفلسطينية قراراً جريئاً وواعياً بإسقاط تأثيرات وأدبيات اتفاقية أوسلو على عقولها وتفكيرها، بما يعيد الاعتبار لتجربة الكفاح الشعبي طويل الأمد ضد الاحتلال بمختلف الأشكال، وانسجام الذات والفصائل والمؤسسات في عملية متواصلة لمحاربة ودحض أوهام عملية التسوية ومفرداتها الخبيثة، وعندما نُعطى فرصة لمبدأ العدالة الاجتماعية لتشكل منهج حياة لنا في مواجهة الفساد المستشري، وعندما نتوحد جميعاً في مواجهة مخططات تصفية حق العودة، واستثمار معاناة الأسرى، عند تحقيق كل ذلك أنا متأكد أن الباب سيفتح على مصراعيه أمام انتفاضة شعبية ثالثة نقية وخالية من سلبيات التجربة الفلسطينية ستكون الانتفاضة الشعبية الأخيرة والفاصلة ضد الاحتلال الصهيوني وأعوانه.