الخميس، 29 سبتمبر 2011

استحقاق أيلول زواج عرفي سينتهي بانفصال طرفه الأساسي








قد يكون خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمم المتحدة أمس الجمعة جيداً ودغدغ عواطف الكثيرين وأثار حماستهم، ولم يتوقعوا أن يخرج بهذه الصورة التي خرجت عليه. وللوهلة الأولى حاولت الجهات المنظمة لفعاليات " استحقاق أيلول" تصوير الخطاب وكأنه ملحمة بطولية دشنها الرئيس، فاستحقت أن يخرج من أجلها الآلاف إلى شوارع الضفة الفلسطينية المحتلة التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية وعلى حركة الجماهير ) كنت أتمنى أن يخرج ربعها من أجل الأسرى).
من وجهة نظري كان الخطاب متوقعاً، لم يتراجع فيه الرئيس قيد أنملة واحدة عن برنامجه السياسي الذي يثير حفيظة الكثير من أبناء شعبنا الفلسطيني، وكان بديهياً أن يسرد معاناة شعبنا الفلسطيني وما يتعرض له من جرائم على أيدي الاحتلال، رغم ذلك فإن الاستناد إلى معاناة وعذابات شعبنا فقط لا تكفي وحدها، كان يجب أن يتضمن خطابه مدحاً لمقاومة شعبنا عبر مسيرة نضاله ضد الاحتلال وللبندقية التي جاءت بالرئيس عباس إلى مقر الأمم المتحدة نفسه كرئيس لمنظمة التحرير التي قدّمت الآلاف من الشهداء.


كان من الممكن أن يكون خطاب الرئيس الفلسطيني تاريخياً، ويشكل خطة إنقاذ وطنية يتوافق حولها الجميع من أجل مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، إلا أنه كعادته ربط برنامجه المألوف-  الذي للأسف لم يتزحزح عنه وأكد عليه – بخطابه العاطفي الذي لا يحمل جديداً، كانت لغته لغة الضحية والضعيف والهزيل ويظهرنا كأننا نتسول حقوقنا المشروعة أمام هيئة الأمم.
دعونا في البداية نتحدث عن الظروف التي مهدت لخطاب الرئيس الفلسطيني في الأمم المتحدة، وإعلانه دون سابق إنذار ودون إقرار من اللجنة التنفيذية، أنه بصدد الذهاب لهيئة الأمم لمطالبة بإعلان الدولة، وسمى مشروعه باسم " استحقاق أيلول".
 أبو مازن في قرارة نفسه اعترف بأن برنامجه القائم أساسه على التسوية والمفاوضات الثنائية وصل إلى طريق مسدود، في ظل اعتداءات إسرائيلية متواصلة هددت أركان سلطته الضعيفة أصلاً، وفي ظل ثورات كبيرة في العالم العربي غيرت من طبيعة المواقف، ومن هنا بدأ يفكر في طريقة لتحريك برنامجه المتوقف والفاشل عن طريق المبادرة بخطوة غامضة ومبهمة حتى الآن، رغم تضمين هذه النقطة في سياق عام في خطابه، إلا أن الجميع بمن فيهم قيادات في حركة فتح انتقدت هذه الخطوة ووصفتها بالمفاجئة، والتي كان ينبغي أن يعرضها الرئيس على المؤسسات الفلسطينية، ومن ثم لجماهير شعبنا حتى يكونوا على معرفة بهذه الأمور.


أقرت السلطة الفلسطينية سلسلة فعاليات خصوصاً في رام الله وخرجت الجماهير الفلسطينية في الضفة بالآلاف تأييداً لهذه الخطوة دون دراية كاملة بأهداف هذه الخطوة وبنتائجها، وبدت الأمور تبدو وكأن الرئيس الفلسطيني سيعود من الأمم المتحدة بدولة كاملة السيادة، حتى أن تلفزيون فلسطين على غير العادة بدأ يبث تغطية مفتوحة ومباشرة حول هذا الموضوع، وكأنه يحاول إقناع الجميع، من أن أغلبية الشعب الفلسطيني وراء هذه الخطوة، وقد صرفت نظرها عن آراء الأغلبية التي في معظمها وصفت خطوة الرئيس المفاجئة بأنها جاءت منفردة دون دراسة، وأكدت بعض الشخصيات أن ما يحدث هو جزء من عملية التسوية التي يجريها عباس كعادته، وانها تفريط بحقوق الشعب الفلسطيني كحق العودة، ويهدد مكانة منظمة التحرير الفلسطينية، وقد ذهب الكثير بعيداً ليأكدوا أن الرئيس عباس ذاهب لتصفية القضية الفلسطينية، ودعوا جماهير شعبنا إلى ضرورة الوصف الحقيقي لاستحقاق أيلول باعتباره خطوة لا تتقابل وتتفق إطلاقاً مع خطوة دعوة الأمم المتحدة لإنفاذ قرارات الشرعية الدولية عبر عقد مؤتمر دولي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية المنصفة لشعبنا، حيث ربط الرئيس عباس خطابه وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بأنه على استعداد للعودة للمفاوضات لايجاد حل دائم للصراع، فضلاً عن رفضه نزع شرعية الاحتلال، وهو تناقض واضح مع قرارات الشرعية الدولية التي في إحداها تؤكد على إدانة الصهيونية، وبهذا وقع الرئيس عباس في خطأ كبير عندما رفض نزع هذه الشرعية والاستمرار في المفاوضات معه.


ليست تفاصيل خطوة السلطة للتوجه للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة هي محل الخلاف الوحيد، بل شرعية وثقة الشعب الفلسطيني بالقيادة الفلسطينية التي رسبت في عدة اختبارات امام المؤسسات الدولية كفضيحتها في ملف تقرير غولدستون الذي طلبت تأجيله أكثر من مرة رغم أنها كانت فرصة لإدانة صريحة للجرائم الصهيونية، كما أن سياسة السلطة وأجهزتها الأمنية في الضفة وفشلها في التصدي لعصابات المستوطنين وقوات الاحتلال، ومبادرة الجماهير الفلسطينية بإنشاء لجان شعبية لحماية أنفسهم من المستوطنين مثال على اهتزاز ثقة وشرعية هذه القيادة، بالإضافة إلى أن استمرار الانقسام الفلسطيني واستمرار سلطتين قمعيتين في الضفة وغزة يؤكد فشل هذا المسار.


في موازاة ذلك رصدنا احتفالات ومهرجانات تبايع الرئيس وتباركه على هذه الخطوة المجيدة، حتى رأينا  إظهار اسم فرقة العاشقين بارزاً لتلميع الرئيس ومبايعته من خلال أغنية ملكية تمدح الرئيس وخطوته، والأمر الغريب أن هذه الخطوة قد سببت في نشوء معجزة خارقة وظاهرة الأشياء الطائرة لدى السلطة، كالطائرات الورقية التي تطير، وكرسي الأمم المتحدة رقم 194 الذي يطير فوق المدن والدولة من أجل هذه الدولة الموعودة.
ومن بركات الدولة أيضاً تعرفنا على دول موجودة على الخريطة العالمية، اعترفتا بالدولة الفلسطينية العتيدة هما ( انتيغوا وبربودا) !!!! ،  بالإضافة إلى دخول السلفيين على أجواء الخطاب التاريخي وخاطب أحد شيوخهم الرئيس قائلاً ( لقد صدقت فأسمعت وبينت فحججت وإننا بالله ثم بك لمنصورون( وكأن الرئيس قد حرر فلسطين وأراح شعبنا من الاحتلال!!!، وتصريحات لشخصيات مستقلة تصف خطاب الرئيس بأنه أعاد حركة التاريخ لفلسطين ( في مفاصل أساسية من تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة لم يتجرأ أحد أن يصف هذه المفاصل بأنها غيرت حركة التاريخ).
الأمر الأكثر غرابة والضحك هو وصف أحد قيادات حركة فتح معارضة " استحقاق أيلول" بأنه رجس من عمل الشيطان، في حين علق شاب فتحاوي على أسباب سقوط أمطار مفاجئة على الضفة بأنها مباركة من السماء لخطوة الرئيس في الأمم المتحدة!!!


حدث الخطاب وللأمانة كان خطابه معبراً في بداياته ينقصه اتخاذ الرئيس جملة من القرارات المصيرية التي تعيد بوصلته التي انحرفت منذ المفاوضات السرية مع الاحتلال في مطلع السبعينات والذي كان هو عرابها الأول.


