الجمعة، 10 مايو 2013

سقوط الخطاب الحمساوي



أيمن أنور

في دفاعها المستميت عن تحولاتها الأخيرة، وملائكية شيخ الناتو " يوسف القرضاوي" وزيارته إلى قطاع غزة، استهلكت حركة حماس كل إمكانات السلطة الواقعة تحت سيطرتها، لاسيما ماكينتها الإعلامية، وأقلامها، ومواقعها الالكترونية، وفضائياتها، وصحفها،  فاختلقت الاجتراءات والتبريرات الجاهزة، وشيطنت معارضيها، الذين انتقدوا مواقفها، واستقبالها للقرضاوي، إلى الحد الذي جعلها تقسم المجتمع الفلسطيني المعارض لسياسات القرضاوي إلى مجتمع كافر، والمؤيد له صالح.
على الرغم من أن حركة حماس أوهمت الشيخ أن كل الشعب الفلسطيني، وقطاع غزة يرحب بزيارته، من خلال الصور واليافطات والشعارات التي انتشرت على مداخل وطرقات قطاع غزة، في موقف مشابه للاستقبال السابق لأمير قطر وموزته،  إلا أنها وقعت في فخ هذا الوهم عندما عبّر غالبية الشعب الفلسطيني عن معارضته لهذه الزيارة، ولشخص القرضاوي ولمواقفه المؤيدة للتدخلات الغربية في المنطقة العربية، ولفتاويه التي دمرت ليبيا، وسوريا ودفع بسببها الأطفال حياتهم ثمناً لها.

لا يمكن على الإطلاق فصل موقف شعبنا الفلسطيني عما يجري الآن في سوريا والحرب العالمية التي تجري ضدها من أجل تدميرها بأدوات عميلة وتكفيرية ظلامية، عن الموقف الرافض لزيارة الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يُعتبر عّراب هذا التدخل الهمجي البربري في سوريا، بالإضافة إلى ارتمائه في حضن الرجعية العربية الممثل بدولة قطر التي تحاول تمزيق الدول العربية وتقسيم المقسم وخلق سايكس بيكو جديدة.

فجأة، تحّولت زيارة الشيخ القرضاوي في المنظار الحمساوي إلى زيارة تاريخية، وزيارة الفاتحين والمنتصرين، ومن يرى حجم الاستقبال الحافل له وسط أغاني "طلع البدر علينا"، وتشبيهه بالنبي عند دخوله المدينة المنورة، إلا محاولة تقديس لشخصيته المثيرة للجدل، وكأن الأمة على موعد مع رحلة إسراء ومعراج جديدة!!!، على الرغم من أن سيدنا جبريل توقف عن القيام بهذه الرحلة بوفاة الرسول محمد!!.

ليس غريباً أن تشهد حركة حماس تحولاّت في مواقفها، وتحالفاتها، فهي جزء من حركة الأخوان المسلمين، التي مرت بتحولات كثيرة منذ تأسيسها، ارتباطاً بصراعها من أجل الكرسي وبموقفها المعارض للقومية العربية، فتحالفت مع الملك، وبريطانيا، والسادات، ومبارك، فمتوقع جداً أن تحمل لوحة حركة حماس تحالفات جديدة وتحولات دراماتيكية، ولكن الغريب هو أن تذهب بعيداً وبعيداً جداً في تحالفاتها لدرجة أنها لم تستطع حتى الآن النظر ورائها إلى ما اقترفته مواقفها.
في سياق ذلك، ارتكبت أجهزة حركة حماس حماقة جديدة في خان يونس، عندما قمعت مسيرة تضامنية مع سوريا نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واعتدت بالضرب على الجماهير والصحافيين، وقامت بتمزيق صور الأمين العام لحزب الله اللبناني سيد المقاومة حسن نصرالله، في إعلان قطيعة تامة مع الحزب الذي كان دوماً مسانداً وداعماً لها.
وبعد أن سقطت الرواية الحمساوية في تبرير الجريمة التي حدثت، وحالة التنديد الشديدة في الأوساط الشعبية والإعلامية، انتقلت الحركة في طريقها للانتقام تحديداً من الجبهة الشعبية إلى اتباع أسلوب الردح، وكيل الاتهامات، والأكاذيب، والافتراءات عبّر كتّاب أعمدة رئيسيين في صحيفتي فلسطين والرسالة الناطقتين باسمها، في محاولة مستميتة منها لإخفاء الحقيقة، وتبرئة أجهزتها الأمنية مما حدث، على الرغم من أن الصورة كانت واضحة تماماً أمام الجميع، ومشاهد الضرب والاعتداء  كانت دليلاً واضحاً على كذب وافتراءات هؤلاء الكتّاب.

