أبو كنعـــان
جميل جداً أن تصبح وكالة معاً الاخبارية صديقاً دائماً وملازماً لآل البيت العباسي في رحلاتها المكوكية... ومليون برافو للتقارير الإخبارية الحصرية التي يرسلها لنا رئيس تحريرها المخضرم من داخل الطائرة الرئاسية عبر المحيطات!!... وجيد أن ينقل كل شاردة وواردة عن القيادة الفلسطينية.. حقه تماماً.. وحر أن يطلق على مفرقعاته الإعلامية معجزات إعلامية تتحقق في زمن اللامعجزات.. وسأؤيده تماماً إن أطلق على نفسه بطل أبطال الإعلام وشمشونها الجبار... ولكن لا يحق له أن يدعّي حيادية واستقلالية وكالته في حين أنه أصبح عضواً في النادي العباسي الإعلامي مرافقاً ودوداً لرئيس النادي وزميلاً منافساً لوكالة وفا .. يتنسم هواء المكيفات الباردة والساخنة ويتلذذ بنشوة الاستقبالات المهيبة.. ويحق لأقدامه أن تفرح وهي تلمس السجادة الحمراء صائدة القيادات العربية والفلسطينية.. ولا عيب أن تنتفخ أوداجه بالخيلاء فيطلق لقلمه العنان ليرسل للشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة تقاريره المذهبّة والمرصعة كالملاعق والسكاكين التي أصبح يستخدمها في الولائم الفاخرة في فنادق البلازا الشهيرة عوضاً عن أدوات الطعام المتآكلة من مياه مخيم الدهيشة المالحة..
أصبحنا نشعر بالقرف صراحة من تقارير هذا الرجل، وتثبت بالدليل القاطع حالة الانحدار الإعلامي، والسقوط في الوحل السلطوي لتلك الوكالة حتى أصبحت لا تفرق حقيقة بين الأخلاق والمبادئ الإعلامية والمهنية الجدية التي ينتظرها شعبنا، وبين أخبار تصيب الجميع بالغثيان والإحباط لما تحتويه ثناياها من انزلاق مستمر في الثوابت، لا نريده أن يغضب أو يرفض الدخول في تلك المتاهات والانحدارات الرئاسية بل نتمنى منه أن يصمت.. أو حتى يشغل نفسه بتقاريره السياحية أو الغزل الصريح في بنات تلك المدينة العريقة الشهيرة التي تجري من تحتها الأنهار.. ولكن توخى الحذر أن يخطفك هندي أحمر أو يضربك بن لادن في نيويورك..
تحت عنوان : " الرئيس يدخل عش الدبابير ثانية ويلتقي اللوبي اليهودي.. لا نريد إبادة أحد" نشرت وكالة معاً تقريراً خاصاً من إعداد قائدها العام من نيويورك عن زيارة الرئيس عباس في فندق بلازا بنيويورك قادة الجالية اليهودية وما يسمى " منظمتي " إيباك" و" جي ستريت"، ولأن التقرير يحمل في طياته خنجراً مسموماً طُعن فيه الشعب الفلسطيني في الظهر من خفايا هذه الزيارات المتكررة لرئيس لا أدري إن كان هو رئيس فعلي للشعب الفلسطيني أم خفي لتلك الجالية اليهودية، خاصة وأن تلك الزيارة الغريبة والنكراء تتزامن عن جرائم بالجملة ترتكبها قوات الاحتلال الفاشية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في مدينة القدس والتي أدت إلى استشهاد فلسطيني وإصابة العشرات.
لا أعرف تحديداً إن حدد هذا الصحفي المخضرم وجهته تماماً ليتبع الرئيس عباس ومرافقيه المتنفذين أمثال عريقات والمالكي وشعث وشتية وعبدربه في زلتهم، وخطيئتهم وتطبيعهم وانحدارهم.. وأتمنى أن يعلن عن ذلك صراحة.. لأنني لن أصدقه إن اعتبر تغطيته لتلك الزيارات المخجلة أمانة المهنية الصحفية... لأن الصحفي الفلسطيني يتميز عن غيره من الصحافيين في العالم أنه يتمنطق بوطنيته وهويته الفلسطينية الثابتة قبل أن تتغلب عليه أهوائه الصحفية.
ما الغرابة أن يستقبل الرئيس بالتصفيق من قبل عش الدبابير!! طالما أن عباس متسلحاً دائماً بلاءاته التي تشكّل مبعث إعجاب دائم من تلك الجالية!! وهي لا للمقاومة.. نعم للمفاوضات ثم المفاوضات والسلام من أجل الاستسلام.... ونعم لضمان الأمن للاحتلال.. ولحل عادل لقضية اللاجئين.. وطز بأمن حي سلوان، على الأقل لا يخضع هذا الحي الآن لسيطرة السلطة الفلسطينية. وفي المستقبل القريب يمكن أن نضمن أمناً للاحتلال فيه، وبالتالي نقمع أي محاولات لأهل ذلك الحي من التمرد وإلقاء الحجارة على أصدقائنا في السلام ولا عزاء للشهيد سامر سرحان فهو ضريبة للسلام المنشود.
لماذا تسألون عن رأينا أيها الجالية اليهودية طالما عباس الواثق من نفسه ومن خياراته!! قد أعلن قيام الإمبراطورية اليهودية العظمى، وتمنى دولة موز يضمن من خلالها أمناً لم يراه الصهاينة في حياتهم!!!، ولا مشكلة في اعتداءات غلاة المستوطنين على أبناء شعبنا في موسم قطف الزيتون.. يمكن أن نستغني عن هذا الزيتون.. أنسيتم عندنا " موز" !!.
وافق كما شئت عباس على دولة غير مسلحة حتى لا تخاف " إسرائيل" فشعبنا سيحسم أمره عاجلاً أم آجلاً، وستتمرد حتماً بنادق قواتك الأمنية التي تشكو الصدأ التي تملأها...وفاوض كما تشاء.. و اعترف بالمحرقة التي نفذها هتلر ضد اليهود... فالمسألة ليست رياضيات وإنما موقف!!!
ومن حقك ألا تخاف أن تذهب إلى أي جماعة أو أي دولة في العالم من أجل عرض موقفنا وقضيتنا... سؤالي الأخير لكما سيدي الرئيس وصديقي الصحفي.. لماذا تخافان أن تذهبا إلى مخيمات لبنان وتتفقدان حجم المعاناة الهائلة هناك.. وتكتب تقريراً أيها الصحفي تعزف فيه على وتر المعاناة هناك.. طالما لا تبديان خوفكما من لقاءات مع الجالية اليهودية!! أيهما أفضل لك سيدي الرئيس أن تلتقي تلك الجالية التي تدعم الاحتلال بالأسلحة لقتل أبناء شعبنا، أم أن تعبر عن شجاعتك ولو لمرة واحدة وتعلن عن ذهابك لقطاع غزة إيذاناً بإنهاء الانقسام!!!.
( انتهى)