العودة للمفاوضات الثنائية بالرعاية الأمريكية أو أي رعاية أخرى كالرباعية – وهو المتوقع – من شأنه أن يسقط مشروع الرجل، ويعيده إلى طاولة المفاوضات من جديد، وبذلك يكون استحقاق أيلول زواج عرفي سينتهي برغبة أحد أطرافه الرئيسية الانفصال، عندها نتمنى ألا يبرر الذين استقبلوا الرئيس بعد عودته من الأمم المتحدة استقبال الأبطال، رجوع الرئيس بعد فترة قريبة من الزمن إلى المفاوضات وبالشروط الإسرائيلية أن هذا لا يتعدى كونه حجب وطلاسم تحتاج لمن يفك سحرها.

السبت، 6 أغسطس 2011

الحراك الشبابي الفلسطيني سمك لبن تمر هندي


دون سابق إنذار وبرعاية غريبة من منظمة التحرير الفلسطينية انسدل الستار عن مسرحية "المؤتمر الشبابي الفلسطيني الأول" الذي كان مفترضاً أن ينظمه ما يسمى " ائتلاف شباب 15 آذار" في قاعة رشاد الشوا بمدينة غزة في أواخر/ شهر مايو الماضي، والذي أُلغي بعد تدخل الأجهزة الأمنية لحكومة حركة حماس.
صحيح أننا نرفض رفضاً قاطعاً تدخل هذه الأجهزة البوليسي، ونعتبره جزءاً رئيسياً من سياسة حكومتي غزة والضفة القمعية تجاه جماهير شعبنا، إلا أن عدم تنظيمه أنقذنا من محاولات نقل تجربة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الحالية المهترئة والفاسدة إلى قطاع الشباب، ومحاولات تلبيس ائتلاف شبابي فلسطيني  يتبع - تنظيماً ورؤية وبرنامجاً - إلى هذه القيادة المتنفذة ثوباً وطنياً لا يستحقه وفي ظل إغفال الأغلبية الواسعة من قطاعات الشباب في المجتمع الفلسطيني ( والتي بعضها لا تتبع منظمة التحرير الفلسطينية).
كيف يرتكب مركز التخطيط التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية خطيئة كهذه برعايته لهذا الائتلاف ذو التوجه الحزبي الواحد والمدعوم من القيادة الفلسطينية، دون مشاورة من بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الفاعلة، والتي لها توجهات تختلف تماماً عن ائتلاف 15 آذار ولم يتم مشاورتها أو دعوتها للمشاركة باسمها ورؤيتها في المؤتمر. إنها الفئوية العمياء واللغم الذي زرع في طريق الشباب وانفجر ليصيب أهدافهم ووحدتهم وحريتهم وكيانهم.
 ما تضمنته الدعوة التي وزعها ائتلاف 15 آذار على وسائل الإعلام كلام جميل ومنمق من مصطلحات الوحدة والدولة وحق العودة وتقرير المصير والحرية والكرامة وحقوق الإنسان والأسرى ( ربما خانتهم ذاكرتهم ونسيوا المقاومة في هذه الدعوة)، ولكن هل يحق لهم أن يعتبروا أنفسهم الإطار الشبابي الذي يقر السياسات العامة للشباب ومتحدثاً رسمياً باسمهم!!!! وهل للمنظمة الحق أن ترعاهم!!!.
جميعنا يريد تعزيز مكانة الشباب بالمجتمع الفلسطيني وفي مختلف المواقع، ونعرف جيداً أن الثورة الفلسطينية انطلقت بفضل جهودهم، والتي حصدت بها فصائل المقاومة الانجازات العملية على الأرض، ولكننا لا نريد نقل تجربة التسلط والاستئثار والتفرد داخل قطاعات الشباب هذه.
تواطئت إذن القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية وأعطتهم دوراً أكبر من حجمهم، كما كافأتهم على انشغالهم الدائم في صناعة نجوميتهم وشعاراتهم الرنانة لإنهاء ما يسمى الانقسام، ومحاولاتهم الحثيثة في ركوب الموج، وهم بشهادة الكثيرين لم يشكلوا أي عامل ضاغط حقيقي على طرفي الانقسام، وإن كانت هناك جهود حقيقية مشكورة لبعض الائتلافات .
بعيداً عن بعض المجموعات الشابة الناشطة فعلياً في الشارع الفلسطيني والتي تمتلك برنامجاً وطنياً حقيقياً واضحاً، فإن هناك حالة من التناقض والعشوائية والفوضى تسود الأجواء الشبابية الفلسطينية، التي تخرج علينا كل يوم بائتلاف جديد ودكانة أخرى من الدكاكين التي انتشرت في الساحة الفلسطينية، وجميعها تتباهى باستقلاليتها وبأنها على مسافة قريبة من الأحزاب جميعاً، ولكنها ليست كذلك وهي تتبع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لأحزاب أو مؤسسات مجتمع مدني.
ما أثار استغرابنا أيضاً ما تضمنته وثيقة صادرة عن لجنة تحضيرية عليا لما يسمى " شباب ثورة 15 آذار" من أجل التغيير والتحرير !!!، ومن يتابع هذه الوثيقة بالتفاصيل يتفاجئ أنها تتماهى في جزء منها بشكل كامل مع سياسة السلطة الفلسطينية، وتتجاهل دور منظمة التحرير الفلسطينية، وفي جزء آخر منها سمك لبن تمر هندي، بنود كثيرة وجمل وشعارات وقرارات ودعوات تخص الشأن الفلسطيني مركبة حاول من صاغها تنصيب نفسه وإطاره " قائداً أعلى للشعب الفلسطيني" واعتبر وثيقته النظام الأساسي الذي يتيح لهم تأسيس مجلس أعلى للشباب تحت ريادتهم!!!.
لن أعلق على جميع البنود التي تضمنتها الوثيقة الهزلية لهؤلاء الشباب، ولكني سأقتبس منها بعض القضايا التي تثبت عدم امتلاكهم الوعي الكامل، وأن أفكارهم شكلية مع أغلب قطاعات شبابنا الشريفة، فقد تناولوا في إحدى بنود وثيقتهم ( يبدو على مضض) المقاومة إلا أنهم دعوا لتركيزها في مناطق الـ 67 إلى جانب العمل السياسي والتفاوض والدبلوماسية والمقاومة الشعبية ضد الاحتلال!!!، بل وقفزوا على منظمة التحرير الفلسطينية واعتبروا السلطة الفلسطينية نواة الدولة القادمة حسب القانون الأساسي للسلطة وليس المنظمة!!!.
كما وقفزوا ووضعوا أنفسهم بديلاً عن المجلس الأعلى للشباب والرياضة، عندما دعوا صراحة لتشكيل مجلس أسموه " مجلس الشباب الأعلى" يشكلوا هم نواته الرئيسية، وبطريقة تنم عن عنجهية فئوية واستعباط واستهبال في التفكير أعطوا دوراً لمجلسهم ليتحكم في قضايا مصيرية ورئيسية تخرج عن سياق دور الشباب، يذكروننا بدور المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتحكم بالحياة السياسية في مصر.
غاب عنهم أن المجلس الأعلى للشباب يتبع منظمة التحرير الفلسطينية، وهو صاحب الحق في تشكيله كإطار شبابي جامع لكل الطيف السياسي الفلسطيني لكل القوى المنضوية في المنظمة، رغم اعتراضنا على صيغة تشكيل المجلس الأعلى للشباب والرياضة  الحالي الذي شكله محمود عباس أخيراً، ومطالبتنا بإعادة تشكيله بمشاركة الشباب وأطرهم ومؤسساتهم وإعطائهم فرصة لتعزيز دورهم ومشاركتهم في الحياة السياسية الفلسطينية بشكل لا يتعارض والثوابت الفلسطينية.
نتمنى أن نخرج من هذا المسلسل الهزلي ونساهم جميعنا في إصلاح حقيقي لواقع الشباب نواته رؤية وطنية هادفة، وليس استخدام الشباب لتنفيذ أجندات، أو محاولة تمييع دورهم المطلوب منهم إزاء التحديات التي تواجه قضيتنا الفلسطينية.
إصلاح واقع الشباب جزء أساسي من عملية إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، التي يقع على عاتقها مسئولية تمثيل قطاعات الشباب في انتخابات المجلس الوطني، وإعادة تشكيل الاتحاد العام لطلبة فلسطين.
إصلاح حقيقي يجعل منظمة التحرير الفلسطينية ومجلسيها الوطني والمركزي يقران سياسة ضابطة لعمل مؤسسات السلطة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي التي لعبت للأسف دوراً كبيراً في تمييع مواقف ورؤى واتجاهات الشباب، وخلقت جيلاً من المتطوعين الشباب المنتمين لمؤسساتهم الشبابية وأهدافها وبرامجها الخبيثة المستهدفة، أكثر من انتمائهم لبرامجنا الوطنية وأهدافنا في المقاومة والنضال والحرية والاستقلال.
الحراك الشعبي الشبابي الفلسطيني المستقل هو الحراك الذي أعاد اكتشاف نفسه من جديد وبطريقة عفوية مارس حقه ودوره الطبيعي في مقاومة التيارات الخبيثة التي تفتك بالمجتمع الفلسطيني من تيارات دعاة السلام والتطبيع والمهادنة والمقاومة السلمية ... فالحراك الشعبي الشبابي المستقل هو الحراك الذي دعا لوقف مهزلة الهيمنة والتفرد داخل مؤسسات منظمة التحرير وإجراء انتخابات مجلس وطني جديد... وهو الذي تقدم الصفوف في مارون الراس والجولان ورام الله والناصرة والقدس وغزة..
أبطال الحراك الشعبي الشبابي المستقل الذين يستحقون أن يُنظم مؤتمراً شبابياً لهم هم جميع الشباب الفلسطيني في الداخل والشتات.. هم شهداء هبة النكبة.. فأيهما تفضل أن يقود المؤتمر الشبابي الفلسطيني المستقل .. الشاب حسن حجازي الذي عاد إلى قريته يافا مسجلاً وقفة عز.. أم بعض شباب مجموعات 15 آذار الذين دعوا صراحة بعض المتضامنين الأجانب لمساعدتهم في الهجرة لأوروبا؟!!!!!