ما يدعو للسخرية والتهكم وقلة الحيلة ونقص الخبرة، أن الحركة وكّلت هذه المهمة إلى كاتب متلّون ومتقلب حسب التيار،  مشكوك فيما يكتب، وهو فايز أبو شمالة، المعروف للقاصي والداني من هو، بالإضافة إلى كاتب آخر وهو وسام عفيفة في جريدة الرسالة، وثالث اسمه عصام شاور من صحيفة فلسطين، وكالعادة لم تبتعد كتاباتهم عن درجة السخافة، والردح، والركاكة في التعبير، والدفاع المستميت عن أشياء مبتذلة ثانوية بعيدة عن جوهر الموضوع.

يتناول الرجل الشره للطعام فايز أبو شمالة في تدليساته والتي جاءت بعنوان " الجبهة الشعبية لحقوق الإنسان" حالة كذب واضحة لا تقبل الشك، ويحاول تأليف مسرحية من مسرحياته المعروفة، في حين الكاتب عصام شاور يكتب في صحيفة فلسطين مقالة مضحكة بعنوان " الجبهة الشعبية وعلمنة” المنابر" حاول من خلالها ربط معرفة سطحية ومحدودة بحقيقة الموقف الجبهاوي والفلسفة الثقافية بالأحداث التي  شهدتها خان يونس من أجل الانتقاد فقط، دون أن يألو جهداً في اعطاء نفسه وقتاً للمطالعة والتثقيف، حتى يبتعد فعلاً عن محاولة الكتابة ورص الكلمات وراء البعض دون الفهم الحقيقي لطبيعة الموضوع، أما الكاتب الألمعي وسام عفيفة، الذي طالعنا بمقالة مستغرب أن يستخدمها رئيس تحرير مجلة جاءت بعنوان " حتى أنت يا قملة" تثبت أن مستوى الإعلام الحمساوي هابط، بحاجة لإعادة تقييم، ورفده بالخبرات الكامنة، وبرؤساء التحرير والكتّاب الذين يعرفون معنى القلم وحقيقته، فكيف تورط صحيفة الرسالة الناس في تعيينها رئيس تحرير غير متمّكن، بالإضافة إلى أن مهارته الوحيدة فن الردح السياسي، والهجوم الأعمى. إن هذا يثبت أن تغيير نظام التعيين داخل المؤسسات الإعلامية الحمساوية بات ضرورة ملحة.

صدقوني، لم تعد كل الأكاذيب، والحجج، والسب والشتائم والردح مفيدة لكم في الدفاع عن موقف حركتكم السياسي، ودفاعكم المستميت عن الرجعية العربية، والسواد الأعظم من أبناء شعبنا الفلسطيني يعرف من هو معسكر الممانعة والمقاومة، ومن هو معسكر الرجعية والظلامية والذي للأسف تحولتم إليه. وأتحداكم أن تكشفوا عكس ذلك. ومن هنا ورغم فارق السن بيني وبينهم أقترح من السادة أبو شمالة، وعفيفة، وأبو شاور أن يقفوا أمامي في مناظرة، ليدافعوا عن موقف حركتهم، وأن يجيبوا في سياق هذه المناظرة جزء يسير من المواضيع التي سأثيرها ، وأهمها الإجابة عن الأسئلة التالية: ما هو تعريفك للنظام الممانع والمقاوم؟ هل النظام القطري نظام ممانع ومقاوم ومدافع عن الأمة العربية؟ ما هو موقفكم من تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي بأنه لو بعث النبي محمد من جديد لوضع يده في يد الناتو؟! هل كانت لحظة شيطان مثلاً اصطدمت بقدسية شيخكم العظيم!! ما هو تعليقكم لدعوات القرضاوي لأمريكا من أجل ضرب سوريا! هل هذا فرض عين على كل مسلم مثلاَ!! ما هو موقفكم من القواعد الأمريكية الموجودة في قطر!! ما هو شعور خالد مشعل وهدير الطائرات الأمريكية تحلق فوق فيلته الفاخرة الممنوحة له من قطر مكافأة على مغادرته سوريا ودول الممانعة!!، وسؤالي الأخير لهم، هل ضميرهم مرتاح وأنتم تدافعون عن هذا النظام ومفتيه!.

سقوط الخطاب الحمساوي والذي كان يسوده الخطاب الممانع والمقاوم، هو مقدمة للوقوع في شرك تنازلات أخرى طالما حذرنا منها، فلا يمكن على الإطلاق المزج بين ممارسة العمل المقاوم، والتجلي في الحضن القطري المتواطئ على المقاومة، فالمستتر خلف هذا الموقف، كأنما يريد أن تكون كتائب الشهيد عز الدين القسام جزءاً من قوات الناتو، وهو ما لا نتمناه، ولا نعتقد أن الكتائب ستقبل بذلك.