الاثنين، 6 يونيو 2011

رسالة للشباب.. حق العودة هو المدخل للدولة الفلسطينية





وصلني عبر البريد الالكتروني مبادرة جديدة أطلقتها مجموعة شبابية فلسطينية تحت مسمى "المبادرة الشبابية العالمية لدعم قيام الدولة الفلسطينية"، هدفها حشد وتأييد المجتمع الدولي والعالم الحر بالدولة الفلسطينية "العتيدة" المزمع الإعلان عنها في أيلول- سبتمبر/2011 القادم.
لم أشأ الانتقاص أو التقليل من أي جهد شبابي مبذول أو مبادرة شبابية فلسطينية تحمل عناوين وآراء خاصة، فحرية الرأي والتعبير يجب أن تكون مكفولة، وللشباب بمختلف أطيافهم الحق في أن يكون لهم دور بالحياة السياسية والاجتماعية الفلسطينية، بصفتهم الجزء الأصيل والمكون الأساسي للمجتمع الفلسطيني، والرافد الأساسي الثابت لنضال الشعب الفلسطيني وثورته من أجل الحرية والاستقلال، ولكن ليس من حقهم إطلاق مبادرة فضفاضة ركيكة لا تحمل أي مصوغات قانونية أو أبعاد واضحة شاملة عن القضية الفلسطينية تخاطب بها العالم وتستهدف الضغط والتحشيد عليهم من أجل قيام دولة فلسطينية على حدود الأراضي المحتلة عام 1967.

ولأن آخر ما ينشغل به المجتمع الدولي والعالم الحر المبادرات المحشوة بالجمل العاطفية والمناشدات والدعوات، فإن المبادرة بشكلها الحالي لا تصلح لأن تكون توافقية بين مجموعات شبابية تريد الضغط من أجل تنظيم فعاليات معينة والتظاهر والاعتصام أمام السفارات الأمريكية في جميع أنحاء العالم، فقد أعطيت أكبر من حجمها ولا تستحق حتى أن تكون مبادرة لإعلان دولة الموز، وهنا نتساءل بجدية عن الجهات التي تصيغ هكذا مبادرات والتي يثبت عدم درايتها بالمعطيات التاريخية والجغرافية والقانونية وحتى الأخلاقية للقضية الفلسطينية، فيبدو من صاغها مشدوه بأفكار مؤسسات الأنجئوز التي تدعو للسلم الأهلي والمهادنة والكرامة وتحقيق السلام العادل...إلخ.
ما يهمنا جميعاً كفلسطينيين ألا تنحرف البوصلة عن أهدافنا الإستراتيجية التي ناضلنا من أجلها وخسرنا الغالي والنفيس ودماء أبناءنا من أجل تحقيقها، لا نطلب من المبادرين لهذه المبادرة أن يعتمدوا في مبادرتهم على بنود الميثاق الوطني الفلسطيني الأساسي وهو البرنامج الاستراتيجي الشرعي الوحيد لنضال الشعب الفلسطيني لتحرير فلسطين، والذي تحايل عليه السيد عرفات عام 1996 خلال مسرحية استعراضية حضرها الرئيس الأمريكي " بيل كلينتون" في غزة، حيث قام بحذف وتعديل مواد مهمة من هذا الميثاق، بل نريد إجابة شافية واضحة منهم عن مفهوم إعلان ما يسمى الدولة لديهم وعلى أي أساس، وهل هناك آليات عمل حقيقية يمكن المراهنة عليها نستطيع من خلالها الضغط والتحشيد على المجتمع الدولي، دون انتقاص بالأهداف الاستراتيجية للشعب الفلسطيني!!!. وهل التظاهر أمام السفارات الأمريكية ( وأنا أؤيده تماماً) سيشكل حالة إيجابية دون المبادرة بإصلاح البيت الفلسطيني وانتقاد الذات، وإجراء عملية تقييم لتجربتنا النضالية بسلبياتها وإيجابيتها، الأمر الذي يؤكد ضرورة استباق التظاهر أمام السفارات الأمريكية، بالتظاهر أمام السفارات الفلسطينية والعربية، لأنها ببساطة أخفقت في ترجمة رسالة الشعب الفلسطيني التي عُمدت بالدماء ومطالبه.
المبادرة لا تختلف كثيراً عن برنامج السيد فياض لاستحقاق الدولة في أيلول ورغم تصريحاته المعلنة أمام الكاميرات أنها واجبة الإعلان على حدود الـ 67، إلا أن تصرفاته وتصريحاته الأخيرة لجريدة هآرتس تكشف عن أنه ليس لديه أي مشكلة في تعزيز دور السلطة وبناء مؤسسات الدولة على 30% من أراضي الضفة الغربية، بدون الأغوار، وبدون الأراضي المقام عليها الكتل الاستيطانية الضخمة، وقرى فلسطينية واقعة في مناطق ب، وج والموافقة على تبادل أراضي، وهنا المشكلة الأساسية التي تقاطعت فيها هذه المبادرة الشبابية مع برنامج فياض، فلا غرابة مثلاً أن يتفق المبادرين على اعتماد مدينة الروابي عاصمة لهذه الدولة بحجة التوافق مع رغبة المجتمع الدولي باستقرار الأوضاع ( هذا ليس من عندي، المقامرة في لعبة السياسة دائماً ما ينتج تنازلات، فكيف بمجموعات شابة لا يُعرف لسان حالهم هدف منظم أو جهة وطنية مباشرة ترعاهم، وهنا نطرح السؤال: من وراءهم وما هي أهدافهم!!!).
فضلاً عن أن المبادرة لم تتضمن كلمة " مقاومة" واحدة، وهي التي أقرتها الشرعية الدولية ولم ترفضها أصلاً، ولم تشير إلى الصهيونية ورفض العالم لها وهذا مثبت بقرارات الشرعية الدولية، ولم تربط أيضاً القضية الفلسطينية بأنها جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير،  فإن بها مغالطات ربما زرعت داخل المبادرة بقصد، على سبيل المثال فإنهم غالطوا أنفسهم عن قصد في تصريحات الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" والتي أشاروا فيها إلى تراجعه عن الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة، دون أن يقوموا بتوضيح أسباب هذا التراجع والتي ربط فيها موضوع الدولة باتفاق بين الكيانين " كيان السلطة المتنفذة وكيان الاحتلال"، يتم فيها عملية إجراء عملية تبادل أراضي ولقد أعربت بعض الشخصيات المتنفذة من القيادة الفلسطينية ومن بينها المريض ياسر عبدربه عن استعدادها لقبول هذا الحل، والأخطر من ذلك التلاعب بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين واشتراط عودتهم داخل حدود هذه الدولة المسخ، وهنا مربط الفرس، وهو الأمر الخطير، الذي جعلني أبادر بالتعليق على هذه المبادرة الشبابية.
صحيح أنني من الذين يؤمنون بأن معركتنا مع الاحتلال الصهيوني هي معركة وجود - معركة ضد احتلال استيطاني كولنيالي إرهابي عنصري- وأعتبر أن التوافق على مبدأ مرحلية الصراع مع هذا الاحتلال الفاشي خطأ جسيم ارتكبته الحركة الوطنية الفلسطينية، والتجربة أكدت استحالة قيام دولتين فلسطينية "وإسرائيلية" على هذه الأرض، وأنه لا دولة فلسطينية دون اندحار المشروع الصهيوني وزواله عن أرضنا، فإنني أدعو هؤلاء الشباب أن يتشبثوا بالحد الأدنى من حقوقنا الوطنية التي أقرتها الشرعية الدولية ( طبعاً أنا من الشباب الذين لا يثق في تحقيقها يوماً) لتكون أساس لمبادرتهم التي سبق وأن قلت أنها مبادرة أكدت على هدف جزئي من أهدافنا تم تعميمه كهدف رئيسي واستراتيجي ( وهو استحقاق أيلول) وهذه خطيئة كبرى وقع بها هؤلاء الشباب.
لم تخاطب المبادرة قلوب الأحرار في العالم عن طريق تذكيرهم بأهمية تطبيق قرارات الشرعية الدولية المنصفة لشعبنا ومن بينها إلزام دولة الاحتلال بتنفيذ القرار 194 ( قرار حق العودة والتعويض)، وإنما خاطبت عقول السياسيين الذين ينتظرون توجه القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة من أجل الإعلان عن الدولة الفلسطينية إما للاصطفاف بجانب دولة الاحتلال ورفض هذه الفكرة، أو الاعتراف ضمناً بهذه الدولة، وعدم تطبيق بنود أخرى مرتبطة بهذا الاستحقاق، وهو الخطر الكبير الذي حذرنا مراراً وتكراراً منه والذي يستهدف قضية اللاجئين، وهو ما نلاحظه بشكل واضح في تصريحات القيادة الفلسطينية المتنفذة مروراً بالدول الأوروبية والغربية، وبانسجام التحركات الشبابية الفلسطينية مع هذا المخطط الخطير وهو ظهر واضحاً في هذه المبادرة.
باختصار، إن التطبيل الدائم وصم آذاننا واستهبال عقولنا باستحقاق الدولة القادم، واستحداث مسرحيات ومبادرات من أجل تمييع الحقوق الوطنية الفلسطينية، لن يقبله فلسطيني واحد يؤمن بحقه في تقرير مصيره والعودة بغض النظر عن قيام هذه الدولة أم لا، فالقرار الأممي رقم 242 المؤرخ في 22 تشرين ثاني عام 1967 واضح وضوح الشمس للذين أصابهم العمى، فهو ينص على "ضرورة سحب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها عام 1967،  وتحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين قائم على أساس (حق عودتهم إلى أراضيهم التي هجروا منها قصراً، وحقهم في التعويض حسب قرار 194).
فالحذر.. الحذر من أن يكون إقرار استحقاق الدولة القادمة في جنبات الأمم المتحدة والتهليل الفلسطيني به مقدمة للتآمر على حق العودة من خلال تكريسه كقضية إنسانية فقط على حساب الطابع السياسي لهذه القضية الهامة والخطيرة، مما يستوجب ربط أي استحقاق للدولة بهذا الحق، فالدولة وحق العودة واجب تنفيذهما كحزمة واحدة في آن واحد دون إبطاء، وإلا على القضية السلام وهذه رسالة مهمة للشباب".
من هنا كان من الضروري على المبادرين لهذه المبادرة الشبابية تأجيلها، لحين استخلاص الدروس من مبادراتهم المتراكمة الفاشلة " الشعب يريد إنهاء الانقسام" " الشعب يريد إنجاز المصالحة" ، فلا تحقق انهاء الانقسام ولا أنجزت المصالحة حتى الآن، وأنصحهم بقراءة دراسة " ثورة 36" للأديب الراحل غسان كنفاني والتي تحمل تحليلاً دقيقاً ووافياً عن حقبة ثورة زاخرة بإيجابياتها وسلبياتها.
 رغم ذلك، ومن وجهة نظري فإنني لا أنظر للدولة الفلسطينية القادمة من منظور مرحلي قائم على الـ 67، وأوافق الشهيد الحي ناجي العلي في ثوابته التي لا يتصور فيها دولة فلسطينية إلا في كل الخارطة الفلسطينية، وتأكيده من خلال مبدأيته الصادقة بأن الدولة التي لا تشمل قريته (الشجرة) ليست دولة، ولهذا رفض فكرة المرحلية رفضاً باتاً، حيث قال ناجي " لا" في عصر " نعم"، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وليس بالجالاري يا شباب.

الجمعة، 22 أبريل 2011

رفيقي "فيتوريو" وسادتك بالبارد ما زالت دافئة




أيمن أنور
في أجواء حماسية وحزينة وتصفيق وهتافات مؤيدة للشعب الفلسطيني وعلى إيقاع الأغنية اليسارية الإيطالية الشهيرة " بيلا تشاو بيلا تشاو" استقبلت جموع إيطالية وفلسطينية حاشدة ورفاق من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مطار روما جثمان الشهيد المتضامن الإيطالي " فيتوريو أريغوني"، والذي استشهد في قطاع غزة بأيادٍ غادرة من أذرع الاحتلال الإسرائيلي. ومن المفترض أن تشيع جثمانه يوم الأحد القادم في مسقط رأسه بإحدى ضواحي ميلانو.
ما يميز حفاوة الاستقبال من جانب رفاق دربه وأصدقائه وعائلته وحركة التضامن الإيطالية مع الشعب الفلسطيني أن أعلام فلسطين ورايات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم تغيب عن ساحة المطار، وامتزجت بأعلام إيطاليا وصور المناضل الإيطالي أريغوني.
هم خاطبوا روحه التي تعمّدت بحب فلسطين وشعبها.. بأنها حاضرة في وجدانهم ولن تستطيع جماعات مارقة مشبوهة غريبة عن عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني أن تمنع تضامنهم ووقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل نيل استقلاله وحريته.
لسان حالهم ينشدون البيلا تشاو ويقولون وداعاً رفيقنا مت وأنت تودع جميلتك كلاوديا.. وداعاً وأنت تقاوم.. وداعاً وأنت ستدفن أعلى الجبل وتحت ظل زهرة جميلة...وداعاً رفيقي وكل الذين سيمرون هناك سيقولون .. كم كانت هذه الزهرة جميلة.. زهرة الفدائي... الذي مات من أجل الحرية.. من أجل بحر غزة الذي روضت موجه الهادر بأنشودة " أناديكم".. ومن أجل شاب فلسطيني شاركته الرقصات والدبكة الشعبية في عرسه الذي أقامه بين أطلال بيته المدمر شمال غزة.. من أجل فتية جنوبيين ردمت حياتهم وأحلامهم تحت الأنفاق.. ومن أجل أطفال عائلة السموني التي كنت لهم نعم الأخ والأب والصديق وشاركتهم أفراحهم وأحزانهم وخيمتهم.
نعتذر إليك رفيقي الغالي من أولئك الذين استقبلوا جثمانك على معبر رفح براياتهم الحزبية.. لم تصلهم رسالتك بعد.. لكنها وصلت فعلاً إلى جبهتنا.. جبهة الحكيم وأبو علي وأبو غسان.. التي رفضت رفضاً قاطعاً أن تمتلك وحدها شرف إقامة جنازة رسمية مهيبة له في القطاع، رغم أن هذا حقها تماماً بصفته أحد رفاقها الإيطاليين المقربين منها، لأنها جبهة الجماهير تدرك جيداً أنه كان صديقاً للشعب الفلسطيني كله وليس للجبهة وحدها.. لذلك طلبت من جميع رفاقها وكوادرها الانخراط بالجموع الحاشدة في تشييعه في قطاع غزة، وحمل علم فلسطين وصور الرفيق الراحل.
رفيقنا الغالي.. كم تمنى رفاقنا بمخيم نهر البارد أن يشاركوننا تشييعك.. وأن ينثروا على جثمانك الورود.. كيف لا وأنت شاركتهم بناء مكتبهم في المخيم طوبة طوبة بعد المعارك الأخيرة بين الجيش اللبناني وأعضاء فتح الإسلام في المخيم... وسادتك وفرشتك هناك ما زالت دافئة تنتظر روحك الطاهرة على أحر من الجمر.. كم يشتاق رفاقنا بالبارد.. شيوخه ونساءه.. لابتسامتك المعهودة وضحكتك التي كانت لا تفارقك.. نفتقد عشقك لوطنك الآخر فلسطين الذي استوطن داخلك..
إلى اللقاء رفيقي.. لن ننساك ما حيينا.. وسنرفع شعاراتك التي ناديت بها من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.. لنكون بشر فعلاً..وصلت الرسالة.