( انتهى)







الثلاثاء، 7 مايو 2013

بين زيارة القرضاوي وتمزيق صورة السيد نصر الله



أيمن أنور

لا يمكن اعتبار ما حدث اليوم من قمع أجهزة حركة حماس لوقفة تضامنية مع سوريا نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تجسيد لمفهوم الحكم الظلامي المطلق الاستئصالي فقط، بل نتيجة أيضاً للتحول التاريخي الجديد الذي جعل حركة حماس تتقوقع مجبرة داخل تحالف جديد، بدّل من جلدها وحرف بوصلتها، وحشرها بين مطرقة الدفاع المستميت غير المنطقي عن الأنظمة الجديدة المتحالفة معها، وبين سندان المغادرة النهائية لجبهة المقاومة والممانعة.

فجأة وجدت حركة حماس نفسها أسيرة لهذا الموقف، وضحية لتلك التحالفات، التي بدأت تأخذها رويداً رويداً إلى حالة من اللاوعي، وعدم الإدارك الحقيقي لتداعيات هذا التحول التاريخي في مواقفها،  تجلى اليوم في أسوأ صوره بتمزيق صور سماحة السيد حسن نصرالله في خان يونس.

وضعت الحركة نفسها في مأزق لن تستعيد عافيتها منه، وسيبقيها عرضة للانتقاد الدائم، خاصة وأن شعبنا الفلسطيني ليس شعباً ثانوياً أو عابر صحراء مدن الملح، بل هو شعب كان دوماً وما زال صانعاً للتاريخ، متشبثاً بموقفه المستميت غير القابل للأكسدة في مصانع تركيا، أو للابتزاز المالي من بنوك قطر، وبموقفه الذي يكفر بقطر، وأموالها، وعدم الترحيب وتقبل مفتيها شيخ الناتو يوسف القرضاوي.

حماس المحاصرة في قصر إمارة قطر والذي يطل على قاعدة السيلية والعيديد، لا تستطيع على الإطلاق أن تلبس مرة أخرى رداء المقاومة، و حتى محاولة الخروج من هذا القصر، أو التخلص من المأزق الذي وضعت نفسها به. لا سيما أن استمرارها في المضي في هذا الطريق، يضعها بشكل طبيعي في موازاة الجهات المعادية للمقاومة والمتربصة بها. ألم تتشابه ظروف قمع واعتقال أجهزتهم الأمنية لرفاق الجبهة الشعبية في المسيرة التضامنية مع سوريا العروبة، مع قمع واعتقال قوات الاحتلال الصهيوني لأهلنا في مناطق الـ48!!. ومن البديهي أن بداخلكم عقول تستطيع التحليل، والاستفادة من المقارنات. لكن أن تذهبوا بعيداً وتوغلوا كثيراً في المستنقع القطري، وتقوموا بتمزيق صور الرجل الذي كانا مثلاً كبيراً لكم في المقاومة والصمود والعروبة، فهذا لا يستطيع أحد أن يتقبله، أو أن يتفهمه، بل سيضعه في خانة الخائن المعادي للمقاومة ولوحدة الأمة العربية. لا تضطرونا إلى الذهاب إلى هذا الاتجاه. فحركة فتح وقعت به سابقاً ولم تستطع حتى الآن أن تخرج منه سالمة.
شيخ الناتو يوسف القرضاوي لن يدخل غزة حاملاً سيفه متوجهاً على رأس جيش إلى القدس لتحريرها، بل جاء لتأكيد الولاء، وتعزيز دوره المشبوه الإجرامي في خدمة المشاريع الصهيوأمريكية في المنطقة، وهذه المرة عن طريق تقييد حركة حماس في داخل مواقف وشبقات قطر وأطماعها.

قريباً جداً، سينقشع غبار المعارك، وستصمت الطائرات عن هديرها، وتعود دمشق إلى حضن حلب مزهوة بالنصر، وتعود الشام كما عودتنا قلعة جميلة وبهية وصامدة، ووفية لمن وقف معها وساندها وقاتل معها، ولكنها لن ترحم من خذلها، وطعنها في ظهرها، وتحالف ضدها. تذكروا هذا اليوم جيداً.

لا نتمنى طبعاً، أن تذوقوا نفس المصير الذي تعرض له سابقاً الرجال المحاربين "الساموراي"، عندما تركوا دروعهم وعدتهم الثقيلة ليرتدوا لباس الـ"كيمونو" والذي حولهم لمجرد رجال أمن مطيعين وليسوا مقاتلين، فطاعة القرضاوي مصيرها الفشل، لأنه الوجه الآخر للامبريالية والصهيونية والرجعية العربية، أما السيد حسن نصرالله فهو الوجه الآخر للشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي. هل ما زلتم تتذكرون وجه الشيخ ياسين  والرنتيسي؟! لندع الأيام القادمة تجيب عن ذلك.