( انتهى)

الجمعة، 25 فبراير 2011

النضال الافتراضي ليس بديلاً عن الحركة الوطنية

أيمن أنور
تحاول السلطة الفلسطينية جاهدة إنقاذ ما تبقى من كيانها وسلطتها،عن طريق اجترار مواقف فاشلة هادفة لاستباق أي ارتدادات وانعكاسات على وضعها وحكمها الذاتي المحدود في الداخل الفلسطيني لزلزال التغيير العربي الذي أطاح بأعتى دكتاتوريات المنطقة العربية والذي تتقاطع مواقفه تماماً مع مواقف السلطة الفلسطينية، وهو الرئيسي المصري محمد حسني مبارك، الذي أُجبر على التنحي بعد ثورة شعبية مصرية عارمة، ومن قبله أجبرت ثورة شعبية مماثلة في تونس على الإطاحة برمزٍ آخر من رموز التبعية والاستبداد والطغيان زين العابدين بن علي. كما وشهدت دول عربية أخرى احتجاجات وانتفاضات شعبية بوتائر مختلفة كليبيا والجزائر والبحرين والعراق، أكدت على أن عملية سقوط أحجار الديمانو تباعاً قد بدأت بالرئيسين التونسي والمصري، وستستمر بالسقوط وستأخذ في طريقها كل أنظمة التبعية والظلم والفساد والخذلان، وأثبتت التحليلات السياسية والوقائع العملية أن السلطة الفلسطينية لن تكون بمنأى عن عملية التغيير هذه لارتباطها الموضوعي والمنهجي بنظام كامب ديفيد، والتطبيع والتبعية.
" ثورة الكرامة" أول السقطات..
المأزق الجدي الذي تعيشه القيادة الفلسطينية المتنفذة والسلطة الفلسطينية حالياً – خاصة بعد تسريبات قناة الجزيرة لوثائق المفاوضات، والذي أثبت صحة ما توقعه السواد الأعظم الفلسطيني من تنازلات كبيرة تورطت فيها هذه القيادة في مفاوضات عبثية وراء الكواليس ، وضعها لأول مرة منذ إنشاءها في خطر يتهدد وجودها وكيانها واستمرارها، وجاءت التطورات العربية الأخيرة والانتفاضات الشعبية التي قادها الشباب وصغار السن، لتزيد من هذا الخطر، وتقضي على أي أمل في استقرار مسيرة التسوية والمفاوضات التي راهن عليها هؤلاء المنتفعون والفاسدون، وأصبحت المسافة تزيد بينهم وبين شعبهم رويداً رويداً، هم بفسادهم وخنوعهم في وادٍ وشعبنا بآلامه وصموده ومعاناته بوادٍ آخر، وجعلها تسقط في أول اختبار عملي بعد ثورتي تونس ومصر، باستباق الثورة عليها من الشباب الفلسطيني بالإعلان عن ثورة افتراضية لا معنى ولا رؤية ولا أهداف لها، ودعمتها بالخفاء وأوهمت عدد كبير من الشباب المخدوعين بأنها ثورة حقيقة وهبة جماهيرية شرعية شريفة وامتداد طبيعي للمجموعات الافتراضية في العالم العربي والتي انطلق منها الشباب لخوض انتفاضتهم ضد أنظمتهم، وقامت السلطة الفلسطينية، وأسمتها " ثورة الكرامة" وتدثرت أهدافها الخبيثة وراء شعار " الشعب يريد إنهاء الانقسام" وحددت رؤيتها من هذا الشعار بالثورة ضد الظلم والقمع الممارس من قبل حركة حماس، وضد كبت الحريات، والدكتاتورية والقمع والظلم في قطاع غزة، كما صرح به القيادي في حركة فتح توفيق الطيراوي.
من حيث المبدأ أنا لا أختلف مع أي جهة شبابية أهدافها نبيلة بإطلاق مبادرة ومجموعة باسم " ثورة الكرامة" تحدد أهدافها بإنهاء الانقسام، ومواجهة كبت الحريات والدكتاتورية والقمع والظلم في قطاع غزة، وأعترف أنه يُمارس فعلاً من قبل الأجهزة الأمنية في غزة، ولكن الأمانة تقتضي منا ألا ننظر في عين واحدة، ويحتم علينا أن يشمل شعارنا الضفة المحتلة، ومواجهة الممارسات المماثلة والقمعية التي يرتكبها أفراد الأجهزة الأمنية في الضفة ضد جماهير شعبنا، ولذلك فشلت هذه الدعوة الاحتجاجية الحزبية الفئوية في تأطير الجماهير والنزول للشارع.
فياض وتشكيلة الحكومة السقطة الثانية..
وسقطت السلطة الفلسطينية في اختبارها الثاني عندما احتج عدد من الشباب الفلسطيني على دعوته إياهم للمساعدة في اختيار وزراء جدد من خلال صفحته بموقع فيسبوك الاجتماعي، حيث برروا احتجاجهم أن فياض يحاول اجترار المواقف المبدئية واستباق ثورة افتراضية حقيقية على كيانه المسخ، عبر دعوتهم للمشاورة في حكومة غير شرعية، وواحدة من ثمرات الانقسام السامة كحكومة غزة أيضاً، وكأنه يقول لهم ابتعدوا بدعواتكم عن هذه الحكومة نحن الشرعية، والرسمية، ونقود الحداثة والديمقراطية، وأنا أقودكم لدولة عصرية عاصمتها مدينة الروابي، وباستطاعتكم توجيه سهام احتجاجكم نحو الطرف الآخر".
ج
ثورات الفيس بوك ما لها وما عليها ،،،
حاولت خلال الأيام الماضية مراقبة التطورات الراهنة على الصعيد الافتراضي، والخطوات المتسارعة التي تبناها مجموعة من الشباب الفلسطيني بمختلف انتماءاتهم – أعتبرها خطوات شرعية ومبررة ومنطقية، وأتمنى أن تتطور وتأخذ منحى تنفيذي والانطلاق نحو الرؤية والهدف الحقيقيين – وبعد متابعة حثيثة على مدار الساعة لمجريات المجموعات التي تشكّلت لفت نظري مجموعة من الملاحظات وقع فيها مؤسسيها، والتي تؤثر إلى حد كبير في وصولهم للتقدم خطوة كبيرة نحو هدفهم المنشود، فقد وقع المحظور وغابت الشعارات المركزية وراء شعارات ثانوية، وسيطرت الرؤى الشعاراتية الافتراضية، على الرؤى الواقعية العملية، وعجزهم عن صياغة أهداف تراتبية تبدأ بأهدافنا الإستراتيجية كشعب يخوض مرحلة تحرر وطني، وتنتهي بالأهداف العامة والحياتية والاجتماعية والاقتصادية، لم أجد مجموعة واحدة ابتعدت عن العاطفة قليلاً، وسجلت رؤية متكاملة واضحة ومتينة تلقى قبولاً من الجميع، ويلتف حولها الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، وجدت شباباً انتابتهم حالة تحدي جميلة ليست غريبة على أبناء شعبنا، وإن عبروا عنها بعاطفة جياشة مزجت مواقفهم الخاصة والشخصية في حدثٍ معين تعرضوا له في مواقف يجب أن تكون موحدة ذات طابع وهدف واضحين تعكس القدرة على قراءة الواقع بشكل حقيقة وواعٍ بعيداً عن الاجتهادات الشخصية، وبالطبع هذا الرأي لا يقلل أبداً من مشاركات مميزة لبعض الشباب حددت رؤيتها وأهدافها ووصفت الواقع بطريقة واعية ومحترمة، يمكن البناء عليها في نجاح أي عمل موحد مطالب به خلال الأيام القادمة.
اتجاه هؤلاء الشباب بسرعة نحو تقليد أحداث تونس ومصر عبر إنشاء غرف افتراضية هدفها تحريك الحالة الفلسطينية الراكدة، أوقعهم بهفوة أخرى بالغة، وهي أنهم لم يحسنوا تقدير الأسباب الحقيقة للثورتين وكانوا مغيبين فعلاً عن تراتبية الأحداث التي كانت تعصف بالعالم العربي خاصة في تونس ومصر، والتي بدأت منذ سنوات ماضية وأنتجت تراكمات انفجرت فجأة وكانت شرارتها حدث معين هنا وهناك.
وقع شبابنا في خطأ قاتل، أنهم حددوا آليات عملهم كاملة وأفنوا جهدهم في العالم الافتراضي، وهم لم يلتقطوا بشكل كامل ما حدث في مصر وتونس لأنهم فعلياً بعيدين عن هذه الأحداث منذ سنوات، فمحاولات أنجزة هؤلاء الشباب واستيعابهم ضمن منظومة ليبرالية تقبل بالسلم الأهلي، ومواضيع حقوق الإنسان والمجتمع الفاضل، تبتعد رويداً رويداً عن قيمنا وثوابتنا الفلسطينية وموقفنا من الاحتلال، كانت سبباً في عدم التقاط هؤلاء الشباب أن الثورة والانتفاضات الشعبية المتتالية في العالم العربي لم تبدأ من العالم الافتراضي والفيس بوك والتويتر – وإن كانت وسائل مهمة ساعدت في هذه الثورات - بل بدأت من الشارع وبشكل تتابعي تراتبي متتالي ينتقل من حدث وردود على هذا الحدث، حتى نضجت فعلاً هذه التراكمات، وولّدت ثورة جماهيرية.
المدونات المصرية ومجموعات الثورة خير مثال
إذاً انتظرت الثورتين المصرية والتونسية سنوات عدة للنضوج، مثال على ذلك نجاح الشباب المصري في نقل معاناتهم وممارسات أجهزة الأمن المصرية للنظام السابق بحقهم إلى العالم الافتراضي، والتي لم تبدأ في الخامس والعشرين من يناير الماضي، بل منذ عام 2004، من خلال مدونات سجلت الواقع المصري المعاش، احتوت على كتابات، وتحقيقات، وصور، ومقاطع فيديو للجرائم والممارسات التي كانت ترتكبها الأجهزة الأمنية في أقسام الشرطة مثلاً.
هذه المدونات والتي نقلت ما يدور في الشارع المصري إلى العالم وحركت خطوات احتجاجية في الشارع نفسه، لم يتسم عملها بحروب الدردشة وتبادل الشعاراتية، بل في إثراء هذا التوثيق ونقل المعلومات، بخطوات الاحتجاج على الأرض، وقيادتهم حملات ومظاهرات ضد سياسة الحكومة المصرية، وضد توريث الحكم، والفساد والدعوة للإصلاح والتغيير، حتى أصبحت تلك المدونات مكتبة هائلة من صور المظاهرات والندوات والمحاضرات والتصريحات حول القضايا المصرية الشائكة، وهذا ما لم يقوم به شبابنا الفلسطيني، حيث تأخر في هذا المضمار، وقفز عنها إلى مرحلة الافتراضية دون خوض هذه التجارب التي توثق الممارسات للانتهاكات في الداخل الفلسطيني.
لو تابعنا حقاً ما جرى من نهضة شبابية مصرية في السنوات الأخيرة، لأيقنا أننا ما زلنا في بداية الطريق، وتأخرنا فعلاً، ولم ينزل شبابنا للميدان للاحتجاج على واقعهم المزري، بل استغلت بعض الأطراف طاقاتهم لإثارة البغض والكراهية على بعضهم البعض، أدى إلى امتزاجهم في ثقافة الانقسام ولعبوا دوراً سلبياً في هذه الحالة. كيف سنمضي قدماً في ثورة افتراضية، ونحن لم نستطع تقليد تجربة أشهر مدونة مصرية وعربية " الوعي العربي" والتي كان لها دوراً كبيراً وما زال في نقل صورة الواقع إلى العالم الافتراضي، واعتبرت المصدر الأهم لجميع وسائل الإعلام المصرية والمعارضة والدولية، يكفينا أن يكون صاحبها " وائل عباس" أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم حسب استطلاع أجرته صحيفة غربية، وتعزز هذا التأثير مجدداً خلال الثورة المصرية عندما نشر بشكل حصري تحقيقات مهمة وشهادات، مدعومة بتسجيلات فيديو وصور، عما جرى من مذابح في بعض السجون المصرية في الأيام الأولى للثورة، فضلاً عن أحداث مصادمات الإسكندرية، وتفاصيل قتل اللواء البطران، ووثائق بنكية تثبت فساد قيادات النظام السابق، أين نحن من ذلك هل نزلنا للشارع ووثقنا وممارسات الأجهزة الأمنية في الضفة وغزة، فضلاً عن جرائم الاحتلال في الضفة ودعمناها بتحقيقات وشهادات ونشرناها من خلال مدونات وغرف خاصة، لماذا انطلقنا للعالم الافتراضي دون خبرة أو برامج توعوية للاستفادة من هذا العالم ؟ لماذا عززنا التقليد على حساب الإبداع، يكفي أن نذهب لمدونة الوعي المصري ولفقرتها الأولى لنجد صورة الإبداع في التأثير على العالم من جملة صغيرة نقشها وائل عباس في افتتاحية المدونة " هذه المدونة على مزاج صاحبها اللي مش بيشتغل عند حد"، كان يمكننا الاستفادة من هكذا إبداع في إدخالها في ثقافة الاحتجاج في داخلنا الفلسطيني، لأننا ندرك أننا شعب ملئ بالإبداع ولديه الكثير ليعطيه، إلا أننا حتى الآن لم ننجح في استثمار هذه الروح الإبداعية، سواء كانت بطريقة سياسية ساخرة أو كوميدية.
مقارنة مختصرة بين مجموعاتنا الافتراضية والمجموعات الافتراضية المصرية:
لو انتقلنا لمدونة مصرية شهيرة أخرى اسمها " منال وعلاء" لوجدنا أنها تضمنت تغطية يومية ومستمرة للأحداث، باللغتين العربية والانجليزية، لدرجة أنها تجاوزت الأحداث المصرية، وانتقلت للأحداث ذات الطابع القومي، مثلاً قضية الحصار على قطاع غزة ومعبر رفح، واستهجنت موقف النظام المصري من هذا الحصار، وتساءلت باللهجة المصرية " ليه حكومتنا بتلتزم بكل الاتفاءات مع كل الدول اللي عندها حدود معها وتضمن دخولهم بحرية، إلا في فلسطين، ليه في جدل شديد حول فتح معبر رفح، وليه الفتح يقتصر على ادخال معونات ولا استقبال مرضى "، هذه عبرة مكتسبة أوجهها لشبابنا الفلسطيني الذين لم يبادروا حتى هذه اللحظة وباللغات بإنشاء مدونة أو موقع عن مشكلة الحصار ومعبر رفح، وانشغلوا للأسف في اتهام بعضهما البعض في مسئوليته عن هذا الحصار.
وننتقل إلى غرفة " كلنا خالد سعيد " المشهورة على الفيس بوك، والتي اقتربت عضويتها من المليون، والتي أخذت اسمها من شاب مصري اسمه خالد سعيد قتل على أيدي أجهزة مبارك، نتيجة التعذيب، فقد افتتحت الغرفة بسؤال مهم جداً وباللهجة المصرية " احنا مين وعايزين إيه؟" ، وهذا ما لم نستطيع في مجموعاتنا الفلسطينية أن نوحده، فقد تضمنت هذه الغرفة كلمات بسيطة مختصرة " الصفحة دي لكل المصريين، بغض النظر عن دينهم أو جنسهم أو تعليمهم أو مستواهم الاجتماعي أو انتماءهم السياسي، اتجمعوا عشان عايزين بلدهم احسن وعشان خالد سعيد يرجع كرمز، وتهدف الصفحة للتعريف بقضايا وهموم المصريين خاصة اللي له علاقة بقضايا وحقوق شعبنا وهموم المصريين، واي انتهاكات لهذه الحقوق التي كفلها الدستور المصري ودي مش حيحصل إلا لما نتحد كلنا ونكون ايد واحدة وسنقيم لنا أكبر عدد من المصريين على الانترنت وخارجها من خلال النشاط اللي كنا نشارك به، الصفحة تفضح أي محاولة لتهديد أو ابتزاز أي مصري علشان يتنازل عن حقه والنزاع بين الأحزاب غير متاح"، أما مجموعاتنا الفلسطينية فلم تتحد على موقف واحد.
ونعرج إلى صفحة مشهورة أخرى لعبت دوراً كبيراً في الثورة المصرية الأخيرة، وكان لشبابها تأثيراً كبيراً فيها وهي " شباب 6 أبريل"، والتي افتتحت صفحتها بعبارة بسيطة كبيرة في معناها ومضمونها ( شباب بيحب مصر)، ( شباب اتفقوا واجتمعوا على حب الوطن والتضحية من أجله والرغبة في إصلاح الوطن).
ولهؤلاء الشباب الفضل في الدعوة لإضراب وعصيان مدني شامل في 6 أبريل / 2008 كان شعاره" إضراباً شاملاً بكل الوسائل والطرق" وليس في الفيس بوك وحده، بمشاركة بعض الأحزاب السياسية، والتي كانت باكورة الاحتجاجات التي نظمت في شوارع القاهرة. ورغم سخونة الوضع وتعرضهم للاعتقال والملاحقة اليومية إلا أنهم لم يغيبوا عن الشارع واستمروا عبر مشاركاتهم في هذه الخطوات الاحتجاجية، ووثقوا كل الممارسات خلالها ونشروها لتصل للعالم كله، وكما أنه بالتوازي مع هذه الاحتجاجات كان هناك احتجاجات فرعية وجزئية من إضراب عمال المحلة والسكك الحديدية..إلخ، ( مع أهمية ملاحظة أن العدد والمشاركة في هذه الاحتجاجات منذ بدايتها وحتى الثورة الشعبية شارك بها 85 مليون مصري، وأن سحب هذه الأعداد على مواقع فلسطينية أو تونسية سيكون ظلماً لهم).
في مقابل نجاح الشباب المصري في الانتقال بخطى ثابتة من خلال التأثير عبر هذه المجموعات التي تحدثت عنها آنفاً، نجد من خلال متابعتنا لمشاركات شبابنا الفلسطيني عبر مجموعات معينة مثل " شباب خمسة حزيران"، و" 15 و21 آذار" ثغرة كبيرة وقع بها القائمين عليها، بالرغم من بعض المحاولات الفردية لتوحيد المواقف والوصول لفكرة واضحة وهدف منشود، إلا أنها لم تلق قبول الغالبية العظمى من مرتادي هذه المجموعات، ففضلاً عن تبعثر الأفكار وتشتتها، وخروجها عن طابعها الوحدودي والشعاري وهو إنهاء الانقسام وهو الشعار الذي توحدت به جميع المجموعات " رغم اعتراضي على هذا الشعار، لأن الانقسام ليس هو نهاية المشكلة ولا الحل السحري"، إلا أننا نجد في التعليقات خروجاً عن هذا الهدف، وتحول المشاركات إلى بنك معلومات خارجي، ونقاشات جانبية تأخذ منحى عصبي وحاد وفئوي، فكيف يمكن أن نمتلك وعياً فيما نريده وتعليقاتنا تتضمن مدحاً وتقديراً واحتراماً للأجهزة الأمنية في رام الله وغزة مثلاَ، أو في رفع صورة هذا القائد السلطوي العلاني وكأنه المهدي المنتظر وصاحب الابتسامة الوحدوية، القادرة على لم الشمل الفلسطيني !!!، أثار إعجابي فعلاً طرح بعض المشاركات لمطالب يمكن أن تتخذ طابع عملي على الأرض ويتوحد خلفها الجميع، وهي مطالبتهم ودعواتهم لإطلاق سراح نشطاء الانترنت والمعتقلين السياسيين في الضفة والقطاع، خطوة جيدة، كنت آمل أن تأخذ حيزاً كبيراً من المطالب، ولكن ليست على حساب مطالبنا الإستراتيجية.
ما العمل.. ؟ وكيف ننجح ونوحد هذه الجهود في ثورة افتراضية حقيقية؟
هذه الخطوات والجهود المبذولة خطوة جيدة إلى الأمام، ولكن يجب اغلاق جميع الثغرات التي تحدثت عنها سابقا، مع ضرورة تحديد الاستراتيجيات، وآليات العمل على الأرض، وضرورة إدراك جميع شبابنا أن التغيير الحقيقي لن يتحقق لا بالدعوات والمطالبات بل بالعمل الحقيقي وتقديم حلول حقيقية ومدروسة من أجل إيجاد بديل حقيقي يعيد تشكيل المؤسسة الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني، وينهي الانقسام، ونتفرغ من خلالها لمواجهة الاحتلال.
استراتيجيات وبنود أساسية يجب أن يتوحد الجميع خلفها ؟
التوضيح للجميع أن أي أهداف فرعية يسلط الضوء عليها، يجب ألا تغيب أهدافنا الوطنية الثابتة، وأن تتصدر جميع صفحاتنا الافتراضية، ودعواتنا ومطالبنا، لأن الاحتلال سبب البلاء، وأن العبث في المؤسسة الوطنية الفلسطينية، يجب أن يتوقف.
مقترحات لمطالب رئيسية يجب أن يتمسك فيها الشباب ضمن أهداف عامة يجب أن تتحقق بشكل فوري وهي ذات طابع تراتبي ثابت لا يمكن القفز على احداها وقبول أو رفض احداها:
1) إعلان القيادة الفلسطينية بشكل فوري وعاجل ولا نقاش فيه انتهاء مشروع التسوية، وإسقاط أوسلو نهائياً من المشهد الفلسطيني ( بناءً على نتائجها الوخيمة على شعبنا الفلسطيني) وبالتالي حل السلطة، وتتولى منظمة التحرير الفلسطينية بعد إعادة تشكيلها وبناءها المسئولية المباشرة في إدارة الحياة اليومية الفلسطينية في الداخل والخارج، عبر تفعيل الإدارة المحلية ( بلديات، لجان شعبية)، وتستعيد السيطرة على الصندوق القومي الفلسطيني، وتتولى إدارة الصراع مع الاحتلال، بشكل يحقق أهدافنا الوطنية حسب وثيقة الاستقلال والعودة لبنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تم الغاءها من قبل القيادة الفلسطينية المتنفذة.
2) إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني برمته، حسب وثائق الإجماع الوطني الفلسطيني، مثل وثيقة الوفاق الوطني، وإعلان القاهرة، وضرورة تنفيذ بنوده في إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية برؤية منهجية سليمة، قائمة على التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وتشكيل لجنة من كافة القوى والفصائل الفلسطينية المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية بالإضافة لحركتي فتح وحماس، تتفق على تشكيل حكومة وطنية مؤقتة تتولاها شخصيات مستقلة مهمتها التمهيد لانتخابات شاملة (مجلس وطني، م.ت.ف، رئاسية، وتشريعية)، وتعطي للشعب بعد ذلك حرية اختياراته وتوجهاته المستقبلية.
3) التناقض الوحيد مع الاحتلال وحده، وأن فشل مشروع التسوية، يؤدي إلى التمسك بخياراتنا النضالية كاملة، بدءاً من الكفاح المسلحة، حتى المقاومة الشعبية، وهذا يتطلب توحيد الرؤية النضالية وتشكيل غرفة عمليات مشتركة.
4) استيعاب الشباب الفلسطيني في المشهد السياسي الفلسطيني، وأن يكون له دوراً في بناء مؤسسات الوطن، والتعبير عن رأيه في مختلف القضايا.
5) تفعيل صندوق خاص للعمال والفقراء والطلاب.
ولمن اتخذ " إنهاء الانقسام الفلسطيني" شعاراً كخطوة أولى له يجب عليه ان يطالب بالخطوات الثابتة والواضحة والتي تتضمن:
1) حل حكومتي حركة فتح وحماس بشكل فوري، بعد الاتفاق على تنفيذ تفاهمات اعلان القاهرة.
2) الاتفاق على آلية للصلح العائلي والعشائري ولكل المتضررين من الانقسام الفلسطيني، حتى لا تحدث عمليات ثأر عائلية وانتقامية لا تحمد عقباها.
3) مرجعية الأجهزة الأمنية يجب أن تكون خارجة عن إرادة الفصائل الفلسطينية، وتوجهاتها وطنية.
4) مغادرة كل من ثبت دوره في الانقسام الفلسطيني المشهد السياسي الفلسطيني.
5) إطلاق العنان للحريات الديمقراطية، وحرية الصحافة والاعلام، بعيداً عن الحزبية.
أساليب النضال المتاحة للشباب وللجماهير الفلسطينية لتنفيذ المطالب السابقة:
على جماهير شعبنا الفلسطيني أن يأخذ زمام المبادرة، معتمداً طرقاً وأساليباً مختلفة، تبدأ بكسر حاجز الخوف وبالاحتجاجات الجماهيرية، وممارسة الضغط ، والاضرابات الرمزية في مختلف المجالات، وانتهاءً بالعصيان المدني، وهو أحد الأساليب الرئيسية للمقاومة السلمية والذي كفلته القوانين الدولية، ومن هذه الوسائل:
فلسفة العالم الافتراضي، ( رسالة موجهة إلى جماعات الشباب الفلسطيني المنتشرة):
لكي تنجح رسالتنا، وتتعزز ثقافتنا ووحدتنا وثوابتنا خلال جهودنا ومشاركاتنا في مختلف الغرف التي تم انشاءها عبر العالم الافتراضي، من الضروري الإجابة عن أسئلة محددة، نعتمد عليها في تشكيل هذا الواقع؟ يساعدنا في تحديد أهدافنا، وهذه الأسئلة: ما هي الاستراتيجية( ما ذكرتها سابقاً مثلاً)، والأهداف الحقيقية والموضوعية، وما هو التغيير، وما هي فلسفة الغرفة الافتراضية وآلياتها وقوانينها، وأفكار المجموعة وأساس تحركها، والأهم من ذلك آليات عملها على الأرض من خلال إيصال فكرة معينة، وتحشد وتدعو الجميع للمشاركة فيها، والتي يمكن أن تتراكم فجأة وتؤدي في النهاية لبلورة الهدف المرجو منها، فالهدف هو أساس عمل أي مجموعة من هذه المجموعات، وهو المنطق بفلسفة عملها وطريقتها في التغيير والاستجابة لمطالبها، وخلق آليات وبدائل عمل للتعامل في حالات الطوارئ ( كاعتقال شباب من أعضائهم سواء على خلفية مشاركته في الأحداث على الأرض، أو من خلال نشاطه في العالم الافتراضي)، ومن ثم الاستفادة من هذه النشاطات، في القيام بضغط إعلامي واسع، يتم فيه توثيق ما تم جمعه من خلال هؤلاء الشباب على الغرف المنوعة ويكون لها دوراً وقدرة على التأثير.
ولإدارة سليمة لهذه الغرف يجب أن يتحدد خطوط عامة من بينها التزام العضو بقرارات الأغلبية، وألا تخرج مشاركاتهم عن الهدف الأساسي من تشكيل الغرفة، والابتعاد عن الاستقطاب الحزبي، والتخطيط الاستراتيجي الذي يتيح متابعة متعمقة لكل خطوة، من تقييم وتحليل لنقاط الضعف، ولا يمكن نسيان الشعارات الثابتة والجمل التي تثبت الوعي الفلسطيني، وسرد القصص والوثائق التي توثق كل شئ، كأن نستخلص ابداعات شعبنا ونستخدمها في صياغات مطالبنا، على سبيل المثال: " يمكن أن يتضمن تعريف الغرفة الأساسي بعد توحيد جهود الشباب جميعاً في غرفة واحدة، كلمات كتبها ناجي العلي عن حنضلة " نحن شباب توحدنا جميعاً كحنضلة، وسنكون دائمين الحركة وفاعلين ولنا دور حقيقي يناقش باللغة العربية والانجليزية، بل أكثر من ذلك فإننا كحنضلة سنوصل فكرتنا وأهدافنا ومطالبنا بالغناء والزجل وبالاحتجاج، وسنصرخ في كل أذن ونهمس ونبشر بالثورة"ـ، ويمكن أن نبدأ مطالبنا بعبارة أخرى نستخلصها من مقولة مشهورة لناجي العلي أيضاً " كانت هناك أشياء كثيرة تدعو لليأس، في تلك اللحظة كان هناك لون رمادي يحيط بالأفق لكننا كشباب شعرنا بتحفز داخلي غريب، إن حواسنا تصبح أكثر وضوحاً، أن نشير إلى نافذة مفتوحة في الأفق يبدد منها خيط من النور وأن نعري أولئك الذين لا يكفون عن الضجيج بأن الظلمة تشمل كل شئ وأن التسول هو لغة استرجاع الحق".
وأيضاً هناك عبارات لغسان كنفاني كثيرة كـ " لك شئ في هذا العالم فقم"، كما أننا لا يمكن أن ننسى أن أحد أسباب إلهاب حماس الجماهير المصرية والتونسية في الساحات العامة، استخدامهم لأغاني ملتزمة كالشيخ إمام، وسميح شقير ومرسيل، يمكن الاعتماد عليها، كما ويمكننا أن ننشئ عنواناً واضحاً وموحداً لتبادل الأفكار والابتداعات، كالدعوة مثلاً ليوم تضامني مع الأسرى بإقامة خيمة في ساحة عامة مثلاً.
خطوات فلسطينية جادة تستحق المتابعة والمشاركة:
ما تلمستّه هو أنني فعلاً وجدت مبادرات فلسطينية حقيقية ونافذة البصيرة والرؤية والأهداف وتعبر عن ثوابتنا وأهدافنا الوطنية، على سبيل المثال حملة أسسها نشطاء ومناضلين فلسطينيين من الداخل والشتات والجاليات الفلسطينية، باسم " حملة التمثيل الوطني الفلسطيني، انتقدت التهميش داخل منظمة التحرير الفلسطينية، والسيطرة عليها من قبل قيادة متنفذة، والفساد فيها وتعطيل مؤسساتها، وبسلوكها الاقصائي ونهجها السياسي، وأكدت على هدفها الرئيسي والعام، أنه لا تمثيل وطني فلسطيني إلا بمجلس وطني منتخب من قبل شعبنا الفلسطيني في الشتات والأراضي المحتلة عام 1948، و1967 وفي مختلف دول العالم، على الأسس ومواد الميثاق الوطني القديمة التي أجمع عليها الإجماع، وتم حذفها من قبل القيادة المتنفذة في منظمة التحرير، بالإضافة إلى اعتبارهم عنوانهم الوحيد التمسك بالثوابت غير القابلة للتصرف وأنه الضامن الحقيقي لوحدة وطنية تنهي حالة الانقسام، وبالتالي ضمانة مواصلة طريق تحرير فلسطين من براثن الاحتلال.
اللافت في هذه الحملة أنها لاقت صداً واسعاً واتبعت أسلوباً عملياً بتجاوب مختلف الشخصيات الوطنية، معها خاصة الجاليات الفلسطينية في مناطق الشتات، والتي ستنظم في الأيام القادمة اعتصامات أمام ممثليات وسفارات م.ت.ف حول العالم مثل نيويورك وواشنطن، مطالبة بانتخاب مجلس وطني فلسطيني على أسس وطنية، فضلاَ عن أنها ستشارك في جميع فعاليات وأنشطة للتنديد بالاحتلال.
خلاصة:
ما استعرضته سابقا، يدخل في باب ( رصد الظاهرة الاجتماعية مبكرا جدا ً) وهي محاولة مني لطرح أسئلة وتقديم ملاحظات في باب النقد الهادف، نستطيع من خلالها الاستفادة من تجارب سابقة، وتوحيد رؤيتنا وأفكارنا وأهدافنا وثوابتنا، نستعيد من خلالها شعار" كامل التراب الوطني" مثلاً والتوضيح للجميع بفكرة غابت أو تم نسيانها تحت شعارات فضفاضة وهي مقاومة الاحتلال وأنه المسئول أولاً وأخيراً عما يحصل لنا، وعلينا أن نسقط الخرافة من عقولنا، ونستحدث العقل والوعي، وروح الفكرة في مختلف التطورات والأحداث، فلا نريد بعد اليوم أن يستحقر أحد عقولنا أو أن يضحك علينا باسم حكومة شرعية، هنا وهناك، أو ينظم تظاهرات شكلية تندد بالفيتو الأمريكي، وتتبنى مبدأ إنهاء الانقسام كوسيلة لإنقاذ نفسها من مأزقها، فالشرعية للشعب، وعماد هذا الشعب هم الشباب، الذين بحاجة لأخذ دورهم ويتلمس أحد معاناتهم كجزء أصيل من شعبنا الفلسطيني، وذلك من أجل توحيد كل الجهود في مواجهة الاحتلال، حتى نيل حقوقنا المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة والدولة، فالهدف هو نقل ثورتنا وتجربتنا النضالية على مساحة الوطن وفي مخيمات اللجوء، وليس سحبها عبر افتراضات لا تعتبر إلا وسائل فقط.